تخطى إلى المحتوى

أكاديمية إعداد الدعاه – الشريعة الاسلامية 2024.

أكاديمية إعداد الدعاه

الموضوع منقول للامانة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً ملئ السماوات والارض وملئ ما بينهما وحتى يرضى حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وأصلى وأسلم على من لا نبى بعده
أما بعد :-
حياكم الله جميعاً وشرح الله هذه الصدور وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنى وإياكم في الدنيا دائما وأبداً على طاعته وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في
جنته ودار كرامته. إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شىء قدير..
فى البداية :-
اخترت أن يكون إسم الموضوع الذى سأتحدث فيه معكم ( تدريب عملى ) وهو ما يؤكد لكم أن التجربه العمليه هى خير دليل وفى نفس الوقت ليكون تدريب عملى بالفعل لكل الدعاه ثم رأيت أن الموضوع سيتوسع عن فكرة التدريب العملى فقررت أن اسميها ( أكادمية إعداد الدعاه ) ولتتقبلوا منى هذا الجهد المقل والله المستعان وعليه التكلان
أولاً :-
يجب على الداعيه إلى الله أن يسلك الطريق المستقيم الموصل إلى الله والذى لا يستطيع أحد أن يدلنا عليه إلا من طريق واحد وهو ما قاله الله تعالى وقاله رسول الله الذى لا ينطق عن الهوى وعلى ذلك فالبداية يجب أن تكون من تأسيس الداعية لنفسه أولاً من خلال دراسة كتب العقيدة أو حضور دروس فى علم العقيدة والتوحيد وهى الاصل الاصيل فى الموضوع فما نراه كل يوم من احداث فهى ناتجه عن عقائد منحرفه وضاله
ثانياً :-
ما سنشرحه هنا من عقائد هى عقائد مختصره توضيحيه ولها صله بالموضوع الذى نتحدث فيه وهو عقائد المسيحيه الباطله وماذا نعتقد نحن الملمون فيهم وهذا حتى يتثنى لكل طالب فى الاكادميه أن يدعو على بصيره أما العقائد الاسلاميه الصحيحه فقد نشير إليها ولكن لن نخوض فى التفاصيل فهناك من أهل العلم من هم أعلم ولهم كتبهم فى هذا المجال الذى قتل بحثاً ولكن سنشير بإذن الله لبعض كتب أهل العلم من باب الاستناد له
ثالثاً :-
يجب أن نتفق سوياً أن الأمر لا يؤخذ بتسرع وإنما سيأخذ وقت ولذا سميتها أكادميه لانها ستحتاج منك لتواصل معنا وأجتهاد فى التعلم وسنرشد المتفرغين لقراءة بعض الكتب وسيطلب من المجتهدين عمل أبحاث وكل هذا مما يجعل الفرد يشعر بذاته وخصوصيته ويدفعه إلى المنهج الاكاديمى والاستشهاد بالدليل العقلى والنقلى
رابعأ :-
يجب على طالب العلم ألا يستحى أن يسأل فبعون الله نجيبه بإستفاضه فلكل سؤال جواب من القرأن الكريم والسنه النبويه وأقوال أهل العلم فأنا هنا لا أدعى المعرفه لانى عبد الله الفقير
خامساً :-
ما دفعنى الى انشاء الاكادميه هو ان اصدقائى واحبائى كانوا بالفعل يعتقدون اعتقادات خاطئه عن المسيحيون الموجودون بيننا اليوم وكنت أجد بعض اصحابى يستشهد بالقراءن الكريم فى غير موضعه مما دفع بعض المسيحيين للتعاظم واستخدام القرءان فى اثبات عقائدهم الباطله . وأيضاً وجدت أن هذا الباب من أبواب العلم لم يقدم بالشكل الصحيح وكنت ألتمس الاجر والثواب من الله فى دعوتى للمسيحيين و أردت أن أكون ممن يدل على الخير
سادساً :-

وأسأل الله أن يرزقنا الاخلاص وينقنا من النفاق والرياء ويتقبل منا ومنكم صالح الاعمال .اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وصلى اللهم على محمد وعلى اله وصحبه وسلم وأن اخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

التهميد

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ..
أما بعد
فحياكم الله جميعا أيها الأخوة الفضلاء وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذه الدنياوهذا المنتدى الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنته ودار مقامته ، إنه ولى ذلك والقادر عليه ..

أخوتى " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ" يوسف108
فكان الهدف من اقتراحى لتلك الاكاديميه هو ان نكون على بصيره عندما نتحدث فى علم مقارنة الاديان واقصد هنا مقارنه الدين السماوى الوحيد الاسلام ( وهو دين الله ) وأديان البشر ( الناتجه عن تحريف البشر للرسائل السماويه عن طريق وسوسة الشيطان لهم ولغيرهم بإتخاذ اديان أرضيه أخرى ) وإن كنت لا أرغب فى تسميتها أديان فهى لا تستحق ذلك وأيضاً لا يوجد مجال للمقارنه فالفرق بينهم تماماً مثل الفرق بين الله وأى مخلوق من مخلوقات الله ولكن سأستخدم هذا اللفظ حتى يكون الامر واضح مستعينا بالله ومسترشداً بالقرءان " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ " التوبه 33

** وقال الشيخ ابن القيم رحمه الله فى كتابه هداية الحيارى
إن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً رسولاً إلى أهل الأرض وهم خمسة أصناف قد طبقوا الأرض: يهود ، ونصارى، ومجوس، وصابئة، ومشركون. وهذه الاديان الخمسة للشيطان
وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: الأديان ستة واحد للرحمن وخمسة للشيطان . وهذه الاديان الستة مذكورة في آية الفصل " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" الحج 17

وعلى ذلك قمنا بإقتراح إنشاء هذه الاكاديميه للدراسه وادعوا الله تعالى أن يكتب لنا جميعاً التوفيق

فى البدايه:-
كما ذكرنا هدف الاكاديميه التبصير ببعض العناصر الواجب أن يعرفها أى داعيه إلى الله ولمّا كان الموضوع له جوانب كثيره فقد قمت بتقسيم الاكاديميه إلى مستويان :-

