صلى الله عليك أيها الحبيب المصطفى
إن العلم حين لا يصاحب بعمل ، ولا يعقب بزكاة ونقاوة ، ولا يميز صاحبه بخشية وتقوى ،
ما هو إلا ازدياد من حجة الله على صاحبه ، فيكون علمه حجة عليه يعقبه حسرة وندامة .
وإننا نمارس في واقعنا تطبيقا كبيرا للعلم الذي لا ينفع ، شعرنا بذلك أم لم نشعر ، في مواقف يكون حظنا هو العلم لا العمل
حين نعلم فضيلة الخلق الحسن ، ومنزلة الأخلاق الفاضلة ، ووجوب الإحسان إلى الناس جميعا بل وحتى الحيوان ،
وان نقول للناس حسنى ، ونعلم أن نختار لإخواننا ليس حسن الكلام فحسب ، بل وأحسنه وأطيبه ..
حين نعلم ذلك ، وتبقى الكثير من حوارتنا يسودها طابور من الأخلاق المشينة ، والألفاظ البذيئة ، وغير المهذبة ،
وامهر الأساليب والفنون في تنقص المخالفين وتحقيرهم ..!
حينها ذلكم علم لا ينفع ..!
وحين نعلم أن العدل واجب وفرض لازم ، وان الشريعة الإسلامية توجب على المسلم أن يعدل مع الجميع ،ولو كان عدوه وشانئه ،
فالعدل مبدأ لا مصلحة ، وخلق لا تجارة ..
حين نعلم ذلك ، فإذا خصمنا أو خاصمنا نسفنا المخالف بكليته ، ورمينا حقه وباطله ، وغدت محاسنه مساويا لا يمكن أن يعتذر لصاحبها ..
حينها ذلكم علم لا ينفع ..!
وحين نعلم وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة ، وفرضية التحاكم إليهما ، وان لا خيار للمسلم في أن يختار أو يحتار في ذلك ،
وان الشرع حاكم لا محكوم ..
حين نوقن بذلك ، لكننا نغيب هذا كله ، ونبحث عن أية أعذار أو مخارج لنتعلل ونتملص ونتصل من التزام حكم الشرع ،
ونضرب بأية حجة نسمعها في وجه الشرع ، مع كونها لم تتخمر بعد ، وربما نكون قد سمعنا بها ولم نعرفها حق معرفته .
حينها ذلكم علم لا ينفع ..!
وهكذا …
فكل علم لا يتبعه عمل وتطبيق واقعي ، هو علم لا ينفع ،
وفي ظني أننا إلى عمل بما علمنا أحوج إلينا من مزيد العلوم والمعارف ، فكثير من علومنا ومعارفنا تبقى حبيسة في رؤوسنا ،
وربما نبصرها في حوارات وصراعات ونزاعات ، لكنها في الواقع والتطبيق نزر يسير ..
وفق الله الجميع
.. وماتوفيقي إلا بالله ..
.