وجاء موعدنا مع اولي يوميات
{ بابا عمر وماما سارة وابنهم يحيي }
قالت سارة
احتضنت يحيى بقوة ونحن عائدين الى منزلنا وكأنى أخاف أن يغيب عن عينى لحظة واحدة …. رفضت كل المحاولات أن يحمله أحد بدلا منى فى السيارة … أخاف لو تركته أن يتسلل ويدخل داخل رحمى مرة أخرى !!
لا أستطيع أن أبعده عن أحضانى لحظة وعندما طلبت الممرضة ان تودعه حجرة الأطفال كى أستريح من ارهاق الولادة رفضت باصرار وكدت أقتلها ….. ورفضت حتى أن ينام فى سريره الصغير فى المستشفى وأصريت أن ينام بجوارى وأفسحت له مكانا ليكون ملتصقا بى …..ألم يكن ينام بجوار قلبى لأيام وشهور؟! كيف أستطيع فراقه وقلبى أحبه قبل أن تراه عينى ؟!
أجمل طفل رأته عينى …..ولا لأنى أمه أقول هذا ؟ أمه ؟! سبحان الله كيف تحولت فى شهور قليلة من فتاة بريئة تستطيع حشو العالم فى جيوبها وتلمع عيونها بالحيوية والاندفاع والجنون الى أم هادئة عاقلة تخشى من نسمة الهواء أن تصيب ولدها ؟ وتوافق بلا تردد أن تموت ولا يخدش اصبع وليدها ؟
سبحان الله …..لا يمكن أن تتحول الأنثى الى هذه الدرجة بملء ارادتها بل لابد من غريزة ربانية تغزو قلبها بعشق هذا الطفل قبل أن تراه كى تقبل كل هذا الألم والارهاق حتى يشب وليدها رجلا …..يالله حتى فى عشق المرأة لأطفالها يكون الله ثالثهما !!!
**********
قال عمر
والله وبقيت أب يا عم عمر !!!! ايه ده ازاى يعنى ؟ يعنى المفروض أعمل ايه ؟ لا أنا بجد لسه متلخبط وحاسس انى اتاخدت على خوانة يارجالة …….يعنى أخرج من البيت لوحدى ونرجع تلاتة ؟ بس برضه ح أطير من الفرحة وكل ما أبص ليحيى أشوفه ملاك جميل نائم فى أحضان أمه التى ترفض أن يحمله غيرها ….وناقص تديهولى على عرض حال دمغة ! بس بجد أنا لو منها وشفت العذاب ده كله لا يمكن أخلى حد يلمسه ….الحمد لله ان الأم هى اللى بتولد مش الأب !!! وكفاية العض والخربشة اللى شفتهم من سارة فى الولادة !!
والمشكلة انى مش عارف أشيله خالص وحاسس انى بأشيل قطعة كريستال ستنكسر من اى حركة خاطئة ….والكل يصرخ في : سارة وأمى وحماتى بألف تحذير ( حاسب حتلوح رقبته – حط ايدك فى ظهره – ما تبوسوش جامد – دقنك ح تشوكه !!!!) حتى قررت أن أتفرج عليه وهو على ذراع أمه…..يعنى لو سمحت لى !!
رغم ان أنا اللى دفعت كل التكاليف فى المستشفى وخلافه…. وكمان اكتشفت ان عبارة (ألف مبروك واللى جاب لك يخلى لك !) معناها ادفع ياسيدى من سكات ! سمعتها ألف مرة من العمال والممرضات فى المستشفى حتى توسلت لهم أن نرجع البيت فورررررررررررررررا
***********
قالت سارة
آه واضح ان تأثير المسكن حيبدأ يروح وبدأت أشعر بأنى 10 فتوات ادونى علقة جامدة جدا أو انى مشيت من طنطا لأسوان !!!!! آلام فى كل جسمى ولا أريد الا أن أنام وتركت تحضير الطعام وأمور البيت لأمى وحماتى وأخذت يحيى بجوارى وأنا أكاد أتفتت من التعب واستغرقت فى النوم فى لحظات معدودة …….
ايه ده هو أنا لحقت أنام ؟ ده أنا ما كملتش نصف ساعة ؟ ده صوت قطة ده ولا ايه ؟ ياااااه مين ده ؟! آآآآآآآآه ده يحيى !!!!! ايه يا حبيبى بس الله يهديك بتعيط ليه نفسى أنام ولو ساعتين بجد ح أموت من التعب …..ياماااااااااما الحقينى أعمل ايه ؟
وجاءت أمى على صراخى وهى تضحك وتقول
( علشان تعرفى الغلب اللى انتى وريتهولى وانتى صغيرة !)
فرددت وأنا أكاد أبكى
(طيب ياماما خديه دلوقتى علشان أنام وادى له رضعة … وأنا أول ما أصحى ح أعرف كل حاجة على طول !!!!!)
فرفضت باصرار وردت على
(بلاش دلع قومى رضعى الولد ده ميت من الجوع )
فرددت بتعجب
( أرضعه ؟! ازاى ؟ مفيش لبن لسه ..لا لا ما أعرفش اتكسف ياماما )
فردت وهى تكاد تضربنى
( تتكسفى من ايه يا مجنونة انتى !! يالا الولد ح يموت من الجوع وبعدين هو لما يرضع يا حبيبتى ربنا حيبعت له رزقه وحييجى اللبن يالا بلاش دلع )
فرددت باستسلام
(طيب ياماما ….من فضلك أخرجى وأنا حأرضعه !)
فخرجت وتركتنى معه وضممته الى والقمته صدرى بأيدى مرتجفة وأنا أتوقع أن يرفضه أو الا يعلم كيف يرضع …..وياللعجب كأنه غريق وجد قارب النجاة وجدته يحرك شفتيه الصغيرتين ويرضع بكل هدوء واطمئنان …سبحان الله من علمه هذا ؟ سبحانك يارب …من أين سيأتى الحليب ؟..آه ..أشعر بشرايين صدرى تتفتح …وقنواته المغلقة منذ ولدت تتفتح لتستقبل رزق الله من الحليب الطاهر بمجرد أن طلب صغيرى رزقه من الله ……. وأخذ يرضع يحيى حتى ارتوى ونام هانئا …. وسالت دموعى وأنا أرى عظمة الله تتجلى فى هذه المعجزة الربانية…..
***********
قال عمر
ممنوع أدخل أودة النوم علشان سارة ويحيى نايمين فيها ..وماما نامت فى الأودة التانية وحماتى فى المطبخ ….طيب أنام فين عند البواب ؟ من أولها كده يايحيى باشا حنتركن على الرف ؟ ماشى ياعم بس لما تكبر ح أوريك ! خلاص حأنام فى الصالون وأمرى لله بس فى البرد ده ؟! يالا علشان الواحد يقوم عنده كساح ونخلص بقى !
بس سارة وحشتنى ويحيى كمان وحشنى طيب أعمل ايه ؟ فتسحبت لأنام بجوارهما فى دفء الحجرة ومشيت على أطراف أصابعى وفتحت الباب بمنتهى الهدوء لأجد سارة حبيبتى نائمة فى بحر عميق من شدة الارهاق وبجوارها الباشا الذى احتل مكانى !!
ووجدتها فرصة لأدقق فى ملامحه لأجده ورث عيون سارة الجميلة ولونها الخمرى وأخذ لون شعرى الأسود وذقنى ولمست بشرته الحريرية وأنا أتمنى أن يكبر فورا لألعب معه وأعرفه أنى والده ….. وقبلته بحرص شديد ولكن يبدو أنى أقلقت منامه فاستيقظ يبكى …وحاولت اسكاته لم أعرف طبعا
فصحيت سارة مفزوعة واكتشفت جريمتى وصرخت فيا
( حرام عليك يا عمررررررررررررررررررر)!!!!!!!
وديه اول حلقة ايه رايكو بقي
قال عمر
لا أدرى لماذا تذكرت فيلم الحفيد -والأب يبكى وهو يشترى لوازم الولادة من مغات ودجاج وخلافه – وأنا مع حماتى نشترى لوازم البيت والمغات وو و…. مع طبعا اللهمز واللمز من حماتى اننا مفروض نكون اشترينا كل الحاجات دى قبل الولادة …..وانا أتحجج بأن سارة ولدت قبل ميعادها وطبعا لم أقل اننا لم نملك ما نشترى به جناح كتكوت !!
واشترينا كمية من الدجاج تكفى حى شبرا وطن مغات وحلبة وسكر وعسل وأرز ووووووو…….وكدت أبكى أنا الآخر وأترك حماتى وحدها وأتعلل أن عندى مشوار لليونسكو!!