1- المستوى الاول ( التمهيدى ) :-
والذى ندعوا الله أن يكون الأساس فى إعداد جيل من الدعاه المسلمين الذين يتوجهون بالخطاب لفئه معينه من المسيحيين تبلغ نسبتهم ما يقرب من 94 % من إجمالى عدد المسيحيين من كل الطوائف المسيحيه فى كل البلاد الناطقة باللغه العربيه مع مراعاة إختلاف ثقافاتهم وذلك عن طريق إجراء مناقشات وحوارات بإسلوب راقى وعلى درجه علميه مقبوله ولديهم المنهج الصحيح فى الدعوة ( من وجهة نظرى)

2- المستوى الثانى ( المتقدم ) :-
واعتقد ان هناك بعض الاخوه يعملون الان بالفعل فى التجهيز لهذا المستوى المتقدم لاعداد دعاه مسلمين على أعلى مستوى علمى فى جميع فروع العلم الشرعى ليكونوا دعاة المستقبل يردون الشبهات ويدخلون فى المناظرات ويتوجهون بالخطاب للفئه المتبقيه والتى نسبتها 6 % تقريباً( والذى سأسعى جاهداً للالتحاق به بإذن الله)

والله من وراء القصد وهو المستعان

المقدمه

** وهى مقدمه لابد منها عن أهميه العلم
حاولت أن أعطى فكره عن أهمية العلم ولكن لانه أصل هام وله فروع كثيره فقد أختصرته على قدر الامكان ولمن اراد الاستزاده فهناك العديد من الكتب قد صنفت فى هذا الباب الهام تستطيعون أن تجدوها بسهوله وأنواع العلم هنا :-

**من حيث النوع إلى نوعان :-
1- دينى ( شرعى ):- ويؤخذ من أهل العلم ( يسمون العلماء الربانيين ) الذين وهبوا حياتهم من أجل الدعوه إلى الله

2- دنياوى(طبيعى):- ويؤخذ من العلماء فى شتى فروع العلم البحثى كلاً فى تخصصه

** من حيث الصحة إلى :-
1- علوم صحيحه:- ( الدينى والدنياوى المستوحى من ايات القرأن والسنه بعموميتهما) وهو أهم العلوم على الاطلاق ففيه كل ما تحتاجه من امر الدنيا والاخره فالقرءان الكريم والسنه هم المنبع الاصلي الذى لا ينضب للعلوم الصحيحة بنوعيها فى كل زمان ومكان وفى الحديث الذى أخرجه الترمذي و الدارمي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب انه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ستكون فتن كقطع الليل المظلم ، قلت : يا رسول الله ! و ماالمخرج منها ؟ قال : كتاب الله تبارك و تعالى ، فيه نبأمن قبلكم و خبرمن بعدكم ، و حكم ما بينكم ،هو الفصل ليس بالهزل ،من تركه من جبارقصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين ، و نوره المبين و ذكره الحكيم ، و هو الصراط المستقيم ،و هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، و لا تلتبس به الألسنة ، و لا تتشعب معه الآراء ، ولا يشبع منه العلماء ، و لا يمله الأتقياء ، و لا يخلق على كثرة الرد ، و لا تنقضي عجائبه ، و هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ،من علم علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم )

2- وأخرى غير صحيحه ( الفلسفيه ) وهى المستوحاه من عقول البشر الذين يتبعون الهوى فيضلهم كل الضلال

** ملحوظة هامة :- العلم الذى اشتملت عليه الكثير من ايات القرءان والاحاديث يشمل كل معرفة تنكشف بها حقائق الأشياء وتزول به غشاوة الجهل والشك عن عقل الإنسان سواء أكان موضوعه الإنسان أو الوجود والغيب وسواء أكانت وسيلة معرفته الحس والتجربة أو وسيلته العقل والبرهان أو وسيلته الوحي والنبوة

** ومن أهميه العلم:-
ان الله تعالى قال" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ" الزمر- 9

أحبتى فى الله: إن أفضل ما يطلب فى هذه الدنيا هو العلم وكفانا أن نعلم أن الله تبارك وتعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الأزدياد من شئ إلا من العلم قال الله تعالى" وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً" طه 114. بل ويشهد الله جل وعلا لنفسه بالوحدانية ثم يثنى فى هذه الشهادة الجليلة الكريمة بملائكته ثم بأهل العلم قال الله تعالى " شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" آل عمران18 والآية هنا فيها أن (أولي العلم)الذين عطفهم الله تعالي على الملائكة فى الشهادة لله بالوحدانية, هم الذين استنارت بصائرهم بالعلم والمعرفة, سواء كان علمهم دينياً ( شرعياً) أو دنياوياً (طبيعياً)
وقد رأينا فى علماءالكون من شهد لله تعالي بالوحدانية والتفرد بالقدرة والجلال والكمال. كما فى كتاب. ا. كريسي موديسون (رئيس اكاديمية العلوم بنيويورك)الذى ترجم إلى العربية بعنوان (العلم يدعو إلى الإيمان). ومثله كتاب (الله ينجلي فى عصر العلم). بأقلام ثلاثين عالما متخصصا فى العلوم الكونية أو الإنسانية . وهذا معناه أن كل العلوم الكونيه أو الانسانيه تدل على وجود خالق واحد لا إله إلا هو قال الله تعالى " ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" الانعام 102

بل وجعل القرآن اتباع الظن والخرص وراء ضلال أكثرية أهل الأرض وإضلالهم عن سبيل الله.
قال الله تعالى " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ" الأنعام 116
— ويخرصون هنا معناها يكذبون فيما ينسبونه إلى الله تعالى
ويجب هنا ألا نتبع الأهواء والعواطف فى مجال العلم. فيجب أن ترفض العقليه العلميه النابغه الهوي والعاطفة فالهوى يعمي ويصم واتباع العواطف قد يضلل الإنسان عن الحق وخصوصا العواطف الهوج مثل الحب الشديد والكره الشديد والغضب الشديد.
ولهذا عاب القرآن على المشركين هذين الأمرين: اتباع الظن وهوى الأنفس معاً . فقال فى شأن أصنامهم التى اتخذوها آلهة . مثل اللات, والعزى, ومناة
قال الله تعالى " إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى" النجم 23

