تخطى إلى المحتوى

العصفور الجريح قصة حقيقية 2024.

العصفور الجريح

خليجية

خليجية
حينما بدأت الطرقات العنيفة على باب شقته التي استأجرها لاكمال دراسة الدكتوراة في مجال الطب البشري
هرع مذهولاً ليفاجىء بإمرأة دموعها قد دفنت عيونها
وكادت أن تسقط أرضاً وهي تقول " أسرع يادكتور فوزي ابنتي الوحيدة ،،، لا أعلم ماذا جرى لها "
بسرعة وبدون أي تردد يحمل فوزي حقيبته الطبيّة ويذهب إلى منزل السيدة العجوز
وعبرَ إلى الحجرة التي اقتحمتها السيدة بسرعة
هناكـ ،،،،، حيث كانت ترقد " فاتن "
فتاة جميلة ،، ضئيلة الجسد ، وجهها الصّغير أقرب إلى ملامح الطفولة ، تذوب ملامحها رقّة وعذوبه
وبدأ الكشف عليها وقبل أن ينتهي من عمله سمعها تتأوّه بصوتٍ رقيق
وبدأت تفتح عيناها بهدوء ، للحظةٍ إلتقتْ عيناها بعينيه
سألته في هدوء " ماذا حصل لي ؟ ومن أنت ؟ ،،،،
وقبل أن يجيبها على سؤاليها شعرَ أنّه بدأ يغرقُ في بحر عينيها رويداً رويداً ….
ولكنّه أسرع بجمع أدواته الطبيّة قائلاٍ أنّه سيأتي في الصّباح ليطمئنّ عليها
أشرق صباح اليوم التالي ، وأشرقت معه تساؤلات ومخاوف أثارت الهواجس في كوامن فوزي
كيف يمكنه أن يغرق في حبّ فتاة يراها لأولِ مرة وللحظاتٍ معدودة
هل أسرّه جمالها ؟ وألهبه ضعفها ؟ ،،،،
لكنّه سرعان مابدأ يُحكّم عقله وعاد ليسيطر عقله على قلبه ويحاول درسة الأمر كما يفعل مع كل حالة طبيّة تواجهه
؟ بدأت سؤال محدّد يراوده ،،،،، ما هـــو الحـُــــــــبْ ،،،
!!! أهو انفعال نفسي وتوافق هقلي وعاطفي بين شخصين من جنسٍ مختلف كما يحدث بين أقطاب المغناطيس
لكنّه بدأ يُعِدُّ نفسه للذّهاب لرؤية فاتن والاطمئنان على حالتها الصّحية
حرص على أناقته هذه المرّة كثيراً
: وذهب إلى منزلها ، فتحت له العجوز الباب واستقبلته كما أنّها أمه سائلة إياه
؟ هل تناولت فطورك
لم تكن تعلم تلك السيّدة العجوز أّنه لم يتناول طعام العشاء ليلة أمس ، أجابها بهزِّ رأسه أجل ياأمي
قالت له سأعدُّ لكَ كوباً من الشاي
: ودفعت باب حجرة فاتن قائلة لها
الدكتور فوزي حضر لرؤيتك يافاتن
دخل الدكتور فوزي حجرة فاتن الصّغيرة بهدوء واستقبلته فاتن بابتسامتها الرقيقة
فاتن : صباح الخير يادكتور فوزي
وقف الدكتور فوزي يتأمّل ملامحها لرقيقة بصمت
أشارت له فاتن إلى مقعد قريب من فراشها ليجلس عليه
توقفت عينا الدكتور فوزي عند قفص صغير بالقرب من النّافذة ، استقرّ داخله عصفور رائع الألوان يقف صامتاً
: يتأمل الجو خارج النّافذة كما لو كان يتحسّر على سجنه الانفرادي فسألها محاولاً جذبَ أطرافِ الحديث معها
لم أرَ ذلك العصفور في حجرتك ليلةِ أمس
؟ هل نقلتيه إلى غرفتكِ صباحَ اليوم