لولا انى وجدتها وقت الحساب تخرج مبلغا ضخما وتحاسب هى …رقصت من السعادة وأنا أقطب جبينى وأقول ( ليه كده بس يا طنط ؟ طيب لو ما كنتيش تحلفى !!!!!!)
قالت سارة
(ايه يا جماعة هو أنا وحش؟ ازاى آكل فرخة كاملة لوحدى ؟ وكمان مسلوقة ؟ لا بجد حرام !!) ولم تجد توسلاتى صدى أمام روسيا وأمريكا أقصد ماما وحماتى …أخيييرا أجدهم متفقين فى شىء منذ زواجى الا وهو ضرورة جعلى كالدرفيل بعد الولادة من كثرة الطعام …
فأجدنى فى الصباح مضطرة الى شرب كوب كبير جدا من المغات الذى تعلوه طبقات من السمن البلدى والمكسرات والذى يكفى وحده الى جعلى شبعانة لمدة شهر …. ويتبعه كوب كبير من الحلبة بالعسل الأسود مش عارفة ليه وكل ما أبدأ بالاعتراض تجتاحنى نظرات نارية من الطرفين تجعلنى أبتلع الكوب والملعقة أيضا
…..والمشكلة انى مطالبة بشرب كميات لا نهائية من المغات والحلبة طوال اليوم ….وعندما أرى الكوب الميمون يتجه نحو فمى يكاد لسان حالى يقول ( اشربى يا شابة ماحدش بياكلها بالساهل !!)
ووقت الغداء أجدنى مضطرة الى أكل فرخة ضخمة فى حجم الديك الرومى وحدى لا أعرف لماذا ؟ ومثلها فى العشاء !!!!! لا أعرف لماذا يظنون ان من تلد لابد أن تتحول الى فيل بزلومة ؟ فينك يا عمر ؟!!!!!!!!
قال عمر
سبحان الله نفس الهجوم اللى هجم علينا بعد الزفاف هجموا تانى بعد الولادة !!! الزيارات ليل ونهار بس المرة دى الوضع مختلف ان حماتى هى اللى بتقوم بخدمتهم والنساء يدخلون لسارة فى حجرة النوم وأنا أتدبس مع الرجالة فى الصالون ….ولازم الكل يشرب مغات ليه ولدوا هم كمان ؟
بس بصراحة المرة دى فيه نقوط كتير ليحيى … بصراحة هو وش الخير علينا كفاية انهم وافقوا على موضوع شغلى الجديد فى نفس يوم ولادة يحيى …صحيح سبحان الله عمرى ما تخيلت معنى الاية (نحن نرزقهم واياكم ) بالشكل ده.. يعنى ربنا قدم رزق الاطفال على رزق الاباء ….الحمد لله ربنا يخليك لينا يايحيى …..
قالت سارة
(جايبة الوحاشة دى منين يا سارة ؟! )
كلمة سمعتها من كل من زارونى واغتظت لها جدا وكنت أغضب وأكاد أقول محدش يقول على ابنى وحش ده زى القمر …….عندما غمزت لى أمى ان الكل لازم يقول كده علشان لو البيبى تعب لا قدر الله مانقولش انهم حسدوه !!! طيب ما يقولوا انه جميل ويقولوا ما شاء الله !!!!
لا والأغرب ان ماما كانت تأمرنى أن أتظاهر بالاعياء الشديد وانى شفت الأهوال فى الولادة علشان برضه الحسد !!! وكنت أرى نظرة نارية منها لو وجدتنى ضحكت بصوت عالى او اقترحت الخروج من غرفة النوم للجلوس مع صديقاتى فتعيدنى هذه النظرة الى النوم على السرير والتظاهر بالكساح !!
قال عمر
آآآآآخ نفسى الضيوف دول يمشوا علشان أنام شوية …والبيت محتاج فليبينية علشان يرجع لحالته الطبيعية وطبعا علشان حماتى هى اللى ح ترتب البيت ما ينفعش أطنش ولازم أساعدها دى مش سارة علشان أسيبها تعمل كل حاجة وأنا سلطان زمانى !!
لا والمشكلة كمان ان بعد حملة الترتيب القاتلة لن أستطيع النوم فى غرفة النوم كالمعتاد …..يكفينى سهرة امبارح والحفلة اللى كان نجمها الأوحد الأستاذ يحيى من سيمفونية صراخ متواصل حتى الفجر وعزف منفرد من بكاء سارة لفشلها فى اسكاته …….وكنت أنا المتفرج الوحيد فى هذه الحفلة وحاولت المساعدة ولكنى فشلت بالطبع فأخذت البطانية وسلمت أمرى لله ونمت فى الصالون !!!
طيب أنا فى أجازة حاليا حتى الاسبوع القادم عندما أبدأ العمل فى الشركة الجديدة …..ودول ناس لازم أكون فايق جدا معاهم ح أعمل ايه فى الحفلات المسائية للأستاذ ؟ ربنا يستر ….
آآآه أخيرا الضيوف مشيوا خلاص …نفسى أنام … أنا بقيت باعتبر النوم ده حاجة كده زى الحلم العربى !! البيه طول النهار نايم وطول الليل صاحى مش فاهمة ليه ؟!! بجد بأبقى خلاص حأرمى نفسى من البلكونة علشان ينام وبرضه مفيش فايدة …
قالت سارة
وطبعا عمر مش عارفة أصلا أشوفه من ساعة الولادة على طول مطرود من الأودة …..ياربى كل الأمهات بيتعذبوا العذاب ده ؟ طيب والأم اللى بتصحى بدرى علشان شغلها بتعمل ايه ؟ آآآآه الحفلة ابتدت جاية يا يحيى باشا !!!!
انتظرونى ومع الحلقة القادمة ان شاء الله
قالت سارة:
اليوم الأستاذ يحيى كمل 6 أيام من عمره الميمون والله مروا كأنهم 6 سنين !!!!على طوووول صاحية طول الليل وطول النهار…… مش عارفة أعمل ايه حييجى لى انهيار عصبى من قلة النوم وبقيت بأتخيل حاجات ماشية على الحيطة وناس بتكلمنى وأنا بأرد ردود غريبة ….هو ليه كل المواليد بيحبوا يسهروا بالليل ؟ ولو تكرم على ونام بيكون لنصف ساعة ومش عارفة ايه اللى بيحصل ويقوم يعبر عن استيائه اننا جبناه الدنيا الوحشة دى ……
بجد مش لاقية وقت حتى أسرح شعرى ومش عارفة لما ماما ح تسيبنى بعد السبوع حأعمل ايه فى شغل البيت والطبيخ والكوارث اللى ورايا ؟ والمشكلة انى بآخد وقت طويل جدا لحد ما أعرف الباشا بيعيط ليه ؟ بأكون غالبا فى الآخر أنا كمان بأعيط معاه !!!..
.لكن ماما ما شاء الله أول ما تشوفه بيعيط بتتحول الى أستاذ أطفال فى عين شمس وتقولى ( عنده مغص .. عاوز ينام – عاوز حد يزغزغه !!!) وعمر التشخيص ما بيطلع غلط !!!
طيب أنا ح أبقى كده امتى ؟ بعد الطفل العاشر ان شاء الله …….
**********
قال عمر:
البيت مثل خلية النحل والدى ووالد سارة راحوا علشان يشتروا حاجات السبوع ويوصوا على العقيقة اللى ح تتدبح بكرة فى سبوع يحيى وطبعا هم عارفين البير وغطاه .. فتعللوا انهم بيعرفوا فى الحاجات دى أكتر منى !! آدى الأبهات ولا بلاش !!
وجلست فى انتظارهم حتى عادوا ومعهم صناديق كبيرة مليئة بالحلوى والشيكولاتة وتجمع كل البيت عليهم …أخواتى وأخوات سارة وماما وحماتى كمان وطبعا أول مرة كشاب أحضر عملية تغليف علب السبوع … فى لحظات التف الجميع حول السفرة وكل واحد أخذ موقعه حتى سارة استغلت فرصة نوم يحيى وانضمت لفريق العمل الجبار….وكأنهم جميعا طول عمرهم بيغلفوا علب سبوع فى الموسكى وانا الوحيد اللى مش فاهم حاجة !!
