تخطى إلى المحتوى

مامعنى الوقف من الشريعة 2024.

مامعنى الوقف

الـوَقْْـف في اللغة: الحبْس، والوقْف: مصدر للفعل وقَف، يقال: وقَف، يقِف، وقْفًا: حبس، يحبِس، حبْسًا. ومن هذا قولهم: وقف الرجل بستانًا: حبسه وجعله موقوفًا لأهداف خيريّة. أما قولهم: أوقف الرجل بستانًا، فهي لغة رديئة غير فصيحة.

وكما أن الوقْف مصدر، فإن الوقْف أيضًا: الشيء الموقوف، وهذا من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول ومن هذا قولهم: هذا الكتاب وقْف: بمعنى موقوف، ويُجمع الوقف على وقوف وأوقاف، ومن هذا قولهم: وزارة الأوقاف.

أما الوقف في الاصطلاح فله عدّة تعريفات اصطلاحية متقاربة، منها أنه: حبْس العين ـ كمسجد وبستان ومدرسة ـ عن التمليك للناس، وتسبيل منافعها. أي منع العين من أن يتملّكها أحد من الناس؛ لأنها انتقلت إلى ملك الله تعالى، لكنْ للناس أو لبعضهم أن يستفيدوا بمنافعها وثمراتها، تبعًا لرغبة الإنسان الواقف، أي الذي وهبها لله.

ومن الألفاظ المستعملة التي يراد بها الوقْف والأوقاف: الأحباس والحُبُس ـ جمع حبْس ـ، والسبيل ـ وجمعه سُبُل، والصدقة الجارية، والتأبيد ـ لكون الوقف مؤبّد المدة.

وهكذا يكون معنى الوقف: انتقال ملكية الشيء الموقوف إلى الله تعالى، مع بقاء منافعه بحسب الرغبة الخيرية للواقف.

مشروعية الوقف في الإسلام
أجمع غالب العلماء على أن الوقف مشروع؛ فقد ندب إليه الإسلام ورغّب فيه، وجعله من أفضل القربات المستمرة الدائمة التي يُتقرّب بها إلى الله تعالى، قال النبي ³ : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ، ومن المتفق عليه بين جمهور علماء الإسلام، أن الصدقة الجارية هي: الوقف.

وفي حديث آخر: (من احتبس ـ أي وقف ـ فرسًا في سبيل الله إيمانًا واحتسابًا، فإنّ شِبَعَه ورِيَّه وروْثه وبوْلَه في ميزانه يوم القيامة حسنات) .

ولمّا هاجر النبي ³ إلى المدينة، لم يكن بها ماء يُستعذب غير بئر رومة، وكانت لرجل من بني غفار، وكان يغالي في بيع الماء منها، فقال النبي ³: (منْ يشتري بئر رومة بخير له منها في الجنة؟) فاشتراها عثمان بن عفان بخمسة وثلاثين ألف درهم، فقال له النبي ³: (اجعلها سقاية ـ أي سبيلاً ووقفًا ـ للمسلمين وأجرُها لك، ففعل) .

وحينما استشار عمر بن الخطاب الرسول ³ في قطعة أرض ملكها بخيبر يقال لها ثمغ لم يملك قط أنْفَس منها، قال له: احبس أصلها، وسبّل ثمرتها، فوقفها عمر على ألا تُباع ولا توهب ولا تورث، وأن ينتفع بها الفقراء وذوو القربى والرقاب ـ أي العبيد ـ والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها ـ أي ناظر الوقف ـ أن يأكل منها، أو يطعم صديقًا له بالمعروف.

والحوادث الدالة على مشروعية الوقف كثيرة، فقد وقف الرسول ³ ووقف الصحابة. ووقف الرسول ³ سبعة حوائط ـ أي بساتين ـ كان قد فوّضه بها أحد المحاربين الذين قتلوا، فجعلها النبي ³ على الفقراء والمساكين والغزاة المجاهدين وذوي الحاجات.

ووقف المسلمون مسجد قُباء أول مسجد بني في الإسلام في بداية الهجرة، ثم وقفوا المسجد النبوي، وكان أرض بستان لبني النجار، فأراد النبي ³ أن يدفع لهم ثمنه فقالوا: والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى، فسُرّ لذلك، ثم شرع في بنائه مسجدًا.

ووقف أبو بكر وعلي ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وعائشة بنت أبي بكر وصفية بنت حيي.ووقف خالد بن الوليد دروعه وفرسانه وعتاده في سبيل الله تعالى.

