الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد :
الأسباب التي يذهب الله تبارك وتعالى بها ما نزل بالمسلم من الهمّ والغمّ والحزن….
الأسباب في شريعة الإسلام كثيرة…
أولها :
الجد والاجتهاد في التفقه في الدين وفي مقدمة ذلك تحقيق توحيد رب العالمين في ربوبية وألوهيته وأسمائه وصفاته عزّ شأنه وجلّ ثناؤه .
ثانياً :
المحافظة التامة المصحوبة بالصواب والإخلاص على إقامة الشعائر التعبدية علماً وعملاً وإيماناً واحتساباً كالصلاة وسائر أركان الإسلام والإيمان والإحسان .
ثالثاً :
مراقبة الله والإيمان به بأنه يراك في كل ما تأتي وتذر ومن ثمّ أن تستحي منه حق الحياء فلا تقصّر في المأمورات ولا ترتكب المحرمات فإنه يراك ومتى حصل شيء من ذلك فسارع إلى التوبة النصوح مع الإيمان واليقين أن ربك غفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى .
رابعاً :
حقق الإيمان بالقضاء والقدر من خير وشر أن ذلك من عند الله وحده سبحانه فإذا حققت الإيمان بالقضاء والقدر وآمنت أن كل شيء بقضاء الله وقدره نزلت في قلبك الطمأنينة ونزلت عليك السكينة وقلت هذا قضاء الله وقدره الذي لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا رادّ لما قدر وقضى أحدٌ من مخلوقاته وتقف وقفة مع نفسك عند حلول الهم والحزن بسبب ما نزل بك وتذكرها بأن الذي قدر هو رب الأرض والسماء ورب العرش العظيم ورب الخلق أجمعين فمن رضي فله الرضا ومن سخط بقاء الله وقدره فقد حلّت به مصيبتان المصيبة الأولى هي ما ابتلي به فسبب له الهم والحزن وهي التي يجب أن يسلم لها إن كانت مما ليس له فيها سبب أما إذا كانت بسبب ما كسبته يداه فعليه بالمبادرة إلى التوبة كما سبق آنفاً ، والمصيبة الثانية : تسخّطه من وقوع المقدور وربما يجرّه ذلك إلى التفريط في جنب الله بسبب نزول المقدور به واقرأ هنا قول الله تعالى ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) واقرأ أركان الإيمان الستة ومنها ( وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) فذلك من أعظم الأسباب التي تزيل الهموم والأحزان ويكون فيها إيقاظ للقلب وطمأنينة للنفس .
وخامساً :
أرشدك إلى الإكثار من التضرع والدعاء المصحوب بالتذلل والخضوع لمالك الملك ومفرج الكروب وكاشف الهم والغم الرب العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا والأدعية النبوية المأثورة كثيرة جداً ارجع للحصول عليها إلى كتب الأذكار كالأذكار للشوكاني والوابل الصيّب لابن القيم والكلم الطيب لابن تيمية رحمهم الله جميعا وغيرها من الكتب كثير وأكثر من الدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم من شكا إليه وجود الهمّ والحزن وهو قوله صلى الله عليه وسلم \" اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي \"
وسادساً :
تصبر نفسك على المداومة على الذكر الشرعي كقراءة القرآن الكريم مع التدبر والتفكر والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والتوبة والاستغفار في كل حال من أحوالك وفي كل وقت من أوقات ليلك ونهارك .
وسابعاً :
أن تجعل همك هماً واحداً وهو الآخرة متذكراً ما فيها من الأهوال والكروب ولا تتشعب بك الهموم الدنيوية فتنسى ما لا يجوز أن تنساه واسمع إلى وصية الناصح الأمين نبينا محمد عليه أتم الصلاة وأتم التسليم وهو يقول في هذا المعنى ما ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \" من كانت همَّه الآخرة ، جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا راغمة ، ومن كانت همَّه الدنيا ، فرّق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له \" .
وثامناً :
أكثر من ذكر هادم اللذات في كل لحظة من لحظات العمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بذلك فقال : \" أكثروا من ذكر هاذم اللذات : الموت فإنه لم يذكره أحدٌ في ضيق من العيش إلا وسّعه عليه ، ولا ذكره في سعة إلا ضيّقها عليه \" رواه ابن حبان من حديث أبي هريرة ورواه البزار من حديث أنس .
وتاسعاً :
أكثر من قول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فإنها من كنوز الجنة فيحصل لك من كشف الكرب وتفريج الهمّ ما ستلمسه في مستقبل حياتك إن شاء الله .
وعاشراً :
عليك بمجالسة أهل العلم من أصحاب السنة والمعتقد الصحيح وخذ من علمهم وشاورهم في أمورك الدينية والدنيوية فستجد عندهم ما يجد المريض عند الطبيب بمشيئة الله وقدرته .
وأسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولجميع المؤمنين والمؤمنات الهدى والتقى والعفاف والغنى وأن يشرح صدورنا للحق والعمل به والدعوة إليه والرضا بالقضاء إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد الذي أرسله الله بالحق رحمة للعالمين
مريانة …….سلمتي
وبارك الله فيكي يارب……….اللهم ابعد عنا الهم والغم…….
اللهم اغفر لنا وارحمنا عند الموت وبعد الموت وعند السؤال ارحمنا انت الرحيم الغفور