تخطى إلى المحتوى

"/،،،لوحة من الماضي،،،/" -قصة قصيرة 2024.

"/،،،لوحة من الماضي،،،/"

خليجية

بسم الله الرحمن الرحيم

لوحة من الماضي

منذ أن إبتعدت عنها ، غزتني الذكريات ، ذكرى تلو الأخرى ، كل يوم ٍ أسقط في الفخ ، أحلل ظلمته لأكتشف قمة ضعفي و عدم مبالاتها !

كم كنتُ ساذجاً حينما بنيت أحلاماً سرابية على حب ٍ وهمي ، كم كنت ُ غبياً عندما رميت ما تربيت عليه طيلة حياتي من أجل خفقان قلب.

كان لزاماً علي أن أكتشف أن الحب ليس هو ذلك الشوق الدفاق ، و لا تلك الكلمات المعنونة بالحنان و العطف،

و أن أفهم أن أرقى أنواع الحب هو ذلك الذي يهديك حرية التحليق لا سجن التضييق وسط قضبان يعتقدونها أحضاناً.

هأنا أجلس أمام بركة الزمن ، أحرك يداي مع تيار الآهات. أمواجٌ الألم تعتقل تفكيري ، و شط الأحلام يبتعد عني

و تلك السفينة المغادرة لقلبي ، تفتح آفاقاً جديدة لمرسى ، لحب ٍ دمّر آخر أملاً لي في حياة تفتح أبوابها لأكون بين سماء آمالها من جديد.

إلتقينا ، على ضفاف لحظة تيه ، لحظة ضعف ٍ منسية ، قلت ِ لي فيها : " علينا أن نكون أصدقاء ، فنحن لا نصلح أن نكون أحباء " !

أشعلت ِ بذلك فتيل الحب ، و أكل مني الهوى ، و أصبح العشق ملاذاً و رفيقاً لدروب سكوني المظلمة.

قابلتك بنفس التخوّف ، و بذلك الترقّب لكل إنسان لم يكن يعي حجم الشرك الذي سقط في جوفه : " حسناً ، و أنا أيضاً في الحوجة لصديق ".

كانت تلك أولى سقطاتي ، بل كانت أولى طرقاتي الهدامة لمبادئي في الصداقة ، دائماً ما أعتقدت أن الأنثى لا يمكن أن تصبح صديقة ،

هي أمٌ نعم .. أختٌ نعم ، خالة ، عمة ، و آخر ما يمكن أن أطاله حبيبة لتصبح زوجة !

لكن صديقة ، و فاهات من الإستفهام فاغرة أمام وجهي ، كان نذيراً بأني أسير في غابة موحشة ، كل حركة مني هي إثمٌ أرتكبه و أمحو به جزء من أمجاد الماضي ،

الذي لطالما حافظت عليه نظيفاً .

لكن أنت ِ ، كنت ِ الهوة الأولى ، يوم كان حديثنا يدور حول العالم ، لنكتشف بأنك تعيشين في أقصى الشمال و أنا من أقصى الجنوب ،

لا تجمعنا عادة و لا تقليد ، لا أمل في خطبة أو تقريب ، كل منا كان لديه طريقه الخاص.

حلمك ِ كان الحب ، و حلمي كان الزوجة .

كانت هنا أولى صداماتنا العشقية عندما قلت ِ : " أريد أن أقول لك َ شيئاً ، لكن الخوف يكبل فمي "

– كلي آذان صاغية ، هل حدث يوماً أن قلت ِ شيئاً و لم أقم بسماعه.

" قلت ذلك بإبتسامة أراها اليوم أبله إبتسامة أطلقتها من شفتي "

– إنسى الأمر.

– لماذا ؟ .. لقد إعتدنا الصراحة.

– لتكتبي لي على ورقة ، ليتها لم تتوفر في ذلك الزمن .. أحبكْ .

كان تلك أول خفقة لقلبي اليتيم ، لم أعي حجم ذلك الشعور الذي فجّر دماء ضخت في كل مكان ٍ من جسدي ،

بإرتباك ِ إنسان ٍ بسيط ، بأحلامه الكبيرة ، و قلبه الضعيف ، إبتسمت ، فرّحت كطفل ٍ كان يبحث عن ذلك الشعور المفقود ، تلك النظرات التي تدفئك بحنوها،

و الإبتسامات الطفيفة التي تعني لك الكثير ، حركات الأيدي المتداخلة ، تعبيرات الوجه المتراسمة ، و خلجات الفرح المعطاءة.

كل ذلك كان بالنسبة لي كالحلم ، لم أفق منه إلا لحظة الحقيقة ، كانت أمي تقول لي : " إبتعد عن القصيرة ، و لا تقترب من تكبرك عمراً "

لكنها نسيت أن تقول لي إبتعد من تهديك حباً و لا تقبل بك َ زوجاً !!

في الماضي كانت كل لحظة بالنسبة لي مجرد روتين ، لكن معها كان للحياة طعم آخر ، أصبح لإشراقة الشمس ذلك الضياء المستنير ، و للهو القمر مع نجومه المحيطة

ذلك الإنبهار المنير.

كنا نتحدث ليلاً عبر الأثير ، نضحك ببراءة طفلين ، و نحلم بغد ٍ أفضل ، نبكي على سذاجة قدّرنا سراً ، ثم نلتقي في الصباح لنضحك على نفس السذاجة لكن علناً.