لقيت العلبة بتمر على 7 أشخاص تقريبا حتى تكتمل فالأول يحضر العلبة ويضع بها قطعة شيكولاتة والثانى يضع بها البونبونى ثم يسلمها للثالث الذى يغلف الشيكولاته والبونبونى بغلاف دانتيل رقيق ويضعه داخل العلبة والرابع يضع لعبة صغيرة – بدلا من التماثيل الصغيرة التى رفضنا شراءها أنا وسارة لحرمتها –
والخامس يغلف كل هذا بغلاف حريرى ويربط شريط فضى أو ذهبى والسادس والأخير يلصق رباط آخر عليه اسم يحيى وتاريخ ميلاده وآية مكتوب عليها ( لم نجعل له من قبل سميا ) اخترناها أنا وسارة تيمنا بيحيى الرسول عليه السلام
فعلا خرجت علبة السبوع رائعة الجمال ورغم رفضى للفكرة لكونها غير اسلامية وموافقتى فقط كى لا تحزن سارة وكى لا أفسد على الجميع فرحتهم ….فكرت فى فكرة أننا نضيف مع العلبة الصغيرة ورقة صغيرة مطوية بها بعض الأدعية المستحبة وآداب سنن المولود وكيفية شكر الله على نعمة الولد ووافقنى الجميع على الفكرة كى نأخذ ثوابا وأيضا يفرح الجميع ….وكلفنا صاحب مطبعة بطبع ورقة الأدعية بحيث تكون صغيرة الحجم كى توضع داخل علبة السبوع وعجبته الفكرة واستأذنا فى نشرها ……
وبالفعل أضفنا الورقة لعلب السبوع وسبحان الله أعطتها شكلا مميزا عن كل علب السبوع المعروفة ……وكنت واقف أراقب فريق الموسكى وهم يعملون بمهارة حتى أصروا جميعا أن أشاركهم …وطبعا أفسدت كذا علبة فى الاول بس بعد كده بقيت حريف أنا كمان …….
***********
قالت سارة :
ماما أخبرتنى أن ليلة السبوع لابد أن تستحم الأم بالماء الساخن وتدلك كل جسدها فى وقت طويل جدا كى تخرج من جسدها آثار تعب الولادة وتعود عروسا مرة أخرى ولابد أن تصفف شعرها جيدا و ترتدى شيئا جديدا تنام به فى هذه الليلة !!
ضحكت فى سرى وأنا أسمع التفسير العبقرى ورغم انى لا أحب أن أتبع عادات لا أفهمها ولكنى كنت سعيدة بكل هذه الطقوس الخاصة وأريد أن أعيش تجربة الأمومة لأول مرة بكل تفاصيلها فكنت أوافق على كل العادات القديمة طالما ليس بها شىء حرام …فوافقت أمى وبالفعل شعرت أنى أفضل كثيرا بعد جلسة المساج الاجبارية ….
وجاء دور يحيى هو الآخر لابد أن يستحم فى هذه الليلة داخل غرفته وكاد قلبى يسقط من الخوف عليه لبرودة الجو جدااااااااا ولأنه استحم بالفعل فى المستشفى ولكنهم ماما وحماتى اصروا وأحضروا بانيو الاستحمام البلاستيك الخاص به وفرشوه بملابسه كى لايكون باردا عليه وأغلقوا الباب …..
وما أن خلع كل ملابسه حتى صرخ من البرودة وأخذت كل أسنانه تصطك وتحول مثل القطة الصغيرة حديثة الولادة التى تصارع الأمواج وتحول لونه للأزرق من شدة البكاء ……وحماتى تضحك وترقيه ببعض الآيات وانا لا اتوقف عن البكاء وعمر دخل الغرفة ليرى عملية التعذيب هو الآخر ولم يحتمل لحظات وخرج …..
وأنا أتوسل لهم أن يتركوه بلا فائدة ….وأخييييييرا انتهى الحمام التعذيبى وأحضروه لى وهو لا يكف عن الصراخ وهدأ ونام فقط بين أحضانى …….
***********
قال عمر :
هى كل حاجة بتتعمل للأم والاب خلاص بيتركن على الرف ؟ لازم الواحد يعمل ثورة فى البيت ده علشان يرجع سى السيد تانى !! بس ايه ده الواد يحيى لونه فتح شوية بعد الحمام واضح ان ماما قتلته وهى بتحميه !! ….
لكن جميل أوى الجو اللى عملوه فى أودة النوم ده هى وحماتى ….فرشوا مفرش سرير جديد وأشعلوا شموع لابد أن تظل مضيئة طول الليل رمز لانارة طريقه ان شاء الله ووضعوا مصحف صغير فوق رأس يحيى وهو نائم ووضعوا ورود ونباتات خضراء حول السرير كى تكون حياته كلها خير ورخاء ……وأخيرا أداروا القرآن فى الكاسيت بصوت منخفض جدا ليظل دائرا طول الليل كى تظل كلمات القرآن فى صدره طول العمر …….
وفى هذا الجو الجميل رأيت أحب شخصين لى فى الوجود سارة وقد أشرق وجهها وأضافت له الأمومة لمحة حنان تمس القلب ….وحبيبى الصغير وهو نائم كالملائكة وقد استرخى جسده بعد الحمام الساخن فنام نوما عميقا ورأيته يبتسم لأول مرة فى أحلامه فزاد جمالا فوق جماله ……يارب كيف أشكرك على كل هذه النعم ؟
************
إنتظرونى فى الحلقة الرابعة
(السبوع)
قال عمر:
استيقظت فى الصباح انا وسارة لأول مرة بدون الحفلة المسائية للأستاذ يحيى واضح ان مفعول الحمام والقرآن طول الليل جبار معاه ….الحمد لله أول ليلة سارة تنام من غير قلق واستيقظت مش مصدقة نفسها انها نامت مرة واحدة زى الناس الطبيعية وهمست لها :
صباح الخير يا حبيبتى نمتى كويس ؟
فردت على همسا هى الأخرى خشية ايقاظه
:
ياااااااااااه ده انا مش مصدقة نفسى انى نمت كل ده من غير ما يحيى يصحى …..
ربنا يخليه ليكى يا حبيبتى يالا لبسيه حاجة ثقيلة علشان آخده معايا
فردت سارة برعب
:
على فين ؟
يووووووووووه يا سارة هو احنا ح نتكلم فى الموضوع ده تانى ؟ انتى عارفة على فين
فردت بفزع
:
لا أرجوك يا عمر بلاش النهاردة استنى شوية لحد ما يكبر
فرددت عليها بعطف :
بصى يا سارة ياحبيبتى السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ان المولود فى اليوم السابع بيحلق شعره كله والاب يتصدق بوزن الشعر وزن مساوى من الفضة وكمان ان يتعمل عملية ختان للمولود فى اليوم السابع زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام عمل للحسن والحسين ….عاوزانا نخالف السنة ليه ؟
فردت بتضرع وكادت تقبل يدى
:
مش ح أخالفها ولا حاجة بس احسب وزن الشعر يكون كام واتبرع بأكتر منه وبلاش تحلق له وأجل موضوع الختان شوية لحد ما يكبر أرجوك يا عمر علشان خاطرى
فرق قلبى لرعبها على وليدها ورددت بحنان:
ما تخافيش يا حبيبتى مش ممكن فيه حاجة فى الدين بتؤذى الوليد ويعنى هو مش ابنى ما هو أنا كمان خايف عليه
فبكت بالفعل وهى تخبرنى من بين دموعها
:
لا ياسيدى انت ما تعبتش فيه زيي ولا شفت الموت فى ولادته وانت خسران ايه يعنى ؟
–
فضممتها الى وقلت لها
:
احنا اتفقنا اننا ح نربيه تربيه اسلامية من اول يوم فى عمره حترجعى فى كلامك ولا ايه ؟
……………………………………..
قالت سارة
ماما وحماتى مشغولين بتوزيع لحم العقيقة التى ذبحها بابا فى الصباح على الفقراء والبيت كله فى حركة دائمة وأعلنوا حالة الطوارىء فى المطبخ لأعداد وليمة السبوع وطهى بقية العقيقة وبقية أخواتى وأخوة عمر يعلقون الزينات ويرتبون الشموع استعدادا للمساء عندما يأتى كل الأهل والاصحاب …….
وأنا غائبة عن كل هذا وأكاد أرى أشباحا وقلبى وعقلى مع ابنى وهم يقطعون جزءا من جسده آآآآآآآآآه كلما أتذكر هذا لا أتوقف عن البكاء …..وكل دقيقة أتصل بعمر على الموبيل حتى مل منى وأغلقه نهائيا …وأخيييرا جاء هو ووالده ومعهم يحيى وللغرابة وجدته نائم وأخبرنى أن الطبيب أعطاه مسكن وسينام فترة وأن الموضوع تم بسهولة وفى دقائق…….
