تخطى إلى المحتوى

سلسلة الحكمة في بعض القصص القرآني القرآن الكريم 2024.

  • بواسطة
سلسلة الحكمة في بعض القصص القرآني

نبدأ بالحكمة في قصة أصحاب الكهف
أمثلة من الحكمة في القرآن الكريم
القرآن كله حكمة، (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (يونس: من الآية1). (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) (هود: من الآية1). ولم لا يكون كذلك، وهو (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42).
ولأن موضوعنا مستمد من كتاب الله، ومعالجتي له في ضوء القرآن الكريم، فسأذكر بعض الأمثلة التي تبين منهج الحكمة كما يعرضها القرآن من خلال بعض الوقائع والأحداث.

أولا: قصة أصحاب الكهف
إن قصة أصحاب الكهف -كما ذكرها الله- قصة عجيبة، ولن نقف عند تفصيل القصة، ولكن أشير إلى موضع الحكمة في تصرف هؤلاء الفتية، وقدرتهم على تجاوز المحنة التي مروا بها.
فقد ذكر ابن كثير ( ) نقلا عن غير واحد من السلف والخلف أن هؤلاء الفتية كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم، وقد فارقوا قومهم لما رأوا ما هم عليه من عبادة غير الله، حيث كانوا يعبدون الأصنام والطواغيت ويذبحون لها، ولهم ملك جبار عنيد، فاتفقت كلمة هؤلاء الفتية على اعتزال قومهم، واتخاذ مكان يعبدون الله فيه، فعرف بهم قومهم، فوشوا بأمرهم إلى ملكهم، فاستحضرهم بين يديه، فسألهم عن أمرهم، وما هم عليه، فأجابوه بالحق، ودعوه إلى الله عزوجل وهذا معنى قوله -تعالى- (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً) (الكهف:14). ولكن ملكهم أبى دعوتهم وتهددهم وتوعدهم إن لم يرجعوا إلى دين قومهم، وأعطاهم مهلة لينظروا في أمرهم، وبعد ذلك اجتمعوا وقرروا الفرار بدينهم مرة أخرى إلى مكان آخر، وهو الكهف الذي لجأوا إليه، وذكر الله لنا تفاصيل قصتهم في الكهف.

وتظهر الحكمة في قصتهم بما يلي:
1- أن هدايتهم إلى دين الله، وعدم تقليد قومهم على ما هم عليه هو عين الحكمة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
2- اعتزالهم لقومهم، بعد أن أدركوا أنه لا ينفع معهم نصح ولا دعوة، وهذه هي العزلة المشروعة، وبخاصة عند وقوع الفتن أو الخشية منها، وهذا مصداق الحديث الصحيح: " يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن " .
3- صمودهم على الحق عند مواجهتهم للباطل.
4- العزلة الثانية، وهي عزلة سرية، لأن العزلة الأولى كانت عزلة دون تخف، حيث علم بهم قومهم، وعلموا ما هم عليه.
أما هذه العزلة، فكانت عزلة سرية، لا يعلم مكانهم، لما قد يترتب على ذلك من مفاسد. (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) (الكهف:20).
وكأنهم يشيرون إلى العزلة الأولى، ثم الفرصة التي أعطيت لهم، حيث علموا أن الفرصة لن تتكرر.
5- حكمتهم في قضاء حوائجهم، (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) (الكهف: من الآية19).
إن هذه القصة، قصة عجيبة، فيها الحكمة، والعبرة، وبيان منهج الدعوة، وحسن استخدام الوسائل، وتقدير المصالح والمفاسد، ومعرفة ما آلت إليه الأمور، إلى غير ذلك من الدروس والعبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.