إرتفاع ضغط الدم الحملي
مُقدِّمة
ارتفاعُ ضغط الدم هو
ازدياد القوَّة الواقعة على جدران الأوعية الدموية. ويُدعى ارتفاع ضغط
الدم الذي يظهر بعد الأُسبوع العشرين من بداية الحمل ارتفاعَ ضغط الدم
الحملي، أو فَرط ضغط الدم الحملي. تُعاني ثماني نساء من كلِّ مائة امرأة
حامل من أحد أشكال ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل. يُمكن أن يكون
ارتفاع ضغط الدم الحملي خطيراً على كُلٍّ من الأُم والطفل. ويُمكن أن
يساعد تشخيص ارتفاع ضغط الدم الحملي ومُعالجته على الوقاية من
المُضاعفات. يساعد هذا البرنامج التثقيفي على فهم ارتفاع ضغط الدم
الحملي، وكيف يجري تشخيصه، وما هي سُبًل مُعالجته
ارتفاع ضغط الدم
تحتاج خلايا الجسم إلى الأكسجين والغذاء كي تبقى على قيد الحياة. ويقوم
الدمُ بنقل الأكسجين والعناصر الغذائيَّة إلى جميع أجزاء الجسم. يقوم
القلبُ بضخِّ الدم من حجُراته عبر الأوعية الدمويَّة. وتُسمَّى الأوعية التي
تنقل الدم الغني بالأكسجين من القلب إلى الجسم "الشرايين". إنَّ ضغطَ
الدم هو القوَّة التي يضغط بها الدم على جُدران الشرايين، وهو يشبه
ضغطَ الماء في خرطوم ريِّ الحديقة. ويُقاس ضغط الدم بالميليمتر
الزئبقي. يستخدم الأطبَّاء عددين لوصف ضغط الدم. ويسمَّى العدد الأعلى
ضغط الدم "الانقباضي"، وهو يقيس ضغطَ الدم عندما يضخُّ القلبُ الدمَ،
أي عندما ينقبض. وتكون القيمةُ الطبيعيَّة الصحيَّة للضغط الانقباضي أقلَّ
من مائة وعشرين. يكون العدد الثاني أقلَّ من قيمة الضغط الانقباضي.
وهو يقيس ضغط الدم عندما يرتاح القلب، ولذلك يُسمَّى ضغط الدم
"الانبساطي. وتبلغ القيمةُ الطبيعيَّة الصحيَّة للضغط الانبساطي ثمانين،
أو أقلَّ من ذلك. إذا كان ضغط الدم عند مريض، على سبيل المثال،
125/70، أي "مئة وخمسة وعشرون على سبعين" كما تُقرأ، فذلك
يعني أنَّ الضغط الانقباضي عند هذا المريض هو مائة وخمسة وعشرون
ميليمتر زئبقي، وأنَّ الضغط الانبساطي عنده سبعون ميليمتراً زئبقياً.
يختلف ضغطُ الدم من وقت إلى آخر. ومن الطبيعي أن يختلف بمقدار
عشرة إلى عشرين نُقطة عندما نقيسه في أوقات مُختلفة، حتَّى بفارق
بضع دقائق. إنَّ القيام بتمارين رياضيَّة أو التعرُّض للتوتُّر النفسي مثلاً
يمكن أن يرفع ضغط الدم. يسمح ارتفاعُ ضغط الدم بضخِّ مزيد من الدم إلى
الجسم لمساعدته على التكيُّف مع زيادة النشاط أو الإجهاد. ويستطيع
الجسم تحمُّلَ الارتفاع المؤقَّت في ضغط الدم. لا يقوم الأطبَّاء، بسبب هذه
الاختلافات الطبيعية، بتشخيص ارتفاع ضغط الدم عند المريض ما لم
تُظهر القياسات المتكرِّرة ارتفاعاً ثابتاً مستمراً في ضغط الدم عنده. إذا
كانت قيمة ضغط الدم الأعلى (الانقباضي) تساوي مائة وأربعين أو أكثر
بشكل مستمر، أو إذا كانت قيمة ضغط الدم الأدنى (الانبساطي) تُساوي
تسعين أو أعلى باستمرار، فإنَّ الطبيب يُشخِّص إصابة هذا المريض
بارتفاع ضغط الدم، أو بعبارة أُخرى، فَرط ضغط الدم.