…….كدت أقتل عمر وهو يتكلم بهذه البساطة ….صحيح الرجالة قلبهم حجر !! وحضنت يحيى بقوة لأعوضه قسوة أبيه !! وخلعت عنه الكاب لاجده أصبح شبه ابراهيم نصر !! حلقوا له شعره بالموس وأصبحت رأسه ما شاء الله زلطة …………وقبل أن أصرخ فى عمر وجدته هرب من أمامى !!
أخذته الى حجرة النوم وأخذت أبكى بلا توقف ……آه لو أعلم أن الأمومة متعبة بهذا الشكل لما كنت تزوجت من الأصل ……وأفقت على يد عمر تربت على كتفى فدفعته بقوة وعلا صوتى وأنا أصرخ فيه :
-انت بجد قلبك حجر ولا يمكن ح أسيبه معاك تانى أبدا أبدا
فرد بهدوء وكأنه يكلم مجنونة :
خلاص أوعدك المرة الجاية مش ح أوديه لأبو رجل مسلوخة تانى …مش تعقلى كده ياسارة ؟ ما الولد كويس الحمد لله
فرددت بعصبية
:
استنى لما يصحى وشوف ح يعمل فيا ايه …..حرام عليك والله
فرد بحنان :
خلاص يا ستى لما يصحى أنا اللى ح أسكته اتفقنا ؟ وبعدين مش تشوفى أحنا جبنالك ايه أنا ويحيى بمناسبة الولادة والسبوع ؟
فرددت بعناد
:
مش عاوزة منك حاجة
فلم يرد على وأخرج كارت صغير مكتوب عليه بخطه
(أنا بحبك ياماما الامضاء يحيى ….)
فلم أتمالك نفسى وابتسمت وأحسست أن أبنى كبر فعلا وهو اللى كتب بخطه ولم أنتظر حتى فاجأنى عمر بعلبة أنيقة أخرج منها خاتم رائع به فراشات كثيرة شبيه بالخاتم الذى أهداه لى فى قراءة الفاتحة …..ياللرقة ….وخجلت من نفسى من عصبيتى ورددت بصوت هامس :
-ربنا يخليكوا لى يارب ………… ……… ….
…………………………………………..
قال عمر
جلس جميع رجال العائلتين فى الصالون بعد الغداء الدسم والتهام العقيقة ساكنين خاشعين فى استماعهم الى صوت المقرىء الذى أتيت به ليتلو آيات الله بعد العصر والكل تعجب من الفكرة ….سبحان الله لماذا القرآن لدينا والمقرئين مرتبط فقط بالموت والمآتم ؟ ألا نتذكر الله الا فى الحزن ؟! ورغم استغراب الكل الا اننى وجدت الجميع سعداء ومنتشيين من حلاوة صوت الشيخ وأثنوا على فى الفكرة …….
وقطع سكون البيت صوت يحيى وهو يصرخ بشدة لم أسمعها منه من قبل فاستأذنت وجريت له فوجدته يبكى حتى تحول وجهه للون الأزرق وسارة حالتها لا توصف فأحسست بالذنب الشديد ولكنى تمالكت نفسى وأخذته منها وأعطيته نقط الدواء المسكن وأخذت أهدهده وأقرأ له القرآن فى أذنه حتى نام أخيرا ……..
………………………………………….. ..
قالت سارة
بدأ الناس والأصحاب يتوافدون وأنا عيناى متورمتان من البكاء ونهرتنى ماما عندما رأتنى فى هذا الشكل وجعلتنى أبدل ملابسى بالأمر ……وجاءت حماتى واختارت لى طاقم سواريه لا أرتديه الا فى المناسبات وهمست فى أذنى أن الناس لابد أن ترانى عروس اليوم ……….
ودقائق قليلة وأصبح البيت يعج بالناس لا أعرف من دعى كل هؤلاء ؟!! وخفت على يحيى من هجوم الجميع عليه وأخذته فى حضنى لا أفارقه وأنا أقرأ المعوذتين باستمرار …..وانطلق صوت الاطفال يغنون أغانى السبوع الجميلة وأضفوا بهجة على البيت وشعرت انى فى فرح حقيقى ……..
ولحظات وانطفأت الأنوار وأمسك الجميع الشموع كبارا وصغارا وأخذوا يغنون ( حلقاتك برجالاتك ) وأمى تنثر الملح فوق رؤس الجميع ومعه السبع حبات والتى علمت انها عادة قديمة أعتقد فرعونية وهى مكونة من القمح والذرة والحلبة ووووو وكل واحد من هذه الحبوب يرمز لشىء يتمنون أن يكون فى حياة المولود مثل الخير والرخاء ووو……
وهددتنى ماما أن لابد أن تظل هذه الحبوب مع الملح فى أرض الشقة وأمام المنزل أطول فترة ممكنة ولو كنستها احتمال تبلغ عنى البوليس
ياااخبر أبيض ايه الفزع ده ؟!! ماما بتدق الهون فى ودان يحيى بكل قوة علشان لما يكبر ما يخافش من الأصوات العالية بس أنا اعتقد أنه بعد الدق ده مش ح يسمع لا عالية ولا واطية !!! لا وكمان حطينه فى غربال وبيهزوه مع مجموعة من النصائح اللى تودى فى داهية ( اسمع كلام أمك …..اسمع كلام جدتك –طبعا- ما تسمعش كلام أبوك !!) ح يفسدوا أخلاق الولد من دلوقتى
وجاء وقت البخور وامتلأت الشقة برائحته الزكية وجعلونى أمر من فوقه وأنا أحمل يحيى 7 مرات وعمر لا يتوقف عن التقاط الصور لنا وكأننا فى فيلم سينمائى …..بس بجد رغم ان كل العادات دى مش اسلامية لكن لا يوجد بها مايضر بل أعطتنا بهجة وذكرى لن تنسى ……
وأخذت ماما يحيى وأخذت تلف به كل حجرات الشقة وكأنها تريه بيته ….وصرخت عندما وجدتها تخرج به الى البلكونة فى هذا البرد الرهيب …..ولكنها أصرت ووجدت كل الجيران واقفين فى البلكونات وكأنهم يعلمون أن ماما لازم ح تطلع البلكونة ….ياربى كل الامهات شبه بعض !!!
ولم يكتفوا بالبلكونة ولكنهم خرجوا به الى خارج الشقة ووراءهم طابور الاطفال بالشموع ونزلوا به عدة طوابق وكل شقة يصلون اليها تستقبلهم الامهات برش الملح والزغاريد أيضا …..وأخذ الجميع يأخذون علب السبوع ويعطوننا الهدايا وأغلبها والحمد لله مبالغ مالية …….ولم أعد أعرف أين يحيى فى هذا المولد ..وأخذت أبحث عنه فى كل مكان ..حتى وجدت يد تمتد فى الزحام لتحتضن يدى ووجدته عمر يقول لى
:
(الف مبروك يا عروسة !!!!!)
قالت سارة
مر ثلاث أسابيع على ولادتى يحيى …..زاد وزنه قليلا واستدار وجهه وظهرت ملامحه أكثر..عمر يصر انه شبهه وأنا أحلف أنه شبههى أنا !! وأصبح يعرف صوتى وعندما أناديه أو أتحدث بصوت مرتفع بجواره ينصت ويتوقف عن البكاء …..وماما بتقول لى انه بيعرف رائحة أمه من يوم الولادة سبحان الله !
وطبعا لا علاقة له بعمر أبدا لأنه حتى الآن يعجز عن حمله بصورة صحيحة ويكتفى بملاعبته وهو على كتفى لدقائق قصيرة !! وده لأن أنا نفسى بأشوفه طول اليوم لساعات قليلة علشان الشغل الجديد ……..وأحيانا يأتى ولا نراه !!
انا سعيدة جدا بيحيى وأشعر انه أعطى حياتى طعما جديدا وأستعجب كيف كنت أعيش بدونه لكن فى نفس الوقت أشعر بشعور رهيب من الحزن والاكتئاب والرغبة الدائمة فى البكاء لأقل الأسباب وأحيانا بدون أسباب ……
لا أعرف سبب رغبتى الجديدة فى تذكر كل الأحداث الحزينة التى مرت على وتخيل ما يمكن أن يحدث من سوء لى وليحيى وعمر …وعندما يتعطف على يحيى باشا ويسيبنى أنام أحلم أحلام سيئة جدا بأنى دائما بأفقد يحيى وووو ……
أحيانا أرفع سماعة التليفون كى لا يكلمنى أحد على الاطلاق حتى ماما …..حتى الاكل بآكل غصب عنى ولا اشعر بمذاق اى شىء ولا رغبة عندى أن استمع الى عمر وهو يحكى لى كل يوم عن عالمه الجديد بمنتهى الحماس وأنا أسمعه وكأنى من عالم آخر ……….
