الحديث عن خصوبة الرجال باتت من الأمور الأكثر إثارة للجدل في الفترة الأخيرة ، والأمر الذي جعل العلماء لا يتوقفون عن البحث في هذا الإطار ، وكان أخر هذه الدراسات ما قام به باحثون استراليون حول أهمية العلاقة الزوجية أو القذف على نحو يومي وقدرتها علي تحسين نوعية الحيوانات المنوية وبالتالي تحسين القدرة علي التناسل.
وشملت الدراسة التي أنجزها الدكتور ديفيد جرينينج، وهو طبيب نسائي متخصص في العقم يعمل في مركز علاج العقم في سيدني، 118 رجلا تعتبر نوعية حيواناتهم المنوية اقل من المتوسط، وطلب منهم القذف يوميا خلال أسبوع دون اي تبديل اخر في نمط حياتهم.
وفي محصلة هذه الدراسة، اتضح أن نوعية مني هؤلاء الرجال "81%" تحسن، في حين انتقل وضع الكثير منهم من "سيء" إلى "متوسط" إلى "جيد"، غير ان 19% من المشاركين، تراجعت نوعية الحيوانات المنوية لديهم .
وتم تقييم نوعية الحيوانات المنوية من خلال مؤشر انشطار الحمض النووي الريبي "مؤشر دي اف اي"، الذي يقيس الحمض النووي الريبي في المني، في حين بلغ مؤشر "جي اف اي" الوسطي في المجموعة 34% بعد ثلاثة ايام من الامتناع وهذا دليل نوعية سيئة انخفض المؤشر الى 26% "كمعدل وسطي" بعد اسبوع من القذف اليومي.
وتحسنت ايضا حركة المني من طريق هذا القذف المتكرر، وان تراجع حجم المني وكثافته.
وبالنسبة الى ديفيد جرينينج، يحسن القذف نوعية المني لأنه يخفض فترة مكوثه في قنوات الخصيتين حيث يتعرض لآثار الذرات المؤكسدة السلبية.
ويرى جرينينج أن دراسات أخرى "ستسمح بتحديد اذا كان هذا التحسن في نوعية المني يترجم بزيادة في نسب الحمل". وقد ألمحت دراسات سابقة الى هذه الصلة، كما ينبغي للازواج الراغبين في رفع فرصهم في الإنجاب، ممارسة الحب يوميا خلال الأسبوع السابق لتاريخ الإباضة، وهذا علاج بسيط يمكن أن يعتمد في إطار العلاجات المساعدة على الإنجاب.
الذكاء في المقدمة
وفي سياق البحث عن حيوانات منوية أفضل ، أكد باحثون بريطانيون أن الرجال ذوو مستويات الذكاء العالية يملكون فرصا أكبر في إنتاج حيوانات منوية ذات نوعية أفضل ، حيث توصل الباحثون إلي هذه النتائج من خلال تحليل بيانات من جنود أمريكيين سابقين خدموا في الجيش خلال حقبة الحرب الفيتنامية.
كما وجد الباحثون أن من يبلون بلاءً حسنا في اختبارات الذكاء يملكون حيوانات منوية ذات قدرات أعلى في الحركة من نظرائهم أصحاب النتائج الأقل في اختبارات الذكاء.
وتدعم الدراسة التي تنشرها دورية انتلجانس جورنال، فكرة أن الجينات التي تحمل خواص الذكاء البشري، قد يكون لها آثار بيولوجية أيضا.
واختبرت الدراسة نظرية الجينات عبر أخذ عنصرين ليس لهما علاقة ببعضهما مثل الذكاء ونوعية الحيوانات المنوية.
ووجد القائمون على الدراسة إن هناك رابطا إحصائيا بين العاملين، كما استطاعوا إثبات أن ذلك لا يمكن تفسيره عبر العادات غير الصحية مثل التدخين وشرب الكحوليات.
