مشاركتي المرعبه غموض ليلة من أكتوبر 2024.

نزلا من الحافلة بعد أن ناما و غاب عليهما أنها تجاوزت المحطة المقصودة بعدة محطات .. و ما حصل أنهما استيقظا ليجدا أن محفظتيهما قد سرقتا و لا مجال للعودة إلا سيرا على الأقدام .. الحافلة فرغت و لم يكن لهما إلا النزول دون قول أية كلمة …
الساعة الآن هي السادسة مساءا و الشمس تجمع خيوطها لمغادرة السماء عما قريب .. و من الأكيد المؤكد أنهما لن يصلا المنزل قبل أن يختفي اللون المشمشي في السماء إلا إن حصلت معجزة و توقف الزمن مثلا ..
الطريق طويل و الليل يخفي ما تبقى من ملامح الشمس التي انخفضت تحت الأفق بسكون .. بدأ هواء الخريف يعبث كطفل مشاكس في الأجواء .. و بدأت عواميد الإنارة بالعمل لتلقي بأضوائها الخافتة على الشارع الخالي من أي مخلوق .. يوحي بأن هذا المكان مهجور .. و بعدة مدة من المسير بدأ الضياع يقودهما في طريقهما بعشوائية .. هذا المكان لم يرياه أبدا رغم أنهما يحفظان المدينة عن ظهر قلب .. لا يعقل أنهما خرجا من حدود المدينة دون أن يعرفا ..
تتداخل الطرق بعضها ببعض و تضيق أكثر فأكثر و لا يعرفان طريقا للعودة .. ظل الأشجار ينعكس بوحشة على جدران البيوت المترامية على خط الشارع … صدى الخطوات خلفهما يصل إلى أذني أحدهما دونما أن يجد طريقا لأذني الآخر و يبدو أن أفكاره هي ما يحول دونما وصولها .. يكزه صديقه :" ألم تسمع شيئا خلفنا ؟" يحرك رأسه بالنفي و يلتفت خلفه ويقول محاولا طمأنة نفسه و نفس صديقه " هل تخاف من خيالك ؟!لا يوجد أحد غيره خلفنا !"نظر للخلف فكان ما قال صديقه صحيحا الشارع خالي ابتسم ثم حدق في القمر الذي تغطيه الغيوم البنفسجية .. "أتتوقع أننا لن نرجع؟!" يقول صديقه بابتسامة " أتعلم الأفضل لك أن تصمت !" …
تزداد ظلمة الليل و يجرد المكان من ملامحه تدريجيا و يبدأ الضوء بالخفوت أكثر مع دخولهما تلك الأزقة السوداء… زقاق خلف آخر .. تأخر الوقت و هما لا يزالان في متاهة لا بداية لها و لا نهاية ..ثلاث ساعات من البحث عن مخرج من هذا المكان .. حتى أن أحدهما عندما ألقى نظرة عابرة إلى ساعته خيل له أنها تخدعه بمرور الوقت بهذه السرعة .. العتمة تحول دون رؤيتهما .. يضيء الهاتف علَ ضوءه الصغير يفيد .. و يبدو أن صوت وقع الخطوات يعود مجددا ليتجاهلاه محاولين إقناع نفسيهما أنه صوت صدى خطواتهما .. متنفس للضوء يظهر في نهاية هذا الزقاق الطويل ركضا إليه كأنه حبل النجاة من هذا المكان .. و ما إن خرجا حتى قابلا ما أخرسهما و حال دون صراخهما من شدة هوله .. عكس الضوء وجهه لهما .. يحمل بين ملامحه ما يقول أنه سفاح مجرم .. السكين الغارقة بالدماء بين يديه .. و على جانبه جثة دون رأس .. والابتسامة الجانبية التي تعلو شفتيه بجرم و خبث .. يكاد قلباهما أن يقتلعا من شدة الهلع .. يتركان ساقيهما للريح علهما ينجوان و المكان الذي كانا يظنانه حبل نجاة أصبح الهروب منه حبل النجاة الوحيد..