…………………………………
قال عمر
ياخبببببببر !!! ده الواحد كان مدفون فى شركتى القديمة !! ده انا كنت بأمثل انى بأشتغل مهندس والظاهر انى كنت شيخ غفر !!
الشركة الأجنبية الجديدة شغلها من نار مفيش دقيقة دلع ولا رغى فى التليفون ولا شرب شاى وسندويتشين فول !! ولا مجال للخطأ او التهاون لأنهم يطبقون فى العمل نظام الأفضلية فقط ولو تهاون أحد لا مكان له ويستبدل بمهندس غيره فى يومين على الأكثر ……
وميعاد تسليم المشاريع لا يمكن التأخير فيه الا لو مت مثلا !! والأكثر انك فقط لا تؤدى العمل المطلوب منك فقط ولكن طول الوقت مطلوب منك أن تطور نفسك وتطور الشركة بأفكار ومشاريع جديدة تساعد على سير العمل وتطور الأداء وهذه الافكار يؤخذ عليها نقاط توضع فى ملف كل مهندس وعلى أساسها تتم ترقيته على قدر عمله……..
وليس عن طريق الاقدمية أو عن طريقنا المفضل أن من ينقل كل أخبار الموظفين ويكون جاسوس عليهم يكون هو حبيب المدير وأهم موظف فى الشركة حتى لو كان لم يدخل حتى محو الأمية !!!!!!!
………………………………………..
قالت سارة
ماما قالت لى ان الغم اللى أنا معيشة نفسى فيه سببه اكتئاب ما بعد الولادة وده بيحصل لأمهات كتير …..استغربت جوايا وقلت ليه ربنا يدينا نعمة زى الامومة ونكتأب ؟
حاولت أقرا فى الموضوع ده ودخلت على النت لقيت انه بيحصل من اضطراب الهرمونات بعد الولادة لأنها بتهبط فجأة بعد ما كانت مستقرة طول شهور الحمل …….
واترعبت لما لقيت حالات فى اوروبا وأمريكا دخلوا حالة مرضية من الاكتئاب وقتلوا أولادهم ومنهم انتحروا !!!! أعوذ بالله ربنا يستر ……..لا لازم أحاول أخرج من الحالة دى قبل ما اتجنن !!
ح أحاول اسمع قرآن مادمت مش قادرة أقراه …..أحاول أقرا الجرايد تانى او أروح للكوافيرة اللى نسيت عنوانها فين !! بس والله غصب عنى كل ما بأشوف شكلى فى المراية وان وزنى زاد شوية بأعيط ولما بأحس انى معزولة عن العالم وكل حياتى داخل الكوافيل والرضعات والبكاء المستمر باكتأب ………
ولا شعوريا بأحس ان عمر هو السبب فى كل اللى حصل لى فبأبعد عنه أكتر وأكتر !! وهو كمان مشغول جدا فى شغله ولا يفكر ان يشاركنى فى تربية يحيى …….حتى انه ساب اودة النوم وأصبح ينام لوحده فى الغرفة الصغيرة طبعا من كونشرتو آخر الليل للباشا يحيى !!
وعندما أغضب وأطالبه الا يتركنى وحيدة يتعلل بأنه لازم ينام كويس علشان يعرف يشتغل الصبح لأن الناس دى ما بتهزرش !!! طيب وانا أعمل ايه ؟ هو ابنى لوحدى ؟
ده غير انى أصلا مش بأنام طول الليل والصبح مطلوب منى انى اراعى البيت وانضف وأطبخ غير المعارك اليومية ليحيى والتى لا تجعلنى أجد وقت لانجاز كل الكوارث اللى ورايا دى …..
وبجد حاسة ان انا وعمر بعدنا عن بعض كل واحد فى أودة وبينام بدرى لأنه بيرجع متأخر من الشغل الجديد وأنا أفضل وحيدة ……ومش عاوزنى أكتأب ؟ !!!!!
……………………………………….
قال عمر
خلاص الظاهر شهر العسل خلص خلاص وحيبتدى الجواز الاصلى !! مش عارف أتكلم مع سارة ولا نقعد مع بعض زى زمان يااما نايمة لأنها سهرانة طول الليل مع يحيى يااما بتجرى تحضر له رضعاته او بتغير له يااما مكتأبة ومش عاوزة تتكلم خالص !! وانا بجد مش عارف أعمل ايه ؟ ومش عارف أساعدها ازاى يعنى اسيب شغلى وأقعد أرضع انا يحيى ؟ !!!
بجد سعيد جدا بأنى بقيت أب ولو خيرونى بين كنوز الدنيا وبين يحيى أختار ابنى طبعا !!
بس حاسس انى خلاص بقيت فى المرتبة التانية عند سارة ……والله واتركنت على الرف يا عم عمر
……………………………………
قالت سارة
النهاردة يحيى باشا كمل شهرين بالتمام والكمال خلاص بقى راجل قد الدنيا ومحدش عارف يكلمه ….بقى بيضحك لما ألاعبه بجد بجد ابتسامته لايمكن توصف بتمسح عنى اى تعب او ألم ……..والظاهر هو عارف كده بيعمل كل كارثة والتانية وبعدين يبتسم لى كأنه بيدينى رشوة !!!….آآآآآآآآآه واضح ان جينات الرجولة بتتخلق من بدرى اوى !!!
لا وواضح انه ح يبقى شقى جدا عاوز يرفع دماغه على طول علشان يعرف ايه اللى بيحصل فى الدنيا من وراه !! ولا يقبل أى تأخير فى طلبات سيادته ولو لدقيقة واحدة بيكون كل الشارع سمع صوتنا !!
بس بجد كل يوم بسأل نفسى ازاى كنت عايشة فى الدنيا من غيره ؟؟؟؟ صحيح انى نسيت النوم و الراحة والخصوصية بس سبحان الله ربنا بيعوض كل ده بكنز خاص اسمه الأمومة ……
…………………………………
قال عمر
المدير عاوز تصميم المشروع الجديد جاهز فى أقل من شهر حتى لو اضطريت انى أبات فى الشركة انا وزمايلى مش مشكلة المهم يتسلم فى ميعاده بالثانية ……أمال ليه احنا فى شركاتنا العربية كل حاجة ماشية بالبركة ؟ وعادى جدا اننا نسمع عن مستشفى مثلا بيتبنى فى عشرة وعشرين سنة كمان ؟ طبعا كل ده مش وقت للبناء بس بيشتغلوا يوم ويريحوا شهر !!!
بس فعلا مش قادر على ضغط الشغل حاسس انى مطحون وكل حاجة عندى بالدقيقة والثانية …..وانا كمان فى مرحلة اثبات الذات فى الشركة وغير مسموح لى بأى خطأ أو تهاون ….
وللأسف جو البيت لم يعد مشجع زى زمان …..سارة طول الوقت عينيها بتتهمنى بالتقصير ناحيتها وناحية يحيى ….رغم انها لم تصرح بده بس أنا بأحس بيها …لكن أعمل ايه بأرجع البيت بأكمل شغل على الكومبيوتر والنت وبالعافية بأنام كام ساعة …..مفروض انى أسيب ده كله وأسيب الدوامة دى وأسألها يحيى رضع كام مرة النهاردة ؟ ستات رااااايقة !!!
………………………………………
قالت سارة
أجازتى من شغلى انتهت وكان لازم أرجع والا يستغنوا عن خدماتى ويجيبوا حد تانى …وكان قرار صعب جدا انى أرجع ولا أقعد فى البيت وخلاص ….كنت محتارة جدا فى القرار والكل كان رأيه انى أتفرغ لتربية يحيى وخلاص وأولهم عمر طبعا !!!….وأنا كنت حاسة انها حاجة صعبة جدا …..انى مش لاقية وقت أخرج ولا أنام زى البنى آدمين الطبيعيين لا وكمان أصحى بدرى وأشتغل !!!…….وساعدت حالة الاكتئاب اللى كانت عندى – واللى الحمد لله انتهت بمرور الوقت وبتقربى الى الله – ساعدت كمان انى ما يكونش عندى قدرة انى اعمل اى حاجة تانية ……..
