لكل فتاة تبحث عن سر الجمال
الحمد لله الذي خلق الإنسان وسواه جميلا، وجعل للمتحابين فيه مقاما جليلا، وأعطى الكثير لمن عمل قليلا، وتجاوز عمن أساء إلى نفسه إن تاب، إنه يهدي السبيلا، وأشهد أنه الله الواحد الأحد، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولكن اتخذ من خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا، جميل يحب الجمال لذلك خلق الإنسان جميلا، وكرمه بعقل ولب حتى لا يضل السبيلا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله قدوة ومرشدا وهاديا ودليلا، من تبعه صار جليلا ومن عصاه خاب ذليلا. اللهم ارزقنا اتباع سنته والموت على شريعته.
أما بعد:
هذه كلمات فاض بها الخاطر، وسال لأجلها القلم بعدما ذاب من أجلها القلب…
هذه الكلمات من أخ لك في الله، يحب لك الخير .. لأنك أخته . نعم أختي .
إنها سطور مليئة بالعواطف الجياشة ..
إنها كلمات من القلب، وليست من القلم .
أرجو ألا تأخذ من وقتك الكثير، وإن أنت أعطيتها من وقتك ما تقرئينها فيه فلا بد وأن تخرجي منها بما يفيد إن شاء الله، و لك جزيل الشكر .
هذه بنات أفكاري أزفّها إليك، فإن صادفت قبولا فإمساك بمعروف، وإن صادفت غير ذلك فتسريح بإحسان والله المستعان.
أريدك في البداية أن تتخيلي معي وردة حمراء بشكل جميل جذاب، يعلوها الندى وتحيط بها الأزهار مختلفة وتجري المياه بجانبها… كيف سيكون منظرها؟ … حقا إنه سيكون جذابا. بل أن من رآها سيقوم بقطفها، حتى يحتفظ بها إما لنفسه وإما أن يهديها إلى شخص يحبه…
لأن طبيعة الإنسان إذا رأى شيئا جميلا فإنه ينجذب إليه. و إذا رأى شيئا قبيحا سينفر منه لا محالة. وهذا المثال الذي أعطيته بالوردة هو مثال عن الجمال، لأن أجمل نبات هو الورد لما فيه من مختلف الألوان الزاهية والروائح الزكية. و الجمال هو ما يبحث أن يوصف به، والدليل على ذلك ما يتحلى به الإنسان من حس الهيئة و الأناقة، مع اختيار أجمل الملابس والعطور.
إن الجمال يثير وجدان الإنسان ويحرك أعماقه بإحساس ميال إلى كل ما هو جميل في هذه الحياة، وإن أجمل ما في هذه الحياة هو الإنسان.. قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [ التين: 4 ].
أختي الغالية:
هذا الإنسان هو أنت…
نعم أنت..
أنت روح وجسد، وبتكامل جمال النفس والذات تتكامل لوحة الجمال فيك..
إنني أنادي فيك يا أختاه جانب الخير الجميل لصنع جمالٍ خيِّر..
أختاه:
مما لا شك فيه أن كل إنسان مجبول بالفطرة على أن يظهر بأجمل صورة وأحسن هيئة، و إن أنا سألتك هل تحبين أن تظهري دائماً جميلة؟ بالتأكيد سيكون الجواب بنعم، بل وستقولين أحمق من يسأل مثل هذا السؤال، وهذا بدهي. و أنا أوافقك. ولكن هل كلنا يدرك للجمال معناه الحقيقي؟!
وهل تعلمين أختاه أن أجمل شيء يراه الرجل في الدنيا هو المرأة. وأجمل ما في المرأة ما كان مستورا (فكل ممنوع مرغوب كما قيل).
وإنني من هذا المنطلق أقول لك -أختاه- أن الحجاب الشرعي يمتلك من المقومات ما يؤهله لاكتساب جمال حقيقي يحتضن في دفئه الفضائل كلها. فهو لباس من الثياب، لكنه بوصفه الشرعي ينطوي على أسرار لا تملكها سائر الثياب.. إنه يملك جمال الطاعة و الإنقياد، وجمال المبدإ والعقيدة، وجمال الأخلاق وفوق ذلك هو وقار وفضيلة تمشي على الأرض وتجرُّ خطاها راسمة معالم الطهارة والصلاح في أرجائها، ويكفي المحجبة المخلصة أنها تملك تلك اللوحات الجمالية الأخاذة، ويكفيها شرفا وسمعةً وإعظاماً أنها استمدت شكل لباسها وتفاصيله وألوانه ورائحته من خالق الوجود: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الَمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنىَ أََن يُّعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَ كَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً﴾ [ الأحزاب: 59 ]؛ ﴿ وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَ لاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [ النور:31 ].
ويكفيها عزّا أنها استمدت شكل مشيتها من الله تعالى﴿ وَ لاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجٌلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ [ النور:31 ].
هذا جمال الحجاب، وذاك شرفه.. فأين جمال التبرج؟؟!
واسمعي إلى " فابيان " عارضة الأزياء الفرنسية المشهورة، التي التحقت بركب الصالحات، تقول لولا فضل الله علي ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم يتحدَّر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان، كل همه إشباع رغباته وغرائزه، بلا قيم ولا مبادئ )ثم تضيف قائلة لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ إلا من الهواء والقسوة، بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصيا و احترامهم لما أرتديه)[ عن جريدة المسلمون عدد 238 ].
