السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا )
يا شيخ ..
إذا عمل الإنسان حسنات كثيرة وبعدها أخطأ أو عمل كبيرة .
هل هذه الحسنات تضيع أم تُدّخَر ؟
أتمني يا شيخ توضح لنا
وجزاكم الله خير .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
الحسنة بعشر أمثالها ويُضاعِف الله لمن يشاء ، والسيئة بواحدة ويغفر الله لمن يشاء .
ولا يُحبِط الأعمال بالكليّة إلا الشرك ، لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
وعند أهل السنة أن السيئة لا تُحبِط الحسنة ، إلا أن السيئات إذا كثُرت فقد تُحبِط الحسنات ، وعلى هذا يتنـزّل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) .
وقد ذَكَر ابن القيم رحمه الله في فوائد تجنّب القبائح ، الفائدة الثانية ، فقال :
أما توفير الحسنات ، فمن وجهين :
أحدهما : توفير زمانه على اكتساب الحسنات ، فإذا اشتغل بالقبائح نَقَصَتْ عليه الحسنات التي كان مُستَعِدّاً لتحصيلها .
والثاني : توفير الحسنات المفعولة عن نقصانها بموازنة السيئات وحبوطها ، كما تقدم في منزلة التوبة ، أن السيئات قد تُحبِط الحسنات ، وقد تستغرقها بالكلية ، أو تُنقصها ، فلا بد أن تضعفها قطعا ، فَتَجَنّبَها يوفر ديوان الحسنات ، وذلك بمنـزلة من له مال حاصل ، فإذا اسْتَدَان عليه فإما أن يَسْتَغْرِقه الدَّين ، أو يُكثره ، أو يُنقصه ، فهكذا الحسنات والسيئات سواء . اهـ .
وقد يُرابي الشيطان بسيئات ابن آدم ، فيقول له : وأي فائدة في عمل حسنة ، كالصلاة ، وانت ترتكب العظائم ، وتأتي الكبائر ؟
فالجواب من وجوه :
1 – أن الحسنات يُذهبن السيئات .
2 – أن الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة بواحدة ، كما تقدّم .
3 – أنه وَرَد في الحديث :
" خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما رجل مسلم إلا دخل الجنة ، هما يسير ومن يعمل بـهما قليل : يُسَبِّحُ في دبر كل صلاة عشرا ، ويحمد الله عشرا ، ويُكبر الله عشرا ، فذلك مائة وخمسون باللسان ، وألف وخمسمائة في الميزان ، ويُكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه ، ويحمد ثلاثا وثلاثين ، ويُسبح ثلاثا وثلاثين ، فذلك مائة باللسان ، وألف في الميزان . فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة ؟ » قالوا : يا رسول الله ! كيف هما يسير ومن يعمل بـهما قليل ؟ قال : « يأتي أحدكم الشيطان إذا فرغ من صلاته فيذكِّـره حاجته فيقوم ولا يقولها ، ويأتيه إذا اضطجع فينوِّمه قبل أن يقولها . قال الرواي : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن في يده . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان وغيرهم .
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال : يُسَبِّح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة ، أو يحط عنه ألف خطيئة . رواه مسلم . وفي بعض النسخ : " ويُحَطّ عنه ألف خطيئة " .
4 – أن تَرك الصلاة كُفر ، والكبائر دون ذلك ، وهي داخلة تحت مشيئة الله ، إن شاء غفرها ، وإن شاء عذّب عليها .
————-
تحياتي
والله تعالى أعلم .
طرحك مهم ومفيد جدا
جعله الله فى ميزان
حسناتك
دمتى