يقول معظم الناس للمراة الحامل :خلال تسعة أشهر من الحمل يمتلئ بطنك، وبعد أن تضعي طفلك تصابين بزلزال عاطفي… إنه اكتئاب ما بعد الولادة.
غالبا مثل هذا الكلام مغرض ومتعب لكل سيدة ولادة ؛ ذلك ان الحامل تحتاج الى من يعزز ثقتها.
تصاب 70 إلى 80 في المئة من النساء بهذا الاكتئاب بين اليوم الثالث واليوم الحادي عشر بعد الولادة. إليك بعض المعلومات حوله.
تخبرنا عليا عن تجربتها: «في العاشرة من صباح اليوم الثالث بعد الولادة، دخلت القابلة القانونية غرفتي وعلى وجهها نظرة غير اعتيادية وابتسامة خفيفة. فسألتني بنبرة مازحة: «لست على ما يرام اليوم؟»، قلت في نفسي: هل تتمتع بحاسّة سادسة؟
في الواقع، لم أكن بخير إطلاقاً في ذلك النهار! انهمرت دموعي لتخفّف قليلاً من توتّري المؤلم. طمأنتني القابلة بأن هذه الأمور طبيعية، فعندما يدرّ الحليب تشعر المرأة بهبوط في المعنويات. تكلّمت معها بحرية حول هذا الموضوع وسألتها جميع الأسئلة التي تشغل فكري. كانت حالتي العاطفية آنذاك يُرثى لها، لم يحلّ الأمر ولكني على الأقل فهمت ماذا يحصل في جسمي ودماغي».
هرمونات غادرة
ينخفض هورمون البروجستيرون، الموجود بجرعات عالية في خلال أشهر الحمل التسعة، بشدة في جسم المرأة ويحلّ مكانه بوفرة هرمون البرولاكتين، إذاً ما زال جسمك مرتبكاً. كذلك، فإن درّ الحليب الذي يحصل بين اليومين الثاني والثالث بعد الولادة يعطل الأيض. وهو يزداد، ليلبّي حاجات الطفل، من 5 إلى 7 مل في اليوم الأول بعد الولادة إلى 30 مل بعد ثلاثة أيام من الولادة.
ازدياد حجم الثديين مؤلم ويعزى إلى ازدياد دفق الدم. والطريقة الوحيدة لتخفيف الألم هي إرضاع الطفل.
تظاهر
تستيقظين من النوم، تشعرين بألم بسبب بعض غرزات الجروح المحتملة وبالإرهاق الناتج من النوم المتقطّع. الزيارات التي كانت تشكّل لك سابقاً فرصة لإظهار جمالك الرائع أصبحت لحظات تضطرين فيها الى التظاهر بأنك بأحسن حالاتك. يقول بعض العلماء إن الأمهات لا يدركن إلى أي حد يشكّل الندم أحد المشاعر الأساسية ما بعد الولادة. تندمين لأن ابنك الذي ولدته مختلف عن ابنك الذي نسجته في خيالك، تندمين بسبب ردود فعل زوجك أحياناً، ولأن الفتاة الصغيرة أصبحت أماً ولأن بطنك الكبير أصبح الآن خالياً.
تغيّرات كبيرة
بعد الولادة بأيام، عليك أن تتعلّمي كيفية العيش من دون طفل في أحشائك وتكتشفي مولودك الجديد وتتخلي عن مركز الاهتمام لينتقل إلى ابنك. كذلك، عليك أن تعبري بسرعة من مرحلة المدلَّلة إلى المدلِّلة، من الفتاة الصغيرة سابقاً إلى الأم المسؤولة. وهذا أمر أبعد من أن يكون بسيطاً!
استعادة الطفولة
يشعر بعض الأمهات أحياناً بانزعاج مستتر مرتبط بطفولتهنّ. فيعاودن عيش القلق والمشاعر المدفونة. تتذكّر عليا لحظة انهمار دموعها حين اعتقدت أن ابنها يرفضها، إذ نتيجة لشعوره بالامتلاء والتخمة ابتعد عن ثديها. تقول: «للوهلة الأولى لم أدرك أنه لم يعد جائعاً، اعتقدت أنه يرفضني كما رفضتني أمي».
تضيف عليا: «لم أتمكّن من تخطّي هذا الشعور الأولي إلا حين فهمت ما يزعجني وأخذت نتائج الحمل بالاعتبار وتكلّمت في الموضوع مع زوجي».
ردات فعل الطفل
في الفترة الأولى، يكون الطفل هادئاً إلى حدّ ما، لكن سرعان ما يعلو صوته، فيبكي أكثر وطبعاً هذا ليس بهدف إرضاء أمه وتهدئتها، بل للمطالبة باهتمامها فيما تكون هي بحاجة إلى من يهتمّ بها. يشكّل هذا الواقع للأم إدراكاً لدورها الجديد وهو أن تبقى حاضرة للاهتمام بابنها كيفما كان مزاجها. إنه انعكاس قاس لحياتها الجديدة حيث تسود المسؤوليات تجاه الطفل الجديد.
مخاوف الأم
حين يقترب موعد العودة إلى المنزل، يتملّك القلق الأم الشابة، فتطرح على نفسها أسئلة كثيرة: هل باستطاعتي أن أهتم بطفل بمفردي؟ هل سأكون على مستوى هذه المسؤولية؟ فيسيطر عليها الخوف من ألا تتمكن من القيام بما يلزم لدرجة أنها تغفل عن قدراتها وعن حقيقة بألا أحد باستطاعته الاهتمام بطفلها أفضل منها.
إذا كنت لا تزالين تشكّكين في نفسك، فثقي برأي علماء النفس الذين راقبوا تصرفات الأمهات اللاشعورية واستنتجوا أن الأم تعرف بالفطرة ما هو الأفضل لرضيعها.
الله يجزااك الجنه