تخطى إلى المحتوى

كاذب يا أخي الحنون لفاطمة زمام ألييييمة القصة -قصة قصيرة 2024.

كاذب يا أخي الحنون ..لفاطمة زمام ألييييمة القصة

خليجية

كاذب يا أخي الحنون … للكاتبة فاطمة زمام …. ألييييمة القصة ..
@@@@@@@@
"طييط ! " دوى صوت طفولي اخترق أذني كالسهم ,فتح الباب ليسطع نور قوي على عيني , ما جعلني أغمضها لبرهة وأفتحها على مضض .. عاد الصوت إلى اختراق أذني .." طيط ! طيط طيييييييط !! " إنها أختي الصغيرة < سلمية > ذات السبع سنوات , التي توجهت رأسا إلى مكتبتي الصغيرة ووقفت أمام رفوفها المليئة بالكتب , وقفة فتاة مثقفة ناضجة ..مدت يدها بشكل آلي لتقع على كتاب للأطفال مليء بالصور الملونة ,كنت قد قرأت لها منه بعض القصص ..راقبتها وهي تجلس على الأرض وتنهمك في تهجئة الحروف ..ثم قمت من فراشي .. أديت صلاة العصر ,وفيما كنت أرتب ثوب الصلاة تناهى إلى مسمعي صوت أبي الصارخ في وجه مبارك " انزل ..انزل الآن .." ثوان وكنت معهما أساعد مبارك حتى يحط على الأرض بسلام ..دخل أبي إلى المطبخ وأنا أسأل مبارك بهدوء " ماذا تجد فوق الدولاب ؟! ..ها.." صمت ولم يجب , وسمعت أبي يقول " حلاوة ..صح ..تجد حلاوة ؟ .. إذا رأيتك تفعلها مرة أخرى فسأعطيك أنا الحلاوة … " ابتعد مبارك وهو مطأطىء رأسه , فهو يعرف جيدا حلاوة أبي كيف تكون .. وكم من مرة تجرع آلام الحلاوة في فراشه إلى أن ينام وهو يبكي .. يبكي .. البكاء هو متنفسنا الوحيد .. كان أبي عنيفا جدا معنا واشتد عنفه بعد أن طلق أمي بطلبها , كنت حينها في الصف الثاني متوسط .. منذ أربع سنوات بالضبط , أنزل من حرارة الباص لأدخل في حرارة المطبخ فتحرقني حرارة أبي .. فأبي حار كما تصفه جدتي…" أحرقت عيالك بالضرب والخناق يالمقرود ! " على عصبيتها هي أيضا إلا انها تدافع أبي عنا .. تسأل عن أخبارنا وتعطينا بشارة النجاح , حفظها الله هي أمنا بعد أمنا ..
تأهبت لتنظيف المطبخ وتنهدت بسعادة قليلة .. فلقد أحرزت تحسنا ملحوظا في تعاملي مع مبارك وسلمية .. إذ كنت فيما سبق أصرخ في وجهيهما .. أضربهما أحيانا وأشتكي من كثرة مشاغلي وأبكي دائما … وهم ينظرون إليّ تدور أعينهم .. وكأنني أساعد أبي عليهم .. كان علي التغيير بعد أن أكلني تأنيب الضمير حتى الشبع .. يا لضعفهما .. أنظر إلى ذي الثمان سنوات وهو يبكي ويضطهد , فأتخيله شابا مع رفاقه في الجامعة .. ضعيفا مسلوب الشخصية .. والمسكينة سلمية ياقلبي عليها .. يارب اغفر لي ذنبي وإسرافي في أمري ..يارب أعني على أن أصبح لهم الأم الحنون .. آآآآمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أجاوز ألف آمينا …
وبدأت في الآونة الأخيرة أطبخ بشكل جيد ..ولم يعد أبي يترأسني في المطبخ يعلمني أصول الطبخ في جو من الخناق الشديد .. كما خفت ولله الحمد نوبات البكاء والصراخ في المنزل , مما ساعدني على احتواء أخوي وقراءة القصص لهما في أجواء ودية نادرة .. صرت أدعو الله أن يعينني على بر والدي بعد أن كنت أدعوه أن يخلصني من هذه الحياة.. بل أصبحت هذه الفكرة ترعبني , وتحفزني لبذل المجهود في رعاية مبارك وسلمية … قطع علي أفكاري الجوال الذي باغتني مبارك بوضعه على أذني لأسمع صوت أخي الأكبر يقول :_" آلو .. سلام ..هلا عصعص !.." فقلت بلهجة مماثلة وأنا أمسح يدي بملابسي :" وعليكم السلام تروك .. أخيرا .."