وقال رئيس فريق الباحثين الدكتور روساليند أردن إن النتائج تدعم الفكرة النظرية التي تركز على أهمية عامل اللياقة البدنية.
واستندت الدراسة على بيانات 425 رجلا أجروا عدة اختبارات لقياس مستوى الذكاء وقدموا عينات من حيوانتهم المنوية.
وكانت الحيوانات المنوية قد جرى جمعها عام 1985 من قبل مراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة، وذلك ضمن دراسة واسعة حول صحة الجنود الأمريكيين الذين خدموا في الجيش الأمريكي خلال حقبة الحرب في فيتنام.
تأمين خصوبة الرجال .. مهمة علمية !!!!
والدراسات التي تناولت هذا الجانب من خصوبة الرجال متعددة، فقد أكدت دراسة استرالية أن السن وأسلوب الحياة الراهن يؤثران على حالة الحيوانات المنوية وعلى فرص الرجل في أن يكون أباً.
وأشار كلارك من جمعية الخصوبة الاسترالية، إلى إن عدد الحيوانات المنوية في اختبارات الخصوبة لدى الرجال تكون في المستويات العادية، ولكن الأطباء يرون أن هناك تشوهات في الحمض النووي لخلايا الحيوانات المنوية وهو المسؤول عن انخفاض الخصوبة.
وأوضح كلارك أن هناك ارتباط بين عوامل أسلوب الحياة العصري مثل تعاطي الخمور والتدخين والزيادة المفرطة في الوزن وبين التشوهات في الحمض النووي "دي إن إيه"، مشيراً إلى أن هذا هو السبب في أن احتمالات أن تحمل امرأة في الثلاثينات في العمر من زوجها الذي تخطى الاربعين تنخفض للنصف وتقول إن الزوجين يتعين عليهما أن يفكرا في وقت مبكر في الإنجاب في السن التي تكون فيها الخصوبة في مستوياتها المثلى.
وعلي صعيد متصل ، أكدت دراسة بريطانية أن أشعة الشمس تزيد من خصوبة الرجال بدرجة كبيرة.
وأشار العلماء في مركز دارموث-هيتشكوك الطبي بمدينة نيوهامبشير البريطانية، إلى أن قدرة الرجال على إنجاب الأطفال قد ترتبط بفيتامين "د" الذي ينتجه الجسم من أشعة الشمس، وأن نقص هذا الفيتامين قد يساهم في إصابة الرجال بالعقم.
ونصح العلماء الرجال بضرورة الإكثار من تناول أغذية غنية بفيتاميند كالحليب والأسماك والبيض، لأن ذلك يزيد من عدد الحيوانات المنوية ونشاطها.
تحذيرات متعددة
وعلي الجانب الأخر، أكد علماء أمريكيون أن إكثار الرجال من أكل منتجات فول الصويا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الحيوانات المنوية لديهم.
واكتشف باحثو جامعة هارفارد الأمريكية في بوسطن حدوث انخفاض كبير في عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين يكثرون من تناول أطعمة تحتوي على الفول الصويا والرجال المصابين بالسمنة المفرطة.
ولم يعثر العلماء حتى الآن على علاقة بين تناول فول الصويا الذي يحتوي على هرمونات نباتية والعقم إلا لدى الحيوانات.
وخلال الدراسة فحص البروفيسور جورج تشافارو وزملاؤه 99 رجلا عولجوا هم وشريكات حياتهم من العقم في أحد المستشفيات المتخصصة في الفترة من عام 2024 حتى عام 2024، فوجدوا أن عدد الحيوانات المنوية لدى مجموعة المرضى التي تناولت كميات أكبر من فول الصويا لا يتجاوز41 مليون حيوان منوي في المليمتر من السائل المنوي، في حين أن المتوسط العادي يتراوح بين 80 و 120 مليون حيوان.
