تخطى إلى المحتوى

الإخلاص 2024.

الإخلاص

خليجية

في الإسرائيليات أن عابدًا كان يعبد الله دهرًا طويلاً فجاءه قوم فقالوا: إن ههنا قومًا يعبدون شجرة من دون الله تعالى..
فغضب لذلك وأخذ فأسه على عاتقه وقصد الشجرة ليقطعها، فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال: أين تريد رحمك الله؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة.
قال: وما أنت وذاك!! تركت عبادتك واشتغالك بنفسك وتفرغت لغير ذلك!
فقال: إن هذا من عبادتي..
قال: فإني لا أترك أن تقطعها، فقاتله فأخذه العابد فطرحه إلى الأرض وقعد على صدره..
فقال له إبليس: أطلقني حتى أكلمك..
فقام عنه فقال إبليس: يا هذا، إن الله تعالى قد أسقط عنك هذا ولم يفرضه عليك! وما تعبدها أنت وما عليك من غرك، ولله تعالى أنبياء في أقاليم الأرض ولو شاء لبعثهم إلى أهلها وأمرهم بقطعها!!
فقال العابد: لابد لي من قطعها، فنابذه للقتال فغلبه العابد وصرعه وقعد على صدره فعجز إبليس فقال له: هل لك في أمر فصل بيني وبينك وهو خير لك وأنفع؟
قال: وما هو؟ قال: أطلقني حتى أقول لك..
فأطلقه فقال إبليس: أنت رجل فقير لا شيء لك إنما أنت كل على الناس يعولونك، ولعلك تحب أن تتفضل على إخوانك وتواسي جيرانك وتشبع وتستغني عن الناس!!
قال: نعم.
قال: فارجع عن هذا الأمر ولك علي أن أجعل عند رأسك في كل ليلة دينارين إذا أصبحت أخذتها فأنفقت على نفسك عيالك وتصدقت على إخوانك، فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع الشجرة التي يغرس مكانها ولا يضرهم قطعها شيئًا ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعك إياها!! فتفكر العابد فيما قال، وقال: صدق الشيخ! لست بنبي فيلزمني قطع الشجرة ولا أمرني الله أن أقطعها فأكون عاصيًا بتركها، وما ذكره أكثر منفعة، فعاهده على الوفاء بذلك وحلف له، فرجع العابد إلى متعبده فبات، فلما أصبح رأى دينارين عند رأسه فأخذهما وكذلك الغد، ثم أصبح اليوم الثالث وما بعده فلم ير شيئًا، فغضب وأخذ فأسه على عاتقه فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال له: إلى أين؟ قال: أقطع تلك الشجرة..
فقال: هيهات، فأخذه إبليس وصرعه، فإذا هو كالعصفور بين رجليه وقعد إبليس على صدره، وقال: لتنتهين عن هذا الأمر أو لأذبحنك؛ فنظر العابد فإذا لا طاقة له به، قال: يا هذا غلبتني فخل عني وأخبرني كيف غلبتك أولاً وغلبتني الآن؟
فقال: لأنك غضبت أول مرة لله وكانت نيتك الآخرة فسخرني الله لك، وهذه المرة غضبت لنفسك وللدنيا فصرعتك (1).

([ ا(1) الإحياء 4/398.

_ " مفتاح دعوة الرسل " للشيخ عبدالملك القاسم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.