ماهيته وطبيعته ووظيفته وغايته المعرفية الجمالية.. يجب أن نعرف شيئا مهما هو ان الكتابة الابداعية بداية لتأسيس الوجود ولحظة للتجاوز بالتخيل والشعور واللغة ولايملك أي انسان السلطة على الابداع والفن في كون ان يحتكره لنفسه باسم أنه يعرف نواميسه وطقوسه بل هو فنان مبدع خلاق يغرس الفن في النفوس بصدقه وحريته ديمومته الخلاقة في تحويل الكلمات أو النغمات أو الألوان الى ابداع يكشف سر الوجود.
دعوني أحدد لكم بعض المفاهيم للابداع
1 الابداع حرية تريد التموقع في الوجود وتجعل الكائن متحدا في الممكن المدهش الجميل.
2 الابداع حلم يستشرف الغامض ويجسده زمكانيا.
3 الابداع توهج الذات باللحظة الومضة التي يفيض منها الوحي والالهام .
4 الابداع ارادة الروح الانساني في التطهر والوضاءة والبراءة والعبور.
5 الابداع رغبة النفس في غواية الحور الروح الريحان رغبة في الخلق والخرق والتجاوز.
6 الابداع قراءة جديدة للعالم بالاختلاف والائتلاف.
7 الابداع تمرد ورفض وردة شبقها الهدم والبناء.
لايملك أي انسان السلطة الابداعية حتى الناقد الا المبدع فالناقد قد يقرأ النص وقد يقرأ المبدع وقد يقرأ المعرفة بحالة المنهج والذوق.
باخلاص ان الابداع في أي مجال يظهر بالصدق وحساسية الوجود وربما تريد ان تعرفوا ماذا أقصد بالحساسية انها فطرة النفس وملكة التمييز ولحظة الاشراق والتجلي التي تفيض على ذات المبدع في حالة تخمرالرؤيا وتخللها في روحه ثم لابد من قاعدة ذهبية هى الثورة للتغير والتحول والتجاوز ويجب ان تفهم هنا الثورة بحرية المسؤلية والرغبة في الخلاص من الرداءة والغثيان الحضاري الذي يصيب الامة.
يجب ان نعرف ان اشراقة الابداع بدأت بموقف ونظرية شعرها الحياة عقيدة وجهاد والمبدع حين يعلن عن وجود يبدأ الصراع وهذا من سنن الحياة لكن الثبات والقابيلة للتطور والتحضر مع قاعدة الاختلاف الذي هو تعبيرعن الموقف والحوار والمعرفة والحوار وامتلاك الحقيقة والاعتراف بالآخر في موقفه والدفاع عنه.
أنت تبدع بحريتك وحلمك والنبؤة كما تعلم محنة وبلاءونضال من أجل القضية.
في الاخير أقول نحن مازلنا نعاني من سلطة الرأي الواحد ولا نقبل الآخر بل ننعته بالتطرف بحجة أننا نمتلك الحقيقة ولا حقيقة الا في الاختلاف ولا اختلاف الا بالحرية ولا حرية الا بالموقف لطالما كانت هناك تساؤلات اريد تحديدها ووضع النقاط فوق الحروف لطالما تساءلت عن ماهيه الأبداع ومضمونه وجودته على النطاق العام.
الكتابة والابداع
في هذا العصر تغيرت المفاهيم وتطورت تقنيات المعرفة وأبحر العقل في فرضياته وملاحظاته ليعلن عن نبؤته في الوجود ويوميء هذا بما وصل اليه الانسان من حضارة وتطور مس كل شيء حتى السلوك ولعل الكتابة أيضا قد نالت نصيبها من التطور والتقنية فبعد أن كان الانسان البدائي يكتب على الصخور وجدران الكهوف بشكل رسوم ورموز تطور ليكتب على الجلودثم تطور ليكتب على الورق الذي مازال لحد الساعة ولكن حدثت الطفرة حينما اكتشف الانسان الجهاز الحاسوب فانه قنن لكتابة جديدة لها طقسها وبدأت تتوسع وتنتشر حتى وصلت الى الانترنات وتغيرت بذلك من الورق الى الفضاء الالكتروني الشاشة وصارت للكتابة تقنيات جديدة ومكنزمات ومهارات تختلف عن الكتابة الماضية.