هي تهوى الإنبهار برومانسية آدم و عاطفته الجياشة ، كانت تقول لي : " أنت مختلف ، تبكي كالطفل ، و تنهر كالأسد ، تصمت كعجوز هرم ".

كانت تملك ُ تلك النظرة الثاقبة للأمور التي تعنيها ، و تتناسى تلك التي تعني واقعية الحياة و قدّر الدنيا.

تحاول دوماً أن تقفز على عتبة الزمن ، و تكتب على جداره أن حُبنا سيكون أسمى حُب ، و نسيت أننا بذلك نفقد بريق مستقبلنا.

إلتقينا ذات يوم في جو ٍ ماطر ، كانت تركض و تقفز كما الطائر الخارج من قفصه ، كانت كالطفلة.

قالت لي : " هيا تعال ، ألا تحب المطر ".

– أخاف من البلل.

– أنت مجنون .. لا يوجد أجمل من بلل المطر ، فيه ستولد من جديد.

– حسناً سأجرب .

و ليتني لم أجرّب تجريد مبادئي أمام طغيان انوثتها ، ليتني تمسكّت بآخر خيط ٍ كان يربطني بأحزاني ، و إستكنت في منزل الدموع الذي بنيته بكفيّ الماضي.

كنت ضعيفاً ، لا أملك ذلك الدرع الذي ترتديه القلوب لتحمي نفسها من عاطفة الأمل الكاذب.

يوم أتيتي خالعة قناع الحب ، و أترديت ِ قناع الواقع.

– ما بك ِ اليوم في قمة جمالك ! .. لم أرك ِ هكذا من قبل.

– ألم تسمع بالخبر .. لقد تمت خطبتي.

علمت حينها كم كنت ساذجاً و غبياً ، حينما سألتني : " هل ستظل تحبني ".

و ببراءة الطفل الذي لا يعلم حجم كلمة قد تودي بحياته قلت : " نعم ستظلين الأولى دائماً ".

كانت هذه أول طعنة وجهتها لنفسي بنفسي ، سكبت فيها دماء من الحبر ِ ، و ناضلت فيها نضالاً مع البؤس.

الناس ينامون ليلاً و آمالهم بصباح متجدد ، و أنا كان حلمي ان أموت و أنت ِ في أحضان رجل ٍ غيري.

عدت مجدداً إلى حياتي القديمة ، ذلك الرفيق الأبدي الذي فارقني لفترة كنت ِ فيها كل شيء ، ليعود هو ، لكن بمذاق المُرّ الذي تجرّعته و أنا أثق تماماً أنك ِ كنت ِ أكبر أخطائي.

– أحب أن أكون معك َ حتى تقابل من ستكمل حياتها معك ، لا أريد أن أتركك وحيداً.

– لكنك ِ مخطوبة و هذا عيب .. أتركيني ، اعلم كيف أجابه ظلماتي.

– لكنني ما زلتُ أحبك !

آه كم تلاعبت ِ بي تلك الكلمة التي هي بحجم أربعة أحرف ، لكنها تفوق حجم الجبال.

قاومتك ِ ، لكنني كأي آدم لا يتحمل طغيان أنثى لا يعلم بأنها تتلاعب به ، قبلتك ِ كصديقة ، لأكتشف ، بأنك ِ تلاعبين قلبي الضعيف مرة أخرى .

فأستسلم ، و أصبح أسير حرب ٍ بين سيفين ، سيف قلبك الذي إعتقلنيِ ، و سيف ضميري الذي لم يتوقف عن تأنيبي.

ليأتي اليومُ الذي خلعت ِ فيه جميع أقنعتك ِ و تتجرّدي أمامي بكامل حقيقتك ِ.

– سأتزوج قريباً.

– و ماذا تريدين مني إذاً ، إبتعدي عني.

– لكنني أحبك.

– هل الحب هو كل ما يهمك ِ ، إحترمي أهلك ِ أقله إن كنت ِ لا تريدين إحترام نفسك ِ.

– لكنني أحبك .. ألا تفهم .. أحبك !

– إلى اللقاء .. إنتهى ما بيننا منذ اليوم.

– لماذا تقول ذلك ، ما الفرق لديك إن كنا معاً حتى موعد زواجي ؟!

إكتشفت حينها كم إستصغرت أبسط حقوقي كآدم ، و علمت أنني كنت مجرد ألعوبة ، يركلها الناس متى أرادوا ، و يتركوها لحظة مللهم منها.

تركتها و أقفلت جميع سراديب ضعفي أمامها.

هأنا اليوم أرمم ما دمره شاطيء العشق ، و أسافر بسفينة لن ترسوا إلإ في بر الأمان ، و قررت حينها بأنني لن أفتح قلبي مجدداً لشطآنٍ من الوهم.

و لن أهب قلبي إلا لمن ستكون رفيقة للزمن ، و بلسماً لجرح رسمته فرشاة الضعف و الندم .

هأنا أجلس أمام ورقة بيضاء و أحمل فرشاتي منتظراً قدراً يلهمني بعشيقة تكون رفيقة للزمن.

———–تحياتي /لودي الدلوعه–خليجيةخليجيةخليجية

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
يعطيك العافيه ع الطرح النااايس
اسعد ني مروركم
احبابي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.