وقال الله تعالى " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" ص 26

وفى ذم اتباع الهوى: قال الله تعالى" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ" الجاثية 23

{ المحاضرة الأولى }

* المصطلحات *

( هى الكلمات ومعناها الاصطلاحي لان المعنى اللغوي أحيانأً لا يعطينا المفهوم المتعارف عليه )

** أهمية المحاضرة :- قد تواجه الداعيه بعض المصطلحات ( الكلمات ) فى طريق دعوته ويجب عليه أن يكون ملم بها إلماماً كاملاً وذلك لاننا نتوقع جيل من الدعاة على درايه بأشياء كثيره وقد يواجهه فى طريقه من يتحدث معه عن أى شيئ فيجدر بالداعيه أن يكون على درايه حتى يتكلم من منطلق علم وليس عشوائياً فيتم إحترامه من الطرف الاخر ويقوم بتصحيح أخطاء الطرف الاخر الفكرية إن وجدت فالمشكلة الاساسيه كما ذكرنا مشكلة الجهل

( الدرس الأول )

** أهمية الدرس الأول :-

التفرقه بين من ليس له دين (الملحد) ومن له الدين

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران 102.
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء 1
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب 70 – 71.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ( هذه خطبة الحاجة التى كان النبى صلى الله عليه وسلم يستفتح بها خطبة ودروسه ومواعظه )
أما بعد:
فمرحباً مرحباً بأحبتى فى الله:
نضر الله هذه الوجوه التى طال شوقنا إليها وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور التى جمعنا وإياها كتاب الله. وإنه لمن فضل الله تعالى أن نلتقى بحضراتكم فى أول تلك الدروس التى نتمنى من الله أن يوفقنا فيها وتكون مفيده للجميع و أ ٌشهد الله تعالى أن ما بها من توفيق فمن الله وما بها من خطأ فمنى ومن الشيطان عليه من الله ما يستحق وأعوذ بالله السميع العليم منه ومن كيده

** الفصل الأول :- مفهوم اللادين ( الإلحاد )
هو مذهب فلسفي يقوم على فكرة أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق ( صدفة ً ) وأن المادة أزلية أبدية ، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت. والإنسان نشأ بواسطة النشوء والارتقاء والتدرج .

** ويعد أتباع العلمانية هم الذين أعادوا نشر هذا المذهب أو الاتجاه الإلحادى ومن هؤلاء أتباع الشيوعية و الوجودية و الداروينية ونشر اليهود نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظريات دوركايم في علم الاجتماع، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها مجرد خيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم.
وقد صدر كتاب في تركيا عنوانه: مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي. وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وإشادة بالعقلية الأوروبية.
وألف إسماعيل أحمد أدهم رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد؟
و إسماعيل مظهر أصدر مجلة العصور وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً. معيداً تاريخ الشعوبية ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم.

@ ومن أعلام الإلحاد في العالم فى هذا الزمان :
– أتباع الشيوعية: ويتقدمهم كارل ماركس اليهودي الألماني. و إنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا وأصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي .
– أتباع الوجودية: ويتقدمهم: جان بول سارتر. و سيمون دوبرفوار. والبير كامي.
– وأتباع الداروينية.

@ ومن الفلاسفة والأدباء :
نيتشه فيلسوف ألماني. و برتراند فيلسوف إنكليزي وهيجل فيلسوف ألماني. وهربرت سبنسر إنكليزي كتب في الفلسفة وعلم النفس والأخلاق وفولتير أديب فرنسي.

@ ومن الشعراء الملاحدة :
الشاعر عبد اللطيف ثابت الذي كان يشكك في الأديان في شعره. والشاعر الزهاوي يعد عميد الشعراء المشككين في عصره.

** وقد انتشر الإلحاد أولاً في أوروبا، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا.. وبقاع من العالم. وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه.. وأنشأت له مدارس وجمعيات.

** والإلحاد بدعة ليست جديدة بل كانت موجود قديماً ولكن كان نادراً في بعض الأمم والأفراد.
— وقد ذكرنا بعض اسماء المشاهير الذين عملوا على نشر هذا الاتجاه فقط لكى لا ننخدع

قال الله تعالى " بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ" المؤمنون 81-82

** نظره تؤكد وجودهم قديماً:
لقد قال الله تعالى "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ" الانعام 38
ولان القرءان والسنه كما ذكرنا لم يتركا شيئاً كان إلا وأخبرانا عنه ولا شيئاً كائن إلا وأخبرانا عنه ولا شيئاً سيكون إلى يوم القيامه إلا وأخبرانا عنه إما إجمالاً أو تفصيلاً
** وعلى ذلك بحثنا فى القرءان عنهم ووجدناهم هم وعقائدهم كامله :-

@ أفكارهم ومعتقداتهم:
1- إنكار وجود الله سبحانه ، الخالق البارئ، المصور، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
قال الله تعالى "أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ(58) أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الخَالِقُونَ (59) " الواقعة 58-59
2- وبالتالى إنكار البعث وإن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.
قال الله تعالى "وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ "الانعام 29
قال الله تعالى "إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ "الدخان 35
3- الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية.
"وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ" الجاثيه 24
4- إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت. ومنهم من يقول أن أصل الانسان تدرج من القرد الى حيوان ارقى منه وهكذا
" أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ" (36) الطور 35- 36
5- إنكار معجزات الأنبياء لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم، كما يزعمون.