ارتفاع ضغط الدم الحملي
تُعدُّ المرأة الحامل مُصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي إذا ظهر لديها ارتفاع
في ضغط الدم بعد الأُسبوع العشرين من بدء الحمل. ويختفي ارتفاعُ ضغط
الدم الحملي بعد ولادة الطفل عادة. تحتاج المرأة إلى مزيد من الفحوص
المُتكرِّرة إذا شخَّص لها الطبيب ارتفاعاً في ضغط الدم في أثناء الحمل،
وقد تحتاج إلى معالجة أيضاً. تجري مُراقبةُ المرأة المُصابة بارتفاع ضغط
الدم الحملي عن كَثَب خلال فترة حملها لكشف أيَّة علامة على مُقدِّمات
الارتعاج. إنَّ مُقدِّمات الارتعاج هي ارتفاع في ضغط الدم مصحوبٌ بارتفاع
مُستويات البروتين في بول المرأة الحامل. قد تتعرَّض المريضةُ المُصابة
بمُقدِّمات الارتعاج إلى حدوث نوبات تكون خطيرة عليها وعلى طفلها.
ويُسمِّي الأطبَّاء هذه الحالة الارتعاج، أو "الإرتجاج". قد ينصح الطبيب
بالولادة المُبكِّرة عند حدوث مُقدِّمات الارتعاج أو عند حدوث الارتعاج.
إنّ أسباب ارتفاع ضغط الدم الحملي غير معروفة. ولكنَّ العلماء والأطبَّاء
يعرفون العوامل التي يُمكن أن تزيد من احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم
الحَملي. وهم يُسمُّون هذه العوامل "عوامل الخطورة". ثمَّة عوامل
خطورة عديدة تزيد من فُرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي، كما أنَّ
المرأة التي ليس لديها أيُّ عامل خطورة يمكن أن تُصاب بارتفاع ضغط
الدم الحملي أيضاً. يزداد الميل للإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي عند
المرأة في أثناء حملها الأوَّل. يكون خطرُ الإصابة بارتفاع ضغط الدم
الحمليِّ أكبر إذا كان عُمر المرأة الحامل أكثر من خمس وثلاثين سنة.
إذا كان لدى المرأة زيادة في الوزن، فإنَّها تكون أكثر ميلاً للإصابة
بارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل. يزيد احتمال ظهور ارتفاع ضغط الدم
الحملي عند النساء اللواتي يحملن توأمين أو ثلاثة توائم. إذا كانت الحامل
مُصابة بالسُّكَّري أو باعتلال الكلية، فإنَّ خطر إصابتها بارتفاع ضغط الدم
الحملي يزداد. فإذا كانت المرأة من أصول أفريقية، فإنَّ احتمال إصابتها
بارتفاع ضغط الدم الحملي يزداد أيضاً. تزيد الإصابةُ بارتفاع ضغط الدم
المُزمن من فرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي أيضاً. تزيد الإصابةُ
ببعض أمراض المناعة الذاتية، كالذِّئبة المَجموعيَّة أو الجهازيَّة، من خطر
إصابة الحامل بارتفاع ضغط الدم الحملي. إذا كانت المرأة قد أُصيبت
بارتفاع ضغط الدم الحملي في السابق، فإنَّ احتمال إصابتها مرَّة
أُخرى يزداد.
أعراض ارتفاع ضغط الدم الحملي
تشمل أعراضُ ارتفاع ضغط الدم الحملي:
تعرُّق اليدين والوجه والقدمين.
زيادة سريعة في الوزن تتجاوز واحد إلى واحد ونصف كيلوغرام
خلال أُسبوع واحد.
ومن أعراض ارتفاع ضغط الدم الحملي أيضاً:
صُداع شديد، خصوصاً في الصباح الباكر.
بُقع في العينين، أو تغيُّم الرؤية، أو "مُشاهدة نجوم".
ألم في الجانب الأعلى الأيمن من البطن.
