الزواج حلم كل فتاة وشاب، ولكن ما هو السن المناسب له؟، ولماذا نكون أحياناً "مستعجلين" لدرجة الخلاص، أو "متأخرين" لدرجة التردد؟..وهل يكون نجاح الزواج مقروناً بسن معين تبعاً لبلد أوعُرف أو حتى مذهب؟. ليست كلمة متزوج أومتزوجة هي الهدف بحد ذاته من الفكرة المطروحة، بل ما يوصل إليه هذا الوصف من "مرسى أمين" نحط عنده؛ لنجد الهدوء والاستقرار والأمان، وإفراغ حاجاتنا النفسية والجسدية التي لا تتم إلاّ من خلاله؛ ولذا يبقى قرار الزواج في "صراع مستمر" بين العمر الذي يمضي و"المغريات" التي أنهكت "المراهقين"، والاستعداد المادي الذي تأخر كثيراً.
الزواج المبكر
بدايةً يؤكد "مازن عمر الملا" – محاضر بجامعة الملك فيصل- على أنّ الزواج أمر حث عليه الإسلام ورغّب به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"، حيث بهذه الصلة الوطيدة؛ يتكون البيت المسلم الذي يسهم في الحفاظ على دينه ووطنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تزوج العبد، فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله فيما بقي)، مضيفاً: فديننا الحنيف حث على الزواج المبكر، ولم يخصصه بين عمر محدد، وإنما أطلقها على فئة الشباب، وذلك حفظاً له واستكمالاً لدينه، موضحاً بأنّ السن المناسب للزواج يتوقف على مدى نضج الشاب والشابة لمواجهة هذا التغير الجديد في حياتهم من جميع الجوانب، وأيضاً أصبحت ظروف المعيشة المادية وغلاء المهور من أهم العوامل التي تحجم الرجل عن الزواج المبكر فبعد إكمال دراسته الجامعية، وإيجاد العمل المناسب الذي يؤهله لإعالة أسرة ما يلبث إلا أن يصل للثلاث
مبررات الزواج المبكر بحاجة إلى استقرار ما
طموحات الشباب
ويرى "م.نبيل الوصيبعي" بأنّ السن المناسب للزواج المبكر يختلف حالياً عن قبل 50 سنة، فقد كان السن المبكر للزواج مابين 16 – 18 عاماً والآن بين 20 – 25 عاماً، وهذا يأتي من اختلاف نمط الحياة وطموحات الشباب في التحصيل العلمي والمعرفي، أما اختلافها من بلد إلى آخر فنعم هناك اختلافات تحكمها الأوضاع الاجتماعية والمادية على حد سواء، أما الأعراف والأسباب فهي ميدان متسع تتضاد فيه الآراء والمعتقدات، مشيراً إلى أنّ هذا برهان قاطع على شمولية الرسالة النبوية الكريمة لكل زمان، فهذه أمراض الاتصال غير الشرعي وأصداؤها كالإيدز والعياذ بالله وغيره من الأمراض، التي لو حكمت بالاتصال الشرعي لقضي عليها بل لم تكن لتوجد أساساً لو طبق شرع الله وسنة نبيه.
الأرقام العمرية
وأشار إلى أنّ الزواج المبكر باختلاف الأرقام العمرية واختلاف البيئات المحيطة والدول؛ يخضع لعناصر متعددة تحكم الفرد نفسه (هواه، طموحه، تعليمه، مستواه المادي) والدور الفعال للمجتمع الذي يعيش فيه (ارتفاع المهور، متطلبات الزواج، قصور الحفلات) التي تعيق من وجود صفة الزواج المبكر في المجتمعات، كما لا ننسى دور الأسرة في ذلك ورغبة الأهل من الطرفين بقبول التعايش الأسري تحت سقف واحد كما السابق، فكل هذه المجموعة وما قد نسيته منظومة متكاملة في بروز الزواج المبكر او اختفائه في المجتمعات بشكل عام.
التكاليف الباهظة
وترى "سميرة عبدالوهاب الموسى" -مديرة وحدة الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بالأحساء- أنّ السن المناسب للزواج للفتاة من بعد 17سنة مناسب، وللشاب من فوق 20 سنة فهو مناسب، داعيةً جميع فئات المجتمع لتسهيل إجراءات الزواج والبعد عن التكاليف الباهظة من منطلقات التقاليد والأعراف؛ التي كبلتنا قيوداً؛ لتيسير زواج الأبناء وفقهم الله وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم بما في معنى الحديث (خير النساء أقلهن مهوراً) حماية وتحصيناً لشبابنا وفتياتنا، وما قضايا الابتزاز إلا نتاجا لتلك التعقيدات.
