مع بداية فصل الشتاء وما يحمله من عواصف وأمطار وثلوج، يلجأ غالبية الناس صغاراً وكباراً الى تناول المشروبات الساخنة التي تقيهم شدة البرد وحدة المرض. وليس أفضل من ارتشاف كوب ساخن من الزهورات في ليلة شتاء باردة.
إنها الوصفة الطبيعية الوحيدة التي لا تحتاج الى استشارة طبية، نظراً لما تحتويه من فوائد صحية مهمة على الصعيدين الجسدي والنفسي.
«عشبة بتشفي» عبارة قديمة جداً طالما رددها أجدادنا وآباؤنا وآمنوا بها، فكانت الطبيعة مرجعهم الأول والأخير، يستفيدون من أعشابها البرية المتنوعة لتكون بديلاً شافياً من الأدوية المصنعة.
فقد تناقلت الاجيال هذه العبارة التي أثارت اهتمام الكثير من الباحثين الذين تخصصوا في دراسة الأعشاب البرية وتحديد منافعها الصحية.
وبعدما كانت الزهورات على اختلاف أنواعها وصفة تقليدية شاملة، توجهت اليوم الى التخصصية في العلاج الطبيعي، وذلك على أيدي خبراء الأعشاب الذين استفادوا بدورهم من خيرات الطبيعة ليصنعوا منها أدوية وعلاجات مفيدة للجسم والروح معاً.
ولا ننسى طبعاً أن الكثير من الأعشاب والأزهار الطبية تدخل كعنصر أساسي في صناعة الأدوية، كذلك ينصح بها الكثير من الأطباء واختصاصيي التغذية مع التشديد على ضرورة اعتماد العلم والمعرفة في مجال طب الأعشاب كي لا يتسبب الاستخدام العشوائي لها بأية آثار جانبية.
واللافت أيضاً أنّ مادة الزهورات تحولت اليوم الى سلعة تجارية تباع في المتاجر لتكون في متناول الجميع وخصوصاً سكان المدن الذين يفتقدون وجودها، في حين يطيب لسكان الارياف، وتحديدا الجبال، قطفها مع اطلالة كل ربيع من الحقول والغابات.
وهذه العادة متوارثة من الزمن الماضي، عندما كان أجدادنا يصنعون بنفسهم مؤونتهم من الأعشاب الطبية التي تظهر في مواسم محددة من السنة. فبعد جمع الأعشاب يتم تنظيفها جيداً بالماء البارد ثمّ تجفف الأوراق والأزهار تحت أشعة الشمس وأخيراً يتمّ حفظها بالطريقة المناسبة ليحصلوا على «الزهورات».
لكن التعريف العلمي لـ«الزهورات» يدل على انها مجموعة من الأعشاب البرية التي تتشابه من حيث الفوائد الصحية العامة ولكنها تتميز ببعض الخصوصية في العلاج.
ومن هذه الأعشاب اليانسون، النعناع البري، البابونج، ورق الصعتر، زهرة الخاتمية، زهرة البنفسج، زهرة الجوري، الزوفى، الخزامي، اكليل الجبل، الورد…
واذا اردنا ان نبحث عن فائدة كل نوع نجد ان:
اليانسون، عشبة تنتمي إلى عائلة الكرفس، رائحته مقبولة ومذاقه حسن. ينمو نباته حتى ارتفاع 75 سم ويحتاج إلى الشمس والدفء لنمو طبيعي. تبرز قيمته الغذائية في احتوائه على البروتينات والزيوت الدهنية والألياف والسكريات والنشاء، الى جانب استخلاص الزيت العطري منه.
أما فوائد بذور اليانسون فتتمثل في التخلص من الانتفاخ، طرد الريح من الامعاء، إزالة البلغم من القصبة الهوائية، زيادة إفراز العرق وكمية البول، وعلاج الأرق. ولا ينبغى غلي بذور اليانسون طويلاً لأنها تفقد فعالية الهضم وتخسر جزءاً من زيوتها العطرية. كذلك يمكن إضافة اليانسون الى بعض المأكولات مثل الكاري والحلوى والفطائر والبسكويت من أجل إعطائها المذاق الطيب والرائحة الحلوة.
البابونج، واحد من أشهر النباتات البطنية على الاطلاق، الجزء المستخدم منه هو الأزهار المتفتحة التي تحتوي على زيت طيار تصل نسبته إلى 1.5%. ومن الخصائص الفريدة للبابونج أنه مفيد جداً في حالات الأرق والاكتئاب والخوف والأزمات النفسية.
