ماأقسى هذه الحياة والتي نرى فيها هذه المشاهد المؤلمة فنتمنى امامها ان نغمض
أعيننا
حتى لا نحرق حنايا أفئدتنا برؤيتها …
ولا ندري ولا نضمن .. هل سيدور علينا الزمن ونصبح نحن من نمثل هذه المشاهد
أم لأ ؟!
فهذه إبتلاءات من الله يختار بها من يشاء من خلقه ولا راد لما اراده الله سبحانه
وتعالى ..
ما رأيت .. مشاهد تدمي القلوب وتشتت الذهن وتشغل التفكير مشاهد لا نملك امامها
الا الدموع كيف لا وهي لا تنطق بغير لغات الحسرات الصامتة والألم القاتل
اردت ان اصور لكم بعضاً مما شاهدته خلال الايام الماضية والتي لم تغب عن عيني
ولم تزل تشغل فؤادي ..
ا لمشهد الأول :
إمراة تملأ وعاءها من الوحل "الماء المختلط بالتراب" لتطفئ به لهيب عطشها
وعطش أبنائها ..
المشهد الثاني :
طفل يتقدمه وعاء مليئ بأوراق الشجر اليابسة بدلا من ان يتقدمه صنوف من
الأطعمة
كما هو الحال عندنا ..
المشهد الثالث :
طفل لم يعد قادر على حمل جسده النحيل المثقل بغير شيء سوى الأسى والحرمان
طريح الارض فهل من ململم لبقايا إنسان ؟!..
المشهد الرابع :
ليس ببعيد عني لا يفصلني عنه سوى مسافة تقدر بكيلومترات معدوده
كنت انوي الذهاب للتسوق فأضعنا الطريق فالسائق لازال جديدا على هذا المكان
فدخلنا بالخطأ لأحد الاحياء لم يسبق لي ان رأيته
ولم يخطر ببالي ابدا انه من الممكن ان يكون في منطقتي حي بهذا الشكل المريع
بيوت متهالكة لم تعد صالحه للسكن بلا أنوار سوى إضاءه خافته بالكاد ندرك
مصدرها ..
أشجار باوراق سوداء مخيفه ملتفه حول بعضها في ظلمة الليل اوحت لي بخيالات
كئيبة ..
أطفال ذووا بشرة سمراء يقفون أمام ابواب بيوتهم المهدمه بملابس رثه ينظرون
الينا من بُعد
لتختصر نظراتهم صنوف البؤس والشقاء ..
خرجنا اخيرا من المكان بعد ان تبدل مزاجي و ارتسم الأسى على خاطري
وكأن الله ساقني لذلك المكان لآراه بعيني لا بخبر او بوصف
عدت للبيت دون شراء شي عدت محمله ليس بشيء سوى شحنات الحزن والأسى ..
عرفت حينها اننا في غفلة فلم نفكر يوماً بإخواننا الفقراء الذين يعانون الجراح
و قسوة الحياة ومرارتها ..
فكرت كيف يعيش هؤلاء ؟! .. لماذا تناسيناهم .. ؟! هل سيسألنا الله عنهم ..؟!
فكرت .. وفكرت ..لم اجد لبعض أفكاري مصطلحات قادرة على التعبير عنها
فازدحامها في مخيلتي يشتتها وعجزي عن تنسيق حروفي يضيعها
كم لنا من إخوة في الإسلام والإنسانية يتجرعون مرارة الأسى والحرمان ؟
وكم لنا من إخوة يعايشون أسوأ الأحوال واقساها أشغلتنا عنهم الدنيا بملذاتها ؟!
في النيجر بلغ الجفاف حد الذروة !
وفي الصومال لايجدون حتى الماء الصافي !
وليس هناك فحسب ولكن حتى هنا بين أظهرنا من لايجدون مأوى يضمهم سوى
أحجار
متراصة آيله للسقوط …
سنسأل عنهم والله ..!
كم من الأموال الطائله نهدرها في سفاسف الأمور .. (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )..
وكم نصرف في ملذاتنا وكم ننفق في امور تكميليه زائدة عن الحاجة ؟!
وهم لا يجدون حتى ضروريات الحياة المأكل والمشرب والملبس والمأوى ؟
قال تعالى :
( وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وانفقوا لهم أجر كبير ) ..
وعن عدي بن حاتم رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فتعوذ
منها
وأشاح بوجهه ثلاث مرات ثم قال ( أتقوا النار ولو بشق تمره فإن لم تجدوا فبكلمة
طيبة )
وقال صلى الله عليه وسلم ( كل أمري في ظل صدقته يوم القيامة حتى يقضى بين
الناس )
ليحاول كلا منا ان يقدم مايستطيع تجاه إخواننا في الله
فمساعدتهم اليوم واجبه علينا
انفق ماتجود به نفسك ولا تستصغر من المعروف شيئاً
فالله في عون العبد ماكان في عون أخيه
ـــ افتح خزانة ملابسك استخرج ماهو زائد عن حاجتك استغني عن بعضها
فكم من ملبس كدسناه فلم نستفد منه ولم نقدمه لنا في الآخره !
ـــ اقتطع جزء من مصروفك عود نفسك على البذل والعطاء
فالصدقة من أعظم مايقرب إلى الله
وفي الصدقة تطهير للنفس وللمال وإطفاء لغضب الرب
وقضاء لحاجة أخيك المسلم وتفريج لكربته وإدخال السعادة الى قلبه
وفي الصدقة تكفير للذنوب والخطايا والآثام وفي الصدقة سعة رزق وحياة رغيدة ..
قال تعالي :
( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة
مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )
وقال :
(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسناً فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط
وإليه ترجعون)
اللهم ياكاشف الغمة ويامفرج الكربات فرج لإخواننا المسلمين في كل بقاع الأرض
وبجد واقع مؤلم والحمدلله ع كل حاال
لا حولا ولا قوة الا بالله
الله يكون بعونهم