ما يجوز من الغيبة ..
قال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين " ، " باب ما يباح من الغيبة ":
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أسباب :
الأول:التظلم ؛ فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه ، فيقول : ظلمني فلان كذا .
الثاني :الاستعانة ؛ الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب : فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر : فلان يعمل كذا ، فازجره عنه ، ونحو ذلك ، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر ، فإن لم يقصد ذلك ، كان حراما .
الثالث :الاستفتاء ؛ فيقول للمفتي : ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا ، فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه ، وتحصيل حقي ، ودفع الظلم ؟ ونحو ذلك ، فهذا جائز للحاجة ، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول : ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا ؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى .
الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم ؛ وذلك من وجوه : منها : جرح المجروحين من الرواة والشهود ، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة .
ومنها : المشاورة في مصاهرة إنسان ، أو مشاركته ، أو إيداعه ، أو معاملته ، أو غير ذلك ، أو مجاورته ، ويجب على المشاور أنه لا يخفي حاله ، بل يذكر المساوىء التي فيه بنية النصيحة .
ومنها : إذا رأى متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم ، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك ، فعليه نصيحته ، ببيان حاله ، بشرط أن يقصد النصيحة ، وهذا مما يغلط فيه ، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ، ويلبس الشيطان عليه ذلك ، ويخيل إليه أنه نصيحة ، فليتفطن لذلك .
ومنها: أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها ، إما أن لا يكون صالحا لها ، وإما أن يكون فاسقا ومغفلا ونحو ذلك ، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ، ليزيله ويولي من يصلح أو يعلم ذلك منه ، ليعامله بمقتضى حاله ، ولا يغتر به ، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به .
الخامس:أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته ؛ كالمجاهر بشرب الخمر ، ومصادرة الناس ، وأخذ المكس ، وجباية الأموال ظلما ، وتولي الأمور الباطلة ، فيجوز ذكره بما يجاهر به ، ويحرم ذكره بغيره من العيوب ، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرنا .
السادس: التعريف ؛ فإن كان الإنسان معروفا بلقب – كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم – ؟ جاز تعريفهم بذلك ، ويحرم إطلاقه على وجه التنقيص ، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك ، كان أولى .
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء ، وأكثرها مجمع عليها ، دلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة " اهـ .
جَـعـل طـرٍحـكْ فِـي مـيـزٍآن ـأعمَـآلـكْ
مَـآ قـصـرٍتِــي ..
دمــتِ بـحـفـظ ـألـاـًـه وٍ رٍعَـــآيـتــه
وبارك الله فيك