عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ".
هذه مسألة شائكة مزلةُ أقدام فكم راح ضحيتها من أنفسٍ بريئة، وأُتلفت أموال وقُطِعت سبل، وهذا الانزلاق الذي مرده إلى أحد أمرين:
§ إما السطحية والجهل وهو الأخذ بظاهر بعض النصوص.
§ وإما الرأي الفاسد وسبيله وطريقه عدم ضم النصوص إلى بعضها.
فمن أراد أن يَسلم ويُسلم منه فليجمع نصوص الباب ولا يستقل برأيه، بل ينظر إلى من هم على مسلك السلف الصالح من أهل العلم فيأخذ عنهم العلم ولا يعبأ بكل ناطق من الناعقين ممن يسمونهم المفكرين، ويرفعونهم إلى مصاف الدعاة وليسوا بدعاة تجدُ أصلهُ أصل ما عنده الطب أو الهندسة أو الكيمياء أو الرياضيات فهداه الله إلى تدين جميل وحُسن أعمال فأنقذه الله من ما كان فيه من الضياع، فهو يهجم هجوماً على السنة، ويسعى جاهداً في رد الناس إلى ما يفهمه هو وليس ما يفهمه السلف الصالح، وهذا لأنه لم يتلقَ علم الشرع عن أهله، بل تلقاه عن من هم أمثاله أو عن أهل الأهواء وفي هذا العصر ممن تتلمذ على كتب سيد قطب والمودودي والبنا وغيرهم ممن ليسوا علماء هم جُهال في الشرع وإن كان منهم أصحاب صلاة وصيام لكنهم جهال ولهذا كتبهم مليئة بالتكفير بل بعضهم كتبهم مليئة بالكفريات وقد أفعمت هذه المسألة بإسهاب في غير هذا الموضع فليراجعه من شاء.
والمقصود أن الشارع يُطلق ألقاباً حسب الإطلاق اللغوي كالكفر هنا كفر المرأة عشيرَها فإن الصحابة يعرفون لفظ الكفر ولفظ التكفير ، ولهذا قالوا يا رسول الله ، كيف؟ كما سمعتم الحديث ((أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ)) أيخرجن من دين الله، وبين هذا فإذاً هنا الكفر هنا جحود الفضل، جحود فضل الزوج وهذه جبلة جبل الله عليها النساء فلم يسلم منها إلا القلة ، ولكن الحاذقة ومن كان عندها جميل تدين وحسن تبعل فإنها تستغفر وتتوب إلى الله عز وجل مما أقسمت عليه مما هو خطأ أو كذب.
وهذا وأمثاله من أحاديث الوعيد الذي يمرها أهل السنة على ظاهرها ولا يعترضونها بتأويل كي تكون أبلغ في الزجر وأوقع في النفس.
ويُروى عن أبي بكر بن خزيمة محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله وهو مُلقب في زمانه بإمام الأئِمة قال "نصوص الوعد والوعيد مثل الزهرة التي إذا لُمِست ذَبُلت"، الزهرة يراها الناسُ جميلة لها روائح تفوح منها رائحة زكية ، لكن إذا تعرضت لأيدي الناس تلفت تذبل، هكذا نصوص الوعد والوعيد تمر مثل ما في الحديث لعله يأتينا إن شاء الله وأظن في كتاب العلم أو في غيره، أن رجلاً قطع شجرة كانت تؤذي الناس أو قطع غُصناً فغفر الله له طبعاً الناس تقول "كيف قطع وغفر الله له" لا مالنا شغل لا شأن لنا هذا نصٌ صحيحٌ عن من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم المعصوم قال هذا إذاً أنا آخذه على ظاهره ذلك الرجل غفر الله له، لا يعنينا كبائر صغائر لا تعنينا؛ لأن الشارع أطلق والوعيد غير هذا ، قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ)) على ظاهره لا يأول وهكذا أحاديث كثيرة.
والمتأمل في نصوص الكتاب والسنة وكيف فهمها السلف الصالح أن الكفر والفسق والظلم يراد بها تارة ما يخرج من الملة وتارةً ما دون ذلك فيجب على الحاذق الناصح لنفسه ولغيره أن لا يعدو أفهام السلف الصالح في استعمال نصوص الكتاب والسنة.
امين وبارك فيك غاليتي ميسون ورحم ابنك حمزة وجعله جارا لك الى الجنة