الاستفادة من الأطفال في الدعوة
قدمت الطفلة ذات الأربع سنوات إلى منزل جدها في إحدى الدول العربية، في إجازة مع والديها بعد سنة عمل في المملكة العربية السعودية.
كان الجميع مهتمًا بها، الكل يلاعبها ويحرص على سعادتها وتقديم كل ما ترغب به، وعلى الاستمتاع بوجودها بينهم، خاصة وأن الإجازة قصيرة، وهي ستعود مجددًا مع والديها إلى السعودية.
في البداية، وجدت الطفلة الصغيرة صعوبة في التأقلم السريع مع أهل والدها ووالدتها، ولكن ما هي إلا أيام معدودة، حتى عادت إلى طبيعتها من مرح وحركة وترديد ما تعلمته خلال المدة الماضية.
وعندما بدأ بعض أقاربها بتحيتها الصباحية "صباح الخير" أو المسائية "مساء الخير" كانت تصمت ولا ترد عليهم بالتحية، بل كانت تقول لهم: "السلام عليكم ورحمة الله".
وعندما تدخل إلى المنزل بعد زيارة خارجه، أو بعد أن تكون قد ذهبت إلى إحدى المحلات بصحبة أحد أقاربها لشراء سكاكر وحلويات، بدأت تردد في كل مرة دعاء الدخول إلى المنزل "بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله توكلنا".
لاحظ الجميع ما تردده هذه الطفلة الصغيرة (التي ألحقها والداها بدار تحفيظ قرآن في السعودية) من أذكار وأدعية في كل مناسبة تمر بها خلال يومها العادي، وقارن أقاربها بين ما تعودوا أن يرددوه من جمل دخيلة على الدين الإسلامي وبين ما تردده هذه الصغيرة من أذكار أوصى بها نبي الأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فما كان منهم إلا أن بدؤوا يتعلموا منها ترديد هذه الأذكار في كل مناسبة.
هذه القصة حقيقية، وقد وقعت بالفعل، وهي تعبير واقعي وصادق عن إمكانية تحويل الطفل إلى داعية لله -عز وجل- حتى وإن كان هو لا يعلم بهذا الشيء.
ويروي أحد الأخوة قصة حقيقية أخرى، فيقول: "أن طفلًا ذهب مع أقاربه لإلقاء كلمات في قرية مجاورة، وذهب كل منهم إلى شارع ليطرق باب الناس وليعلمهم عن محاضرة، وعندما طرق الطفل باب أحدهم، خرج صاحب البيت مغضبًا، فقال له الطفل: "نحن ضيوف أتينا من مدينة مجاورة، وبعد المغرب سنلقي محاضرة، ونتمنى أن تحضر"، فغضب الرجل وبصق في وجه الطفل، فما كان من الطفل إلا أن مسح البصاق من وجهه، وقال: "الحمد لله الذي ابتليت في سبيله".
اهتز الرجل وتأثر تأثرًا كبيرًا بموقف الطفل، واعتذر منه كثيرًا، وذهب معه للمسجد واستضاف الطفل ومن معه في بيته.
أهمية الاستفادة من الطفل في الدعوة:
لا تنحصر أهمية أن يكون الطفل داعيًا إلى الله في استفادة المجتمع منه، بل يحصل الطفل قبل غيره على الاستفادة من هذه التربية.
لذلك، فإن أهمية الاستفادة من الطفل في الدعوة إلى الله، تنقسم قسمين:
1- تربية الطفل تربية إسلامية صحيحة.
فعندما نربي أطفالنا على قيم الدين الإسلامي الحنيف، نكون قد شكلنا اللبنة الأساسية الصالحة -بإذن الله- التي ستؤثر على حياته القادمة كاملة.
فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا» [صححه الألباني]، وما ذلك إلا لأن تعلميهم الصلاة وهم أطفال، سيسهل عليهم المواظبة عليها عند الكبر.
وقيل: "العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، وهو أساس ما يمكن أن يربى عليه الأطفال، فإن تعلم الطفل في صغره أمور دينه من صلاة وصدقة وصدق وحب الخير وبغض الحرام وقراءة القرآن والذكر، نما وكبر على ذلك، وسهل عليه فيما بعد المواظبة على معظم تعاليم الدين الإسلامي، ولكن إن تعلم في صغره الغش والكذب وترديد الأغاني والألحان ومشاهدة الحرام في المنزل أو في التلفاز، نما وكبر على ذلك، وبات من الصعب جدًا تغيير أصل ما حدث في نفس، وما رسخ في ذاكرته ووجدانه.
منقول
اختى فى الله