لكن بمرور الوقت أصبحت أفضل فى رعاية يحيى وبقيت بأعرف هو بيبكى ليه وحاولت أنظم مواعيد رضعاته……. فحسيت انى لازم أرجع أشتغل تانى وخصوصا انى لا يمكن ح ألاقى وظيفة انى أشتغل من البيت تانى !! فصليت استخارة وحسيت ان ده مستقبلى حتى لو كان بسيط بس انا مش عاوزة أكون زوجة و أم بس لأ لازم أكون قبل دول ………سارة ….
لازم أحافظ على شخصيتى وما أسيبهاش تدوب فى دوامة البيت والأطفال .حتى لو تعبت شوية لكن أكيد ح أتعود ……ولو ما تعبتش دلوقتى فى شبابى ح اتعب امتى ؟
لكن الايام الاولى كانت أنتحار بجد طول الليل سهرانة مع يحيى وبينام بعد الفجر يادوب أصلى وأنام ساعتين واصحى أقعد على الكومبيوتر وأبدأ فى ارسال الايميلات والرد على العملاء بس طبعا بأمووووت من التعب وأحيانا كنت بأنام وأنا قاعدة وأصحى مفزوعة من صوت التنبية فى الرسايل اللى بتوصل كل ثانية !!
وأفضل أشرب شاى وقهوة لحد ما أفوق وفى خلال كل ده أرتب البيت بسرعة ……ويحيى معايا طبعا بأعمل له كل طلباته بدون توقف …… لحد ما ينتهى العمل الساعة 3 وبأكون خلصت الغداء وبأحاول أنيم يحيى وأنام جنبه ولو ساعة او ساعتين وبعدها أصحى أستعد لحضور عمر الساعة 6 ……..آآآآآآآآآه يارب ساعدنى !!-
–
–
–
–
سارة .. سارة..اصحى انتى نايمة على الكنبة ؟!!
– ايه ده ايه ده ؟ انت جيت يا عمر امتى ؟ احنا الصبح ولا بالليل ؟
– الساعة 7 بالليل ياسارة ..قومى يا حبيبتى علشان ناكل انا جعان جدا عاوز آكل بسرعة علشان ورايا شغل كتير …..
– شعرت بصداع رهيب وأنا أحاول أن أقوم من مكانى ….واتضايقت لما وجدت عمر يسأل عن الأكل ولم يسأل على أنا أو يحيى …….فرددت بعصبية عليه ( طيب اسأل على أنا وابنك قبل ما تسأل عن الأكل يا سيدى !!)-
فتفاجأ عمر من رد فعلى العصبى ويبدو انه هو كمان كان مشحون على الآخر فرد بعصبية (هو احنا مش ح نخلص من الموال ده ياسارة ؟! كل يوم تتهمينى انى مقصر فى حقكم انتى ويحيى ؟! يعنى لى بيت تانى مثلا بأهتم بيه ؟؟ وانتى عارفة قد ايه الشغل الجديد متعب أعمل ايه يعنى ؟)
– فرددت بعناد
:
والله انا مش بأطلب منك تسيب شغلك وتقعد جنبنا ….بس على الأقل حاول تشاركنى ولو نفسيا فى تربية يحيى ..ده انت حتى بتنام فى اودة تانية …لأ أنا بجد تعبت وحاسة انى عايشة لوحدى
– فرد بصراخ :
يادى النكد الأزلى …مش ح نخلص من السيرة دى ياسارة ؟ طيب قولى لى ازاى انام وطول الليل يحيى بيصرخ ؟ يعنى أروح الشغل مش نايم علشان أترفد ونقعد على باب السيدة كلنا ؟ كده ابقى بأشاركك نفسيا ؟!!
-فصرخت أنا الأخرى :
والله ما أعرفش هو مش ابنى لوحدى حرام انك تسيبنى لوحدى فى كل حاجة كده …………
– ففاجأنى برده القاسى :
والله انتى اللى سايبانى يا هانم !!…….قبل ما تتهمينى بالتقصير شوفى نفسك الأول !!!
انتى اللى من يوم ما ولدتى مش مهتمة بنفسك و مش شايفة غير يحيى بس وناسية ان ليكى زوج ……وحتى ما بتسألنيش عملت ايه فى الشغل ولا ليكى دعوة بيه خالص …خلاص اتركنت على الرف من اول طفل امال لما يبقوا تنين تلاتة حتعملى ايه ؟ حترمينى فى الشارع ولا ايه ؟
فذهلت من هجومه على وشعرت بانهيار تاااام ……كل هذا المجهود الرهيب وأكون أنا المقصرة ؟؟؟ فعلا لا حدود لأنانية الرجال ……..لم أقوى حتى على البكاء ولا الصراخ ..تجمدت الكلمات على لسانى .ونظرت اليه وكأنى لم أره من قبل …….وشعرت بدوار كبير وسمعت صوته وهو ينادينى من مكان بعييييد ……ومادت الأرض بى وووو فقدت الوعى
…………………………………………
قالت سارة
فتحت عينى بصعوبة شديدة لأجد نفسى نائمة فى سريرى ويحيى نائم بجوارى وعمر ينظر لى بقلق بالغ وبيده عدة عطور يحاول افاقتى بها …..شعرت بصداع رهيب لم أشعر به من قبل وثقل شديد فى رأسى …….وتذكرت ما حدث فأغمضت عينى كى لا أرى عمر وسالت دموعى ……
……………………………
قال عمر
-همس عمر وهو ممسكا بيدى
:
حمد لله على السلامة يا حبيبتى ……كده تقلقينى عليكى ده انا كنت ح اموت لما أغمى عليكى …………-……….. ……
-انا آسف ……
-……….. .
-مليون آسف يا حبيبتى …..بس أنا كنت راجع ح اموت من التعب وكنت عاوز أرتاح شوية علشان ورايا شغل تانى ………بجد أنا مشحون جدا يا سارة ومفتقد حبيبتى جنبى …
-فرددت عليه بصوت ضعيف :
انا كمان تعبانة اوى يا عمر ومحتاجاك معايا ……مسئولية الأمومة متعبة جدا ولازم يكون حد معايا وانت من يوم ما ولدت وانت بعيد عننا وحتى بتنام فى اودة تانية ……حاسة انى وحيدة جدا ….ده انا بيتهيألى انك مش مبسوط اننا خلفنا يحيى !!!
-فرد بانزعاج : ايه الجنان ده ؟؟!!!!!! لا اله الا الله …..ده انا اموت لو بس اتجرح انتى مجنونة ياسارة ؟
-فرددت من بين دموعى :
أمال انت بعيد ليه ؟؟
-فرد بحنان بالغ :
والله غصب عنى …عاوز أثبت نفسى فى الشغل الجديد انتى عارفة انى لسه فى فترة اختبار اول شهرين …..معقول من أولها كده أنام فى الخط وأروح مش فايق علشان يقولوا لى مع السلامة ؟
-فرددت بعناد :
طيب والحل ؟
– ياسارة لازم تعرفى ان أهم حاجة فى حياة الراجل هى شغله وأهم حاجة فى حياة الست هى اولادها وبيتها وكل خناقات الدنيا بتيجى لما طرف من الاتنين بيفترض العكس من شريكه ……احنا الاتنين لازم نتعب علشان نربى ابننا احسن تربية …….
-بس انا تعبانة اوى يا عمر …..
-خلاص ياسارة صدقينى ح احاول والله على قد ما أقدر انى أساعدك اتفقنا ؟
-فرددت برضا :
اتفقنا ……….
………………………………..
قالت سارة
وجاءت الأيام التالية وكلى تصميم على تنظيم حياتى وتغييرها لنشعر جميعا بالراحة وبدأت بأنى استشرت طبيبة أطفال فى نوم يحيى المتقطع وسهره بالليل وتعبى معه فردت على رد صدمنى أننى أنا السبب !!! …..ياربى ناقص يقولوا انى سبب خرم الأوزون !!!!
وجاء توبيخ الطبيبة لى ان المفروض من اول اسبوع ان احاول الا أرضع يحيى بعد الساعة 12 مساء حتى السادسة صباحا كى ترتاح معدته وينام باستغراق طوال هذه المدة ……لأن الطفل مادام يستيقظ ليلا ويجد أمه ترضعه كل مرة سيستيقظ كل ساعة حتى لو لم يكن جوعان !! لكنه لو علم انها لن ترضعه سيبكى اول يومين وبعدها لن يستيقظ طوال الليل !!
طبعا سمعت كلام الطبيبة وانا فاتحة فمى علامة البلاهة …….يعنى كان ممكن أرتاح من الغلب ده كله ؟؟؟؟ يارب ساعدنى ……..