** ومن العجب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال.
— وكذلك يقول المكذبين فى كل زمان لكل نبى يأتى بالمعجزات
قال الله تعالى "أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ "يونس 2
وغير ذلك من عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية، ولا بالروح والجمال. وتتعدد الايات التى تتحدث عنهم وتأكد بنفسك

** ملحوظة هامه :- الإلحاد يكثر وينتشر فى الأماكن التى بها جهل دينى وتقدم علمى فلسفى ويكون نادراً فى الأماكن التى بها وعى دينى وبذلك فهو يرتبط عكسياً مع الوعى الدينى
{ وسنتحدث فيما بعد عن كيفيه التعامل مع هؤلاء الأشخاص بالحكمة والموعظة الحسنة حتى نصل بهم إلى درجة الإدراك }

** قول مأثور :- إذا نزع الدين من الصدور فلا تتعجب من الفجور

** الفصل الثانى :- مفهوم كلمة (الدِّين)
— إذا بحثنا عن مفهوم كلمة (الدِّين) في اللغة:
وجدنا لها معاني كثيرة مختلفة تعود في نهاية الأمر إلى ثلاثـة معاني تكاد تكون متلازمة، فتتضمن ثلاثة أفعال بالتناوب فتكون كلمة (الدِّين) معناها كالاتى :-

1- تؤخذ أحياناً من فعل مُتعدٍ بنفسه: (دانه يٌدِينه)
2- وأخرى من فعل متعدٍ باللام: (دان له)
3- وأخرى من فعل متعدٍ بالباء: (دان به)

** وباختلاف الاشتقاق تختلف الصورة المعنوية التي تعطيها الصيغة.

1. فإذا قلنا: (دانه دِينًا) فنعنى هنا أنه مَلَكَه، وحَكَمَه، وساسه، ودبره، وقهره، وحاسبه، وقضى في شأنه، وجازاه، وكافأه.
فالدِّين في هذا الاستعمال يدور على معنى المُلك والتصرف بما هو من شأن الملوك من السياسة والتدبير، والحكم والقهر، والمحاسبة والمجازاة. ومن ذلك قال الله تعالى "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" الفاتحة 4 ، أي يوم المحاسبة والجزاء. وفي الحديث قال رسول الله "الكَيِّسُ من دان نفسه"، أي حَكَمَها وضَبَطَها. و(الديَّان) الحَكَم القاضي.

2. وإذا قلنا: (دان له) أردنا أنه أطاعه، وخضع له. فالدِّين هنا هو الخضوع والطاعة، والعبادة والورع.

** ملحوظة :- وكلمة (الدِّين لله) يصح أن منها كلا المعنيين: الحُكم لله، أو الخضوع لله.

— وواضح أن هذا المعنى الثاني ملازم للأول ومطاوع له. (دانه فدان له) أي قهره على الطاعة فخضع وأطاع.

3. وإذا قلنا: (دان بالشيء) كان معنـاه أنه اتخذه دينا ومذهبـا، أي اعتـقده أو اعتاده أو تخلَّق به. فالدِّين على هذا هو المذهب والطريقة التي يسير عليها المرء نظريًا أو عمليًا.

** والمذهب العملي لكل امرئ هو عادته وسيرته.
** والمذهب النظري عنده هو عقيدته ورأيه الذي يعتنقه.

كما يقال: (هذا دِيني ودَيْدَني).

ولا يخفى أن هذا الاستعمال الثالث تابع أيضًا للاستعمالين قبله، لأن العادة أو العقيدة التي يدان بها، لها من السلطان على صاحبها ما يجعله ينقاد لها، ويلتزم اتِّباعها.

** وجملة القول في هذه المعاني اللغوية :
أن كلمة (الدِّين) عند العرب تشير إلى علاقة بين طرفين يعظِّم أحدهما الآخر ويخضع له. فإذا وصف بها الطرف الأول كانت خضوعا وانقيادًا، وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمرًا وسلطانًا، وحُكْمًا وإلزامًا، وإذا نظر بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين كانت هي الدستور المنظم لتلك العلاقة، أو المظهر الذي يعبر عنها.

** ونستطيع أن نقول: إن المادة كلها تدور على معنى لزوم الانقياد،

— فـفي الاستعمال الأول:- الدِّين هو إلزام الانقياد .
— وفي الاستعمال الثاني:- هو التزام الانقياد .
— وفي الاستعمال الثالث:- هو المبدأ الذي يُلتزم الانقياد له وبه .

ونقول: إن كلمة الدِّين التي تستعمل في تاريخ الأديان لها معنيان لا غير.
(أحدهما) هذه الحالة النفسية etat subjectif التي نسميها التدين religiosite.
(والآخر) تلك الحقيقة الخارجية fait odjectif ومعناها: جملة المبادئ التي تدين بها أمة من الأمم، اعتقادا أو عملا

— الدِّين اصطلاحا:
لان المعنى اللغوي لا يعطينا المفهوم الذي يستخدمه الناس في أعرافهم ومصطلحاتهم ، فحاولنا أن نجمع المعنى الاصطلاحى للكلمة والتى يتعارف عليها الناس وقد عرّفه بعض العلماء بتعريفات متقاربة.

– قيل عنه :- أنه وضع إلهيٌ يوصل ذوي العقول السليمة باختيارهم ، إلى الصلاح في الحال، والفلاح في المآل عن طريق قبول ما هو عن الرسول. فهو وضع إلهي يرشد إلى الحق في الاعتقادات والعبادات وإلى الخير في عموم السلوك والمعاملات ، سواء كان هذا السلوك مع الله، أم مع خَلقه
– وقيل عنه :- (الدِّين هو الرباط الذي يصل الإنسان بالله).
– وقيل عنه :- (الدِّين هو الشعور بواجباتنا من حيث كونها قائمة على أوامر إلهية).
– وقيل عنه :- (الدِّين هو مجموعة واجبات المخلوق نحو الخالق الله ، وواجباته نحو الجماعة ، وواجباته نحو نفسه).

@ مفهوم كلمة (الدِّين) في القرآن:
من تتبع كلمة (الدِّين) في القرآن الكريم، مُعَرَّفـة أو منكـرة، مجـردة أو مضافة: يجد لها معاني كثيرة يحددها السياق.

— فأحيانا يُراد بها الجزاء: مثل قال الله تعالى " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" الفاتحة 4
— وأحيانا يُراد بها الطاعة: كما قال الله تعالى " وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ" النساء 164
— وأحيانا يُراد به أصول الدِّين وعقائده: كما قال الله تعالى " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ" الشورى13

** ملحوظه هامه :- فالذي شرع الله لأمة محمد من الدِّين هو ما وصَّى به أولي العزم من الرسل ( نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) وهو أن يقيموا الدِّين ولا يتفرقوا فيه.

