ليس هناك امرأة قبيحة
سوف لن نقع في فخّ المبالغة إذا ما قلنا وبكلّ ثقةٍ أنه ليس هناك من إنسان قبيح في الحياة، فكلّ إنسان جميل، وكلّ إنسان يمتلك موطناً من الجمال يتفرّد به ويميّزه عن بقيّة الناس.
وإذا ما قصرنا حديثنا عن الجمال في النساء فقط، وكان حديثنا لا ينقصه العمق والتفاؤل سنصل أيضاً إلى نتيجة متفائلة تبشّرنا أنه ليس هناك من إمرأة قبيحة في الحياة.
كثيراتٌ هنّ النساء اللواتي لا يثقن بجمالهن وبأنوثتهن، ينظرن إلى المرآة ويتحسّرن لو أنّ لون شعرهنّ كان كذا، ولو أنّ شكل عيونهنّ كان كذا، ولو أنّ جسدهنّ كان أنحف أو أسمن، ولو أنهنّ يشبهن فلانة، يشتدّ بهنّ القلق حتى يدفعهنّ إلى اللجوء إلى مصادر خارجيّة قد تزيد من جمالهن أو تغيّر شكلهن إلى الشكل الذي يرغبن به كمساحيق التجميل أو (الرّيجيم) أو عمليّات التجميل مثلا، لا ضيْر في ذلك ولا ضيْر من السّعي إلى الشكل الذي ترغبه هذه المرأة أو تلك طالما أنه يحققّ سعادتها، ولكن ما أودّ الحديث عنه هو العمق الأنثوي للمرأة، لأنّ الأنوثة في النهاية ليست مجرّد كعبٍ عال، ولا جسدٍ رشيق، ولا حمرة خدود أو أحمر شفاه، كما أنّ الأنوثة ليست مجرّد إثارة أو نعومة، فهذه في الحقيقة ما هي إلا مظاهر الأنوثة، هي الصّورة النمطيّة التي منحها الناس للأنثى والتي انطبعتْ في الذّهن وتوارثها الناس جيلا بعد جيل.
كلّ أنثى هي عالمٌ بحدّ ذاته وتهبُ معنى للحياة مختلفاً عن معنى الأخرى، لذلك لكلّ أنثى مفتاحٌ متفاوتٌ في صعوبة إيجاده، إذ قد يحتاج هذا المفتاح إلى وقتٍ أطول من ذاك، ولكن في النهاية لابدّ من إيجاده طالما أنّ هناك إدراك لوجوده وثقة في إمكانية الوصول إليه، ومن هنا تأتي ضرورة وعي الرجل بهذا المفتاح، فالرجل الذي لا يدرك مفتاح الأنثى التي يتعامل معها سوف لن تتاح له فرصة الدخول إلى أعماقها وسيظلّ غريباً يعيش وهم القرب، بل لا بدّ لنا أن نعرف أنّ الرجل لن يدخل قلب المرأة إنْ لم يكن "عالماً" في إدراكه لمفاتيح الأنثى ومعرفة قيمتها.
فعلى سبيل المثال نحن ومن خلال الأعراف التي توارثناها اعتدنا أن ننعَتَ المرأة ذات الملامح القاسية أو الجديّة في سلوكها بـ"المُسترجلة" وبالتالي نسلبها أنوثتها عنوة، في حين أنّ حكماً كهذا يكون شبيهاً بالجلد، جلد الأنوثة، فكثيرات هنّ النساء ذوات الطبع الجدّي أو اللواتي لا يعتنين بشكلهنّ الخارجي من خلال مساحيق التجميل أو غيرها، إلا أنهنّ لا يعانين من مشكلة في الأنوثة لديهن، فمثلا يكفي أن يعرف هذا الرجل أو ذاك مفتاح الوصول إليها كي يستطيع إيقاظ الأنوثة الغافية في داخلها، وكثيرات هنّ النساء اللواتي تبدو عليهن القسوة والتشدّد لكنّ الواحدة منهنّ ستكون رقيقة لدرجة الذوبان إذا ما أمسك رجل يدها بحب وإذا ما سمعت منه إطراءً يجعلها تشعر أنها أنثى مرغوبٌ فيها.
نثر قلمك رائع ورب زحل