وعزمت على تنفيذ ما قالته الطبيبة بالحرف الواحد واخترت يوم الاربعاء مساء ليكون الخميس والجمعة أجازة بعدها وبالفعل حاولت تنظيم رضعاته ولم أرضعه ليلا …..
وبالطبع كانت استغاثاته دولية وكان ناقص يقوم يتصل بالبوليس من الست المفترية دى !! وكدت أضعف وأرضعه الا انى صمدت وانا أبكى من صراخه ……وفى النهاية نام !! فعلا الاطفال فى غاية الذكاء عندما علم أن لا فائدة من صراخه نام وأكيد بيقول فى سره حسبى الله ونعم الوكيل ………
لكن بعد عدة أيام من العذاب الحمد لله استسلم ولم يعد يستيقظ ليلا وأصبحت أنام زى مخاليق ربنا …….وبعد أسبوعين آخرين اقنعت عمر ان يحيى أصبح أليف ورجع ينام فى أودتنا تانى ……….اقتنعت دلوقتى ليه ربنا عمل هجر الفراش وسيلة من وسائل تأديب المرأة !!!!
…………………………………
قال عمر
الحمد لله أخيرا أنتهت فترة الاختبار فى الشركة وأبدوا أعجابهم بنشاطى ومجهودى وأصبحت مهندس دائم فى الشركة والأهم انى أخييييرا ح أقبض مرتبى بعد فترة الاختبار المجانييييية !! والله وح تبقى غنى ياواد ياعمر ومحدش ح يعرف يكلمك …….
لازم بجد أكافىء سارة وأشترى لها هدية محترمة على الغلب اللى شافته معايا ….انا فعلا كنت لا أطاق فى الفترة اللى فاتت ……مش عارف ليه الست ممكن تركز فى كذا حاجة فى نفس الوقت وتعملها كلها بكفاءة تلاقيها بتذاكر لابنها وبتتفرج على التليفزيون وتتكلم فى التليفون وبتطرز مفرش فى ايديها ومتابعة بقية ولادها وهم بيلعبوا !! والراجل لو بس بيتكلم فى التليفون وحد على صوته ولا حاجة بيعمل حريقة فى البيت لأنه مش مركز فى المكالمة !!
أنا فعلا لما بأركز فى شغلى مش بأعرف أعمل أى حاجة تانية ……….بس خلاص بقى فترة الضغط الرهيب دى عدت على خير ولازم أعوض سارة ويحيى باشا ………..-
–
–
–
…………………………………….
قالت سارة
-(
ايه كل ده ياعمر؟؟؟!! مش معقول ؟ انت قتلت حد ولا ايه ؟ ) قلت هذه العبارة باستغراب شديد وأنا أجد عمر يدخل البيت ومعه سرير هزاز جميل ليحيى مزود بألعاب تصدر أصواتا لاسكاته ….ومجموعة من الألعاب المطاطية وكذا طقم خروج ليحيى شيك جدا ………..
ولم أنتظر لحظة الا وفاجأنى بفستان سوارية لى فى غاية الأناقة ………قفزت من الفرحة وأنا أشكره وأقول له ( ده كتير أوى يا حبيبى …….انت قبضت ولا ايه ؟ )
-( ايوة يا قمر قبضت أخيييرا وكمان اخدت مكافأة شهور الاختبار …..يعنى باختصار انا حاليا انسان غنى اوى وانتى مش من مستوايا واحتمال ما أردش عليكى بسهولة !!)
-وطبعا كان جزاؤه ضربه بكل مخدات الأنترية وهو يصرخ ويطلب الرحمة ولم أتوقف عن ضربه الا عندما فوجئنا أنا وعمر بصوت يحيى يضحك بصوت مسموع على معركتنا أنا وأبيه ……
فجرينا نحوه واحتضناه ونحن لا نصدق آذاننا وأخذنا نضحكه أكثر وأكثر بافتعال الحركات المضحكة وهو يزداد فى ضحكاته العالية ……واحتضننا عمر بسعادة بالغة وطلب منى ان أرتدى الفستان الجديد ويحيى الملابس الجديدة لأننا سنخرج للعشاء فى أشيك مطعم على النيل …………
وجريت على الفور لنلبس أنا ويحيى قبل أن يرجع فى كلامه !! وكان شكل يحيى قمر فى البدلة الجديدة التى جعلته مثل الرجل الصغير !! واهتممت جدا بمظهرى وأخذت وقت طويل فى الاستعداد وخرجت لعمر ……….
-(اوووووه ماشاء الله …….الآنسة مرتبطة ؟!!! )
-……….. …
-(طيب تسمح الآنسة القمر دى أنى أعاكسها وأديها هدية تليق بالشياكة دى كلها ؟ )
وأخرج من جيبة علبة قطيفة بها اسورة رااائعة وألبسها لى وهو يقول
(ربنا يقدرنى وأعوضك كل حاجة يا غالية …..)
قالت سارة
لا أصدق ان مر على ولادة يحيى 9 أشهر.. وكأني كنت أحمله داخل رحمي بالأمس أصبح انسان آخر.. زاد وزنه وأصبح شديد الشبه بى وفى خده غمازة تظهر بشدة عندما يضحك.. بدأ يحبو على الأرض ويضحك بشدة عندما ألاعبه وعندما أجرى وراءه يحبو بأقصى سرعته ليختبأ تحت الكنبة ويتخيل اني لا أراه !! ومتعلق بى بشكل لا يوصف وعندما يجد أي شىء ملقى على الأرض لا يتردد أن يتذوقه أولا وان لم يعجبه يعطيه لي بنفس راضية.. مما جعلني طوال اليوم لا همّ لى الا أن أجعل الارض لا شىء عليها على الاطلاق لأنه لا يفرق بين المسامير والحلوى.. كله الى فمه.. وجعلني لا أهدأ طوال اليوم من التفتيش تحت اى كرسي يحلو له ان يختبىء تحته عن اى شىء ملقى ولو قطعة كلينكس خوفا من أن يبتلعها
مرحلة خطيرة جدا مرحلة الحبو دي.. ربنا يستر وتعدي على خير من غير ما عمر يطلقني.. لأنه لو وجد أي شىء ولو بنسة شعر سقطت مني تحول الى خناقة كبيرة خوفا على حياة الباشا…………………………………
قال عمر
ياااه على الروتين والشغل اللي ما بيرحمش.. انا بجد تعبت خلاص.. نفسي آخد أجازة وأروح فى مكان فااااضى لا أرى أى أحد على الاطلاق
قدمت على اجازة أسبوع وبالعافية رضيوا على 4 أيام فقط منهم الجمعة والسبت طبعا.. بس مش مهم.. المهم اني اتخنقت وعاوز تغيير حالا
سارة كمان مطحونة بين شغلها وبين يحيى اللى أصبح عفريت وعاوز حارس عليه 24 ساعة كى لا يبتلع سم فيران مثلا
كلمت صديق قديم لي يمتلك شالية منعزل على شاطىء البحر الأحمر بعييييييد عن كل العالم.. الظاهر انهم بنوه علشان يقتلوا فيه حد وبعدين غيروا رأيهم.. الشاليه يجنن يبعد عن أى مبانى حوالى 30 كيلو.. وهو ده اللى انا عاوزه بالظبط
اهلا اهلا بالاستاذ يحيى أخبار مغامرات سعادتك ايه النهاردة؟
قالها عمر وهو يحتضن يحيى الذى هلل لرؤيته وأخذ يقفز بين ذراعيه
قلت له
:
أسكت يا عمر ده جننني النهاردة طول النهار مستخبي وبأدور عليه يا امّا تحت السفرة يااما جوه دولاب المطبخ بيلعب فى الحلل.. انت أكيد كنت جن زيه كده وانت صغير وهو طالع لك
ضحك بقوة وأجاب:
ايوة كده خليه راجل أمّال عاوزاه بنوتة؟ اما أنا محضر لك حتة مفاجأة تحفة
قفزت من الفرح وانا أسمع وأمسكته من رقبته:
مفاجأة؟ ايه يالا قول بسرررعة احسن مش ح يحصل لك طيب
قال لي مبتسماً:
ياساتر يارب.. هو ده الرد؟ على العموم انا ح أقول ليحيى مش ليكى.. بص ياكابتن انا عارف انك ما شفتش بحر قبل كده علشان كده يالاّ روح هات المايوة بتاعك علشان ح نروح شالية يجنن انا وانت بس وح نسيب ماما المفترية دي هنا
وكأن يحيى فهم الكلام.. انه مطلوب منه شىء فأخذ يحبو بسرعة وذهب يحضر الدبدوب المفضل عنده واعطاه لأبيه وظهرت علامات الحيرة على وجهه عندما غرقنا في الضحك من تصرفه وكأنه يقول فى سره:
العالم دي مجانين ولا ايه النظام؟
سألت عمر:
شاليه ايه يا عمر؟ ايه ده صاحبك وافق؟ الشالية بتاع البحر الاحمر؟
رد فى نشوة:
ايوة يا سارة 3 ايام ما نشوفش ولا مخلوق السماء والبحر والهدوووووووء
فتحرك القلق داخلى لا اعرف له سببا وقلت له:
هي طبعا حاجة مغرية جدا بس مش يمكن نحتاج حاجة ولا تحصل مشكلة هناك؟
فرد بتبرم:
انتي على طول متشائمة كده يا بنتي؟ ح يحصل ايه يعني؟ العفاريت ح ياكلونا؟ الشاليه مجهز بكل حاجة وحناخد كل أكلنا معانا ح يحصل إيه يعني؟ يالاّ حضري كل لوازمنا علشان نلحق نوصل.. الطريق طويل
……………………………………..