ويستعمل بخار الأزهار المغلية للاستنشاق في حالة التهاب المسالك الهوائية في الأنف والحنجرة والقصبة الهوائية. ويعتبر شاي البابونج مطهراً ومضاداً للالتهاب، كما يساعد على تهدئة الأعصاب وتنظيم عملية الهضم.
ويستخدم البابونج أيضاً في مستحضرات التجميل الطبية على شكل كريم أو زيت عطري.
أما الطريقة المثلى لتحضير شاي البابونج فهي: وضع ملعقة كبيرة من أزهار البابونج في كوب فارغ ويصب فوقها الماء المغلي، ثم يترك المزيج لمدة 10 دقائق ثم يصفّى جيدا ويشرب.
ويمكن تناول كوب منه ثلاث مرات في اليوم وذلك قبل وجبات الطعام ويحذر تناول شاي البابونج بعد الأكل مباشرة لأنه قد يسبب ألما في المعدة.
الصعتر، نبات عطري يكثر بصفة عامة في دول حوض الأبيض المتوسط. فوائده الطبية تتمثل في شفاء الكثير من الأمراض لاسيما المتصلة بالجهاز التنفسي مثل السعال الديكي والالتهابات الشعبية والربو. ويحتوي نبات الصعتر على مواد شديدة تعمل على تقوية الجهاز المناعي، بالاضافة الى مواد مسكنة للألم ومطهرة ومنشطة للدورة الدموية. كذلك يحتوي الصعتر على مواد مقوية للعضلات وتمنع تصلب الشرايين، ويعالج التهابات المسالك البولية ويشفي من مرض المغص الكلوي ويخفض الكوليسترول.
ومن المعروف أيضاً أن الصعتر يعمل على تنبيه المعدة وطرد الغازات ويساعد على الهضم وامتصاص المواد الغذائية وازالة الفطريات من المعدة والامعاء، كما أنه يزيد الشهية على تناول الطعام.
الخاتمية، زهرة برية من فصيلة أزهار الخبازيات، تزرع في الجنائن وتعمّر سنين.
لا تعتبر نوعاً من الأزهار الجميلة فحسب، انما من انواع النباتات التي تستخدم في مجالات الطب العربي، وهي تكاد تكون زاد كل بيت في فصل الشتاء، خصوصاً ان الاجداد أخبروا عن منافعها الطبية بالتجربة الحسية.
لذلك يبدأ سكان القرى الجبلية من يوليو (تموز) حتى اواخر سبتمبر (ايلول)، بقطف أزهارها وتعريضها لأشعة الشمس حتى تجف، ثم توضيبها لتستخدم بالدرجة الاولى كنوع من الزهورات الشتوية التي تفيد في معالجة الرشح والنزلات الصدرية، وتخفيف التهابات اللوزتين والفم وآلام المعدة والامعاء.
النعناع البري، عشبة مسكنة للمعدة، تساعد على تهدئة تقلصات الامعاء وتنظم عمل الجهاز الهضمي. يستخدم زيت النعناع أو شاي النعناع في علاج الغازات وعسر الهضم. كذلك يمتد مفعول زيت النعناع المهدئ إلى الاستخدام الموضعي، لأن لديه القدرة على تخفيف الألم وزيادة التدفق الدموي في المنطقة المصابة.
الورود، تستخرج منها مواد ذات خصائص منشطة تساعد على تهدئة الاضطرابات الهضمية وتخفيف حالات الكآبة والحزن. ولا تنتهي فؤائد «الزهورات» عند هذه الانواع النباتية. وان بقيت اسرارها لدى الجدات، لا سيما عندما يتعلق الامر بوصفات سرية للجمال والبشرة ولمعان الشعر مع البابونج والورد، او لطرد رائحة الفم الكريهة مع الصعتر والنعناع وقشر اللوز، او لطرد الاكتئاب وانعاش نبض القلب مع قشر التفاح الذي يدخل على مجموعة الاعشاب المجففة وان من خارج اللائحة.
ولعل المشهد الاطرف في الترويج لهذه الاعشاب المعطرة، هو في انتقالها من مواد مستهلكة في صفوف طبقة الفلاحين وعامة الشعب الى استهلاك «الطبقة المخملية» لها تحت اسمها الفرنسي «Tisane» والتباهي بتقديمها والاسترسال في شرح فؤائدها وكأنها اكتشاف غرائبي لم يكن متوفرا اينما ينبت العشب بعد ان ترتوي الارض من المطر.
تحياااااتي لكم
انا مزكمة وطول اليوم وانا اغلي بالزهورات
يسلمو
سلامات ياقلبو