على المرأة الحامل مراجعة الطبيب إذا عانت من أعراض
ارتفاع ضغط الدم؛ فقد يسبِّب ارتفاع ضغط الدم الحملي مُضاعفات
خطيرة على الأُمِّ وطفلها إذا لم يُعالج.
تشخيص ارتفاع ضغط الدم الحملي
إنَّ الأشخاص المسؤولين عن تقديم الرعاية الصحِّية، كالطبيب أو القابلة
مثلاً، هم وحدهم من يستطيعون تشخيص ارتفاع ضغط الدم الحملي، ولكن
هناك بعض الأعراض التي تشير إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي.
يقوم الشخص المختص بالرعاية الصحيَّة، الطبيب أو القابلة مثلاً، بقياس
ضغط الدم للمرأة الحامل بشكل مُتكرِّر خلال الفترة السابقة للولادة. يعدُّ
تقييمُ ضغط الدم عندَ المرأة الحامل بشكل متكرِّر ضَرورياً لتشخيص
ارتفاع ضغط الدم الحملي. إنَّ ارتفاع ضغط الدم الحملي هو أن يكون ضغط
الدم الانقباضي أكبر من مائة وأربعين بشكل متكرِّر أو أن يكون الضغط
الانبساطي أكبر من تسعين بشكل متكرِّر. قد يقوم الطبيب أو القابلة
بفحص الدم عند الحامل لتقييم عدد خلايا الدم، وكذلك لتقييم عمل الكلية
والكبد. وتساعد هذه المعطياتُ المختبريَّة على العناية بالحامل والجنين.
كما قد يجري أيضاً فحص بول الحامل للتحرِّي عن البروتين؛ فمشاكل
الكلية تُسبِّب ارتفاع مُستوى البروتين في البول عندما تكون المرأة مُصابة
بمقدِّمات الارتِعاج. قد يطلب الطبيب جمعَ البول لمدَّة أربع وعشرين ساعة
إذا كان مُستوى البروتين في البول مُرتفعاً. يُساعد جمعُ البول لمدَّة أربع
وعشرين ساعة على التَّمييز بين ارتفاع ضغط الدم الحملي ومقدِّمات
الارتعاج. ويُشخِّص الطبيبُ إصابة الحامل بمقدِّمات الارتعاج إذا أظهر
اختبارُ البول المجموع خلال أربع وعشرين ساعة أنَّ مُستوى البروتين
في البول مُرتفع، إلى جانب معاناة المرأة من ارتفاع ضغط الدم. يشخِّص
الطبيبُ إصابة المرأة بارتفاع ضغط الدم الحملي إذا كان مُستوى البروتين
في بولها طبيعيَّاً، وكان لديها ارتفاع في ضغط الدم
علاج ارتفاع ضغط الدم الحملي
يعتمد اختيارُ المعالجة، في حالات ارتفاع ضغط الدم الحملي، على مدى
صُعوبة التحكُّم في ضغط الدم عندَ المرأة الحامل. وسيكون عليها أن
تُراجع الطبيب مرَّات عديدة لفحص ضغط الدم عندها، ولمُراقبة علامات
مُقدِّمات الارتعاج. يمثِّل الامتناعُ عن تناول الملح نقطةَ بداية جيِّدة في
معالجة ارتفاع ضغط الدم الحملي. وقد يكون النظام الغذائي الخالي من
الملح فعَّالاً في خفض ضغط الدم إذا جرى تطبيقُه مبكِّراً بعد التشخيص.
وعلى المرأة استشارة الطبيب قبل القيام بأيِّ تعديل على نظامها الغذائي.
قد يكون اللجوءُ إلى الرَّاحة في الفراش مفيداً في خفض ضغط الدم إذا كان
ضغط الدم يرتفع بشكل طفيف قبل نهاية الحمل. قد يطلب الطبيب من
المرأة الحامل تناول بعض الأدوية الخافضة لضغط الدم. وقد ينصح
الطبيب بالولادة المُبكِّرة إذا بقي ضغط الدم مُرتفعاً رغم المُعالجة؛
فقد يكون ارتفاع ضغط الدم خطيراً على الأم وطفلها على السواء.
