هاتين الكلمتين مثل الشجرة لها أصل وفرع
أما الأصل فهو النفس
فهل تعرفى شيئا عن نفسك ؟
أما النفس : فهى ظلومة جهولة هذا هو أصل خلقتها
ويزول ظلمها وجهلها بقدر ما يدخل عليها نور الوحى ،
فاذا كانت ظلومة جهولة فلن تأمرك بخير أبدا..
" إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى "
ولنلاحظ فى هذه الآية الكريمة : ( إنّ – واللام ) حرفان تأكيد – أتى مؤكدان فى ثلاث كلمات فقط ، أي : هى هى لا يأمر بالسوء غيرها إلا ما رحم ربى وعصمها ونفعها بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
ما معنى المحاسبة ؟
أولا : دليلها من القرآن :
قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
وقال تعالى :" ولا أقسم بالنفس اللوامة "
قال الحسن البصرى رحمه الله : ( لا تجد المؤمن إلا معاتبا نفسه "
، ان تكلم بكلمة قال لها : ماذا أردتى بهذه الكلمة ؟ أردتى وجه الله أم أردتى الناس ؟
وان أكل الأكلة قال لنفسه : ماذا أردتى بهذه الأكلة ؟ تأكلى وتشربى وتصحى لتتم لكِ الشهوة ؟ أم لتتقوى على عبادة الله بصحة؟
واذا شرب الشربة …….وهكذا
وقد أشار النبى صلى الله عليه وسلم الى هذه النفس اللوامة أى نفس المؤمن التى تلومه دائما
فقال فى الحديث الذى رواه الترمذى وأحمد وحسنه الترمذى: " أخرج الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه على الصحيحين من حديث النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبوابٌ مفتحةٌ، وعليها ستورٌ مرخاة، وعلى رأس الصراط داعٍ، يقول: هلم -عباد الله- إلى الصراط ولا تتعوجوا، وفوق الصراط داع، كلما أراد الإنسان أن يفتح باباً قال: ويحك! لا تفتحه؛ فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله عز وجل، والأبواب: محارم الله تعالى، والداعي على الصراط: كتاب الله عز وجل، والداعي من فوق الصراط: هو داعي الله عز وجل في نفس كل مسلم) ..
كان السالفون من الفضلاء لا يتركون أنفسهم بلا محاسبة
-أحد اليقظين جلس مرة فحسب عمره
فوجد أنه ابن 60 سنة فحول السنين الى أيام واذا هو عاش 21900 يوم
فاستهول هذا الرقم ولم يدرى بنفسه الا وهو يصرخ
وقال لو أنى أذنب كل يوم ذنبا واحدا أفألقى الله بــــ 21900 ذنب ،
.
– وقال رجل مثل هذا اليقظ ….
سأله الفضيل بن عياض كم مضى من عمرك ؟
قال مضى من عمرى 60 عام ،
قال له : أنت منذ 60 عام وأنت سائر الى الله وتوشك أن تبلغ المنزل
( وهو القبر وهو أول منازل الآخرة )
فكأن الرجل بوغت وفوجئ
فقال : إنا لله ، وما العمل يا أبا علي ؟
قال له : أحسِِِِِِِِِن فيما بقى يُغفر لك ما مضى .
– وما ينسب الى عمر بن الخطاب أنه قال : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتزينوا ليوم العرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية
وقال إبراهيم التيمي :
" مثلت نفسى فى الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها ،
ثم مثلت نفسى فى النار أعانى من حرها وأشرب من صديدها وأتوجع من أغلالها ،
فقلت يا نفس ماذا تريدين ؟ ( أى وهى فى النار )
قالت : أريد أن أرجع الى الدنيا فأعمل صالحا
فقال : أنتِ فى الأمنية فاعملى " أنتِ مازلتِ على قيد الحياة فاعملى .
واذا قيل للمجرم وهو على شفير النار ماذا تريد ؟
لقال كما ذكر الله عز وجل : " ولو ترى اذ وُقُفُوا على النار فقالوا يا ليتنا نُرَد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " ولو رُدوا لعادوا لما كانو عليه قال تعالى : " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو رُدوا لعادوالِما نُهوا عنه وانهم لكاذبون " سيسلك نفس السيرة الأولى ..والذى يخبر عنهم هو ربهم الذى فطرهم وخلقهم وهو خبير بنفوسهم
. أنتِ مازلتِ حيةً …فاعملى قبل أن يُقَال لكِ : ماذا تريدين ؟؟
فالمسألة خطيرة وينبغى أن تعرف لماذا خُلِقت ؟
" أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون فتعالى الله "
– جعل الله عز وجل لك الحجة والسلطان على الشيطان وليس العكس .