_" أخيرا ماذا ؟ "
_" أخيرا تذكرت أن هناك في بقعة ما عائشة ومبارك وسلمية .."
_" كلا لم أنس أن هناك سلمية ومبارك وعصعص !" وشدد بمرح على الكلمة الأخيرة " إنما كان وقتي مليئا .. ماذا فعل أبي ؟ "
_" خرج لتوه .. أصبح يخرج كثيرا .. وفي الليل يتوحد في غرفته أمام التلفاز .."
_" … آمممم … حلو .."
_ " قل ما شاء الله …" ضحك أخي ضحكته المحببة التي تعيدني بسرعة مذهلة إلى الحياة … " سنتين وأحصل على الشهادة بإذن الله ..ثم أقل من سنة وأحصل على الوظيفة ثم آخذكم للسكن معي .." قاطعته بمرح " ثم سنتين وتتزوج ثم تتخلص منا بإعادتنا إلى بيشة … " ضحك مرة أخرى " سأتزوج من ترضى بمسكنكم معي وإلا طلقتها .. "
مجرد سماع صوت هذا الإنسان كفيل بإراحتي .. إذ القي عليه همومي وآلامي .. فهو الوحيد الذي على استعداد تام ليسمع بكائي على الهاتف لمدة ساعتين ..! أتحدى أن يكون لواحدة منكن أخ مثل أخي .. احم احم .. أخي أحن أخ في العالم !..
في الليل وفيما كنت أنظف المطبخ بعد أن غط الأطفال في نوم عميق , دخل أبي المطبخ .. لم ألتفت وانهمكت في دعك القدر بقوة .. شرب كأس ماء وخرج بصمت ثم عاد .. لم ألتفت أيضا .. خرج بعد برهة ولم يقل أو يفعل شيئا .. انتهيت من المطبخ بحمد الله وتناولت كتبي من الغرفة ..أطفأت الأنوار وفتحت التكييف على الأطفال وخرجت قبل أن أغلق الباب بحذر .. كان أبي واقفا في الصالة .. " ما شاء الله .. خلصت واجبات المدرسة ..؟" قال عبارته بخجل وهو يقترب من مكان وقوفي .. قلت بتردد :" لم أبدأ فيها أصلا .. لماذا ؟ " كانت نظراته زائغة تنتقل بين عيني وشفتي ..فجأة , قبلني .. كيف ؟ لا أدري ..ارتجفت من وقع المفاجأة .. أول قبلة أكرهها في حياتي , توقف جري الزمن .. سقطت كتبي التي كنت أحضنها , لم ألمس في قبلته حنان الأبوة الذي افتقدته .. ليست كتلك التي يقبلنيها جدي ..ولا كقبلة أمي وأخي .. قبلة كريهة لا أنسى مرارتها الشديدة .. أراد أن يقبلني أخرى فانحنيت هربا منه ألتقط كتبي وأعاود احتضانها , وأنا لا أقوى على رفع رأسي .. وحينما استقمت طوق أبي وجهي بكفيه .. انعقد لساني .. فتمالكت نفسي بصعوبة ولم أبد لحركته اهتماما , بدأت الأصابع تمر على جسدي نزولا .. كلا .. صرخت بقوة وارتياع , فصفعني … التصقت بالأرض وكأني ألتجىء إليها ..أخذت أحبو لا أدري إلى أين ..إنما أريد أن أبتعد ..كنت أصرخ .. وأصرخ .. وأدفع بيدي ورجلي .. ولم يكن هذا أبي … مستحييييل …
@@@@@@@@@@@
كاذب يا أخي الحنون … للكاتبة فاطمة زمام ..
