أصحاب هم الدنيا وأصحاب هم الآخــــــــــــــــــرة
قال تعالى ((قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ))
دخل عمر الفاروق رضي الله على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم على حصير قد أثر على جنبه الشريف فبكى عمر وقال يا رسول الله كسرى وقيصر وهم على كفر ينامون على الحرير والديباج وأحلى الفرش وأنت رسول الله وحبيب الله وأول من تفتح لك الجنة وتنام على الحصير.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:- أفي شك أنت يابن الخطاب قال لا يا رسول الله أولئك قوم عجلت لهم طيبا تهم في حياتهم الدنيا
أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخره )) إسناده صحيح
عباد الله إن الناس قد انقسموا إلى قسمين من الناس من أصبح وهمه الدنيا ومافيها من متاع وشهوات ولذات ومن الناس من أصبح وهمه الآخرة ومافيها من نعيم ولذات ورضا الرحمن جلا وعلا اسمع وتأمل ياعبدالله :
قال تعالى (( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب )) الشورى
وقال تعالى :(( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً )) الاسراء
وقال تعالى ((ومن الناس من يقول ربنا أتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولائك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب )) البقرة
وأخرج بن ماجة بسند صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أصبح وهمه الدنيا جعل فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)).صححه الالباني
الله المستعان اخواني :- هل أنا وأنتم من أصحاب هم الدنيا هل نحن ممن امتلأت قلوبنا بحب الدنيا
ماهي صفات أصحاب هم الدنيا اسمع ياعبدالله
الصفة الأولى
من صفاتهم التحرك للدنيا فقط:- فهم لا يتحركون إلا للدنيا لا يبذلون جهداً إلا للدنيا
إن أحبو فللدنيا وإن تاجروا فللدنيا وإن قاتلوا فللدنيا,إذا سمعوا داعي الدنيا لبوا مبكرين وفي سبيلها باذلين ولاجلها مقاتلين وربما من أجلها يموتون .
وكان من دعاءه صلى الله عليه وسلم ((اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا غاية رغبتنا ))
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب هَم الدنيا وجعلهم ممن يبغضهم الله تعالى روى البيهقي وصححه الألباني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إن الله يبغض كل جعضري جواظ صخاب بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بالدنيا جاهل بالآخرة
الجعضري هو الفظ الغليظ المتكبر والجواظ الجموع المنوع .
واعلموا عباد الله أن طالب الدنيا كناضر السراب يحسبه ماء فيتعب نفسه فإذا جاءه خانه ضنه وفاته امله وبقي عطشه ودامت حسرته
أخي هي القناعة لا تبغي بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا باجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
الصفة الثانية
من صفات أصحاب هم الدنيا : عدم تذكر الآخرة
فلا تمر في أذهانهم الآخرة حتى في صلاتهم لا يتذكرون القيامة وأهوالها ولا النار وجحيمها ولا الجنة ونعيمها, إذا أظلم عليهم الليل نسوا أن هناك ظلمة هي أشد إلا ألا وهي ظلمة القبور .
قال تعالى(( ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن اياتنا غافلون أولائك مأواهم النار بما كانوا يكسبون )) يونس
قال أحد التابعين : ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا الجنة نام طالبها
عباد الله:- لو استشعرنا الآخرة ما ضيعنا أوقاتنا في لعب ولهو وقيل وقال
لو استحضرنا الآخرة والصراط والميزان وتطاير الصحف ما فرطنا في ذكر الله ساعة من الساعات
لو تفكرنا في الآخرة ما تكبرنا على بعضنا البعض وتحاسدنا وتقاتلنا من أجل أتفه الأسباب .
أسمع ياعبد الله إلى أصحاب هم الآخرة
قال إبراهيم التيمي : مثلت لنفسي وأنا في النار أكل من زقومها وأشرب من حميمها وأصيح بين أهلها وأصرخ في وديانها, ومثلت لنفسي مرة أخرى وأنا في الجنة أكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أكابرها ثم قلت يانفس أي دار تريدين ما تشتهين قالت أشتهي أن أعود إلى الدنيا لأعمل صالحاً لأنال دار النعيم المقيم فقلت يانفس ها أنت في الدنيا فأعملي صالحاً تفلحين .
وقيل لاحدهم لماذا نكرة الموت ؟؟ فقال لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم اخرتكم ولذا انتم تكرهون الخروج من العمران الى الخراب .
وقال أحد التابعين ايضا : من أكثر من ذكرالأخرة أكرم بثلاث : تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة
ومن نسي الآخرة عوقب بثلاث : تسويف التوبة وترك الرضا والتكاسل عن
الطاعة .
