تخطى إلى المحتوى

الإنسان بين حالين من الشريعة 2024.

الإنسان بين حالين


الإنسان بين حالين؛ بين أن يكون معتزلاً للناس، وبين أن يكون معهم، لا شك أن الإنسان بحاجة من حين إلى آخر أن يخلو بنفسه، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان في غار حراء يمضي الليالي ذوات العدد، يتأمل ويتعبد ويناجي ويفكر، وكل منا يحتاج إلى جلسة مع الله عز وجل، وأنسب وقت لها ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، لكن الذي يحصل أن الإنسان حينما يلتقي مع الناس بشكل مستمر يهبط إشراق قلبه، ويضعف حدة عقله، لأن الإنسان مع الناس يألف ما يتحدثون، يعيش همومهم، يعيش مشكلاتهم، يبتعد عن صفائه، هذا شأنه مع الناس، لكن الأنبياء لهم شأن آخر، الأنبياء حينما يمشون بالأسواق ويعيشون مع الناس ينهضون بالمجتمع،
هناك حركتان: إما أن تنهض بمن حولك، وإما يجذبوك إلى أرضهم، وهذا ميزان دقيق، فإذا كنت في مجلس واستطعت أن تنهض بمن حولك إلى الله عز وجل فأنت على منهج الأنبياء، أما إذا كنت في مجلس واستطاع الذين حولك أن يجذبوك إلى الأرض وإلى شهوات الدنيا فأنت خاسر في هذا المجلس، على كلٍّ إذا كنت في مجلس علم لا بد من ثمار تقطفها.

للمؤمن حال في مجلس العلم يختلف كلياً عن حاله مع أهله وأولاده وفي السوق :

سيدنا حنظلة رضي الله عنه رآه الصديق يبكي في الطريق، قال له: ما لك يا حنظلة تبكي؟ قال: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين.
إذاً: أنت حينما تأتي بيت الله لك من الله إكرام، قد يكون هذا الإكرام سكينة، قد يكون هذا الإكرام رضاً، قد يكون هذا الإكرام ثقة، قد يكون هذا الإكرام حكمة، قد يكون هذا الإكرام أن تلهم أسباب التوفيق، أن تلهم أسباب الفوز.
نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين، فإذا عافسنا الأهل ننسى، فقال الصديق في أعلى درجات الأدب مع أخوانه: أنا كذلك يا أخي انطلق بنا إلى رسول الله، فلما التقوا بها وحدث حنظلة رسول الله عن أحواله إذا فارق النبي قال:
(( أما نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة))
[أخرجه مسلم عن حنظلة]

أي من صفات النبي أنه على اتصال دائم بالله.
الآن التفاوت بين المؤمنين في ساعة غفلة أو فتور، وساعة إقبال، التفاوت بين المؤمنين في هذه الساعات التي يتألقون بها أو في هذه الساعات التي تفتر هممهم بها:
((….أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، لو بقيتم على الحال التي أنتم بها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولزارتكم في بيوتكم ))

من هذا الحديث يستنبط أن للمؤمن حال في مجلس العلم يختلف كلياً عن حاله مع أهله وأولاده وفي السوق وفي عمله، وهذا من بركات بيوت الله:
((إن بيوتي في أرضي المساجد وإن زواري فيها عمارها فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي فحق على المزور أن يكرم زائره ))
[ أخرجه أبو نعيم من حديث أبي سعيد]
الدعوة إلى الله توسع رقعة السماء والجهاد في الأرض يوسع رقعة الأرض :
الحقيقة أن الدعوة إلى الله – كما قال بعضهم – توسع رقعة السماء، وإن الجهاد في الأرض يوسع رقعة الأرض، وأكمل شيء ألا يكون هناك أرض بلا سماء ولا سماء بلا أرض، السماء هي الدعوة إلى الله، فكلما اتسعت هذه الدعوة اتسعت رقعة السماء، والجهاد في الأرض ولو أنه الجهاد الدعوي، ولو أنه جهاد النفس والهوى، ولو أنه الجهاد القتالي، والجهاد في الأرض يوسع دائرة الأرض، لئلا تكون هناك سماء بلا أرض أو أرض بلا سماء، والأكمل أن تأتي السماء تغطي كل مساحة الأرض.
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾
[ سورة البقرة الآية: 193]