** والدِّين هنا الذي جاءت به الرسل كلهم ( سيتم توضيحه بإستفاضه فى الدروس القادمه بإذن الله ) – كما قال الحافظ بن كثير- هو: عبادة الله وحده لا شريك له ، قال الله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" الأنبياء25
— وفي الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم "نحن ( معشر الأنبياء ) ديننا واحد". أي القدر المشترك بينهم هو عبادة الله وحده لا شريك له، وإن اختلفت شرائعهم ومناهجهم،قال الله تعالى " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً " المائدة 48
لهذا " أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" الشورى13 ، أي وصَّى الله تعالى جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالائتلاف والجماعة، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف

— وقد يُراد بالدِّين إذا ذكر في القرآن: الإسلام خاصة، قال الله تعالى " أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ" آل عمران83
قال الله تعالى " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ" [التوبة: 33، الفتح:28، الصف:9].
— كما قد يُراد به العقيدة التي يدين بها قوم من الأقوام، وإن كانت باطلة، كما في أمره تعالى لرسوله أن يقول للمشركين الكافرين: " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ"الكافرون6
— وقد يراد به الأصول خاصة، فيكون بمعنى المِلَّة،" دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ" الأنعام161
— وقد يراد به أيضًا الفروع خاصة، قال الله تعالى " الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ" البينة5

* ملحوظة هامة :-
ومن هنا يتبين أن كلمة الدِّين لا تقتصر على الدِّين الحق وحده، بل تعني: ما يدين به الناس ويعتقدونه، حقا كان أم باطلا. صحيحاً أو محرفاً
— ولكن إذا أضيفت مثلا لله فالمقصود منها هو الإسلام، وهو الذي قال القرآن فيه قال الله تعالى " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ" آل عمران19.
وقال الله تعالى " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ" آل عمران85.

حتى ما يُسَمَّى (الأديان الكتابية) لا يُعْتَد بها، ولا تُعْتبر دينا، بعد أن حرفها أهلها ونعتبرها أديانا باطلة ، وجاء الإسلام فنسخها. ولكنها أديان يدين بها أصحابها.
قال الله تعالى " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً …" ال عمران 85 ، فقد سماه الله دينا.
و في شأن أهل الكتاب: قال الله تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ …" النساء171 ،
بل أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في شأن الوثنيين من المشركين الكافرين أن يقول لهم: قال الله تعالى " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" الكافرون 6
وقال في شأن الكافرين: قال الله تعالى "الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا" الأعراف51.
فالدِّين يشمل ما هو حق، مثل ما بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وما هو باطل، كالأديان التي جاء بنسخها والظهور عليها،
قال الله تعالى "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" [التوبة:33، الفتح:28، الصف:9]،
فما أرسل الله به محمدا صلى الله عليه وسلم هو (دين الحق) الذي وعد الله أن يظهره على (الدِّين كله) أي الأديان كلها، فهي أديان لم يعد لها أحقية بعد ظهور الإسلام. أي أنه أبطلها.

** قول هام :- الدين الصحيح ( التوحيد ) وهو حق الله على الإنس والجن أجمعين

( الدرس الثانى )
** أهمية الدرس الثانى :-
التفرقه بين الدين والملة والشريعة والفطرة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران 102.
قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء 1
قال الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب 70 – 71.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ( هذه خطبة الحاجة التى كان النبى يستفتح بها خطبة ودروسه ومواعظه )
أما بعد:
فمرحباً بأحبتى فى الله:
الذين طال شوقنا إليهم . شرح الله صدورنا جميعاً لكتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وإنه لمن فضل الله تعالى أن نعود لنلتقى بحضراتكم فى هذه الدروس التى نتمنى من الله التوفيق فيها وأن تعم الفائده علينا جميعاً وأ ٌشهد الله تعالى أن ما بها من توفيق فمن الله وما بها من خطأ فمنى ومن الشيطان عليه من الله ما يستحق . والله ورسوله صلى الله عليه وسلم بريأن من ذلك الخطأ وأعوذ بالله السميع العليم من كيد الشيطان ووسوسته

** بداية ً :-
الدين والملة متقاربان وكلاهما يطلقان على ما هو حق وما هو باطل .

* مثال للحق :- دين الإسلام وملة إبراهيم .
* ومثال لما هو باطل :- مثل دين المجوس وملة المشركين .

** وهناك فروق أخرى نذكر منها :

1 ـ أن الدين قد يضاف :-
1- إلى الله سبحانه وتعالى لصدوره منه .
2- أو إلى النبي لظهوره منه .
3- أو إلى الأمة لدينهم به وانقيادهم له .
4- أو لشخص إن أدعى ذلك أو نسب إليه .

2- أما الملة فلا تضاف إلى الله سبحانه وتعالى مطلقاً فلا يقال ملة الله .
وإنما تضاف :-
1- إلى أحد العباد فيقال ملة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
قال الله تعالى " وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" البقرة 130
قال الله تعالى " وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً"النساء 125
قال الله تعالى " ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ" النحل 123
قال الله تعالى " وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ"البقرة135
2- إلى مجموعة من الافراد
قال الله تعالى " وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ"البقرة120
قال الله تعالى " قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا"الاعراف 88
قال الله تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا"ابراهيم 13
قال الله تعالى " إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ"الكهف 20
قال الله تعالى "إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ" يوسف37-38

– وفى الحديث :- لما حضرت أبا طالب الوفاة ، دخل عليه النبي وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال النبي ( أي عم ، قل لا إله إلا الله ، أحاج لك بها عند الله ) . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي : ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ) . فنزلت :قال الله تعالى "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ" التوبة 113

3 ـ أما الدين فقد فرق بينه وبين الملة والشريعة ، فإن الملة والشريعة ما دعا الله عباده إلى فعله فيكون الدين أشمل وأعم
قال الله تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ" الشورى21
قال الله تعالى " شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ" الشورى 13

4 ـ أن الملة تستعمل في جملة الشرائع ولا تستعمل فى جزء منها . فيقال : ملة الإسلام ، ولا يقال ملة الصوم أو الصوم ملة . لكن الدين يستعمل في جملة الشرائع وآحادها فيقال: دين الإسلام ، ويقال الصوم دين ، والصلاة دين .