ان الكتابة الحديثة فتحت المجال الواسع الممكن المطلق المفتوح بلا حدود
لابداع من نوع خاص له سره وسحره وحرفيته وسرعة تواصله بسرعة الضوء وامكانية التأثر والتأثير..الابداع قدرة على الخلق والابتكار والكشف عن الرؤى الغامضة وتجيدها في الزمن قد أوحى بطاقة خلاقة للكتابة كي تعيد تأسيس الوجود وترسم معالم الحياة من طفرة التخيل وقد ظهرذلك في
1 تكسرنظرية الابداع له قواعد قديمة ثابتة يجب أن تتبع حتى يتمكن الانسان من الابداع بل الابداع الآن ينطلق من توتر الهدم ولحظة تشكيل الشتات وهذا اعطى لابداع دفعا حيويا مدهشا ورائعا.
2 تداخل الاجناس الابداعية مع بعضها البعض فنرى في الادب الشعر يخترق تضاريس النثر والنثر يتجاوز أسوار الشعر بل يتوحد الشعر مع النثر في فضاء واحد شعر+ نثر = قصيدة نثر والقصة تقيم سردها على حوارية المسرح والمسرح يقيم دراما شخوصه على التشظي الشعري كما انفتحت الفنون التشكلية على الفنون الغنائية الموسيقية وصار بالامكان أن نموسق الفضاء التشكيلي ان الكتابة الجديدة فتحت للابداع أبواب الحرية في أي اتجاه وتحطمت صنمية الاصول والثوابت وأصبحت الفنون بشتى أصنافها تتعارف وتتآلف وتتلاقح وهذا جسم ابداعا خاصا يناسب ايقاع العصر وحساسية الذات وتجلياتها.
3 حالة التجريب المتواصل التي بدأ الابداع يمارسها بالمفارقة والمغامرة للاكتشاف والتنظير وجعل الاشياء ممكنة وقابلة للتجسيد في تجلياتها وتداعياتها وأعطى التجريب للابداع مساءلات جديدة وفرضيات جديدة وملاحظات جديدة وحلما جديدا.
الشعر ابداع انساني عريق تعلق بوجود الانسان في الكون واتصل بعلاقته بالعالم ونفسه والاشياء وقد انبثق من التفكير العاطفي الأسطوري الطقسي الخيالي انه لغة الطبيعة والعاطفة البدائية هو حنين للبراءات الأولى حيث العري يمتزج مع الطهر لتجاوز الخطيئة سحر يتجاوز العقل قفزة في المجهول المستقبل هيام على حد قول جبران معرفة تتخطى الواقع والعلم ..هناك أشياء لم تكتشف بعد في الشعر قد يعلمها بعلمه وهو حسب مقولة الجاحظ التراثية ضرب من التصوير ونضيف ضرب من التشكيل والتجسيد اللامحسوس للأشياء تتجلى للذات في حالة تمرد او حدس…الشعر في تاريخ الحضارات دل كما في الرومانية والعبرية عل كلمة واحدة الشاعر النبي العراف.
هذا الفن العريق العتيق ولد مع الغناء والموسيقى والرقص والأسطورة في الصلوات والابتهالات والترانيم والتراتيل التي رفعها الانسان للآلهة استعطافا لها او اتقاء لغضبها ولعنتها .
علينا أن نعرف جيدا أن سر الشعر يكمن في وضعية الجسد في الوجود لحظة الرؤياوهنا أقترح وجهة نظر مختلفة تقوم على مرجعية المذاهب الأدبية وخاصة المذهب السريالي والوجودي والصوفي وتجربتي الشعرية ملتحمة بهذه المذاهب وقد استعملت في كتاباتي السريالية من أجل حركية اللغة وحريتها واستعملت الصوفية للفناء في لحظة التجلي والمشاهدة واستعملت الوجودية لا ثبات مركزية الذات في العالم.