فاذا قال الشيطان : لا أزال أغويهم ما بَقِيَت فيهم الروح .
قال الله عز وجل : وأنا لا أزال أغفر لهم ما بقيت فيهم الروح .
فلماذا تشتد هربا منه وهو هو وأنت أنت ،
هو هو فى عُلوُه وقدرته
وأنت أنت فى الأرض مخلوق من تراب وتمشى على تراب ويُدَاس عليك بعد الموت
…. خفف الوطا ماأظن أديم هذه الأرض الا من هذه الأجساد….
فأنت تمشى بنعليك على من سبقك
ويأتى اللاحق فيمشى بنعليه عليك ،
اعرف قدرك اذا ..أنت عبد شئت أم أبيت
فكن عبدا مختارا لا مكرها
والعبد المختار هو الذى إذا أُمِرَ أتى طواعية ،
واذا لم يأتى طواعية سيكون عبدا بالقهر
قال تعالى :"ان كل من فى السماء والأرض الا آتى الرحمن عبدا"
– كيف خفت المحاسبة على السلف الأول وكبرت علينا ؟؟
ذلك بسبب الجهل التام بمعنى المحاسبة ،
فيا أيتها السائرة الى الله تبارك وتعالى وترجو النجاة غدا
اعلمى معنى المحاسبة
واعلمى أن للمحاسبة ثلاثة أركان :
فهى مثل الفندق له ثلاثة أعمدة تقوم عليها فما هى ؟
1-أن تقايسى بين نعمة الله عليكِ وجنايتكِ ، وتجرى المقارنة .
2-أن تعلمى ما له عليكِ من حق العبودية ووجوب الطاعة واجتناب المعصية ،
أى تعرفى ما لكِ وما عليكِ فتؤدى ما عليكِ أما ما هو لكِ فواصل يقيناً
3-أن كل طاعة عملتيها فرضيتِ عن نفسكِ فيها فهى عليكِ وأن كل معصية عيرتى بها غيركِ فهى اليكِ .
-اذا أردتى أن تحاسبى نفسكِ
فلتعلمى أن حسابكِ لنفسكِ اليوم مهما كان مُراً فهو أخف بكثير جدا من أن تقفى بين يدى ربكِ يقول لكِ : فعلت لك ِفماذا فعلتِ أنتى ؟
-والمسألة ليست مسألة عتاب خالى من الجزاء ،
فعلت لك كذا فماذا فعلتِ أنتى ؟ لا جواب ..
وفعلت لكِ ماذا فعلتى ؟ لا جواب …
فى النهاية هى النار ..فهو عتاب بعده جزاء .
-العاقل الذى يعلم أنه لابد أن يصل الى منزله فى يوم من الأيام
فلا يهمل أبدا هذه المحاسبة .
-أول شئ يلجم لسانكِ ويكسر قلبكِ ويجعل بصركِ خاشعاً قى الأرض :
أن تقايسى بين نعم الله عليكِ وبين جنايتكِ ،
هذا الركن فى الحقيقة كافى جدا لانهاء المسألة
قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلومٌ كفار "
– فكل نعمة عليك فهى من الله
ولكن يجب أن تعرفى أن كل نعمة يكون فى مقابلها عمل وشكر فهى منّة
…وإلاّ فهى حُجّة عليك
-جاء أحدهم لأحد العلماء يشكو الفقر
فقال له : أتريد سمعك بمئة ألف ؟ قال : لا
قال له : أتريد بصرك بمئة ألف ؟ قال : لا .
قال له : ورجلك ويدك وقلبك ……..الخ قال : لا .
قال له العالم : عندك مئين ألوف وجئت تشكو الفقر ؟!!!
فأنت أيها الانسان غالى جدا .
قال تعالى :" وفى أنفسكم أفلا تبصرون "
فلو ملك أحدهم الدنيا وفقد بصره فيدفع كل ما يملك ليعود اليه بصره .
وختاما
• ما وجدنا أعبد من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلى حتى تتورم قدماه ،
ويقول : " أفلا أكون عبدا شكورا
فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم وما تاخر من ذنبه
فكيف نحن الغارقون فى غفلتنا ؟؟؟؟
قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
المصدر
من موقع الشيخ ابو اسحاق الحوينى حفظه الله
وجعل ما كتبتيه في ميزان حسناتك يوم القيامة .
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك …
يقيـــم الموضوع ويتــوج بالنجـــوم …