5ـ أن الدين إذا أفرد أريد به الإسلام بخلاف الملة إذا أفردت فتكون بحسب السياق الذي جاءت فيه .

6ـ أن الدين خضوع وعبادة وتسليم ، أما الملة فطريقة وسنة واتباع . والشَريعَةُ: ما شرع الله لعباده من الدين. أي سَنَّ. والشارِعُ: الطَريقُ الأعظمُ. واشتُقّ من ذلك الشِّرْعة في الدِّين، فهو السبيل العملي الذي أتاحه الله لعباده من دينه والتي مكننا الله من اتخاذها سبيلا لنيل رضوانه سبحانه ووضع له حدودا وفرائض وقواطع منهاجا. " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً"المائدة48 وهى بمعنى سبيلا وسنة.

**ملاحظه هامه :-

( أ ) الشريعة والدين تجتمعان وتفترقان . فإذا أطلق الدين على الشريعه فيراد به توحيد الله فهما بمعنى واحد " ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ" الجاثيه 18

( ب) دين الأنبياء واحد وهو الإسلام والتوحيد وإذا أطلقت بمعنى الشرائع المتعددة فالمقصود بها الفروع والسنن التى حصل فيها اختلاف بين الأمم والملل .. " شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ" الشورى 13

**والسنن مختلفة هى كالاتى :-
للتوراة شريعة ، وللإنجيل شريعة ، وللقرآن شريعة ، يحل الله فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء ، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره هوالاستسلام لله بالتوحيد والإخلاص والانقياد له بالطاعة والبراءه من الشرك وأهله( وهو معنى الاسلام). فالدين واحد والشرائع متعددة

** والشريعة بدأت بدعوة التوحيد من نوح عليه وعلى نبينا الصلاة السلام بعد ظهور الشرك فى قومه. ثم إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة السلام الذى جدد دعوة التوحيد بعد أن عاد الشرك مره أخرى ثم توسعت الشريعة لتحتوى على التوحيد وبعض الأحكام فظهرت شريعة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة السلام ثم أتى المسيح عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة السلام ليكمل باقى الأحكام

@ ونجد فيما ينسب إلى المسيح فى إنجيل متى الإصحاح الخامس الايه 17
لا تظنوا أنى جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لانقض بل لأكمل

– واتى النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم بعد أن يكمل ما نقص عن طريق التحريف وما زود . لتختم به الرسالات والشرائع فيكون الدين الخاتم دين ودنيا عباده ومعامله ( منهج حياه ) ويكون بذلك ناسخاً لما قلبه من الشرائع .
قال الله تعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" المائدة 3
وقال النبى ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنا بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وُضعت هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين ) .

@ والفرق بين الإتمام والإكمال أن :-
الإتمام : لازالة نقصان الاصل . والاكمال: لازالة نقصان العوارض بعد تمام الاصل.
وقيل: تم : يشعر بحصول نقص قبله. وكمل : لا يشعر بذلك.
وقيل: التمام : اسم للجزء الذي يتم به الموصوف . والكمال : اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به.
فتلك الايه بها إعجاز لغوى تدل على إكمال وإتمام الشرائع وأيضاً إزالة النقص أو الزياده الناتجين عن التحريف .

** والفطرة :-
في اللغة الخلق
والمقصود بها اصطلاحاً هو الاستعداد الذي جبلة أو وضعه الله في كل إنسان فيصير به متهيئاً لقبول الشرع والدين متى عرض عليه، قال الله تعالى " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَالنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"الروم 30
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة.. أخرجه البخاري ومسلم.

قول مأثور:-
لأهل الأصول (( شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يخالف شرعنا أو وجد في شرعنا ما يقره )) والمقصود هنا فى الفروع والأحكام .

الدرس الثالث )

** أهمية الدرس الثالث :-

التفريق بين مصطلح الرب والإله والمعبود

بمعنى أخر الفرق بين الربوبيه والالوهيه والعبوديه

**ملااحظه هامه :-
التفريق هنا فى المصطلح وليس فى الذات فنحن المسلمين عندما نتكلم عن التوحيد فنعنى بذلك التوحيد بكل صفاته ومشتملاته ولوازمه .

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران 102.
قال الله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء 1
قال الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب 70 – 71.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ( هذه خطبة الحاجة التى كان النبى يستفتح بها خطبة ودروسه ومواعظه )
أما بعد:
فمرحباً بأحبتى فى الله:

** الفصل الأول :- معنى كلمة الرب ( الربوبيه) :-

** لغة ً :-
هى مشتقةٌ من "الرب" رب يرب ، من التربية والتنشأة . فقد تطلق على كل من يقوم بالتربيه . فمثلاً يقال رب البيت ونلاحظ أن الكلمة تكون نكره غير معرفه بـ ( ال ) وتضاف إلى معرف يكون محدد . فهنا يكون إطلاقها مجازاً وبصورة محدده وليس عمومى.

*** ملحوظه هامه جداً :-

وهنا نقول ليس كل رب يقصد به الرب الاله

** إصطلاحاً :-
نلاحظ أنها تأتى معرفه بـ ( ال ) وتعبر عن ما يلى :-

@ الرب هو خالق العباد ورازقـهم :-
قال الله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(22)" البقرة 21-22
قال الله تعالى "‏هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ‏"‏ ‏‏فاطر‏ 3‏

@ الرب هو خالق كل شيئ :-
قال الله تعالى " أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ " الواقعه
قال الله تعالى " هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (11)" لقمان 11

@ الرب هو المحيي والمميت :-
قال الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ(116)" التوبه 116

@ الرب له قدرة مطلقه وإراده مطلقه وعلم وحكمه وتدبير :-
قال الله تعالى " وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ (18) " الأنعام 18
قال الله تعالى " وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(6)" هود 6
قال الله تعالى " وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59)" الأنعام 59
قال الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(34)" لقمان
قال الله تعالى " يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ (5) " السجده 5
قال الله تعالى " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) " فاطر 44
فنفى العجز هنا يدل على كمال صفتى العلم و القدرة لأن العجز إما يكون فى أحدهما او كلاهما