أجابته فاتن أنّ هذا العصفور لا يغادر حجرتها وهو ملازماً لها منذ عامين
سألها لماذا لايتحرّك أو يغرِّد ؟؟؟
: تسلّلت إلى صوتها نبرة حزينة على الرغم من ابتسامتها وهي تقول
لقد توقّف عن التغريد منذ فترة طويلة
: إلتفت إليها وسألها في دهشة
؟ هل تتوقف الطيور عن التّغريد
: أومأت فاتن برأسها إيجاباً وقالت وهي تتأمل العصفور الصّامت
لقد كان يشدو بغناءٍ رائع كل صباح وكانت أنثاه تشاركه الشّدو وحتى عثرنا عليها ذات يوم قد فاضت روحها ومن يومها لم يغرِّد هو أبداً
: بادرها الدكتور فوزي بقوله
لماذا لا تطلقين سراحه وتعطينه حريّته ؟ أليس ذلك أهون من أن ترينه ميتاً في سجنه
فهل يكون مصيره أن يعيش طيلة حياته في قفصٍ من الخشب والسّلك وهو يتأمّل الطبيعة الخلاّبة ويتحسّر على مصيره
سادَ الصّمت بينهم بعضَ الوقت وبدت فاتن وكأنّها تدرس الأمر في عقلها لتطلق سراح ذلك العصفور
: ثم لم تلبث أن ابتسمت وقالت في هدوء ورقّة
!!! أطلقه إذن
قالَ وهو يبتسم
؟ لمَ لا تطلقينه أنتِ
؟ ضحكتْ فاتن ضحكة رقيقة وقالت : هل رأيت كم من العسير اتّخاذ مثل هذا القرار
ابتسم بدوره وبدأت يتأمّل غرفتها التي تنمُّ عن ذوقٍ رفيع حتى وقعت عيناهُ على صورةٍ تمثِّلها بزيٍّ بدا له عجيباً
وسألها : أهذهِ أنتِ ؟
قالت : نعم ، هذه أنا منذ عامين
عادَ ليسألها : وماذا ترتدين في الصّورة ؟
ابتسمت حزينة وقالت : واحد من أزياء أوبريت ، حصلتُ فيه على الجائزةِ الأولى
تطلّعَ إليها في دهشة وهو يقول : أوبريت !!! ماذا تعنين ؟
أجابته : إنّه أحد أنواع الأداء المسرحي يعتمد على طبقاتٍ صوتيه مرتفعة وحركاتٍ رشيقة
سألها في اهتمام : أأنتِ مطربة ؟
أحنت برأسها حزينة قائلة : كنت راقصةُ باليه
قال: كُنتِ ؟ ،،،، وهل اعتزلتِ في هذهِ السّن الصّغيرة ؟ كنت أعتقد أنّكنّ تعتزلنّ بعد الثلاثين على الأقل
لم تُجب فاتن على حديثهِ لكنّ جسده انتفضَ بعد سماع ضرخةٍ مدوّية من أمها التي كانت خلفه
بادرته العجوز بقولها : أريد أن أشربَ معك الشاي في ردهة المنزل
بادرها بدهشة : حسناً ياسيّدتي ،،، دعينا نفعل
ظلّت العجوز تحدّق في وجه الدكتور فوزي فترةً طويلة
ثم انهارت بعينيها الدّامعتين قائلة : هناك أمرٌ لابدّ أن تعلمه طالما أنت طبيب فاتن المعالج لها
ثم قالت السّر في حُزنِ تلكَ العنين الطُّفوليّتين
إنّ فاتن مقعدة ،،، قعيدة الفراشِ منذ عامين كاملين يادكتور فوزي ،،،
. . . شعرَ الدكتور فوزي حينها أنّ عليه مغادرة البيت بأسرع وقتٍ لطالما علمَ سرّ ذلك العصفور الجريح

مشكووووووووووووووووووووووووووره
ويعطيك ربي العافيه

تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.