تخطى إلى المحتوى

البكاء عشرة أقسام ! والتباكي قسمان ! للإمام ابن القيم -رحمه الله -السنة النبوية 2024.

البكاء عشرة أقسام ! والتباكي قسمان ! للإمام ابن القيم -رحمه الله

البكاء عشرة أقسام ! والتباكي قسمان ! للإمام ابن القيم -رحمه الله

——————————————————————————–

البكاء عشرة أقسام ! والتباكي قسمان ! للإمام ابن القيم -رحمه الله-‎

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

البكاء عشرة أقسام !

والتباكي قسمان !

للإمام ابن القيم -رحمه الله-

قال عليه رحمة الله تعالى في "زاد المعاد إلى هدي خير العباد " (1/175) :

" [بُكَاؤُهُ ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :

وَأَمّا بُكَاؤُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : فَكَانَ مِنْ جِنْسِ ضَحِكِهِ لَمْ يَكُنْ بِشَهِيقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ كَمَا لَمْ يَكُنْ ضَحِكُهُ بِقَهْقَهَةٍ وَلَكِنْ كَانَتْ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ حَتّى تُهْمَلَا وَيُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ .

وَكَانَ بُكَاؤُهُ تَارَةً رَحْمَةً لِلْمَيّتِ وَتَارَةً خَوْفًا عَلَى أُمّتِهِ وَشَفَقَةً عَلَيْهَا وَتَارَةً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتَارَةً عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَهُوَ بُكَاءُ اشْتِيَاقٍ وَمَحَبّةٍ وَإِجْلَالٍ مُصَاحِبٌ لِلْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .

وَلَمّا مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَى رَحْمَةً لَهُ وَقَالَ : " تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلّا مَا يُرْضِي رَبّنَا وَإِنّا بِكَ يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ "

وَبَكَى لَمّا شَاهَدَ إحْدَى بَنَاتِهِ وَنَفْسُهَا تَفِيضُ .

وَبَكَى لَمّا قَرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ النّسَاءِ وَانْتَهَى فِيهَا إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } [النّسَاءُ 41]

وَبَكَى لَمّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ .

وَبَكَى لَمّا كَسَفَتْ الشّمْسُ وَصَلّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَجَعَلَ يَبْكِي فِي صَلَاتِهِ وَجَعَلَ يَنْفُخُ وَيَقُولُ رَبّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَلّا تُعَذّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُك .

وَكَانَ يَبْكِي أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ اللّيْلِ .

[أَنْوَاع الْبُكَاءِ ]

وَالْبُكَاءُ أَنْوَاعٌ :

• أَحَدُهَا : بُكَاءُ الرّحْمَةِ وَالرّقّةِ .
• وَالثّانِي : بُكَاءُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .
• وَالثّالِثُ : بُكَاءُ الْمَحَبّةِ وَالشّوْقِ .
• وَالرّابِعُ : بُكَاءُ الْفَرَحِ وَالسّرُورِ .
• وَالْخَامِسُ : بُكَاءُ الْجَزَعِ مِنْ وُرُودِ الْمُؤْلِمِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهِ .
• وَالسّادِسُ : بُكَاءُ الْحُزْنِ .

[الْفَرْقُ بَيْنَ بُكَاءِ الْحُزْنِ وَبُكَاءِ الْخَوْفِ]

– وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُكَاءِ الْخَوْفِ : أَنّ بُكَاءَ الْحُزْنِ يَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ أَوْ فَوَاتِ مَحْبُوبٍ وَبُكَاءُ الْخَوْفِ يَكُونُ لِمَا يُتَوَقّعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بُكَاءِ السّرُورِ وَالْفَرَحِ وَبُكَاءِ الْحُزْنِ أَنّ دَمْعَةَ السّرُورِ بَارِدَةٌ وَالْقَلْبُ فَرْحَانُ وَدَمْعَةُ الْحُزْنِ حَارّةٌ وَالْقَلْبُ حَزِينٌ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُفْرَحُ بِهِ هُوَ قُرّةُ عَيْنٍ وَأَقَرّ اللّهُ بِهِ عَيْنَهُ وَلِمَا يُحْزِنُ هُوَ سَخِينَةُ الْعَيْنِ وَأَسْخَنَ اللّهُ عَيْنَهُ بِهِ .

• وَالسّابِعُ : بُكَاءُ الْخَورِ وَالضّعْفِ .
• وَالثَّامنُ : بكاء النِّفاق وهو أن تدمعَ العين والقلب قاسٍ! ، فيُظْهِرُ صاحبُه الخشوع وهو من أَقْسَى النّاسِ قَلْبًا !! .
• وَالتّاسِعُ : الْبُكَاءُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَبُكَاءِ النّائِحَةِ بِالْأُجْرَةِ فَإِنّهَا كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : تَبِيعُ عَبْرَتَهَا وَتَبْكِي شَجْوَ غَيْرِهَا .
• وَالْعَاشِرُ : بُكَاءُ الْمُوَافَقَةِ وَهُوَ أَنْ يَرَى الرّجُلُ النّاسَ يَبْكُونَ لِأَمْرٍ وَرَدَ عَلَيْهِمْ فَيَبْكِي مَعَهُمْ وَلَا يَدْرِي لِأَيّ شَيْءٍ يَبْكُونَ وَلَكِنْ يَرَاهُمْ يَبْكُونَ فَيَبْكِي .

[هَيْئَاتُ الْبُكَاءِ ]

وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ دَمْعًا بِلَا صَوْتٍ فَهُوَ بُكًى مَقْصُورٌ وَمَا كَانَ مَعَهُ صَوْتٌ فَهُوَ بُكَاءٌ مَمْدُودٌ عَلَى بِنَاءِ الْأَصْوَاتِ . وَقَالَ الشّاعِرُ :

بَكَتْ عَيْنِي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا *** وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا الْعَوِيلُ !

[ التباكي قسمان محمود ومذموم ]

وَمَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَدْعًى مُتَكَلّفًا فَهُوَ : التّبَاكِي .

وَهُوَ نَوْعَانِ مَحْمُودٌ وَمَذْمُومٌ :

فَالْمَحْمُودُ : أَنْ يُسْتَجْلَبَ لِرِقّةِ الْقَلْبِ وَلِخَشْيَةِ اللّهِ لَا لِلرّيَاءِ وَالسّمْعَةِ .

وَالْمَذْمُومُ : أَنْ يُجْتَلَبَ لِأَجْلِ الْخَلْقِ .

وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ رَآهُ يَبْكِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي شَأْنِ أَسَارَى بَدْرٍ : " أَخْبِرْنِي مَا يُبْكِيك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْت وَإِنْ لَمْ أَجِدْ تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا " (صحيح مسلم).

وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السّلَفُ : ابْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا " اهـ .

انتهى كلامه النافع الماتع -رحمه الله-

وأسكننا وإيَّاه الفردوس الأعلى من الجنان -آمين- .

وأسأله سبحانه أن ينفعني وإخواني بهذا الكلام وأن يرزقنا عيوناً باكية من خشيته جلَّ وعزَّ وأن يرزقنا توبة صادقة قبل الموت .

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.