إذا لم تزد على الدنيا شيئا فأنت زائد عليها
@@@@@@@@@@@
أفقت فوجدتني على أرض الصالة .. وبطانية ثقيلة تلصقني أكثر بالأرض .. وسلمية توقظني بهلع : " عائشة عائشة .. تأخرنا .. الباص عند الباب .. " نظرت إليها فإذا هي قد لبست عباءتها وشنطتها على ظهرها .. فهتفت :" اخرجي إليه لن أذهب .. أين مبارك ؟.." قالت وهي تركض خارجة " ذهب مبكرا, مع السلامة ! " وبخروجها خوى البيت وانتشر الصمت حتى دخل في أذني .. بقيت مسمرة في مكاني وأنا أنتقد هذه الآلام الغريبة عليّ , وهذا الشعور بالقرف ..تسلل إلى طبلتي صوت هشهشة في المنزل ..لابد أنه أبي ..جحظت عيني لهذه الفكرة .. فقمت أجر البطانية معي ..أسقطتها عند باب الحمام ودخلته بأمان ..وهناك فكرت .. يا إلهي ..هل لاحظت سلمية جسمي العاري ..؟.. من وضع البطانية علي ..؟ مبارك أم ..؟؟
يا إلهي .. هل لا تزال ملابسي في الصالة ..؟؟؟.. كان لحمي يرتعش بشدة والماء الحار ينساب عليه .. اخترت ملابسي من السلة كيفما اتفق , وبصعوبة غسلتها ,جففتها ولبستها ثم خرجت , حملت البطانية إلى الغرفة .. وهرعت إلى الصالة ..أين ملابسي ؟.. عبثا بحثت فدلني إلى مكانها طرف التنورة ..أسفل الكنبة ..نظرت إليها ..مسحت بها دموعي التي تدحرجت بصمت .. صوت باب فتح هربت على إثره إلى الغرفة وأغلقت الباب عليّ .. بإحكام .. إلتفت فإذا أبي ماثل أمامي .. ينظر إلي مبتسما .. ياللهول .. وبسرعة تنهدت بارتياح … توجهت ببطء إلى الحائط ,تناولت صورته المعلقة .. وثوان معدودة وإذا هي حطام في سلتي الصغيرة ..ياالله ماذا حصل ..؟.. بدا لي لون الجو أسود قاتم ..يا الله هل كان أبي … آآه ..
@@@@@
كاذب يا أخي الحنون .. للكاتبة فاطمة زمام ..
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
@@@@@
طرق شديد على الباب.. أمسكت برأسي .. يبدو أني سقطت عليه .. سلمية تناديني بيأس :" عائشة افتحي الباب .." كانت جالسة عند الباب كاليتيمة ..تقطع قلبي لمنظرها ..قامت وقالت " أبي يريد الغداء .. "
الغداء ؟؟..
هل سيتغدى معنا ؟؟! … هرعت إلى المغسلة ..توضأت وصليت الظهر .. يا إلهي الفجر لم أصليها .. وجهت وجهي تلقاء القبلة وقضيتها ..