الصفة الثالثة
من صفا ت أصحاب هم الدنيا : الاغترار بالصحة والعافية والنعمة
فترى الواحد منهم يغتر بما أعطاه الله من نعمة وشباب وصحة حتى ينسى أنه يوماً من الأيام سيصير إلى الدود فبعد الحياة موت وبعد العافية مرض هذا الجسد الجميل سيأكله الدود وينخر في كل عضو من أعضاءه.
هاهو يزيد الرفاشي كان يحاسب نفسه كل يوم ويتذكر الآخرة ويقول ويحك يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت من ذا يصوم عنك بعد الموت من ذا سيتصدق عنك بعد الموت من الموت طالبه من القبر بيته من الدود أنيسة من التراب فراشه من منكر ونكير جليساه ثم يقول أيها الناس تبكون وتنوحون على أنفسكم ما تبقى من حياتكم ,ثم يبكي بكاء شديدا .
وهاهو الحجاج يطلب من يأكل معه وهو في احد اسفاره فيمر عليه رجل من الصالحين فيقول له: تفضل فيقول قد دعاني من هو خيرً منك إلى ما هو خيرٌ من هذا قال الحجاج من هو خيرٌ مني قال الله الله دعاني إلى الصيام فأنا اليوم صائم
قال: يا هذا أفطر اليوم وصم غداً قال أتضمن لي حياتي إلى غدٍ قال لا قال دعني وشأني
قال يا هذا الطعام طيب قال ما طيبته أنت ولا طباخك طيبته العافية الله أكبر , الله أكبر انه الاعتزاز بطاعة الملك الوهاب نسأل الله ان يعزنا بطاعته وان لا يذلنا بمعصيته .
قال لقمان الحكيم لإبنه ناصحا : يابني إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيه ناس كثير فلتكن سفينتك فيه تقوى الله عزوجل وحشوها الإيمان بالله تعالى وشراعها التوكل على الله عزوجل لعلك تنجو.
الصفة الرابعة
من صفات أصحاب هم الدنيا :- اللجوء إلى غير الله.
فإن أصاب الواحد من أصحاب هم الدنيا بلاء أو وقع في مصيبة فإنه لا يلجأ إلى الله بل يلجأ إلى الناس لأن ثقته بالله ضعيفة ويلجأ إلى كل وسيلة وإلى كل مخلوق وينسى حول الله وقوته
لذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نكثر في الليل والنهار من قولنا لاحول ولاقوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة
أخي المسلم:
عبد الله : إذا حلت بك المصيبة أو البلية إلى من ترجع باب من تطرق من تدعو
قال تعالى ((ان الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم ))
الصفة الخامسة
من صفات أصحاب الدنيا الجزع عندما يقع البلاء:
تراه أشد الناس جزعاً وخوفاً وهلعاً كثير القلق ومن شدة قلقه يذهب عنه النوم وتغزوه الأمراض وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم ان ندعو ثلاثا صباحا ومساء ونقول ((اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن واعوذ بك من العجز والكسل واعوذ بك من الجبن والبخل واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ))
الغضب لغير الله :
لماذا يغضبون لغير الله لأن الدنيا عندهم هي الأصل والآخرة هي الفرع فلا يغضبون إلا للدنيا يغضبون لانفسهم يغضبون عصبيه يغضبون حمية
قد يرى احدهم محارم الله تنتهك فلا يحرك ساكن.
يرى المعاصي فلا ينكرها واذا أمثال هؤلاء فأبشروا بالهلاك كما قال صلى الله عليه وسلم عندما سألته احد ازواجه وقالت يارسول الله انهلك وفينا الصالحون ؟
قال نعم اذا كثر الخبث )) أي الزنا والفواحش
واذا كثر أمثال هؤلاء حلت بنا اللعنة كما حلت ببني اسراءيل
قال تعالى ((لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ))
الصفة السابعة
من صفات أصحاب هم الدنيا :أنهم قليلوا التأثر:
ترى احدهم لا يتأثر بالموعظة يسمع الخطبةأ والمحاضرة لا يتأثر لا يتحرك له قلب ولا تدمع له عين لماذا لأنه لا يوجد في قلبه مكان تستقر فيه الموعظة الحسنة .
القلب مليء بالدنيا وهمومها وشهواتها والحرص عليها.
