تخطى إلى المحتوى

القلب السليم 2024.

القلب السليم

خليجية

القلب السليم

محمد آل عامر

هذه القصة حصلت أحداثها أثناء أزمة الكويت فقد كانت عائلة مكونة من الأب والأم والأبناء والجدة بعد أن زاد الضغط عليهم وخشوا على أنفسهم تكدسوا في سيارة صغيرة واتجهوا منطلقين نحو حدود السعودية عن طريق صحراء الوفرة.

وعندما توسطوا الصحراء إذا جندي عراقي واقف كالسراب في وسط الصحراء بوضع استعداد قد أمسك رشاشه وصوبه نحوهم.

توقفوا في أماكنهم وأيقنوا أن الموت قادم لا محالة قال: إلى أين تتجهون؟ قالوا: متجهون إلى السعودية، فدلهم على الطريق.

تعجبوا لهذا التصرف كيف يدلنا على الطريق؟ وربما كان عوناً من الله سبحانه وتعالى.

اتجهوا نحو الطريق الذي دلهم عليه وفي منتصف الطريق قالت لهم الجدة: يا عيالي هذا الأكل زاد عندنا لماذا لا نعطيه لهذا الجندي المسكين؟.

قالوا: أماه جاءوا يقتلوننا جاءوا يحرقوننا حرقوا آبارنا هدموا منازلنا سرقونا كيف نعطيه الطعام؟ فقاموا يسبونه ويشتمونه قالت: يا أبنائي هذا المسكين لا ذنب له واقف في الصحراء تسطع عليه الشمس شمس الشهر الثامن والتاسع.

ارجعوا إليه وأعطوه هذا الطعام ماذا نصنع به؟ نحن مقبلون على خير.

وما زالت وما زالوا يرفضون حتى قالت وصاحت: إن لم ترجعوا إليه لا أرضى عنكم، وتحت هذا التهديد وبصلاح الابن والزوجة الصالحة خافوا أن يغضب الله عليهم بسبب عدم رضاها.

فانعطفوا عائدين إلى الجندي فاستغرب الجندي لماذا عادوا؟ قال له الابن: لقد أمرتنا أمنا أن نعطيك هذا الطعام.

ولكن الجندي خشي من المكيدة فأمرهم أن يذوقوا من طرف الإناء فأكلوا حتى إذا اطمأن بأنها ليست مكيدة ولا سماً أرادوا أن يقتلوه به فأخذه وشكرهم ودعا لهم وقال: لقد دللتكم على الطريق الخطأ لا تذهبوا إليه واذهبوا من الطريق الأخر.

كانت مفاجأة كبيرة كيف أنقذهم الله سبحانه وتعالى بهذا العمل الصالح.

عفو عن إنسان قد اعتدى عليهم ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى ففتح الله لهم الطريق . ا-هـ.

ما أجمل العفو عن الآخرين وهو ليس بالأمر الهين؛ إذ له في النفس ثقل لا يتم التغلُّب عليه إلا بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقام للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياء الذين استعصوا على حظوظ النّفس ورغباتها.

وقد أخرج الإمام أحمَد في مسنده قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ( من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء ).

يقول الشيخ سعود الشريم حفظه الله: ما أكثَرَ الذين يبحَثون عن مصادرِ العزِّة وسبُلها والتنقيب عنها يمنةً ويَسرةً والتطلُّع إلى الاصطباغِ بها أو بشيءٍ منها مهما بلَغ الجَهدُ في تحصيلها.

هذه العزّةُ برمَّتها يمكِن تحصيلُها في ولوجِ المرء بابَ العفو والصَّفح والتسامح والمغفرة.

ومَن كانت هذه صفَته فهو خليقٌ بأن يكونَ من أهل العزَّة والرفعة؛ لأنَّ النبيَّ قال: ( ما نقَصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عِزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَه ) رواه مسلم.

وصدق من قال: من عاشر الناس بالمسامحة دام استمتاعه بهم.

المصدر: مجلة المعرفة. ( العدد: 131)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.