ووقف أبو طلحة الأنصاري أرضًا نفيسة يقال لها: بيرحاء وفيها ماء عذب طيب، فجعل كل ذلك في فقراء قرابته، استجابة لتوجيه النبي ³، الذي قال له: (أرى أن تجعلها في الأقربين) وحَفَر سعد بن عبادة بئرًا وسبلها لأمه. ووقف الزبير بن العوام دارًا له على المردودة ـ أي المطلّقة ـ من بناته، وعلى الفاقدة التي مات زوجها. ووقفت صفية بنت حيي زوج النبي ³ على أخ لها يهودي. قال جابر بن عبدالله الأنصاري: ما أعلم أحدًا ـ من الصحابة ـ ذا مقدرة، إلا حبس مالاً من ماله، صدقة موقوفة، لا تشترى ولا تورث ولا توهب.

وهكذا، فالوقف مشروع في الإسلام، وأوقاف الصحابة معروفة ومنقولة، وكانوا لا يبتغون من ذلك إلا مرضاة الله تعالى والتقرب إليه وطاعته بالعمل الصالح.

أهداف الوقف في الإسلام. إن الهدف الأسمى في الوقف هو التقرب إلى الله تعالى بالطاعة، وتحقيق رضوانه، ونيل ثوابه المتجدد، طيلة استدامة أعمال البر والمعروف والإحسان إلى خلقه، ويظهر هذا جليا في الحديث السابق ذكره: (من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده كان شبعه، وريه، وروثه، وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة) . وقل نحو هذا في بقية الأحاديث السابقة.

غير أنه يضاف إلى هذا الهدف أهداف أخرى مهمة أيضًا، قصدها الإسلام لكونه دينًا للحياة السعيدة، جاء لتحقيق مصالح الإنسانية وهدايتها للتي هي أقوم، ومن تلك الأهداف ما يلي: 1- تنظيم الحياة بمنهج حميد متوازن، يقوّي الضعيف، ويعين العاجز، ويحفظ حياة المعْدم ويرفع من مستوى الفقير، في الوقت الذي تُحترم فيه إرادة الواقف، وتُحقّق رغباته الإيجابية المشروعة، من غير إضرار به أو ظلم يقع عليه. 2- تحقيق منافع معيشية واجتماعية وثقافية مستمرة ومتجددة في أزمنة متطاولة، وذلك من خلال وقف الخانات ـ الفنادق ـ والسقايات والمستشفيات ودور العجزة، والمساجد والمصاحف والكتب والمدارس، ونحوها مما سيأتي بيانه. 3- إطالة مدة الانتفاع بالمال إلى أجيال متتابعة، حيث تستفيد الأجيال اللاحقة بما لا يضر الأجيال السابقة. 4- تأمين الواقف مستقبل أقربائه وذريته وغيرهم من الأجيال اللاحقة، وذلك بإيجاد موْرد ثابت لهم، يدفع عنهم الحاجة والعَوَز؛ لأنه قد لا يتهيأ للأجيال اللاحقة جمع ثروات تحميهم من عوادي الدهر. 5- استمرار حصول القربة والثواب للواقف في حياته وبعد مماته.

وهكذا، فإن مجموعة الأهداف المتقدمة تدل على سمو البواعث الوقفية في الإسلام، ونبل مقاصدها الإنسانية، ولعل مجموع هذه الأهداف أو بعضها هي التي جعلت الإمام الشافعي يقول: (إن أهل الجاهلية فيما علمت لم يحبسوا (أي يقفوا ) تبررًا (أي طاعة) وإنما حبس المسلمون).

أنواع الوقف. ينقسم الوقف إلى نوعين اثنين، أولهما: الوقف الأهلي والذُّري، حيث يخص الواقف بمنافع وقفه أناسًا من أقربائه وأولاده وذريتهم من بعدهم. وثانيهما: الوقف الخيري الذي يبادر فيه إلى تقديم الخدمة الاجتماعية المجانية لأصناف وفئات عامة متنوعة في المجتمع الإنساني كالفقراء والمرضى والعميان والأيتام واللّقطاء وطلاب العلم والمعرفة ونحوهم ممن سيأتي بيانهم.



,.
’,
جزاك الله خير
موضوع رائع وطرحك راقي ..
نعومه..

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ

دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ

أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ

لك الشكر من كل قلبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.