وهي تجربة الحداثة في نظري التي ترتكز على مركزية العقل والتجريب وثورة الجسد حين يشتهي ويعشق حريته.
الكتابة وطقس الابداع
الكتابة الابداعية هي سر الكائن الانساني بها يرفض ويغير ويتجاوز ويؤسس لهويته ويؤرخ لوجوده الممكن ..لكن واقعنا العربي في علاقاته المعرفية والمؤسساتية والاجتماعية مازال ينظر الى الكتابة بنظرة قاصرة تعتمد على القيم الثابته دون معرفة تطور الحياة وتجليات الوجود وحساسية الذات ومنه يجب أن نعرف وندرك بصدق وشفافية أن الكتابة فعل حضاري يتصل بالانسان الكائن الممكن . ولعل الذي نريد ان نشير اليه في هذا المقام هو بعض النقاط المهمة التي تحرك حيوية الابداع في شتى المجالات:
1/ الحرية هوالجوهر الفرد للأنسان بها يتحرك ويتطور ويتحول ليثبت وجوده المتميز وهذه قاعدة مازلت في حرج في واقعنا العربي على كل المستويات.
2/ الاختلاف نحن مازلنا لانعرف ثقافة الاختلاف باعتباره فطرة انسانية تدل على التنوع في الوجود حسب الكائن وهذه مشكلة مازلت عندنا في ورطة متى نختلف وان اختلفنا يتهم بعصنا البعض حتى ولو بالكفر والخروج عن الملة.
3/توتر السؤال نحن نخاف من الأسئلة ومكاشفة الظواهر ووضع الفرضيات والتأمل والتوتر كحالة كونية به نتوغل في الوجود ونعرف كنهه وجوهره السؤال مازال عندنا في تخلف علم بدون حياة وحياة بدون علم .
4/ مغامرة اللغة انها ميزة الكائن بها يفكر يبدع يجسد رؤيته وتجلياته ينقل معارفه وفنونه واكتشفاته واللغة في عصرنا محنطة لاصلة لها بالواقع والانسان.
مغامرة الكتابة
أنا أكتب يعني أني أتحرك بحسي وحساسيتي ..أكتب لأجسد رؤيتي ..أكتب لأقرأ المكان سحره سطحه طقسه..أكتب لأتوحد بالزمان كديمومة خلق ودفعة حياة وارادة جسد..أكتب لأكتشف ذاتي في العمق وعلى السطح..أكتب لتتماهى كينونتي بصيرورة التاريخ وفيض الابداع..أكتب لأبوح بحلم الوجود الذي يتجلى لي لحظة التوتر والتشظي ..أكتب لأشخص باللغة وجهي الذي يتوهج…
الكتابة هي امكانية العقل والقلب في المقاربة والمفارقةويمكن تحديد سماتها في
1- الكتابة وحي يعيد للذات فطرتها .
2- الكتابة حلم يصور الوجود في اشراقاته وتجلياته وهمساته.
3- الكتابة يقين يجسد جوهر الأشياء.
4- الكتابةتجاوز لعتمة العدم والحلول في عتبة الوجود.
5- الكتابةاغتراب يمسح المكان وسكنى في الملكوت المدهش الرائع.
6- الكتابة طهر ينظف الروح ويوشحها بالحور.
7-الكتابة حرية تحطم كل القيود.
8- الكتابة ألم يجعل الذات تعلو.
9- الكتابة تمرد على كل شيء لاكتشافه من جديد.
10- الكتابة خلاص من جحيم الوجود .
11- الكتابة تشظي بالوجود والشهود.
12- الكتابة وجع الأسئلة.
13- الكتابة طقس البوح ونحس الجرح.
14- الكتابة مغامرة الاختلاف.
15- الكتابة اكتشاف المجهول المستحيل.
اللــه يعــطيــج العــافيــة
على مرووورك الدائم
ويعافيك ربي ويحفظك
الله يسلمك حياتي ..
شرفني مروركـ العطر ..
وهناك نقدبناء ينمي وآخر يهدم
وهناك ابداع بقلم وابداع بريشه وابداع بصوت ….
لك تحياتي وشكرا على موضوعك