كلما تخيل الإنسان صورة لحياته وفسر بها وجوده , جاء الموت فحطمها ودمرها , فمن جعل تحصيل العلم أو الشهرة أو جمع المال , أو كثرة الاولاد هدفا لحياته , أو غيرها من الأمنيات حضر الموت فحطم كل هذه الأمنيات التي تقتصر علي ظاهر من الحياة الدنيا , فهل الحكمة من الموت هي مجرد تحطيم هذه الآمال والأهداف أم لا بد له من حكمة تكون مرتبطة بكل أطوار الحياة قبل الموت وبعده . لأنه حلقة في سلسلة أطوار وجود الإنسان قال تعالي: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظاما لحما ثم أنشاناه خلقا ءاخرفتبارك الله أحسن الخالقين * ثم أنكم بعد ذلك لميتون * ثم أنكم يوم القيامة تبعثون)المؤمنون" 12 – 16 "
أن الخالق سبحانه وتعالي الذي نقلنا طورا بعد طور قد أخبرنا عن الحكمة من طور الموت فبين أنها : هي الانتقال من دار العمل إلي دار الجزاء حيث توفي كل نفس ما كسبت , قال تعالي : (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) آل عمران " 185 " .
وقال العلامة القرضاوي : لو نظرنا إلي هذه الآية لوجدنا أن الحكمة أبين من فلق الصبح , تري ماذا كان يحدث لو لم يكن الموت مكتوبا علي بني الأنسان ؟؟؟ لو ظل الناس يتناسلون ويتكاثرون ولا يموت منهم أحد ؟؟ وتمضي الوف السنين وملايينها وهم يزيدون ولا ينقصون ؟؟ إن الذي نتصوره أن يجتمع العقلاء من الناس في كل بلد أو ناحية , ويفكروا في إعدام عدد منهم في كل عام مثلا . حتي تخف الزحمة , وتتيسر المعيشة للباقين ولكن كيف إلاختيار والتعيين : أيكون علي كل أسرة أن تقدم من أفرادها عددا ؟؟ أم الغرباء هم الذين يختارون العدد المطلوب ؟؟ أم يكون ألاختيار بالقرعة ؟؟ وكيف يمكن التنفيذ إذا لم يكن الإنسان _ بحكم خلقته _ قابلآ للموت ؟؟ إن الموت الطبيعي أراح الناس من هذا كله . وكان في ذلك الخير كل الخير لأن الموت في الحقيقة ضرورة للحياة ……
اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين … اللهم يسر ولا تعسر يارب العالمين …