دخلت المطبخ بخجل وكأن له عيونا هنا وهناك تحدجني بعنف.. لا أدري كيف استطعت أن أصنع شيئا يؤكل , وفرغته في الصحن …أتى مبارك ليحمله وذهب به ..لا أريد أن أشم شيئا فضلا عن أن آكل ..فكرت بذلك حين قال مبارك بصرخة روتينية " يالله الغداااء ..! "
بقيت جالسة على أرض المطبخ لا ألوي على شيء .. حين لم يدخل أبي بل دخل وحش في صورته ..استطعت أن أهرب .. لحق بي وبسهولة زجّ بي في غرفته …
حاولت أن أقاوم ولكن يبدو أن قوتي تساوي صفر أمام هذا الوحش ..تكرر الأمر.. وتكرر .. حتى كدت أموووت .. أشعر وكأني آلة غبية تؤدي عملا كريها ..أريد أن أتقيأ دائما .. قرفت من نفسي ومن غرفتي ومن البيت ومن المدرسة ..لا أدري من أين جاءتني درجة المواضبة الكاملة مع أني غبت أياما لا أخالهم يحصونها ..وتقدير جيد جدا كثير عليّ ولا أستحقه ..
عاد أخي تركي ولم يفتعل أبي أسبابا لطرده من البيت كما توقعت .. أخبره مبارك أن أبي أصبح طيبا جدا , وسلمية قالت إنها تحبه.. ولم أقل شيئا .. هل أخبره أني أدفع ثمن هدوءه وطيبته..؟
لاحظ أخي هذا المرض النفسي الذي ظللني ,وهاله نحولي وشحوب لوني .. فدأب على إخراجنا لرحلات رائعة .. ولكن الأمر لم يتغير معي .. كانت سلمية تضحك وتركض بسعادة كسندريلا الجميلة .. ومبارك أصبح رجلا يحضر لنا المشروبات والآيسكريم ويحاسب الباعة بذكاء , أما تركي فقد كان يراقبني بشرود .. ويتحين الفرص لكي يناقشني ويتحدث معي بخصوصية أكثر, ولكني كنت أفلت منه إلى مواضيع عامة بدهاء لم تفته ملاحظته ..
ونحن في طريق العودة ,كانت الجبال تشمخ بسوادها يمينا ..والسيارة تمشي بتؤدة .. وأنا أدعو الله لي عودا حميدا ..ومبارك يردد مع الشاعر مرة , ومع المنشد مرة ويجلجل ضاحكا ثالثة .. فهو سعيد بالمقعد الأمامي الذي تشاجر معي طويلا لأجل أن يظفر به .. وسلمية نائمة .. ناداني تركي .. " عائشة .. "
_" نعم … "
_" تسابقيني عالجبل …"
_" يالله …"
فانحرف إلى اليمين حتى اقتربنا من الجبل .. نزلت وتركي سويا وفوجئنا بمبارك معنا ..فبادره تركي .." ابق مع سلمية .." أراد أن يمانع فسبقت كلامه نظرات تركي إليه ..فقلت " أحلى يانظراااات !!! " فعاد مبارك إلى السيارة وتركي يقول وهو يتصنع الحزم ويغالب ابتسامته .." اقفل السيارة وارع سلمية .. " وصد عنه إلى الجبل وهو يرخي العنان لابتسامته لكي تحتل وجهه .. تركي ناوي عليّ نية .. مبارك لا مكان له معنا الآن .. لم أكتم ضحكتي التي رددتها الجبال كسيمفونية رائعة.. مضينا نمشي الهوينى ..ونصعد الجبل برفق.. فقلت بتنهيدة .." والله إني أحب الجبال .."
