عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى ..قال إصلاح ذات البين . وفساد ذات البين هي الحالقة » أخرجه أحمد والترمذي وأبو داوود .
والأخوة والمحبة في سبيل الله دون غرض شخصي أو مصلحة عامة أو خاصة هي مطلب إيماني وواجب أخلاقي وحاجة اجتماعية لنماء المجتمع الإسلامي ..
القرآن الكريم يؤكد على الأخوة :
ولعل من أبرز الحقوق ولوازم الأخوة في الله تعالى هو حق اصلاح العلاقة وصفاء النفوس ،وتخليتها من الخلافات والمفسدات فيقول الله تعالى :
«إنما المؤمنون أخوة » سورة الحجرات آية 10
فأخوة الإيمان هى الأخوة الحقيقية التي يجب على كل مسلم أن يحرص عليها وإذا حدث خلاف أوتكدرت النفس لاقدر الله فقد حرص الله تعالى على أن يصلح بين المؤمنين وجعل لذلك أجرأ عظيما قد يفوق أجر الصوم والقيام …فيقول تعالى : «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم» .
ثواب المصالحة يفوق ثواب العبادات: وكما أن الإصلاح بين الناس مهم، والمصلح له الثواب الكبير الذي يفوق ثواب العبادات فإن المفسد بين الناس والذي يزرع بينهم الخلل وانعدام الثقة والاضطراب في دينهم ومعايشهم يُحبط عمله ويبطل سعيه ويهلك بالغاً ما بلغ رصيده من الحسنات لقوله تعالى : «وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً» الفرقان 23 ولا ريب أن الشقاق والخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة الَّتي يوغر بها صدور الخلق، لينفصلوا بعد اتحاد ، ويتنافروا بعد اتفاق، ويتعادوا بعد أُخوَّة . وقد اهتمَّ الإسلام بمسألة احتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وأخذها بعين الاعتبار وذلك لأن المؤمنين بَشَر يخطئون ويصيبون، ويعسر أن تتَّفق آراؤهم أو تتوحَّد اتجاهاتهم دائماً .
ولهذا عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها بدءاً من مرحلة المشاحنة والمجادلة ، ومروراً بالهجر والتباعد .
وانتهاءً بمرحلة الاعتداء والقتال والإسلام دين يتشوّف إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه .
وليس ثمة خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين ويقرب فيها بين قلبين ، فبالإصلاح تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة . إن الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة .. يحبها الله سبحانه وتعالى .. فالمصلـح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ليصلح بين المتخاصمين .. قلبه من أحسن الناس قلوباً .. نفسه تحب الخير .. تشتاق إليه .. يبذل ماله .. ووقته .. ويقع في حرج مع هـذا ومع الآخر ..
ويحمل هموم إخوانه ليصلح بينهما .. كم بيت كاد أن يتهدّم .. بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه .. وكاد الطلاق .. فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة .. ونصيحة غالية .. ومال مبذول .. يعيد المياه إلى مجاريها .. ويصلح بينهما .. كم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين .. أو صديقين .. أو قريبين .. بسبب زلة أو هفوة .. وإذا بهذا المصلح يرقّع خرق الفتنة ويصلح بينهما .. كم عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال .. وفتن شيطانية .. كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين .. فهنيئـاً عبـاد الله لمـن وفقـه الله للإصلاح بين متخاصمين أو زوجين أو جارين أو صديقين أو شريكين أو طائفتين .. هنيئاً له .. هنيئاً له .. ثم هنيئاً له ..