قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 20، 21].
لقد اكتشف حديثًا أن الحواس الخمس تعمل عند الجنين، وبشكل مبكر:
1- فحاسة اللمس:
هي أول حاسة تظهر عند الجنين.
تبدأ هذه الحاسة في الأسبوع السابع أو الثامن ابتداءً من الوجه، ثم تنتشر بعد ذلك في باقي الأعضاء؛ لتصل إليها كلها في الأسابيع العشرة التالية.
أول التجارب الحسية تكون تلك الخاصة باليدين والقدمين في لمس جدار الرحم.
2- حاستي الشم والذوق:
تظهران في منتصف الشهر الثالث من الحمل.
تبدأ حاسة الشم العمل في الأسبوع رقم 9، لكنها لا تصل إلى كامل قدرتها إلا في الأسبوع رقم 15.
يبدأ الجنين داخل الرحم في تكوين " ذاكرة شمية " تساعده في تصنيف الروائح التي تصله من الغذاء أو من البيئة المحيطة به.
وحاسة الشم ذات أهمية كبيرة فيما يخص ردود الفعل، معرفة الاتجاهات، والتعرف على الآخرين.
بعد الولادة مباشرة يكون الطفل قادرًا على التعرف على أمه عن طريق رائحة بشرتها.
وليس صحيحًا أن حاسة التذوق تبدأ بعد الولادة مع عمليات الإرضاع الأُولى.
فابتداءً بالأسبوع الثاني عشر تظهر على لسان الجنين مسام التذوق، والتي تسمح بالتمييز بين المر والحلو وبين الحامض والمالح، وعن طريق السائل الأمينوسي سيكون بإمكان الطفل التعرف على الثقافة الغذائية الخاصة بالأم.
من الأمور التي تمت ملاحظتها أن الطفل – ابتداءً من الفترة داخل الرحم – يفضل الطعم الحلو، وإذا تم حقن السكرين في السائل الأمينوسي، فإن الكمية التي يتم استقبالها من قبل الجنين تتضاعف (الكمية الطبيعية هي 15 – 40 ملليتر في الساعة ).
3- حاسة السمع:
تظهر عند منتصف الشهر الخامس من الحمل، حيث وجد أن الجنين يجيب بعد هذا العمر من الحمل على أي منبه سمعي بإغلاق جفنيه، واللذين يكونان عادة مفتوحين، وهكذا فإن الجنين يسمع أمه ويشعر بدقات قلبها، وفي حوالي الشهر السابع، يبدأ الجنين قدرته على سماع الأصوات الحادة وتمييزها، ويبدأ بتخزين الصوت الأكثر تكرارًا وهو صوت أبيه، ولذلك عند مولده يتعرف بسهولة على صوت أبيه والذي كان قد اختزنه في ذاكرته أثناء الحياة الجنينية لتكراره.
ومع وجود الجنين في بيئة معزولة تقريبًا بفضل السائل الأمينوسي المحيط به، إلا أنه وبحلول الشهر الرابع يكون قادرًا على تمييز أصوات عديدة، وبشكل خاص أصوات مصدرها أعضاء جسم الأم؛ كنبضات القلب، والأصوات المصاحبة لعملية الهضم.
للأصوات المختلفة تأثيرات مباشرة على الجنين، فأصوات الأشخاص القريبين منه – خصوصًا صوت الأم – تساعده على الاسترخاء والراحة.
الموسيقى – وصوت الأم اذا كانت تغني له مثلاًً – يؤدي إلى النمو المتوازن لجهازه العصبي.
وجد أن الجنين الذي يتعرض بعد الشهر الخامس من الحياة الرحمية (حيث يبدأ السمع) إلى أصوات صاخبة وضجيج متعال، يبدأ بالارتكاس والتململ معلنًا احتجاجه وانزعاجه، فتزداد حركاته وتقلباته داخل الرحم؛ حيث تشعر الأم الحامل بهذه الحركات غير الاعتيادية والزائدة عن المألوف، ونتيجة لذلك وجد أن هؤلاء الأجنة يتعرضون بعد ولادتهم إلى اضطرابات في النوم، وعليه فإن الأم الحامل عليها أن تعيش فترة حملها وسط جو هادئ وبعيد عن الصخب والضوضاء.
4- حاسة البصر:
أول حاسة تتكون عند الجنين هي حاسة البصر؛ حيث تبدأ بالتشكل في الأسبوع الخامس، يتكون العصب البصري في الأسبوع السابع، وبعد ذلك تنشأ خلايا شبكية العين، تبقى الجفون مغلقة حتى الأسبوع السابع والعشرين، إلا أن حاسة البصر تكون موجودة؛ حيث إن تسليط ضوء قوي وساطع على بطن الأم يؤدي بالجنين إلى تحريك رأسه بالاتجاه المعاكس.
كذلك لوحظ أثناء عملية فحص السائل الأمنيوسي والتي تتم في الأسبوع 15 أو 16، فإن الجنين يحاول إمساك الإبرة التي يتم استخدامها لاستخراج كمية صغيرة من السائل.
وقد وجد أن الأم التي تعيش حملها في قلق نفسي مستمر واضطراب عاطفي متواصل، تنقل هذه المشاعر إلى جنينها، فيصاب بعد ولادته باضطرابات نفسية تختلف درجتها حسب اختلاف خطورة الاضطراب الذي كانت تعانيه الأم أثناء حملها، ومن هنا أيضًا توصى الأم الحامل أن تعيش في وسط أسري هادئ ومفعم بالود والحب والوئام، بعيدًا عن الاضطرابات العائلية والمشاكل الحياتية، والتقلبات النفسية والعاطفية، وهنا يبرز دور الزوج أولاً ثم الأسرة من أم أو أخت ثانيًا في رعاية الحامل أثناء هذه الفترة العصيبة، والتي سماها القرآن الكريم فترة الوهن أي الضعف، فلا أبلغ في وصف هذه الفترة من هذا الوصف الرباني المعجز: ﴿ …حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ…. ﴾ [لقمان: 14]، وفي آية أخرى: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا…. ﴾ [الأحقاف: 15].
تبرز هنا أيضًا قضية هامة للغاية، وهي ضرورة مناغاة الطفل ومناجاته، بل ومحادثته، وذلك عبر جدار البطن من قبل الأم وأيضًا الأب، فما دامت كل أحاسيس الجنين موجودة ومتفاعلة، فلابد أن لذلك تأثيرًا حسنًا في نفسيته وأعصابه، وتهذيب طباعه وسلوكه، وطمأنة نفسه ورُوحه، ودراسات عديدة تعكف حاليًّا لدراسة تأثير مثل هذه الاتصالات المبكرة مع الجنين على مستقبله النفسي والعاطفي وحتى الصحي.
وإليكم هذه الصور الرائعة عن خلق الإنسان:
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 6].
صور للجنين داخل بطن أمه ….. من قلب الحدث:
الجنين في الأسبوع الثامن
الجنين هنا داخل المشيمة
موضوع قمة في روعته
جزاك الله خيرا