النبي عليه الصلاة والسلام كان يشمئز أشد الاشمئزاز من مجلس لا يذكر الله فيه، انظر إلى مجالس الناس، لقاءاتهم، ندواتهم، سهراتهم،إ يقول عليه الصلاة والسلام:
((مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))
[ أخرجه أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه]
وليس في الأرض الآن خبر سار، فإذا أردت أن تخوض في أخبار الناس، وفي أخبار العالم، وفي أخبار السياسة الدولية، لن تجد خبراً ساراً، إلا مقت في مقت، وخوف في خوف، وقلق في قلق, لذلك احرس ألا تجلس مجلساً إلا وتذكر الله فيه أي لا أن تقول الله الله، وأن تغمض عينيك، ليس هذا هو المقصود، أن تذكر آية قرآنية، أن تذكر حديثاً شريفاً، أن تذكر آية كونية، أن تذكر حكماً فقهياً، أن تذكر قصة عن أصحاب رسول الله، أن تبين حقيقة في الدين، لا بد من أن تذكر الله:
((مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))
[ أخرجه أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه]
بطولة الإنسان أن يصاحب المؤمنين :
هناك ضابطاً لأن تكون مع الناس أو أن تكون وحدك، ورد أن المجلس الخير خير من الوحدة، لكن الوحدة خير من الجليس السوء، الجليس الصالح خير من الوحدة ألف مرة، لكن الوحدة خير من جليس السوء، في أي مكان أنت إن استطعت أن تنهض بمن حولك اجلس، وخالط، وزرهم، واجلس في ندواتهم، وفي سهراتهم، وفي لقاءاتهم، وإن رأيت نفسك تشد إليهم، وتشد إلى معاصيهم، وتشد إلى دنياهم، فابتعد عنهم ولازم المؤمنين:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي))
[أخرجه أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد]
والشيء الثابت أنه لن تستطيع أن تتقي الله – لن لتأبيد النفي – إلا إذا كنت مع الصادقين، وما لم يكن الذين حولك على شاكلتك لن تستطيع أن تتقي الله، لذلك بطولة الإنسان أن يصاحب المؤمنين، أن يرتقي بهم، أن يخالطهم، أن يتعلم من أدبهم، أن يتفقه من فقههم، أن يزداد من علمهم، أن يتعلم من أخلاقهم:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي))
الضابط الدقيق للدعاء التالي :
لكن لو كنت في مجلس ونهضت بهم، واستفادوا منك، لكن أحد الحاضرين تكلم كلمة لا تليق بهذا المجلس، أو ذكر طرفة لا تليق بمؤمن، ماذا نفعل بعد هذا المجلس؟ علمنا النبي عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء:
((…سبحانك اللَّهمَّ وبِحَمدِكَ، لا إلهَ إلا أنت، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك ))
[ أبو داود عن عبد الله بن عمر]
قال: إلا كفر الله له ما كان في مجلسه ذلك.
أي جلست بمجلس، وتحدثت عن الله عز وجل، إنسان علق تعليقاً، إنسان ذكر قصة، إنسان اعترض، صار هناك حظ للشيطان في هذا المجلس، كفارة هذا المجلس الذي فيه حق وباطل، الذي فيه دعوة وتثبيط، الذي فيه تحبيب وتنفير، كفارة هذا المجلس:
((…سبحانك اللَّهمَّ وبِحَمدِكَ، لا إلهَ إلا أنت، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك ))
[ أبو داود عن عبد الله بن عمر]
قال: إلا كفر الله له ما كان في مجلسه ذلكن، هذا أول دعاء.
التقديم معك ضابط دقيق، مقياس دقيق، إن نهضت بهم اجلس معهم، وإن شدوك إلى أرضهم ابتعد عنهم، أما إن استطعت أن تنهض بهم وذكر أحدهم شيئاً يتنافى مع الحق لنستغفر جميعاً لما في هذا المجلس من شيء لا يرضي الله.
يفهم الناس هذا الدعاء فهماً مغلوطاً، يجلس في مجلس يغتاب، وينم، ويتكلم بالفحشاء، يمزح مزاحاً رخيصاً، ويقضي كل شهوات الكلام المحرمة، وعنده دعاء إذا دعا به غفر الله له ما كان في هذا المجلس، بالتأكيد النبي عليه الصلاة والسلام لم يقصد هذا المعنى، أن تتكلم أنت بالغيبة والنميمة والكلام الذي لا يرضي الله ثم تدعو بهذا الدعاء، لا، هذا شيء مرفوض كلياً، إذا كنت في مجلس والمجلس منوع، وإنسان شارد ضعيف الإيمان، وتكلم كلمة، فهذا الدعاء منك ومن الخير الذي ظهر منك، لعل الله سبحانه وتعالى يغفر للذين حضروا هذا المجلس، هذا هو الأصل في هذا الدعاء.
حينما يزداد إيمان الإنسان يتعلق بمقاصد الدين وحينما يضعف يتعلق بجزئياته :
الآن ما كان عليه الصلاة والسلام يجلس مجلساً إلا ويختمه بهذا الدعاء
((…سبحانك اللَّهمَّ وبِحَمدِكَ، لا إلهَ إلا أنت، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك ))

لا إله إلا الله محمد رسول الله
سبحانك اللهم و بحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذاهبة إلى ربى خليجية
لا إله إلا الله محمد رسول الله
سبحانك اللهم و بحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

تشرفت بتواجدك وزدت شرفا بردك الجميل غاليتي

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فراشة الزمرد خليجية
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

تشرفت بمرورك غاليتي وشكرا على ردك الجميل

اشكرك عزيزتي عموضوعك الرائع
دائما رائعه ومميزه عزيزتي بمواضيعك المميزه
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميسون المغربي خليجية
اشكرك عزيزتي عموضوعك الرائع
دائما رائعه ومميزه عزيزتي بمواضيعك المميزه

نورتي بتواجدك وردك
ماننحرم من طلتك يارب
يحفظك ربي من كل شر
دمت في حفظ الرحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.