ويعتقد تشافارو أن الهرمونات النباتية في منتجات فول الصويا لها تأثير على عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال وأن السمنة يمكن أن تكون عاملا إضافيا في انخفاض عدد الحيوانات المنوية، لأن أصحاب الوزن الزائد من الرجال يتناولون في الغالب كميات أكبر من منتجات فول الصويا مقارنة بغيرهم من أصحاب الأجسام الرشيقة.
وتوصلت دراسة ألمانية إلى أن البروتين الموجود في الحيوانات المنوية يمثل عنصراً مساعداً يجعل فيروسات الإيدز أكثر نشاطاً بمقدار 100 ألف ضعف عن نشاطها دون الحيوانات المنوية؛ الأمر الذي يفسر السبب في أن أكثر من 80 % من الإصابات بالإيدز تنتقل عبر الاتصال الجنسي.
وأشار فريق علماء بألمانيا، إلى أنهم اكتشفوا وجود شذرات من "بروستاتيك أسيديك فوسفاتيز" تم عزلها من المني البشري تشكل أليافا تدعى "أميلويد فبريل" وهذه الألياف تمسك بفيروسات الإيدز وتساعدها على الدخول للخلايا المستهدفة، ومن ثم تزيد من معدلات الإصابة بشدة.
ومن جانبه، قال فرانك كرشهوف وهو عالم فيروسات بجامعة "أولم"، إن معظم العناصر المساعدة أو الداعمة للفيروسات قد يكون لها أثر في المضاعفة بضعفين أو ثلاثة أضعاف، ولكن تأثيرها في المضاعفة هنا مدهش للغاية؛ حيث إنها تساعد أو تدعم الفيروسات بنحو 50 ضعفاً، وفي بعض الأحوال كان الأثر أكثر من 100 ألف ضعف.
أصل الحكاية …
تقوم الخصية والحويصلات المنوية والبروستات بإفراز السائل المنوي الذي يصل حجمه في كل مرة حوالي 3 سنتيمتر مكعب، وهو سائل لزج قاعدي التفاعل ذو رائحة مميزة وبه حوالي 100 مليون حيوان منوي لكل سنتيمتر مكعب ،وإذا قل عدد الحيوانات المنوية عن 20 مليون حيوان في السنتيمتر المكعب ، لا يمكن أن يحدث الحمل ويجب أن تكون هذه الحيوانات طبيعية ونشطة تستمرحركتها تحت المجهر خمس ساعات على الأقل.
يتكون من الرأس الذي يحتوي على الجينات أي عوامل الوراثة ,وجزء وسطي يسمى الرقبة التي تعطي الطاقة اللازمة للحيوان المنوي للحركة ,والذيل الذي يساعد على دفع الحيوان المنوي داخل القناة التناسلية الأنثوية.
ونود الإشارة هنا إلى أن الرجل يبدأ بإنتاج الحيوانات المنوية عند البلوغ فقط ، بخلاف المرأة التي تولد ومبيضها يحتوي على البويضات .
وتتراوح كمية السائل المنوي أثناء عملية القذف بين 1-6 ملم مكعب,وعند القذف يكون السائل المنوي لزجاً لكن سرعان ما يتحول إلى سائل في القناة الأنثوية التناسلية ( المهبل) ويستغرق ذلك حوالي 20-30 دقيقة، ويستغرق اختراق الحيوان المنوي للمادة المخاطية في عنق الرحم حوالي دقيقتين.
والمعروف أن أي مرض مهماً كان بسيطاً، حتى وإن كان التهاب اللوزتين مثلاً قد يخفف عدد الحيوانات المنوية، ولأن الحيوانات المنوية تحتاج إلى حوالي من 7 الى -74 يوماً لإنتاجها, فإن أي مرض يؤثر على عملية الإنتاج، ومن ثم فإنه من الخطأ الحكم على تحليل واحد فقط للسائل المنوي،
ويجب إعادة التحليل عدة مرات خلال أشهر للتأكد من صحة التحليل وتشخيص الخطأ إن وُجد ومعالجته.