قالت سارة
وأخييييرا وصلنا مع أول خيوط للفجر
المكان منعزل عن العالم ولكنه ساحر.. شاليه رائع من طابقين مبنى على الطراز الانجليزى وتحيطه حديقة صغيرة ومطل على البحر الذى لم أرى فى صفاء مياهه من قبل ودرجاته الفيروزية والزرقاء التى تجعلك تسبح لله كل لحظة من فرط روعته.. وفي الداخل وجدناه مؤسس بذوق راقى وبسيط يجعلك تشعر بالراحة من اول لحظة.. ونسمات البحر الرائعة تغسل عنا تعب العمل وارهاقه وتوقظ المشاعر التى خنقتها الروتين والرتابة
افرغت الحقائب بسرعة وصلينا الفجر انا وعمر ولم نستطع النوم فتسللنا وتركنا يحيى نائما وجلسنا على الرمال الناعمة نراقب الشروق وأشعة الشمس الوليدة التى تعانق الامواج على استحياء وكأنها عروس خجلى
نظر لي عمر نظرة لم أرها من شهور من فرط انشغالنا فى العمل والمسئوليات..
وقال لي
بحبك
ياسلام لو الواحد يعيش كده طول عمره.. يااه أعصابي رايقة جدا وسارة في قمة السعادة وهى تحاول أن تبلل أرجل يحيى فى مياة البحر وهو خائف وينظر لهذا الشىء الخرافى الذى يراه لأول مرة وكأنه يقول: البتاع ده ما شفتوش فى البيت عندنا قبل كده.. ثم بعد فترة تعجبه اللعبة ويحرك يديه وقدميه بكل قوة حتى يغرق أمه وهي تهدده بالإنتقام
مرت علينا أمسية هادئة ونحن ننعم بالهدوء والصفاء ولم يكدرني سوى اني لاحظت ان يحيى يرفض الطعام منذ عدة ساعات.. وبعد فترة وجدته يصرخ ويبكى بلا انقطاع.. حاول عمر طمأنتي انه من تغيير الجو.. حاولت تصديق هذا وأعطيته دواء للمغص ولكنه لم يستقر فى معدته لدقائق وتقيئه بشكل أفزعني.. ولم تمضي الا ساعة ووجدت لديه اسهال رهيب والقىء لا ينقطع وحرارته مرتفعة جدا.. صرخت على عمر الذى ارتبك ولم يدرى ماذا يفعل
مرض يحيى من قبل عدة مرات.. ولكنه أبدا لم يكن بمثل هذه الشدة.. نظرت اليه وهو تقريبا مغشى عليه من فرط السوائل التى فقدها بشكل مفاجىء.. ارتجفت ولم تحملني قدماي وبكى عمر وهو يرتدي ملابسه بسرعة لنذهب لأقرب طبيب.. ولكن أين الطبيب فى هذا المكان المنعزل وفى هذا الوقت من السنة والذى لم يبدأ فيه موسم التصييف بعد فجميع القرى السياحية – البعيدة جدا – أيضا خاوية
…………………………………………..
قال عمر
جرينا على السيارة وسارة تحمل يحيى وهو تقريبا فاقد الوعى وفى شدة الذبول وأنا لا أعرف الى أين أذهب؟ ودموع سارة لا تتوقف وهي تردد كلمة واحدة بمنتهى الوعيد
:
انت السبب انا قلت لك بلاش المكان المقطوع ده.. لو حصل حاجة لابنى مش ح اسامحك أبداً
وكأنه ليس ابنى انا الآخر.. فعلا الانثى فى الاصل أم ثم زوجة
مرت نحو ساعة ونصف وأنا أسير بلا هدى ولا أجد بشائر لأي مستشفى او حتى عيادة وانا أصرخ داعيا الله ان يغيثنا.. وكل لحظة يحيى يزداد ذبولا وشحوبا.. وسارة يكاد قلبها يتوقف من فرط البكاء والدعاء.. حتى أخيرا وجدنا نقطة اسعاف على الطريق العام ويبدو انها مهجورة فجرينا عليها فلم نجد الا حجرة واحدة للكشف يبدو ان لم يدخلها مريض من اعوام ووجدنا ممرض نصف نائم قابلنا ببرود شديد.. صرخنا به سائلين عن الطبيب فأخبرنا بلا مبالاة أنه ليس موجود
لأول مرة فى حياتي أرى سارة الوديعة تتحول الى نمرة شرسة مستعدة للقتل فى أي لحظة وصوتها يصل الى عنان السماء وهى تصرخ فى الممرض بشراسة
:
لو في ظرف 5 دقايق ما جبتش الدكتور حالا اقسم بالله العظيم لأقتلك بايدي وادفنك في الحتة المقطوعة دي
ويبدو ان الرجل ارتعب من غضبها الهائل وفر كالريح يوقظ الطبيب من سكن الاطباء.. وجاء لنجده طبيب صغير السن حديث التعيين.. لا اعرف كيف يضعون طبيب قليل التجربة فى مكان وحده لا يجد من يعلمه ويكون مسئول بمفرده عن كل شىء
…………………………………..
قالت سارة
بدأ الطبيب في الكشف على يحيى وتعابير وجهه غير مطمئنة وبعد قليل أخبرنا أن الحالة محتمل ان تكون تسمم من ابتلاعه شىء فاسد أدت الى حالة القىء والاسهال الشديدين والاهم الآن هو انقاذه من حالة الجفاف الخطيرة
هبط علينا كلامه كالصاعقة وأحسست برعب لم أشعر به فى حياتي.. توقف عقلي عن العمل وتوقفت الحياة عن دورانها حتى البكاء لا اقدر عليه.. أنظر اليه وهو فاقد الوعي وشاحب شحوب الموتى.. أكيد ابتلع شىء من الشالية او البحر فى غفلة مني.. بماذا تشعر الأم اذا مات ولدها؟.. يارب
لم أستطع الحفاظ على نعمتك فسامحني واحفظها لي برحمتك وسلطانك.. يارب يارب
………………………………
قال عمر
انطلقت بأقصى سرعة الى الصيدلية للمرة الألف لاحضار المحاليل والادوية التى يطلبها الطبيب كل ساعة.. يحيى يزداد ذبولا ولا يستعيد وعيه من شدة الجفاف منذ 5 ساعات وسارة لا تفارقه وكل المحاليل تخترق أوردته بلا فائدة.. يارب لا أعرف كيف أدعوك فى هذه المحنة قد أكون ارتكبت العديد من الذنوب ولا أستحق غفرانك.. ولكن ارحم هذا الملاك من أجل أمه التى تفقد الحياة كل دقيقة جواره.. ارحمه من أجلي فهو نبض قلبي وثمرة عمري ظهرت أنوار نقطة الاسعاف أمامي.. وقبل أن أصل وجدت رجل عجوز مسكين ينام على جانب الطريق.. لا أعرف من أين جاءني هذا الخاطر فأوقفت السيارة وانا فى أمس الحاجة لكل دقيقة.. نزلت وأعطيته كل المال الذى فى جيبي بدون أن أبقى معى شىء وبلا تفكير.. تذكرت
:
داووا مرضاكم بالصدقة..
لعل الله ينقذ بها ابني الوحيد.. يارب يارب اقتربت وانا أخشى أن أرى وجوهاً باكية في انتظاري.. ولكني وجدت سارة تهرول فى اتجاهي وصوتها مختلط بين البكاء وعدم التصديق وهي تهتف
يحيى فاق يا عمر