الابتلاء بالمرض
أبو عبدالعزيز سعود الزمانان
حكم المرض وفوائده :
1 . استخراج عبودية الضراّء وهي الصبر :
– إذا كان المرء مؤمناً حقاً فإن كل أمره خير ، كما قال عليه الصلاة والسلام : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراّء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراّء صبر فكان خيراً له " [1]
2 . تكفير الذنوب والسيئات :
– مرضك أيها المريض سبب في تكفير خطاياك التي اقترفتها بقلبك وسمعك وبصرك ولسانك ، وسائر جوارحك .
– فإن المرض قد يكون عقوبة على ذنب وقع من العبد ، كما قال تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
– يقول المعصوم – صلى الله عليه وسلم – : " ما يصيب المؤمن من وَصب ، ولا نصب ، ولا سقَم ، ولا حزن حتى الهمّ يهمه ، إلا كفر الله به من سيئاته " [2] .
3 . كتابة الحسنات ورفع الدرجات :
– قد يكون للعبد منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى ، لكن العبد لم يكن له من العمل ما يبلغه إياها ، فيبتليه الله بالمرض وبما يكره ، حتى يكون أهلاً لتلك المـنزلة ويصل إليها .
– قال عليه الصلاة والسلام : " إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى " [3]
4 . سبب في دخول الجنة :
– قال – صلى الله عليه وسلم – : " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب ، لو أن جلودهم كانت قرِّضت بالمقاريض " صحيح الترمذي للألباني 2/287 .
5 . النجاة من النار :
– عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عاد مريضاً ومعه أبو هريرة ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : " أبشر فإن الله عز وجل يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة " السلسلة الصحيحة للألباني 557 .
6 . ردّ العبد إلى ربه وتذكيره بمعصيته وإيقاظه من غفلته :
– من فوائد المرض أنه يرد العبد الشارد عن ربه إليه ، ويذكره بمولاه بعد أن كان غافلاً عنه ، ويكفه عن معصيته بعد أن كان منهمكاً فيها .
7 . البلاء يشتد بالمؤمنين بحسب إيمانهم :
– قال عليه الصلاة والسلام : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " حسنه الألباني في صحيح الترمذي 2/286 .
– * بشرى للمريض :
– ما كان يعمله المريض من الطاعات ومنعه المرض من فعله فهو مكتوب له ، ويجري له أجره طالما أن المرض يمنعه منه .
– قال – صلى الله عليه وسلم – : " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري 2996 .
– * الواجب على المريض :
– الواجب على المريض تجاه ما أصابه من مرض هو أن يصبر على هذا البلاء ، فإن ذلك عبودية الضراء .
– والصبر يتحقق بثلاثة أمور :
1 . حبس النفس عن الجزع والسخط
2. وحبس اللسان عن الشكوى للخلق .
3 . وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر .[4]
– * أسباب الصبر على المرض :
– 1 . العلم بأن المرض مقدر لك من عند الله ، لم يجر عليك من غير قبل الله .
– قال تعالى { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ، وقال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }
– قال عليه الصلاة والسلام : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " مسلم 2653.
– 2 . أن تتيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين :
– عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : قدم على النبي – صلى الله عليه وسلم – سبيٌ ، فإذا امرأة من السبي وجدت صبياً فأخذته ، فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : " أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قلنا : لا وهي تقدر أن لا تطرحه ، فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها " البخاري 5999 .
– 3 . أن تعلم أن الله اختار لك المرض ، ورضيه لك والله أعلم بمصحتك من نفسك :
– إن الله هو الحكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فما أصابك هو عين الحكمة كما أنه عين الرحمة .
– 4 . أن تعلم أن الله أراد بك خيراً في هذا المرض :
– قال عليه الصلاة والسلام : " من يرد الله به خيراً يصب منه "[5] أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها .
– 5 . تذكر بأن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد :
– قال – صلى الله عليه وسلم – : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم " صحيح الترمذي للألباني 2/286 .
– 6 . أن يعلم المريض بأن هذه الدار فانية ، وأن هناك داراً أعظم منها وأجل قدراً :
– فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
– قال – صلى الله عليه وسلم – : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم : هل رأيت خيراً قط ؟ هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط "[6] – الصبغة أي يغمس غمسة .
– 7 . التسلي والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضاً :
– قال عليه الصلاة والسلام : " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " [7]
وأسأله سبحانه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
——————————————-
[1] رواه مسلم (2999 ) .
[2] البخاري 5641 .
[3] صحيح أبي داود للألباني 2/597 .
[4] عدة الصابرين لابن القيم ص 13 .
[5] البخاري 5645
[6] مسلم 2807 .
[7] مسلم 2963 .
أضحكني ثلاث و أبكاني ثلاث :
أضحكني مؤمل دنيا والموت يطلبه
وغافل ليس بمغفول عنه
وضاحك بملء فمه لا يدري أأرضي ربه
أم أسخطه ؟؟
و أبكاني ثلاث : فراق الأحبة محمد وحزبه
وهول المطلع عند غمرات الموت
والوقوف بين يدي رب العالمين حين
لا أدري إلي النار انصرافي أم إلي
الجنة
و رزقه وعمره فما كان لك سوف يأتيك على ضعفك
وما كان لغيرك لن تناله بقوتك
جزانا الله واياك وانعم علينا وعليك واثابك حسن المءاب ان شاء الله