التوهم المرضي
هو أحد الأمراض النفسية العصابية ويتميز بالانشغال الزائد والمفرط بالصحة البدنية والجسمية وهو نوع من الوسواس المركز على الصحة الجسدية لذلك نراه شديد الالتفات إلى مظهرين؛ المظاهر الفيسيولوجية فهو ينشغل بمراقبة حركاته الداخلية ويتأمل كل شهيق وزفير وكل نبضة قلب وكل إحساس بوخزة أو عضلة بشكل مبالغ وقد يحمل معه مرآة ليرى لون جلده أو وجهه أو لسانه أو حتى يراقب مواعيد خروج فضلاته ومدى تأخرها أو زيادة أو نقصان تكرارها. ليسارع الى أقرب عيادة طبية لتشخيص مايراه وعندما يطمئنه الطبيب على حسن صحته يترك هذا الطبيب وربما يتهمه بالجهل إلى طبيب آخر مما يجعل صاحب التوهم المرضي لقمة سائغة للمؤسسات الصحية والطبية. ويتميز هؤلاء المرضى بالاستماع والمتابعة الدقيقة للأحاديث الطبية والنشرات بل وحتى يتابعون المؤتمرات الطبية حتى يصبح الواحد منهم على دراية بأخطر الأمراض وآخر المؤتمرات الطبية وأحدث الأدوية.
ويمكن تعريف التوهم المرضي:
حالة مرضية عصابية تتميز بالمبالغة في القلق بالصحة والنظرة التشاؤمية لكل عرض يصيب نبض أعضاء الجسد أو وظائفه والتي لاتثير ذلك الاهتمام المبالغ فيه لدى الإنسان السوي وتتتميز بالاستمرارية رغم عدم وجود الأدلة على ذلك المرض.
أعراض التوهم المرضي
1- الشكوى من اضطرابات جسمية في أي جزء من أجزاء الجسم كالرأس – المعدة – الأمعاء – القلب. وأحياناً يكون هناك اختيار للعضو المصاب بصفة رمزية كالمراهقين مثلا لما يعانون من صراعات جنسية يكون التوهم المرضي عندهم متمركز حول الأعضاء التناسلية والأمراض الجنسية.
2- تسلط الفكرة المرضية بشكل وساوس بالإصابة بالمرض والشعور الحقيقي غير الكاذب بالآلام والأوجاع بما يجعل جسمه ضعيفاً والنظرة التشاؤمية تجاه الحياة.
3- عندما تسيطر عليه فكرة المرض يبدأ المريض شديد الخوف في العلاقات الاجتماعية نتيجة الشعور بالخوف والهم وعدم الثقة في النفس وتردي نتاجه في العمل والعلاقات الأسرية والانشغال بنفسه مما يؤدي به إلى الانسحاب من العلاقات الاجتماعية والتمركز حول الذات، إلا انه يشعر بالسرور حين يقترب من الآخرين ويبدون تعاطفاً واهتماما بأعراضه الجسمية مما يؤدي إلى اشباعه الحاجات الاتكالية والتخلص من المسؤوليات وبالتالي تعزيز تلك الأعراض واستمرارها.
4- الشعور بالتعب والآلام والأوجاع والانشغال بالصحة وكثرة التردد على عيادات الأطباء.
5- ظهور الأعراض الاكتئابية والقلق ويجب هنا ان تكون الأعراض الاكتئابية هي نتيجة إلى عرض وليست سبباً إلى لاحقة للتوهم المرضي وليست سابقة له.
6- اصرار مريض التوهم المرضي ان سبب علته طبية عضوية وليست نفسية وبذلك لايتقبل بسهولة فكرة ان عليه ان يراجع للمعالجة النفسية لدى المختصين في ذلك.
7- الشعور بعدم التركيز الذهني وضعف الذاكرة نتيجة للوساوس والهواجس التي تنتابه حول صحته.
8- الأرق وقلة النوم نتيجة للانشغال بتلك الهواجس المتعلقة بصحته.
الأسباب والتفسيرات لنشوء التوهم المرضي
1- الخبرات الطفولية:
قد يكون التوهم المرضي نتيجة لخبرات طفولية تم اكتسابها من الوالدين عندما يكون التوهم المرضي لديهما حيث يلاحظ الاهتمام الشديد بصحة الأبناء.