رعاية الشاب
وقال "سلمان الحجي" -عضو المجلس البلدي-: "مما لاشك فيه يتغير سن الزواج من بلد إلى آخر ففي بعض البلاد يشترطون سناً معياًن للزواج، وفي بلاد أخرى يطلقون العنان متى ما أراد المسؤول عن رعاية الشاب تزويجه حتى لو كان صغيراً، وكذلك تتم الموافقة على تزويج الفتاة الصغيرة من دون حرية اختيار من هذا أو من تلك متجاهلين الآراء الدينية، وما قد يؤول إليه ذلك الزواج"، مشيراً إلى أنه في مجتمع آخر الظروف الاقتصادية هي التي تتحكم في تحديد سن الزواج خصوصاً إذا ما نظرنا إلى تزايد سقف فواتير الزواج، وارتفاع تكاليف المعيشة، وانخفاض مستوى الدخول، وشح المساعدات المالية التي تقدمها تلك الدول للمقبلين على الزواج.
تحقيق المصالح
وأوضح "الشيخ.عبدالمنعم الحسين" أنّ الله شرع الزواج لخلقه حكمة منه سبحانه وتعالى، حيث قال جل من قائل: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها"، فالزواج آية من آيات الله تعالى يتحقق به مصالح عدة من إعفاف النفس لكليهما، وكذلك التكاثر وحفظ النسل، ولما كانت مقاصد الزواج كثيرة كان أيضاً حرياً الحديث حول السن المناسب للزواج للشاب والفتاة، وما يحدث ويتناقل عند وسائل الإعلام من تزويج لصغار واحتفاء الأهل والأسرة بذلك في منظر أشبه باللعبة فلا الولد ولا البنت يعقلان ويعيان ما فكرة الزواج وما الحقوق وما الواجبات وما معنى أن ترتبط ويرتبط كلاهما بالآخر وعلى ذلك ما يحدث من مثل هذه التصرفات مدعاة لإساءة استخدام حق الولاية.
النظم والقوانين
وأضاف: ومع تغير الحياة الحديثة ومع سن الكثير من النظم والقوانين المدنية التي تضبط كثيرا من المصالح الدنيوية المحضة، ولما يحدث من أضرار على الأولاد الصغار من زواجهم في مرحلة مبكرة ومخاطر تعصف بحياتهم ونفسياتهم، وليس نجاح واستقرار زيجات تمت في الحياة سابقاً، فليس معناه دعوة الناس لاستمرار تلك الممارسات، ونرد على أصحاب هذا الفكر بدعوتهم لترك النظارة الطبية وترك السيارة وترك الجوال، وترك المدنية الحديثة والتمسك بركوب الدابة في التنقل وغيرها حيث كانت هذه الوسائل هي المتبعة.
الزواج الافتراضي
وأشار "الحسين" إلى أنّ المشاهد والمطلع على المصالح والمفاسد في أمر الزواج المبكر ومشاهدة الحال في البلاد العربية والإسلامية، وكذلك البلاد في سائر العالم فإنّ حقوق الإنسان أصبحت؛ تجرّم حالات زواج القواصر والزواج المبكر الذي تكون معه الفتاة ربما غير جاهزة لتحمل مسؤولية زواج وحمل ومسؤولية زوج وحياة اجتماعية، وربما كان مدعاة لطلاقها وحملها لقب مطلّقة، وتقل فرص نجاحها الاجتماعية أو الحصول على زوج آخر، وكذلك حالة الشاب (الزوج الافتراضي)، حيث تغيرت تربيته إلى الاعتمادية وقلت المسؤولية وتحملها عنده بحيث يظهر لنا مغامرة تزويج الشاب مبكراً، وهو لا يستشعر تبعات الزواج ومسؤولياته وربما بعقلية كهذه اتجه للإهمال واللامبالاة وربما قرر الانفصال وعدم إكمال الزواج بحيث يكون ضحية هو وهي.
متغيرات اجتماعية
وأكد على أنّ واقع كهذا ومتغيرات اجتماعية وقانونية؛ ينبغي إعادة النظر في الموضوع لا بنظرة الحلال والحرام، ولكن بنظرة المقبول وغير المقبول يصح ولا يصح، حتى لو قلنا بتدخل ولي الأمر لضبط موضوع الزيجات بالذات القصّر وتجريم من يزوج فتاته، ويتجاهل مصلحتها ويضر بها، حيث أكثر من حادثة اجتماعية؛ صارت البنت ضحية هروب، ضحية تعنيف ضحية جنوح لا سمح الله، والسبب هو النظرة غير الحضارية لموضوع الزواج، مضيفاً: لا ينبغي وضع كل الحمل على القانون والنظام وإنما يكون هناك دور ليس بالقليل على التعليم وعلى المؤسسات الاجتماعية في التوعية وتثقيف الناس، وعلى الإعلام أيضاً الطرح بأسلوب جيد لا بأسلوب هجومي يطرح بأسلوب النقاش والحوار.