إني أعلم أنك طيبة النفس، لينة الجانب، كأي إنسان يحمل بين جناحيه قلبا يخفق حبا لله ورسوله، كما يوجد كثير من طيبات النفوس اللواتي يحْتَجْن إلى نصح هادئ، وقول لين، ليعدن من دَرَنِ التبرج إلى نور الحجاب. إنهن لم يتبرجن عناداً للدين، وبغضا في سيد المرسلين، ومخالفة للقرآن الكريم، وإنما أملت عليهن ظروف التجهيل وبعد المسلمين جهلا بحقيقة الحجاب وحقيقة التبرج.
فها هو ذا الإسلام يصف التبرج في مفردات الحياة الجاهلية الأولى ﴿وَ لاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ﴾ [ الأحزاب:33 ].إنه وصف ينطوي على حقارة التصور، وفساد الأخلاق، و هزالة النفس وخُبث الفتنة، كيف لا؟ ومهندسه الشيطان، ووكلاؤه دور الأزياء اليهودية والنصرانية في الغرب، وتجاره أقلام مسعورة باعت ضمائرها وتراثها ومبادئها مقابل كسرة خبز، وساعة استمتاع.
فيا أخت الإسلام:
يا صاحبة النفس الأبية..
يا صاحبة الهمّة العالية..
أما آن لك أن تسابقي فارسات الإسلام إلى جنة قطوفها دانية؟
أما تخشين أن يتخطفك الموت وأنت عاصية؟
هل تقدرين على نار حامية؟
أتراك لا تؤمنين بأن التبرج جمر العذاب؟ أم تظنين أنك ناجية بحسن الظن من العقاب؟
ألم تسمعي بالوعيد الشديد من رسول الله : " صنفان من أهل النار لم أرهما… -وذكر منهما-: ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا." رواه أحمد ومسلم واللفظ له.
هل ترى جسدك الناعم يقوى على نار السموم؟ أم تراه يصبر على الحميم واليحموم؟
إنك لا تصبرين على حر الشمس في أيام الصيف الحار، فكيف بنار فضلت على نار الدنيا بتسع وستين مرة.
-أخية-:
أفيقي من سبات الغفلة فإن الأمر جلل، و اعتبري بمن رحل، وتسربلي لباس التقوى وكوني على وجل.. تذكري سكرات الموت.. ولحظات الفوت.. و وحشة القبر وهول السؤال..
فما التبرج إلا شهوة مخزية، تعافها النفوس الأبية.
وما هو إلا هتك للأعراض، وسُلَّم للعلل والأمراض.
وما هو إلا نزوة ماسخة لحقيقة جمالك، تزول لذّاتها وتبقى تبعاتها.
وما العاقلة بالتي تقدم شهوة – ذاك وصفها- على جنة قد لاح في الأفاق ريحها.
فهل ترضين أن تبيعي حلل الحرير و الإستبرق بثياب من نار وسرابيل من قطران؟
أم أنك تبيعين أنهارا من عسل مصفى، وأنهارا من ماء غير آسن، وأنهارا من لبن لم يتغير طعمه، وأنهارا من خمر لذة للشاربين؟ هل تبيعين – أختاه – هذا كله بماء كالمهل يشوي الوجوه، بئس الشراب وساءت مرتفقا؟
أم أنك تبيعين فاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، بالزقوم طعام الأثيم أو ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع؟
وهل تستبدلين جنة أكلها دائم وظلها بسموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم؟
فعودي يا أخية ..
هيا..
عودي إلى رحاب الطاعة و الإلتزام.. واهجري طرق الغي والظلام.. واتبعي سبيل من استقام..
عودي إلى صفاء الصدق.. و نقاء الفضيلة.. وطهارة الحجاب.. وشرف العفاف..
عودي إلى الله بنية صافية.. وعين باكية.. وأذن واعية..
أختاه:
فكي أسر نفسك من الهوى.. وأطلقي قيدها من رق الشهوة والغفلة.. ورددي: كفاني ذنوبا وعصيانا.. كفاني من الشر ما كان.
امسحي دموع الألم ببسمة الأمل، و استعيني بالله.. فو الله ثم والله إنك بحاجة إلى ربك الذي يقول: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىَ أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾ [الزمر:53]. وهو الغني عن العالمين.
أختي:
قيسي عمرا إذا وصل ستين سنة لم يتجاوز دقيقتين ونصف يوم القيامة، فكيف بمن يخلد في جنة أو نار؟ أسأل الله لي ولك الجنة و أن يهديني وإياك وشباب الأمة وفتياتها إلى أقوم السبل، ونعوذ بالله أن أكون من أهل النار.
فيا أختي الغالية:
مدّي يديك إلى النبع الصافي نرتشف من لذيذ معينه.. إلى جادة الطريق وأصل العزة والشرف إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة .
وختاما أعتذر عن الإطالة.. فوقتك ثمين وأخذت منه الكثير، لكن أرجوا أن يكتبه الله في ميزان الحسنات…وهذه الصرخة والصيحة من أخ يحب العفاف لك و لكل أخت مسلمة كما يحبه لأمه وزوجته و ابنته و شقيقته وخالته و عمته…
من أخ يغار أن تنتهك أعراض المسلمات…
من أخ يقول:
إني بلغت اللهم فاشهد.
هذا.. وما كان من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطإ أو زلل فمِنِّي ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله و صحبه والتابعين.
و لا تنسونا من دعوة خالصة عن ظهر الغيب، ليقول الملك: و لك بالمثل
فعلآ كلامك كلة صح بس احنا ذبحنا هوس الجمال
اتمني كل بنات حواء يقرونة
اللة يكثر من امثالك