وقد تُعطى الأم دواءا عن طريق الوريد؛ فهذا الدواء يساعد على حماية
الأمِّ من حدوث النوبات الاختلاجيَّة. قد تستمرُّ المُعالجة مُدَّة أربع وعشرين
ساعة بعد الولادة، حيث إنَّ ذلك يُفيد في خفض ضغط الدم بعد الولادة.
التأثيرات في أثناء الحمل وبعده
يُمكن أن يُسبِّب ارتفاعُ ضغط الدم الحملي مشاكل في أثناء الحمل وبعده.
وقد يكون من المُمكن تجنُّب حدوث بعض هذه المُضاعفات إذا التزمت
الحامل بخطَّة المُعالجة التي وضعها لها الطبيب. ويعدُّ تدبير ضغط الدم
أمراً بالغ الأهميَّة لكُلٍّ من الأُم والطفل على السواء. قد تُعاني الأمُّ من
الصُّداع واضطراب الرُّؤية إذا كان لديها ارتفاع في ضغط الدم، كما أنَّ
تعرُّق الرَّاحتَين أو القدمَين أو الوجه، والألم البطني العلوي، قد ينجم عن
ارتفاع ضغط الدم أيضاً. قد يُؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إنقاص كميّة الدم
التي تصل إلى المشيمة ومن ثم إنقاص كمية الأوكسجين التي تصل إلى
الطفل. إذا لم تصِل كميَّة كافية من الدم إلى المشيمة، فإنَّها قد تصبح غير
قادرة على تزويد الطفل بالكميَّة التي يحتاجها من الأكسجين والمواد
الغذائيَّة. يُمكن أن يتطوَّر ارتفاع ضغط الدم الحملي عندَ بعض النساء إلى
مُقدِّمات الارتعاج أو إلى الارتعاج أو مُتلازمة هيلب، وهي شكلٌ حادٌّ من
مُقدِّمات الارتعاج، وتكون خطيرة جدَّاً على الأُمِّ والطفل. يُمكن أن تحصل
الولادة المُبكِّرة أو ولادة طفل ناقص الوزن عند النساء المُصابات بارتفاع
ضغط الدم. ويزداد هذا الاحتمالُ عندما يستمرُّ ضغط الدم مُرتفعاً لفترة
طويلة من الزمن. يزيد ارتفاعُ ضغط الدم الحملي من خطورة انفصال
المشيمة عن جدار الرَّحِم، وهي حالةٌ خطيرة تحتاج إلى ولادة فوريَّة.
يجب إعادةُ تقييم ضغط الدم بعد الولادة، وذلك للتأكُّد من عودته إلى
مُستوياته الطبيعيَّة قبل الحمل. قد يتطوَّر ارتفاع ضغط الدم الحَملي
عند بعض النساء إلى ارتفاع مُزمن في ضغط الدم، أي أنَّ ضغط الدم
يبقى مُرتفعاً، ويحتاج إلى مُعالجة دائمCOLOR="SlateGra
يُسمَّى ارتفاع ضغط الدم الذي يظهر بعد الأُسبوع العشرين من بداية
الحمل ارتفاعَ ضغط الدم الحَملي. وتُعاني ثماني نساء من كلِّ مائة امرأة
حامل تقريباً من بعض أشكال ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل. قد يشكِّل
ارتفاع ضغط الدم الحملي خطراً على كلٍّ من الأُم والطفل، وقد يؤدِّي،
إذا استمرَّ طويلاً، إلى حدوث ولادة مبكِّرة. ويمكن أن يساعد التشخيص
والمُعالجة المُبكِّران على منع حدوث المُضاعفات. يُمكن أن تُساعد
الزياراتُ المُنتظمة للطبيب أو مراكز الرعاية الصحيَّة على تشخيص
ارتفاع ضغط الدم الحملي باكراً. وُتخفِّف المُعالجة من احتمال حدوث
مُضاعفات الحمل. وتستطيع مُعظم النساء الحوامل التعامل مع ارتفاع
ضغط الدم الحملي بالامتناع عن تناول الملح واللجوء إلى الراحة. كما قد
يطلب الطبيبُ من المريضة، في بعض الحالات، تناول بعض الأدوية
لخفض ضغط الدم.