** قاعدة هامه جداً :-
و نأخذ هنا قاعده هامه وهى " كل نفي أضيف إلى الله عز وجل ينفي عنه ما لا يليق بجلاله فى القرآن أو فى السنه فإن المقصود به إثبات كمال الضد فى حقه سبحانه وتعالى "
ومثال لذلك كثير جداً نكتفى منها بـ :-
" وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" الكهف 49
:007:" لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) " الإخلاص 3-4

@ الرب هو مالك الملك :-
وهو المتحكم فى ملكه المدبر لشؤن الكون كله دون منازع ولا مساعد فهو يملك الملك كله ملكًا عامًا شاملًا‏.‏
" فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 83 )" يس 83
"‏وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ(19)" ال عمران 19

## وأما الملكية لغير الله فهى ملكيه محدود لا تشمل إلا جزءاً يسيرًا بشروط . فالإنسان يملك ما تحت يده، ولا يملك ما تحت يد غيره، ولا يملك ما عنده تمام الملك، ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعًا، فمثلاً‏:‏ لو أراد أن يقتل غيره ؛ قلنا‏:‏ لا يجوز إلا بشروط الله لانه هو مالك الملك المتحكم فيه الامر الناهى وعلى الجميع الامتثال له .

## وغير ذلك من أفعال الله الكثيره التى تصدر منه وحده وإن تشابه معه بعض مخلوقاته فى الفعل فهو على سبيل المجاز وليس الحقيقه مثل ما حدث مع نبى الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ(258)" البقره 258

** شرك الربوبيه :-
فمن أعتقد أن غير الله يملك مع الله أو حتى عنده تصريح من الله و له تصرف فيه كمن يعتقد ذلك من المتصوفه ويقولون أن هناك أقطاب يتحكمون فى الكون بعد موتهم فهذا شرك بالله فى الربوبيه وكذلك من أعتقد أن غير الله يرزق أو يهب أو ….. غير ذلك فقد أشرك مع الله فى الربوبيه كمن يذهبون إلى قبور الصالحين و يقولون يا بدوى أرزقنى ولداً . أو يا حسين أرزقنى مالاً أو يا سيدة زينب أشفى إبنى ….. وغير ذلك فهذا كله شرك لأنهم يعتقدون أن غير الله يملك مع الله وله التصرف . وكمن يعتقدون فى الكواكب و النجوم أنهم يتحكمون فى بعض أمور الكون فهذا أيضاً شرك

** تنبيه :-
وهنا ننبه عن خطأ يقع فيه كثيرين ممن يقولون لقد شفا الطبيبُ فلان وهذا خطأ لفظى يجب أن نحذره فيجب أن نعلم أن الله هو الشافى بأمره وإذنه فهو الذى خلق الطبيب وعلمه وسخره لذلك وهو الذى خلق الدواء وهو الذى يجعله يتمكن من الداء فيقضى عليه بإذنه.

## وهذا النوع من التوحيد قد أقر به المشركون السالفون ، وجميع أهل الملل من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس. وهذا النوع من التوحيد أقرت به الأمم إلا من شذ عنهم كأمثال جزء من المسيحيين والدهرية الملحدين والشيوعيه وأمثال تلك المذاهب التى عرفتها البشرية ، فهى مذاهب كل من اعتقد فى قدم الزمان والمادة والكون، وأنكر الألوهية والخلق والعناية والبعث ، والحجه عليهم قائمه أقامها الله فى كتابه القرأن الكريم الباقى حتى قيام الساعه و تكلمنا عن ذلك سابقاً وسنرد عليهم فى الدرس الخاص بهم بإذن الله .

@ الدليل على إقرار المشركين بتوحيد الربوبية:-
قال الله تعالى "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَق َالسّمَاوَاتِ وَالأرْض َلَيَقُولُنّ اللّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ(25) لقمان.
قال الله تعالى " قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السّمَآء ِوَالأرْضِ أَمّن يَمْلِكُ السّمْع َوالأبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّ وَمَن يُدَبّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُون َاللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمُ الْحَق ّفَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلاّ الضّلاَلُ فَأَنّىَ تُصْرَفُونَ(32)" يونس
قال الله تعالى " قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) " المؤمنون

** لم يجحد أحد توحيد الربوبية:-

** على سبيل التعطيل:- إلا ما حصل من فرعون ؛ فإنه أنكره على سبيل التعطيل والمكابرة؛ فإنه عطل الله من ربوبيته وأنكر وجوده، قال تعالى حكاية عنه‏‏ قال الله تعالى " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى " ‏‏النازعات‏‏ 24‏ ‏، وهذه مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره‏‏ قال الله تعالى ‏" ‏لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏" ‏ ‏الإسراء‏ 102‏ ‏. فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله والله مطلع على ما فى نفسه ولكنه يكابر ويعاند وكلنا نعلم نتيجة ذلك .

**على سبيل التشريك:- فقد أنكر توحيد الربوبية المجوس ، حيث قالوا‏:‏ إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين، فهم يقولون‏:‏ إن النور خير من الظلمة؛ لأنه يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر‏.‏

** بإختصار الربوبيه فى نقاط :-
– الربوبيةُ : مشتقةٌ من "الرب" رب يرب ، من التربية والتنشأة .
– الربوبيةُ : وهى توحيدُ اللهِ بأفعالهِ هو سبحانهُ كالخلق ، الملك ، الرزق ، التدبير وغير ذلك .
– الربوبيةُ : متعلقةٌ بالأمورِ الكونيةِ كالخلقِ ، والإحياءِ ، والإِماتةِ ، و علم الغيب ، وغيرها .
– الربوبيةُ : أقر بها المشركون الذين أمنوا بوجود الله .
– الربوبيةُ : مدلولهُا علمي عن طريق المعرفة والإثبات لوجود الله .
– الربوبيةُ : لا يتحققُ توحيدُ الربوبيةِ إلا بتوحيدِ الألوهيةِ . فمن لوازمها توحيد الألوهية .
– الربوبيةُ : لا يدخلُ من آمن بها في الإسلامِ .فلا تكفى ليكون المؤمن بها مسلماً .