عباد الله اصحاب هم الدنيا يسوق الله إليهم عقوبات عاجلة في الدنيا قبل الآخرة لماذا لأنهم فرطوا في حق الله وباعوا الآخرة واشتروا الدنيا
قال لقمان الحكيم : يابني إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيه ناس كثير فلتكن سفينتك فيه تقوى الله عزوجل لعلك وحشوها الإيمان بالله تعالى وشراعها التوكل على الله عزوجل لعلك تنجو
روي أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من أحب دنياه أخر بأخرته ومن أحب أخرته أخر بدنياه فأثرو ما يبقى على ما يفنى ))
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولاما نرقع
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ونال من الدنيا سروراً وأنعما
كبانٍ بنى بنيانه فأقامه فلما استوى ماقد بناه تهدما
عباد الله أعود بكم الى حيث النبي الذي بدأنا به
قال صلى الله عليه وسلم(( من أصبح وهمه الدنيا فرق الله عليه شمله وجعل الله فقره بين عينيه))
العقوبة الاولى
يشتت الله شمله فما من شيء يحيط به إلا فرقه الله عليه تراه مشتت البال مضطرب النفس لا يحبه أهله ولا يحبه جيرانه كيف لا وقد وضع الله له البغضاء في الأرض
العقوبة الثانية
: الفقر الملازم : مهما مهما أغتني مهما بلغ من الثراء فهو فقير والفقر بين عينيه مليء بالهلع والجشع عديم القناعة والرضا لا يبارك الله له في ماله ولا في أهله ولا في تجارته
يامن يعانق دنيا لابقاءلها
يمسي ويصبح في دنياه سفاراً
هل تركت لذي الدنيا معانقة
حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبقي جنانا تسكنها
فينبغي لك أن لا تأمن النارا
قال صلى الله عليه وسلم ((قد افلح من اسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما اتاه )) رواه احمد في مسنده صحيح
العقوبة الثالثة
هروب الدنيا منه .
فالدنيا هاربة منه دوماً يطلبها وهي تتباعد منه يجري وراءها كالسباع في البراري لا يقر له قرار ولايهدأ له بال طوال حياته وهو يلهث وراء الدنيا ولن يأتي له إلا ما قسم الله له من فوق سبع سموات .
عباد الله كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا
يقول سلمان الفارسي : أضحكني ثلاث : مؤمل للدنيا والموت يطلبه وغافل لا يغفل عنه وضاحك بملء فيه لا يدري الله راضٍ عنه أم ساخط .وابكاني ثلاث فراق الاحبة محمد وصحبه وهول المطلع يوم القيامة ووقوفي بين يدي الله لا ادري الله راض عني ام ساخط
فقل للذي قد غره طول عمره وما قد حواه من زخارف تخدع
أفق وانظر الدنيا بعين بصيرة تجد كل ما فيها ودائع ترجع
أخي إذا أظلم عليك الليل تذكر ظلمة القبور إذا دخلت فراشك فذكِر نفسك بتلك الحفرة المظلمةإذا استيقظت من نومك تذكر القيام للبعث والنشور بين يدي رب العزة والجلال
عمر بن عبد العزيز يبكي ذات يوم فتبكي زوجته ويبكي أولاده لماذا يا عمر قال تذكرت منصرف الناس يوم القيامة فريق في الجنة وفريق في السعير
هاهي ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها والنبي صلى الله عليه وسلم نائم في حجرها تذكر الآخرة فتبكى فتسقط دمعات على جبين النبي فيقول ياعائشه ما الأمر قالت يا رسول الله تذكرت يوم القيامة فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة يا رسول الله
فقال صلى الله عليه وسلم: في ثلاث مواطن والذي نفسي بيده لا يذكر الإنسان إلا نفسه
عند الصراط حتى ينظر أيعبر الصراط أم يسقط في النار
وعند الميزان حتى ينظر العبد أيخف ميزانه أم يثقل وعند تطاير الصحف حتى ينظر العبد أيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله))
أحبتى فى الله
من كانت الآخرة همه فإنه لايمر به يوم إلا ويذكر مصيره وأخرته
من كانت الآخرة همه فإنه لايرى شيئاً في الدنيا إلا وربطه بالآخرة
إن صعد جسراً في الدنيا تذكر الصراط يوم القيامة وإن لبس ثوباً تذكر ثياب أهل الجنة وأهل النار
إن شرب شراباً تذكر شراب أهل النار وأهل الجنة .
أتى الحسن بكوز من ماء ليفطر عليه فلما أدناه الى فيه بكى وقال تذكرت أمنية اهل النار حين يقولوا ((أفيضوا علينا من الماء )) وذكرت ما اجيبوا به ((ان الله حرمهما على الكافرين ))
أسال الله ان يجعلنا من أصحاب هم الاخرة وأن لا يجعلنا من أصحاب الدنيا