السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قد تكون الخلافات الزوجية مثمرة ومفيدة في بعض الأحيان وحدوثها قد يكون بداية جديدة لحياة زوجية سعيدة ومستقرة ، نعم إنها حقيقة تؤكدها الدراسات الحديثة مشيرة إلى أن الخلافات الزوجية لا تشكل خطراً علي استمرار العلاقة الزوجية ولكن الخطر الأكبر يأتي من الأسلوب الذي يلجأ إليه أحد أوكلا الطرفين عند حدوث خلاف بينهما.
ولأن الغضب والصوت المرتفع من أكثر الأساليب المتبعة في الخلافات الزوجية ينصح خبراء العلاقات الزوجية كل زوجة بأن تغضب لكن في " حدود " فالزوجة من حقها كإنسانة أن تعبر عن سخطها وتبرمها وغضبها لكن عليها دائماً أن تحتفظ بخط رجعة في نزاعاتها الزوجية لحماية علاقتها بزوجها ، فلا يجب أن تهدمي جسر الود بينكما ، وكما قالت أم كلثوم في أغنيتها الجميلة الحب كدة وصال ودلال ورضا وخصام وأهو من ده وده الحب كدة .
ويذكر د. جون جوتمان – أستاذ الطب النفسي بجامعة واشنطن – أن الخلافات تعتبر من أهم المؤشرات التي تنبيء بإمكانية بقاء الزوجين معاً أو احتمال الانفصال ، فالزوجان اللذان يحافظان علي مساحة من الود بينهما أثناء المشاجرة الزوجية مع بعض روح المرح والسخرية لا خوف على علاقاتهما من الفشل ، أما الزوجان اللذان يقطعان قطعاً فاصلاً في خلافاتهما الزوجية ويصلان بالخلاف إلى الحد الفاصل ، وإلى طريق مسدود بعنادهما ومكابرتهما وتبادل السباب والشتائم بينهما فعلاقاتهما مهددة بالفشل القريب .
لذا ينصح د. جون كل زوجين بضرورة الحرص على الإحتفاظ بمساحة من العلاقات الودية الصحية حتى أثناء الخلاف ، حيث لاحظ في آخر دراسة قام بها وأجريت على 30 زوجة وزوجاً يتعاركون بصفة منتظمة فقد لوحظ أن الأزواج المحبين والمتفاهمين يبدون الغضب في تحاورهما في أي سوء تفاهم ، ولكن يحتفظان بمساحة من الود في أثناء المعارك الزوجية ما يجعل زواجهما أكثر استقراراً .
الحوار الهادئ يقوي العلاقة
وللتغلب على الأساليب التي تشعل لهيب الخلافات أكثر وأكثر ، تقدم د.أميمة مصطفى استشاري الطب النفسي بعض النصائح التي يحتاج إليها الزوجان لتجاوز حدود خلافاتهما ، حيث إن من أهم الأساسيات التي يجب على الأزواج معرفتها أن الزواج الناجح يتطلب دوماً النقاش والحوار الهادئ والمفيد وتجنب الخلافات الحادة والأصوات العالية والتطاول بالأيدي .
وتذكر د. أميمية ، حسب ما ورد بجريدة " الأهرام " أنه عند مناقشة المشكلة على الزوجين الاهتمام بالوصول إلى حل لها وليس معرفة من المخطئ ، ولهذا يجب على كل طرف منهما طرح رأيه حول المشكلة وأن يمهل الطرف الآخر حتى ينتهي من حديثه لأن الملاحظ أن كثيراً من الأزواج لا يعتبرون رأي الزوجة مهماً وبالتالي لا يعيرونه التفاتاًً ، ومراعاة أن الهدف من النقاش هو التوصل لحل المشكلة وليس تحقيق انتصار طرف على الآخر أو إثبات خطئه من الضروري ألا يحاول كل طرف قراءة أفكار الطرف الآخر وإنما المطلوب سؤاله فيما يفكر لحل للمشكلة.
