لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى- عليه السلام- بأمور كثيرة.. فهو كليم الله عز وجل، وأحد أولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، وأنزل الله عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليماً..
هذا النبي العظيم يتحول في قصته مع الخضر إلى طالب علم متواضع يتحمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة بأنه هو الخضر- عليه السلام- كما حدثتنا بأن الفتى هو يوشع بن نون، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه مع الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.
ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى، ويفهمه أنه لن يستطيع معه صبراً، ثم يوافق على صحبته بشرط ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.
والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى تصل إلى مرتبة الجرائم و الكوارث..
وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. وعلى رغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي أتاه الله من لدنه علماً.
وعندما تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتاً في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر سيجد العبد العالم.. انطلق موسى- طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتاً في سلة.. انطلقاً بحثاً عن العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.
ويظهر عزم موسى- عليه السلام- في تحقيق طموحه، وهو العثور على هذا العبد العالم، ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقاباً وأحقاباً. قيل إن الحقب عام، وقيل ثمانون عاماً. على أية حال فهو تعبير عن التصميم على تحقيق الطموح، لا عن المدة على وجه التحديد.
قال الخضر لموسى- عليهما السلام- إن هناك شرطاً يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..
واحتمل نبي الله موسى عليه السلام كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابراً ولا يعصي له أمراً. وهذا الصبر كان أيضاً لتحقيق الطموح المتمثل في العلم والحصول عليه.
دروس مستفادة
• من قصة سيدنا موسى مع الخضر يبرز لنا نموذج لطموح الأنبياء في تحصيل العلم والمثابرة والتحمل من أجل تحقيق هذا الطموح.
• الحرص على عدم الفشل والمحاولة المستمرة للتعلم وتحقيق الهدف.
• التواضع وعدم التكبر من جانب النبي موسى عليه السلام وهو أحد أسباب تحقيق الطموح.
تحيتي
أختكم نور الولاية
تحيتي
أختكم نور الولاية