تفسير سورة المؤمنون
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 11
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
يقول الله تعالى مبشرا المؤمنين بأنهم هم الفائزون الذين سعدوا فى الدنيا والآخرة
الذين من صفاتهم أنهم خاشعون لله فى صلاتهم ويحافظون عليها
وهم يبتعدون عن الكلام الذى لا فائدة ولا طائل منه ويبعدون عن الكلام المؤدى للشرك والظلم
ويؤدون زكاة أموالهم ، ويزكون أنفسهم من صفات الشرك
والذين يبتعدون عن الزنا ويحفظوا فروجهم من الحرام ولكن على أزواجهم أو ما احل الله لهم من السرارى فليس عليهم حساب ولا مجازاة
أما من أراد ما حرم الله من زنا ولواط ووتعدى حدوده كا لإستمناء باليد فذلك من البغى والظلم .
ومن صفاتهم المحافظة على المواثيق والعهود والإلتزام بها
ولا يضيعون صلاتهم بل يحافظون عليها فى مواعيها ومناسكها
فهؤلاء الذين كانت تلك صفاتهم هم الوارثون للجنة خالدين فيها أبدا .
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ )
يخبرنا الله عن خلق الإنسان فبدأ خلق آدم من الطين ( الطين اللازب المنتن الذى جف فأصبح صلصالا ونفخ فيه الروح )
ثم جعل خلق ذرية آدم من نطفة من ماء الذكر وماء الأنثى ليكون مستقرا فى رحم الأنثى ثم يتحول إلى علقة تتعلق بجدار الرحم ثم تتحول المضغة إلى عظاما ويكسوه اللحم ويتشكل إلى أجهزة وأعضاء ويتكون خلق جديد ، فسبحان الله الذى خلق وقدر كل شئ بأحسن خلقة وأعظم من شكّل.
وبعد أن تقضون ما قدر الله فى الحياة الدنيا لكم تموتون وتصبحون ترابا
ويوم القيامة يعيد الله خلق الإنسان ويبعثه من جديد .
الآية 17
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ )
يقول سبحانه وتعالى : لقد خلقنا فوقكم سبع سموات طبقات
ونعلم كل ما فيها من خلق ونعلم ما يدخل الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يصعد فيها والله معكم أينما تكونوا ويعلم سركم ونجواكم وعلانيتكم والله يبصر بدقة ما تعملون ولا يحجب عنه شئ فى السموات أو فى الأرض .
الآيات 18 ـ 22
( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ *وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ )
إن نعم الله على عباده كثيرة لا تحصى ، فهو الذى أنزل من السحاب فى السماء مطرا ب بقدر حسب الحاجة فلا هو كثير يغرق الزروع والعمران ولا هو قليل لا يكفى لإنبات الزرع .
فأسكناه فى الأرض : وجعله يستقر فى الأرض منه ما ينبت ما بها من بذور ومنه ما يستقر فى الطبقات ليخرجه الناس عيونا وآبارا ليشربوا ويشرب أنعامهم ويستفيدوا به .
وإنا على ذهاب به لقادرون : والله قادر على أن يصرفه بأن لا ينزل المطر أو يضيع فى طبقات الأرض أو يذهبه إلى مكان بعيد عن الناس
وبهذا الماء ينبت الله به جنات من نخيل وعنب وبساتين فواكه كثيرة مختلفة الأنواع ويأكل منها الناس .
وينبت شجرة الزيتون ذات الفوائد الكثيرة فى سيناء عند جبل الطور الذى كلم الله فيه موسى ليجئ للناس بالفضل الكثير
وهذه الشجرة يستخرج منها الزيت والدهن وينتفع به للأكل و فى الأصباغ
كما خلق الله لكم الأنعام ومنها منافع كثيرة ، تشربون لبنها وتستفيدون بأوبارها وأشعارها وتأكلون لحومها وتركبونها وتحملون عليها أثقالكم .