_" أدري .. " صمت قليلا ثم قال بنفاد صبر.." عائشة .. أشعر بثقل الحمل عليك .. فهنا بيت ووالد وولد وبنت ومدرسة ووو … ومع ذلك أعود إلى بيشة فأجد عائشة الممتلئة مرحا وحيوية وحبا للحياة ..ماذا حصل لك هذه المرة ؟؟ .. مالذي غيرك ؟؟.." كان يتكلم وأنهار تحفر في خدي .. فقال برقة .. " ربي وربك الله … عائشة ..؟" بسرعة قلت من بين دموعي .." فيه أحد يحس .. " قاطعني .." أحس ان الأمر أكبر مما يظهر لي .. عائشة …أنا ترّوك .." الحمد لله انه قاطعني .. أحسن .. مسحت وجهي بعنف وقلت بصرامة :" دعك من هذا الآن .. تركي .. لا أريد أن أبكي .. أريد أن أشعر بالحياة .. "
_" إذا اسمعي هذا الخبر .. "
_" هاه ..؟ "
_" جالك خطّابه .." صرخت بذهول :" ماذا ؟؟" ضحك وقال :" أمزح ! " بالغت في تصنع الخيبة فقال ضاحكا :" يارب ارزقها زوجا صالحا …" ضحكت :" لا أريد .. " رفع حاجبه الأيمن وابتسم .. ثم وبخفوت :" علينا ..؟؟.." ابتسمت ونظرت حولي .. رغبة في البكاء بجوار تركي تدغدغ داخلي ..أريد أن أتكلم عن أي شيء .. أي شيء ينسيني هذا الألم .." ما شاء الله عليك يا تركي .. دايم مبتسم .. شكلك كذا تحب ! " تأملته وهو يصعد صخرة كبيرة بيني وبينه ويجلس عليها بدعة وكسل وتنهيدة .." لا أعرف البسمة إلا هنا , كما لا أعرف الألم إلا هنا .. "
_" يالله … الحمد لله .." شعرت بلؤمي وأنانيتي .. أفتح له الموضوع ليتكلم , وحين بدأ يفضفض أقاطعه لأنهي الحديث .. استجاب لرغبتي بكل حنان لما رآني قمت وطفقت عائدة بهدوء .. نزل هو من خلفي , ونسينا أمر السباق .. فليس هو ما نزلنا لأجله بل لأجل تركي الذي لم يستطع أن يلجم أسئلته …
كان مبارك أول من دخل المنزل , ذكر دعاء دخول المنزل صارخا , بينما ذكرته سلمية بهدوء ورقة وهي تنظر إلى مبارك بازدراء وتتعداه بخيلاء .. ثم تتساءل بغنج : " شنطة من هذه ..؟.." كانت شنطة سفر كبيرة , جديدة وأنيقة.. تقعد في وسط < الحوش > .. وكيس صغير لامع معلق عليها .. تمنيت أنها لأبي .. ظهر أبي وتكلم مباشرة مع تركي .. قفز قلبي وكأن الذي ظهر جنيا أحمر .. فدخلت دون أن أنبس ببنت شفه ..إذ لم أكن أقدر على تحريك لساني في حضرته .. سوى في الصراخ وتقطيع الشعر .. دخلت من خلفي سلمية وحملت شنطة صغيرة وضعتها في يد أبي وهي تثرثر بمرح .." ثقيلة ! ولكني شجاعة أليس كذلك ؟! .. متى ستعود؟"
_" بعد أسبوع .. أسبوع ويوم .. أسبوع وثلاثة أيام .." ضحك وانحنى ليضمها إلى صدره ..ولا أدري أي جرأة وقوة نزلت عليّ لكي أهرع إليها ..اختطفتها من بين يديه وحملتها وابتعدت .. قام لا أدري مالذي هو بصدده .. فتسمرت بها مكاني .. لابد أنه رأى تلك النظرة الصارمة والقوية الغريبة عليّ .. ذلك لأنه سكت وقد أطبق فمه بشدة قبل أن تتجمد ملامحه ويخرج .. صرخت سلمية في أذني وأخذت تلكزني بقدميها .. ولم أهتم .. حين أفلتت مني وسارعت إلى الخروج ,كان قد ذهب .. فعادت إلي تبكي وتهمهم بغضب .. وتركي يسألني مالذي فعلته بها .. ولم أجب ..لقد أصبحت تحبه جدا بعد أن تسعر عليّ , وتتهمني بالعقوق لأني لا أبتسم له .. عرف كيف يجعلهما يخلدان إلى النوم متى شاء لكي يلتهمني .. بعيدا عنهم ..
