قالت : رغم مرحك وابتساماتك .. رغم ضحكاتك .. إلا أنني أقرأ في عينيك حزناً عميقاً .. حزناً لا تخطئه عينٌ مثل عيني ..
قلت : وهل خُلِقَ مثل عينك ؟!
قالت : دع عنك عينيّ .. وأخبرني .. لـِمَ يحزن الإنسان ؟؟!
قلت : بالحزن يا أميرتي .. يكون الإنسان إنساناً ..
قالت : إذاً مررت بقصةِ حزنٍ مريرة ؟
قلت : خلق الإنسان في كبد ..
قالت : وما حزنك ؟
قلت : ليتني أقدر على البوح ..
قالت : وما يُعجِزك عنه ؟
قلت : أشياء كثيرة .. أصْدَقُـها أني لا أرغبُ الخوض في كآبة الماضي .. حتى لايتطاير غباره على وجهك الجميل .. فتعبسي !
قالت : أعدك أن لا أعبس ..
قلت : إذاً تكونين قاسية !
قالت : أهي قصة حب فاشل .. وتخشى أن تثير غيرتي ؟!
قلت : من أحب مثلك فذوقه مختلفٌ جداً .. صعبٌ جداً .. يستحيل أن يحب مرتين .. ثم إن الحزن الذي يولد من الحب .. حزن أخرس .. لا ينطق بالحكمة !
قالت : والحب الذي يخرج من رحم الحزن ؟!
قلت : حبٌ خالد .. حبٌ يُرهق الريحَ بعصفِه .. ويجهر الشمسَ بنورِه ..
قالت : وبماذا خرجت من حزنك ؟!
قلت : خرجت بنفسي .. وعرفت من أنا ..
قالت : كيف ؟؟
قلت : الحزن كالريح العاتية .. يأتي على الإنسان فيبعثره .. ويقلب أوراق حياته .. ويجعله يعيد ترتيبها من جديد .. فيقرأ في بعضها ما كان يجهله عن نفسه .. أو نسيه في غمرةِ ركضهِ في دروب الحياة ..
فتستحيل هذه الريح بروقاً ورعوداً وأمطاراً .. وتَـنْبُتُ روحه من جديد !
قالت : غريبٌ أمرك .. تتكلم عن الحزن برضا .. وكأنما كنت تتمناه لنفسك ..
قلت : ليس الأمر كما تتصورين يا أميرتي .. فالإنسان لا يتمنى موت قريب .. أو بـُعد حبيب .. أو فشل مسعى .. أو قساوة مرض ..
لكن متى حصل الأمر السيء .. فلماذا يعيشه مرتين ؟!
وهكذا أنا .. أحاول أن أتأقلم مع أحزاني.. التي هي كالمرض.. إن جَزِعَ منه المريض زادَ شراسة .. وإن هادنه وضيَّفه .. وُقِيَ شَرُّه .. فهو في الحالتين لا يبارحنا .. فلماذا نساعده علينا ؟!
قالت : ألم تستخسر سنواتٍ من شبابك أحرقها لك الحزن ..؟!!
قلت : لو لم يحرق الحزن بعض سنوات عمري لأحرقها الجهل كلها .. فالظروف العادية تخلق شخصاً عادياً .. والظروف المختلفة تخلق شخصاً مختلفا ..
قالت : تتكلم عن نفسك بتعالي .. وكأنك شخص مختلفٌ فعلاً !
قلت : من مَنحْتـِه بعضَ أوقاتك .. بعضَ همساتك .. بعضَ التفاتاتك .. لابد أن يكون مختلفاً جداً .. و مميزاً جيداً !!
قال وهي تداري وجهها المتوَّرد خجلاً : إذاً حزنك لم يولد من رحم حب ..
قلت : بل حبي هو الذي وُلِدَ من رحم أحزاني ..
أمسكت بيدي وقالت : ليتك تستطيع نسيان أحزانك ؟!
تشبثت بيديها وقلت : ومن قال إني أذكرها .. إني الآن قد نسيتها كلها .. وهي أيضاً أضاعت عنواني للأبد .. حتى لو عَرَفتْ عنواني .. وأنني أسكنُ في عينيك .. فلن تجرؤ على اقتحامهما.
أطبقت عينيها .. وتجرعت نفساً عميقاً ..
رأيت دمعتها تهبط بهدوء ..
قلت : أرجوكِ .. أطبقي عليَّ عينيك.. ولحفِّيني بجفنيك .. غسليني من دموعكِ واسقيني منها .. ولكن دون أن تبكي .. حتى لا أسقط .. فأنا منذ عرفت نفسي وأنا دمعة حزن .. ومناي أن أكون في عيونك الجميلة دمعة ..
ولكن..
دمعة فرح !!
في انتظار جديدك
اتمنى لك التوفيق
تقبلي مروري : وردة الدمام
اسلوب مغلف بالزهو دوماً ..
كلمات متفردة العزف على اوتار الإبداع
سيظل نثركِ ساطعاً دوماً
وبراءة هذه الأحرف
رمزاً على شفافية قلمكِ المميز
هناك دائماً شيء بكلماتكِ
لاتمحوه أي قوة على مر الزمن
دمتِ بخير
ولكِ مني كل الشكر والتقدير