2- الحساسية الزائدة عند بعض الأشخاص حيث تجدهم يتوهمون المرضى لمجرد سماعهم عنه من المرضى أو من الأطباء أو من وسائل الاعلام والمجلات الطبية قراءات غير واعية وغير علمية.
3- يكون توهم المرض تعبيراً رمزياً من شعور الشخص بالفشل والإحباط والعجز في الحياة الأسرية أو العملية أو الاجتماعية والشعور بالنقص وعدم الثقة والكفاءة وبالتالي تكون تلك الأعراض المرضية هروباً من الحياة وعدم تحمل المسؤولية بما يسميه فرويد الحل الثانوي غير الناجح.
4- التمركز حول الذات بالاهتمام الزائد بأعضاء الجسم وهي من أهم الأسباب المؤدية للمرض وذلك بمراقبة أعضاء الجسم بشكل مبالغ فيه وتضخيم كل تغير يحدث بشكل كوارثي.
5- يحدث التوهم المرضي من أجل الدفاع عن الذات للتعويض.
6- فقدان الحب والحرمان العاطفي وكثيراً ما يلاحظ التوهم في مراحل الشيخوخة للحاجة الشديدة للمسنين لجلب الأنظار والاهتمام حوله.
7- تتميز شخصية المصاب بالوهم بالقلق النفسي والعدوان المكبوت وعند محاولة حل تلك الصراعات النفسية ومحاولة مقاومتها يتم ما يسمى بالتحويل وهي تحويل تلك الصراعات غير الملموسة إلى أشياء ملموسة وهي أعضاء الجسم فيتم التركيز عليها كمتنفس ومنفذ.
علاج التوهم المرضي
بما ان المصابين بالتوهم المرضي لايعترفون بأن مرضهم ليس له أساس عضوي فليس من السهولة إقناعهم بالتوجه للعلاج النفسي ومن العلاجات التي استخدمت في التوهم المرضي.
1- العلاج الوهمي ما يسمى بالبلاسيبو:
وهو عادة عبارة عن دواء محضر من مواد مثل النشاء سكر الحليب ولايحوي عقاقير طبية ويستجيب هؤلاء المرضى للدواء الوهمي عندما يكون على ثقة كبيرة بطبيبه البشري الذي يعالجه.
ولكن من سلبيات هذا الدواء انه دواء مفعوله مؤقت أي أنه يخفض الأعراض لفترة.
2- التحويل:
وهم مهم في العلاج النفسي وهو اخراج المريض بالوهم الذي يتميز بالتمركز حول ذاته ومراقبة جسمه إلى الاهتمام بأعمال وأنشطة أخرى رياضية وترفيهية وبرامج ورحلات تصرفه عن التركيز على أعضاء جسمه، كما ينبغي عدم المبالغة في إظهار الشفقة والحنان عندما يتشكى من أعراض وكذلك عدم القسوة والانكار إلى نظرة عادية مثل غيره حتى لايحصل على تدعيم تلك الأعراض.
3- عمليات تخفيض القلق عن طريق التنفس الصحيح الذي يبدأ في أخذ الهواء من الخارج إلى البطن ثم الصدر ثم كتم النفس ثم اخراج النفس ببطء مما يؤدي إلى الاسترخاء وخفض القلق.
4- العلاجات السلوكية الموفية:
كشف الصراعات الداخلية وتبصير المريض ومناقشة الاعتقادات والأفكار السلبية وهي التي تسبب تلك الأعراض ودحض تلك الأفكار السلبية ثم استبدالها بأفكار ومعتقدات إيجابية عن طريق الجلسات والواجبات المنزلية.
5- العلاج عن طريق البرمجة اللغوية العصبية N L B وهو من الطرق الحديثة
6- العلاج الديني وهو أهم العلاجات:
المنهج الإسلامي لتقوية الجانب الروحي وهي أعلى الجوانب التي تؤثر على تغيير المعتقدات والأفكار السلبية.
1- الإيمان بالله.
2- العبادات: الصلاة – الصبر وجميع العبادات.
{سًتّعٌينٍوا بٌالصَّبًرٌ وّالصَّلاةٌ إنَّ پلَّهّ مّعّ پصَّابٌرٌينّ} .
3- الذكر
4- الدعاء:
فالله هو الشافي قال تعالى {دًعٍونٌي أّسًتّجٌبً لّكٍمً}
عبدالرحمن محمد فهد الهزاع
أخصائي نفسي
منقول