@@@@@@
كاذب يا أخي الحنون …….. للكاتبة فاطمة زمام ……
وقفوهم إنهم مسؤولون .. مالكم لا تناصرون
@@@@@@
انحنيت لأكثر من عشر مرات لكي ألتقط قرطاسيات البطاطس والبسكويت المتناثرة هنا وهناك .. ومبارك يصرخ وهو يحمل البطانية الثقيلة فوق رأسه بشجاعة أبرزت عضلاته الصغيرة .. عدت إلى الغرفة ..جلست على سريري وضممت إليّ ركبتي .. أفكر ..كيف سأبر بوالدي.. وقد وصل بي كرهه إلى حد لا أصدق عنده أن هذا المكروه هو والدي ..
حاولت مشرفة المصلى في المدرسة أن تعرف مشكلتي وأسباب تغيري ولم تفلح .. وحين يئست مني .. نصحتني بأن أتسلح بالدعاء .. هل أدعو على والدي.. انني أتمنى أن يحلو له السفر فلا يعود .. إلى متى سأظل عاجزة أمام طوفانه ..؟.. انني لن آسى عليه لو لم يعد .. أشعر بأسى يتملكني وأنا أفكر في أنني لن آسى عليه أبدا .. أبدا ..ولن آتي على ذكره ما حييت .. لا ولن أفخر به , كما كنت أفخر به في المدرسة مع شديد عنفه عليّ وعلى إخوتي ..ولن أحدث أبنائي عنه ..وحين وصلت أفكاري إلى هذا الحد صرخت بعنف .. وبلا دموع ..وأخذت عيني تدور وتدور وأنا أفكر .. كيف لي أن أتزوج ….؟ كيف سيكون لي أبناء من لحمي ودمي .. من بطني .. هل يعقل أني لن أتزوج ولن يكون لي شقة رائعة..من سيصدقني …. من سيصدقني ..؟
قال صوت دافئ .." أنا ….."
تبين لي أني قلت عبارتي الأخيرة حقيقة ..إنه أخي .. أخي العزيز الذي لابد أفزعته صرختي .. وبهدوء وبطء بكيت .. أقبل إليّ .. دنا مني حتى صار قبالتي .. أخذ يدي من حجري ..فوجدها كالحجر ..أصابعها متمددة , وأناملها حمراء بشكل مفزع ..حاول أن يثنيها لكي تحتضنها يديه ولكنه لم يفلح .. " مالك يا أختي … " يالصوته الذي يبعث إلى النوم ..نزلت دموعي وتدفقت بغزارة وأنا أءن بحزن وأهز رأسي بيأس , فعاد أخي إلى فرك يدي بهدوء .. بسمل وقرأ ونفث عليها حتى نامت في يديه بوداعة .. وأنا لاأزال أنشج .. كان يردد عبارات حانية إلى أن قال :" مالك ..؟.. ماحكايتك ؟.."
نظرت إليه بعينين مغرورقتين بالدمع وأخذت يدي من بين يديه لأغطي بها وجهي وأنا أبكي بصوت عال .. أمسك كتفيّ بكفيه …" عصعوصة ..أختي .. لا لا لا …. أنا ترّوك بابا .. ولّا لأ ..؟ .. سأصدقك …أقسم بالله أني سأصدقك …"
مسحت دموعي .. وقد عزمت على ألا أخبره.. ولا أي شخص آخر … مهما يكن …
" أخبريني .. اخرجي ما يسم داخلك ..سأصدقك .. "
رددت عليه في نفسي بحزم … " أنت كاذب يا أخي الحنون .. كاذب .."
وهذه هي الحقيقة …..
@ تمت @
فاطمة زمام 27/8/1431ه

مره محزنه مشكوره عالقصه
فديتك ملوكتي وفديت مرورك الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.