ويجب عدم ربط المشاكل التي حدثت من قبل بالمشكلة الحديثة والمثيرة للنقاش الحالي ، حيث يجب ترك الماضي بمشاكله نهائياً وتركيز المناقشة عبر المشكلة الحالية فقط مع محاولة التوصل لحلها بكل هدوء ، مع ضرورة بذل الجهد لتبسيط الخلاف المثار قدر المستطاع ولا يتم هذا إلا عبر مناقشته باستفاضة وتحليله جيداً.
وتنصح د. أميمة كل زوجة بضرورة استخدام كلمات مثل من فضلك.. و لو سمحت .. فإنها ترطب المناخ السائد ، مع تجنب استخدام الكلمات القاسية والجارحة والتي تكون مفعمة بالوعيد أو التحذير ، وتجنب نقد شريك الحياة في شخصه وسلوكه وتركيز الحديث علي التوصل لحل للمشكلة فقط ، وأيضاً تجنب السخرية والاستخفاف بالطرف الآخر قدر المستطاع بل العكس مراعاة مشاعره ضروري ، واختيار الوقت المناسب للنقاش خاصة إذا كان الطرفان يشعران بالتعب أو الإرهاق النفسي ، ويجب على المخطئ الاعتراف للطرف الآخر بخطئه وهذا ينطبق على الزوجين فالإعتراف بالخطأ يزيد من احترام كل طرف للآخر ويقوي العلاقة بين الزوجين.
الخلاف .. له أصول
ولأن الخلافات هي توابل الحياة الزوجية وظاهرة صحية للتفاهم والتقارب والحب بين الزوجين ، فـ على كل زوجة أن تجيد أصول لعبة المشاجرة الزوجية وعليها أن تفكر جيداً كيف تتعارك مع زوجها بمودة ، وعليك أن تعرفي أن زوجك سيكون علي استعداد للحديث عن سبب الخلاف وعن وجهة نظره منه عندما يشعر أنك فعلاً على استعداد للاستماع إليه فـ أظهري له رغبتك في سماع رأيه وقد تلجأين إلى استخدام بعض العبارات أثناء المشاجرة والتي قد تهدئ من روع الخلاف بينكما ، فكلمة طيبة قد تشعر زوجك بالهدوء فتنتهي المشاجرة بسرعة تقديراً لتعقلك.
ويذكر د. "جوتمان" أن بعض الزوجات يشتعلن غضباً عندما يحاول الزوج استخدام الفكاهة في المناقشة لتخفيف حدة التوتر وإعطاء كل طرف من الأطراف مساحة يتنفس فيها بحرية والزوجة الذكية تستطيع إيجاد المخرج لزوجها أثناء المشاجرة ليشعر بالارتياح ، وتستطيع الزوجة الذكية أن تتوقف عن الشجار مع ذلك إذا أحست بشدة عصبيته فتتوقف عن الكلام وتفضل أن تعود للنقاش مرة أخري عندما تهدأ الأعصاب لتكون المناقشة أكثر فائدة وتكون مثمرة وبناءه كما أن المرأة الذكية لا تتصيد لزوجها الأخطاء على كل صغيرة وكبيرة بل تعطي لزوجها حيزاً معقولاً من الأخطاء وتثور على الأخطاء الكبيرة ولكن بمنطقية وحتى لا تفقد احترامه لها وعلي الزوجة الذكية البارعة في أصول لعبة الخلافات الزوجية أن تتجنب الهجوم الشخصي بل عليها أن تعرض سبب ضيقها بطريقة عاقلة حتي يشعر الزوج بالندم داخله ويحاول تفادي ما يزعجها في المرات القادمة وعليها أن تتعلم النضوج والتعقل والمنطق أثناء الخلافات الزوجية .
وفي النهاية ، تأكدي عزيزتي أنه بتنفيذك للطرق والنصائح السابقة ستتجنبي خسارة حياتك الزوجية وتجعلك تخرجين من خلافاتك مع زوجك بنتائج مثمرة ، وقد تكون فرصة حقيقية لتتعرفي من خلالها أنتِ وزوجك عما يغضب كل طرف ويزعجه ، وبذلك ستنعمين بحياة زوجية هادئة ومستقرة .
م/ن
موضوع رائع جدا