الآيات 23 ـ 25
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ )
وليتخذ الناس العبرة :
فهذا نوح عليه السلام لما أرسله الله لينذر قومه قال لهم اعبدوا الله فليس لكم غيره إله ، ألا تخافون عذابه وبأسه
قال له القوم الكافرين إن نوحا بشرا مثلكم ويريد أن يتعاظم عليكم ويترفع عنكم بدعوى الوحى
ولو أراد الله أن يخبركم لكان أنزل لكم ملائكة
فما سمعنا ببعثة البشر من قبل فى آبائنا القدامى
إنه رجل مجنون فانتظروا حتى يأتيه الموت وتستريحوا منه .
.
( قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ * فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ )
• اشتدت الناس فى المعاصى ورسول الله يدعوهم ويناله الأذى ويسب ويقال مجنون، وإمرأته تصفه كما وصفه الناس بالجنون ، وهو لايمل الدعوة لتوحيد الله والطاعة ، هو يكبر فى السن والناس لم تكن كلها من مثل عمره ، فكانت تأتى أجيال وتموت أجيال وهو على دينه يدعوالناس، ولكن إزداد الطغيان
• شكى رسول الله نوح لربه عناد الناس
• فأمره وحيا بأن يزرع فى الصحراء شجرا ويقطع أخشابه ويبنى به سفينة ضخمة ، وبعضا من أبنائه المذكورين أعلاه آمنوا به وأحفاده عاونوه فى ذلك ، وصنع مسامير ضخمة من الخشب ليمسك بها أجزاء السفينة
• كلما مر به أحد يسخر منه ومن معه ويقولون مجنون ، فهل من المعقول أن يبنى أحد فى الصحراء سفينة ويصبر على نمو الأشجار وأين الماء الذى تسير فيه السفينة؟
• وصبر نبى ورسول الله على الأذى ومن معه
• حتى إذا انتهى البناء ، وفار التنور ( قيل أن التنور هو عين ماء بالهند ، وقيل بالكوفة ، وقيل بالجزيرة العربية ، ـــــــــــ أما علىّ بن أبى طالب فقال معناها فلق الصبح وظهور النهار ، وعند الجمهور أن التنور فلق سطح الأرض وخروج البراكين من كل مكان حيث معناها فى اللغة نار الفرن ، ومن المعروف أن بعد البركان تخرج الماء والفيضانات من البحور لتغطى الأرض ) وانهمرت السماء بالمطر الغزير ، وانفجرت العيون ، وارتفع الماء والسفينة تعلو على سطحه
• وأمر الله رسوله نوح أن يجمع المؤمنون معه وكانوا من أهله إلا إبن له يسمى يام ، وزوجته أمر بتركهم حيث أخذ ينادى عليه ولم يستجب وأصر الكفر والعصيان وقال سأحتمى بالجبل ولكن الماء غطى الجبل وغرق يام
• أمر الله نوحا أن يأخذ من كل نوع من المخلوقات نبات ، وحيوان ، زوجان ذكر وأنثى ، لتستمر الحياة بعد ذلك
وأمره الله بأن لا يشفع لمن كفر من أهله ولا تأخذه رأفة عند نزول المطر بالكافرين ، فقد قدر الله لهم الغرق مع من غرقوا بسبب كفرهم
ويأمر الله نوحا إذا ركب ومن معه فى السفينة أن يحمد الله على نجاته من الكفار ومن الغرق وأن يدعوا الله أن ينزله مكانا مباركا
وفى هلاك الكفار آية على صدق نبيه
وإن كنا لمبتلين : والله يبتلى الناس ويختبرهم بإرسال الرسل
( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ * فَأرسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
ثم جعل الله من بعد قوم نوح قوم عاد وتلاهم قوم ثمود
أرسل الله فيهم الرسل لينذرونهم بعبادة الله وحده ولا يشركون به عبادة شئ آخر وأمروهم بالتقوى وخشية الله
ولكن الكافرين منهم المكذبين بيوم القيامة الذين أنعم الله عليهم بكل وسائل الترف والنعم فى الدنيا ، قالوا كيف نصدق لبشر مثلنا يأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب
لو أطعتم بشرا مثلكم ستخسرون فهم يريدون أن يتفضلوا عليكم
كيف يعدونكم بالعودة للحياة بعد الممات وبعد أن تبلى أجسادكم وعظامكم
هيهات ، هيهات : فبعيدا بعيدا أن يحدث ذلك أبدا .
