تخطى إلى المحتوى

الحياة في القبور 2024.

الحياة في القبور

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما يحين الأجل تأتي ساعة الإحتضار ، وتعقبها حياة القبر ، ثم تنتهي هذه المرحلة بالبعث، وإذا مادققنا النظر لأدركنا أن هذه المرحلة أو هذه الفترة وجيزة لاتقاس بما يتبعها من حياة بعد النشور ، والقرآن الكريم يعبر عنها بلفط الزيارة في قوله تعالى :
{ أَلْهَاكُمْ التكَاثُرُ * حَتى زُرْتُمُ الْمَقـَابِرَ * )
أي أن الإنسان في القبر هو مجرد زائر ، وليس مقيما إقامة دائمة ، ومادام زائراً وليس مقيماً ، فإن الزيارة مهما طالت .. سيأتي لها وقت وتنتهي وتزول ، وهي زيارة ستنتهي بيوم الحشر ، فالموت هو انتقال من قوانين الى أخرى مختلفة ، فالإنسان في حياته ، له جرم مادي ، هو الجسد ،ولكن في الموت يعود الجسد إلى الأرض مرة أخرى ، ثم ترد إلى صاحبه يوم القيامة .
والموت يبدأ بالاحتضار ، ومعنى الاحتضار ، أن حياة الاختيار البشري قد انتهت ، فالإنسان في الحياة الدنيا له اختيارات ، وله عقل يختار بين البدائل ، ولكنه ساعة يحتضر .. تنتهي فترة الاختيار التي كانت اختباراً له وامتحاناً وابتلاءً ،وتبدأ مرحلة أخرى جديدة لااختيار له فيها ، يصبح الإنسان فيها مقهوراً ، إن الإنسان حين يحتضر يعرف يقيناً انه ميت ، لأنه يرى الملائكة ، ويرى من كون الله ماكان محجوباً عنه . واقرأ قوله تعالى :
{ لقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ منْ هذا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوَمَ حَدِيدٌ } .
( سورة ق )
في هذه اللحظات تخمد البشرية وتتحدد المصائر يقينا إما إلى الجنة أو إلى النار .. إما أن يرى ملائكة الرحمة ، وإما يرى ملائكة العذاب ، هكذا أخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بما يحدث لأهل الجنة حين يحضرهم الموت يقول سبحانه :
{ الذِينَ تَتَوَفَاهُمُ الْمَلاّئِكَةُ طَيبِينَ يَقُولَونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * } .
( سورة النحل )
وهكذا نعلم أن المؤمنين أصحاب العمل الصالح ساعة الإحتضار يرون ملائكة الرحمة ، وتكون أول بشارة لهم بالجنة ، فتنفرج أساريرهم ، ويبتسمون فرحين لأنهم ذاهبون إلى خير مما كانوا فيه ، إذا نظرت إلى وجوههم بعد الوفاة تراها ساكنة مطمئنة لما رأت من وعد الله الذي لايخلفه .
أما أولئك الذين كفروا وعصوا الله وأشركوا به وحاربوا دينه ، فإن لقاؤهم مع الموت يختلف ، يخبرنا بذلك القرآن الكريم في قول الله عز وجل :
{ ولو ترىّ إذ يَتَوفى الذِينَ كَفَروُاْ الْمَلاّئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } .
(سورة الأنفال )
ويعطينا الله سبحانه وتعالى وصفاً آخر للكفار في الآية الكريمة التي تقول :
{ وَلَوْ تَرَىّ إذِ الظالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاّئِكَةُ بَاسِطُوّاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواّْ أَنفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحق وَكُنتُمْ عَنْ ءَاياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } .
( من الآية 93 سورة الأنعام )
وهكذا نعرف من هذه الآيات الكريمة أنه كما يرى المؤمن مصيره ومقعده في الجنة وهو يحتضر ، يرى الكافر مصيره ومقعده في النار وهو يحتضر ، بل إن ملائكة العذاب يهينون الكافر جزاءً على كفره ، فيضربونه على وجهه وعلى ظهره ويجعلونه يذوق عذاب الحريق ، ويتحدونه إن كانت له عزوة أو جاه أو منعة في الحياة الدنيا ، فليخرج نفسه مما هو فيه من عذاب وإهانة ، ولن يستطيع إخراج نفسه لأنه لايملك القوة ولا القدرة .
لقد انتهى الاختيار البشري وأصبح مقهوراً ككل أجناس الكون ، بعد أن نعم بالاختيار في الحياة الدنيا ، ومن علامات سوء الخاتمة ـ والعياذ بالله ـ إنك ترى الكافر أو الظالم وقد اكفهر وجهه وتشنج جسده وتقلصت ملامحه من هول مايرى من العذاب الذي ينتظره .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من هذا المصير أيها الناس :
" إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، إن المؤمن بين مخافتين ، بين أجل قد مضى لايدري ماالله صانع فيه ، وبين أجل قد بقي لايدري مالله تعالى ماض فيه ، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ومن دنياه لآخرته ، ومن الشيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الموت ، والذي نفس محمد بيده مابعد الموت من مستعتب ، ولابعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار .
إن ساعة الاحتضار ـ كما صورها لنا القرآن الكريم ـ تزيل الحجب وترفع الغطاء وتحد البصر ، وتكشف كل ماكان غيباً عنا مصداقاً لقوله تعالى :
{ فلولاّ إذا بَلَغتِ الحلْقُومَ * وأنتُمْ حِنَئِذٍٍ تنظروُنَ * ونحنُ أقْربُ إليهِ مِنكُمْ ولكِن لاتبصِرُونَ } .
( سورة الواقعة )
في هذه اللحظة تبدأ أول منازل الآخرة ، لأن من مات قامت قيامته وعرف آخرته .. إنه حين يموت يسمع ، لكنه لايستطيع الرد ، ويرى ولكنه لايستطيع أن يروى مايراه ، إن لهم إدراكاً كما للحي إدراك .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : " إذا زرتم المقابر فسلموا علىأهلها . وقولوا : السلام عليكم ديار قوم مؤمنين " ومادام رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بهذا ، فلابد أن هناك إدراكاً ماعند أهل المقابر لهذه التحية ، وإلا لما أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذن هناك إدراك ما لسكان القبور بالنسبة لزائريهم وتحيتهم لهم ، وهناك إدراك آخر بأن هناك عقلاً او فكراً مما يجعلهم يميزون بين الأمل واليأس ، قال تعالى :
{ ياّأيها الذينَ أَمنُوا لَاتَتَوَلوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَد يَئسُوا مِنَ الأَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفارُ مِنْ أصْحابِ الْقُبُورِ } .
(سورة الممتحنة )
درجة اليأس هذه التي وصلوا إليها محتاجة إلى إدراك بشيء ما ، فلا يمكن أن يصل إلى درجة اليأس أو يعيشها إلا مدرك يميز بين الأشياء ، بحيث يعرف أن هذه درجة يأس ، وهذه درجة أمل ، فالله تعالى قد قال :
" كما يئس الكفار من أصحاب القبور "

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
يعكيك العافية على روعة الطرح
جزاكي الله خيرا ومشكوره علئ موضوعك الرائع

سوسو1978

ميسون المغربي

ام ايلانه

اموله الحلوه

سوسو

أبهجني تواجدكم الجميل في موضوعي
جزاكم الله خيراً وسقاكم من نهر الكوثر
شرفتني مشاركاتكم وأسعدتني دعواتكم
بالتوفيق إن شاء الله

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.