الخلاصه :-
أننا نقر بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لهذه العوالم عالم الغيب وعالم الشهادة ، لا شريك معه في الخلق بل هو الخالق وحده ، قال الله تعالى "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ "(91) المؤمنون

** قول مأثور :-

إن أفتقد الرب لاى شيئاً من خصائص الربوبيه تزول عنه صفة الربوبيه .
فمثلاً إن أحتاج الرب أن يأكل أو يشرب أنتفت عنه صفة الربوبيه . ومن يؤكله أو يسقيه أحق بالربوبيه منه .

والله أسئل ان يكتب لتلك الكلمات البسيطه النفع للجميع و أن تكون خالصة لوجهه سبحانه و تعالى و أن تكون سهلة فى الفهم اللهم آمين

** الفصل الثانى :- معنى كلمة الاله ( الألوهية) والفرق بينها وبين المعبود :-

** الاله لغة ً :-

مأخوذ من مصدر أَلَهَ ، يَأْلَهُ ، إِلهة ، وأُلوهة ، إذا عَبَدَ مع المحبة والتعظيم . ويُقال: تألّه، إذا عبد معظِّما محبا، ففرْق بين العبادة والألوهة .

** الاله إصطلاحاً :-

فإنّ الألوهة: عبادة فيها المحبة والتعظيم والرضى بالحال والرجاء والرغب والرهب. ولهذا قيل توحيد الإلهية أو الألوهية ،فهما مصدران لـ: أَلَهَ يَأْلَهُ.

ومعنى أَلَهَ هو : عبد مع المحبة والتعظيم، والتألُّه العبادة على ذاك النحو، فتوحيد الإلـهية أو الألوهية هو توحيد العبادة، يعني جَعْل العبادة لواحد وهى إما حقاً وفى محلها وتكون لله جل جلاله أو تكون باطله وفى غير محلها وتكون لمن سواه .

** وهناك فرق بين قولنا الله وبين قولنا إله :

أن قولنا الله اسم لم يسم به غير الله فهو إسم خاص بالذات الالهيه ، وسمى البعض غير الله إلها على وجه الخطأ وهنا نقول خطأ ولا نقول مجازاً ومنهم تسمية الفراعنه و العرب الاصنام آلهة ، وأما قول الناس لا معبود إلا الله فمعناه أنه لا يستحق العبادة إلا الله تعالى . قال الله تعالى ‏" لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً‏ "‏ ‏‏الإسراء‏ 22‏ ‏‏.‏

@ بإختصارالالوهيه فى نقاط :-
– الألوهيةُ : مشتقةٌ من لفظِ " الإِله " بمعنى إذا عُبد مع المحبه والتعظيم
– الألوهيةُ : متعلقةٌ بالأوامرِ والنواهي من الواجبِ ، والمحرمِ ، والمكروهِ .
– الألوهيةُ : فقد رفضه المشركين وبالطبع الملحدين .
– الألوهيةُ : مدلولهُ عملي .
– الألوهيةُ : يتضمنٌ توحيدَ الربوبيةِ .
– الألوهيةُ : يدخلُ من آمن به في الإسلامِ .
– الألوهيةُ : توحيدُ اللهِ بأفعالِ العبادِ من الصلاةِ ، والزكاةِ ، والحجِ ، والصيامِ ، والخشيةِ ، والرهبةِ ، والخوفِ ، والمحبةِ ، والرجاءِ ونحو ذلك .

** وهناك فرق بين قولنا الله وقولنا اللهم :

فقولنا الله اسم و اللهم نداء والمراد به يا الله فحذف حرف النداء وعوض عنه بميم في آخر لفظ الجلاله. قال الله تعالى " قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " الزمر 46

** والعبادة لغة ً :-

التذلل والانقياد، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، متذلل لمشيئته لا يملك أحد لنفسه خروجًا عما خلق عليه. قال الله تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ" الذاريات 56

** العبادة إصطلاحاً :-

** تشتمل على شقين :-

الأول‏:‏ التعبد‏:‏- بمعنى التذلل لله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ محبة وتعظيمًا‏.‏
الثاني‏:‏ المتعبد به :- ومعناه‏ ‏(‏اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة )‏‏.‏

** ونجملها فى الاتى :- هى كل الشعائر التى تقدم إلى أى إله سواء كانت أقوال أو أفعال وهناك عبادات قلبيه أيضاً فمن أشكال وصور العبادة الحبّ والخوف والرجاء والدعاء والاستغاثة والاستعانة والنذر والذبح والتوكل والتعظيم والسجود ،…. وغير ذلك

** ومن صور الشرك فى تلك العبادات نجد مثلاً :-

1- فى المحبه :-قال الله تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ " البقرة 165

2- فى الخوف :- قال الله تعالى " إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " ال عمران 175

3- فى الرجاء :- قال الله تعالى " وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً " النساء 104

4- فى الدعاء :- قال الله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوَهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " الاعراف 194

5- فى الاستعانه والاستغاثه والدعاء :- قال الله تعالى " فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ " العنكبوت 65 . وغير ذلك

** وعلى ذلك :- فإن قـُدم أحد الطقوس التعبديه إلى أحد الاشخاص أو الاماكن غير المشرع لها ذلك فهذا يعد تعبد لهذا المكان مثل ما يفعله المتصوفه عند الأضرحه ويطلق على ذلك عبادات شركيه .

** ولذا فإن المعبود هو كل من يقدم إليه شعائر العباده الظاهرة أو الباطنه .

** وليس كل معبود يحق له أن يعبد ، فنرى أن الاصنام والاضرحه (القبور) معبودة والمسيح معبود ولا يحق لها وله العبادة.

*** ملحوظه هامه جداً :-
المعبود قد يُعبد عباده فيها المحبه والتعظيم أو لا . وليس كل معبود يسمى إله وأيضاً ليس كل إله يقصد به الله .

** قول مأثور :-

إن توجه الإله ( الذى يدّعون أنه إله ) بفعل من أفعال العباده لآخر فتزول عنه صفة الالوهيه وإلهه الذى يعبده هو الاحق بالالوهيه منه .

وأسئل الله ان يكتب لتلك الكلمات البسيطه النفع للجميع و أن تكون خالصة لوجهه سبحانه و تعالى و أن تكون سهلة فى الفهم اللهم آمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.