يقول الله تعالى مبينًا مراحل التطور الجنيني:
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ¤ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ¤ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون13-14]
والمرحلة الأولى التي ستكون موضوع بحثنا من هذه المراحل هي مرحلة النطفة
النطفة" لغوياً هي القليل من الماء أو قطرة الماء ، وهذا يطابق ماء الرجل الذي يحوي الحيوانات المنوية كجزء منه . والحيوان المنوي ينسل من الماء المهين (المني) وشكل الحيوان المنوي (النطفة) كالسمكة الطويلة الذيل (وهذا أحد معاني لفظة سلالة)
. يقول تعالى ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ) (السجدة :7-8) .
ويشير إلى ذلك ما رواه أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شئ لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد مم يخلق الإنسان ؟ فقال رسول الله يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة)
ويبدأ مصطلح النطفة من المنوي والبييضة وينتهي بطور الحرث (الانغراس)، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية
أولاً: الماء الدافق:
يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلى هذا التدفق قوله تعالى: (فلينظر الإنسان مم خلق ¤ خلق من ماء دافق) ( الطارق 5،6)
ومما يلفت النظر أن القرآن يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلى أن للماء قوة دفق ذاتية وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب
كل حوين له رأس بيضوي بارز قليلاً وجسم قصير وذيل متحرك له القدرة على الحركة التي تساعده على الوصول إلى مكان الإخصاب.
وقد أثبت العلم أيضا أن ماء المرأة الذي يحمل البييضة يخرج متدفقًا إلى قناة الرحم (فالوب)وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتي يتم الإخصاب
ومن المعلوم أن ماء الرجل مادة (البرستاجلاندين)، التي تحدث تقلصات في الرحم مما يساعد في نقل المنويات إلى موقع الإخصاب
كما أن ماء المرأة يحوي بالإضافة إلى البييضة عناصر أخرى تساعد وتشارك في عملية الإخصاب ومنها بعض الإنزيمات التي تفرزها بطانة الرحم وقناته، التي تجعل المنوي قادرا على الإخصاب وذلك بإزالة البروتين السكري من رأسه وتعمل هذه الأنزيمات بالإضافة إلى ذلك على إطلاق الخلايا المحيطة بالبييضة وكشف غشائها الواقي أمام المنوي
وبما أن لفظ نطفة بمعنى الكمية القليلة من السائل، فإن هذا المصطلح يغطي ويصف تلك الكميات من السوائل التي تخرج متدفقة لدى كل من الذكر والأنثى.
ثانياً: السلالة:
يأتي لفظ سلالة في اللغة بمعان منها انتزاع الشئ وإخراجه في رفق ، كما تعني أيضًا السمكة الطويلة. أما الماء المهين فالمراد به هنا ( أي في طور السلالة ) ماء الرجل.
وإذا نظرنا إلى السائل المنوي فسنجده سلالة تستخلص من ماء الرجل وعلى شكل السمكة الطويلة، ويستخرج برفق من الماء المهين
بييضة محاطة بالحوينات المنوية التي تندفع بنشاط نحوها،وعندما يفلح إحداها في إحداث الإخصاب يكون قد اختير وتبدأ بذلك مرحلة السلالة من النطفة
ويشير القرآن الكريم إلى ذلك كله في قوله تعالى: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) [السجدة 8]
وخلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات وبدخول المنوي إلى البييضة تتكون النطفة وتعرف هذه العملية في مراحل النطفة بالسلالة حيث يتم اختيار حوين واحد وبييضة واحدة ليتحدا مبتدئين التخلق البشري، ويفقد الحوين المنوي بعد دخوله الخلية ذيله وغطاءه ليذوبا وتندمج المادة الوراثية بعدئذ.
الأمشاج: ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله (ما من كل الماء يكون الولد) وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم
سبحان الله عز وجل
جزيت خيرا
يقيم