السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحياة الحقيقة في طاعة الله
أخي أختي في الله
إن الأجل قريب وهو مستور عنك وهو في يد غيرك يسوقه حثيث الليل والنهار وإذا انتهت المدة حيل بينك وبين العدة فاحتل قبل المنتهى وأكرم أجلك بحسن العمل وإذا أنستك السلامة فاستوحش بالعطب فإنه الغاية وإذا بسطك الأمل فاقبض نفسك عنه بذكر الأجل فهو الموعود وإليه المورد .
واعلم أخي الحبيب أن من علامات التوفيق دخول أعمال البر عليك من غير قصد لها وصرف المعاصي عنك مع السعي إليها وفتح باب اللجؤ والافتقار إلى الله تعالى في كل الأحوال واتباع السيئة بالحسنة وعظم الذنب في قلبك وإن كان من صغار الذنوب والإكثار من ذكر الله وشكره وحمده واستغفاره ، ومن علامات الخذلان تعثر الطاعات عليك مع السعي فيها ودخول المعاصي عليك مع قربك منها وغلق باب الالتجاء إلى الله وترك التضرع له وترك الدعاء واتباع الحسنة بالسيئات واحتقارك لذنوبك وعدم الاهتمام بها وإهمال التوبة منها والاستغفار ونسيانك لربك .
قال رجل لطاووس : أوصني قال أوصيك أن تحب الله حباً حتى لا يكون شىء أحب إليك منه ، وأرج الله رجاء يحول بينك وبين ذلك الخوف ، وارض للناس ما ترضى لنفسك . بالحب والذل تتم العبادة فاجمع في قلبك محبة الله مع تمام الذل والخضوع له واعلم أن الخلق منذ خلقوا ما زالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار. والعاقل يعلم أن السفر مبنى على المشقة وركوب الأخطار ومن المحال أن يطلب فيها نعيماً ولذة وراحة بال إنما ذلك بعد انتهاء السفر ومن المعلوم أن المسافر عند كل وطأة قدم أو أنة من أنات السفر لابد أن يكون مستشعراً أنه مسافر من تهيئة الزاد الموصل. وإذا نام أو استراح فهو على قدم الاستعداد لمواصلة السير .
قـوم هـمومهم بالله قد علقت*** فـما لـهم همم تسموا إلى أحد
فـمطلب القوم مولاهم وسيدهم ***يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
مـا إن تنازعهم دنيا ولا شرف***مـن الـمطاعم واللذات والولد
ولا لـلبس نـفيس فـائق أنق***ولا لروح مسرور حل في بلد
إلا مـسارعة فـي نيل منزلة***يحظى بها مخلص للواحد الأحد
أيها الحبيب إن الله عرف أولياؤه غوائل الدنيا وآفاتها وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها. وزنوا بحسناتها سيئاتها فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها لا يخلوا صفوها من كدر.
قال تعالى : "إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
" يونس : 24
وقال تعالى :
اعْلمُوا أنما الْحياةُ الدُنْيا لعب ولهْو وزينة وتفاخُر بيْنكُمْ وتكاثُر في الْأمْوال والْأوْلاد كمثل غيْثٍ أعْجب الْكُفار نباتُهُ ثُم يهيجُ فتراهُ مُصْفرا ثُم يكُونُ حُطاما وفي الْآخرة عذاب شديد ومغْفرة من الله ورضْوان وما الْحياةُ الدُنْيا إلا متاعُ الْغُرُور الحديد : 20,
فيرويه جعفر بن محمد عن أبيه عنه : “ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية و الناس كنفيه , فمر بجدي أسك ميت , فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال : أيكم يحب هذا له بدرهم ? فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء , و ما نصنع به ? قال : أتحبون أنه لكم ? قالوا : والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه أسك , فكيف و هو ميت ? فقال : فذكره “ . أخرجه مسلم ( 8 / 210 – 211 ) و أحمد ( 3 / 365 ) . 2
فالدنيا لا تدوم لأحد إن أسعدت يوما أشقت أياما لا يدوم لها حال
يـا راقـد الليل مسروراً بأوله***إن الـحوادث قد يطرقن أسحارا
أفـنى القرون التى كانت منعمةً***كـر الـجديدين إقـبالا وإدباراً
كم قد أبادت صروف الدهر من***مـلك قـد كان نفاعاً وضراراً
يـا مـن يعانق دنيا لا بقاء لها***يـمسى ويصبح فى دنياه سفارا
هلا تركت من الدنيا معانقة حت***ى تـعانق فـى الفردوس أبكارا
إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها***فـينبغى لـك ألا تـأمن الـنار
من