فهى حياتكم الدنيا تعيشون وتهرمون ثم تموتون ولا عودة للحياة ثانيا
إن من ادعى الرسالة رجل مجنون يدعى الكذب والإفتراء على الله ولا نؤمن له
وكان عاقبتهم أن أهلكهم الله وأخذتهم الصيحة بما فعلوا وكذبوا وهذا العدل والحق معهم فأصبحوا كغثاء السيل وكأن لم تقم لهم قائمة
فلهم الهلاك بظلمهم وبعدا لهم
الآيات 42 ـ 44
( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ * ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لّا يُؤْمِنُونَ )
وبعد هؤلاء القوم جاءت أقوام وأقوام وأمم وأجيال ، وكل أمة من هؤلاء تؤخذ على قدر ما قدر الله لها فى اللوح المحفوظ فلا تتقدم ولا تتأخر عما قدر لها .
وأرسل الله الأمم تتلوا بعضها البعض وأرسل لهم الرسل فكانوا يكذبونهم فأهلكهم الله وجعل منهم أحاديث وقصص تروى بين الأجيال لتكون عبرة للناس
فالبعد والهلاك لمن كذبوا .
الايات 45 ـ 49
( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ )
وبعث الله موسى وأخاه هارون بالدلائل والحجج الواضحة إلى فرعون وقومه ، ولكنهم استكبروا عنها وعلوا فى الأرض
قالوا كيف نؤمن لبشرين مثلنا وقومهما تحت إمرتنا وسيطرتنا أذلاء
وكذبوا، وما كان مصيرهم إلا الهلاك مثل من كذبوا قبلهم
مع أننا أرسلنا موسى بالتوراة فيها تبيانا لكل شئ ليهتدوا ولكن بلا فائدة فم كافرون .
( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ )
وهذا عيسى ابن مريم ، جعله الله آية للناس وحجة على قدرة الله تعالى فى خلق ما يشاء فقد خلق آدم من أب ولا أم ، وخلق حواء من غير أم ، وخلق عيسى من غير أب ، ثم يخلق باقى الناس من أب وأم
واسكن الله مريم وابنها عيسى عليه السلام فى مرتفع من الأرض وهو بيت المقدس حيث النبات فى أحسن ما يكون وفيها الماء الجارى العذب فى النهر والأرض الخصبة .
الآيات 51 ـ 56
( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لّا يَشْعُرُونَ )
ثم يأمر الله رسله وعلى مثيلتهم المؤمنين بأن يأكلوا مما خلق الله حلالا طيبا ويعملوا الصالح
وهذا يدل على أن الأكل من طيبات ما أحل الله تعين على العمل الصالح ، وأن من يأكل الحرام لا يستجاب له ولا يهتدى سبيلا
ويطمئنهم بأنه يعلم سبحانه أعمالهم الصالحة ويعينهم عليها
ويقول لرسله أن دينهم جميعا هو دين واحد أساسه الدعوة لتوحيد الله لا شريك له ويأمرهم بالتقوى .
والأمم التى بعثت إليها أنبياء كل جماعة منهم يفرحون بما هم عليه من ضلال وكفر ويحسبون أنهم مهتدون
فدعهم يا محمد يفرحوا كما يريدون واتركهم فى ضلالهم حتى يأت هلاكهم فى الوقت المحدد لهم
هم يظنون أن ما نعطيهم من أموال وبنين إنما هذا لكرامتهم ومعزتهم عند الله
لا فليس الأمر كذلك وهم لا يشعرون أن هذا ابتلاء لهم لنمدهم فى الغى ثم نعذبهم بما يظلمون بها .
الآيات 57 ـ 61
( إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ )
الذين مع إيمانهم وإحسانهم خائفون من الله
ويؤمنون بآياته الكونية والشرعية
ولا يعبدون مع الله آخر ويؤمنون أن لا إله إلا الله ولا نظير له
ويعملون من الخيرات وهم خائفون أن لا يتقبل منهم الله ويشعرون بالتقصير
هؤلاء الذين يسارعون فى عمل الخيرات ويتسابقون فى عملها وهذه هى صفات المؤمنين الذين يتقبل الله منهم أعمالهم ويغفر لهم .