بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله وصحبه والتابعين، وبعد:فهذه توجيهات ( للمتزوجين قريباً ) دفعني إلى كتابتها النصح لإخواني المسلمين والحرص على سلامة بيت الزوجية من التصدع ، ومما دفعني إلى مثل هذا مايرد من الأسئلة وما نسمع من حكايات حديثي الزواج التي تدل على وجوب فقه هذه المسائل قبل الزواج حتى لا يقع الندم ولات ساعة مندم .
وقد جعلتها مسائل مختصرة لما نعلم من عزوف عن التطويل وإلا فإن الحاجة قائمة لقراءة المطولات في هذا الموضوع المهم وهذا مني جهد المقل سائلاً الله أن ينفع به المسلمين وأن يدرأ به الشرور إنه سميع مجيب :
أولاً: أهنئ كل عروسين وأدعو الله تعالى لهم بالتوفيق والسعادة وأن يجعل منهما أسرة مباركة نتاجها الذرية الصالحة ، وأقول: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير .
ثانياً: إحمدا الله على ما من به عليكما من هذه النعمة فكم من شاب وشابة يتمنى هذه النعمة ، فبالشكر تدوم النعم ، قال جل وعلا : ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ .
ثالثاً: الزواج سكن وطمأنينة ورحمة ومودة قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ .
رابعاً: لتعلما أن المعاصي سبب كل بلاء والطاعة سبب كل خير فاحذرا الذنوب . وطيبوا حياتكم بالصالحات قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ وقال : ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ وقال : ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ وقال : ﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى … ﴾ الآية .
خامساً: الزواج عبادة بل من أفضل الطاعات ؛ فقد جاء في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) بل الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام قال الله عنهم : ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ لما فيه من تحصين الفروج وغض الأبصار وتكثير الأمة .
سادساً: الجماع والاستمتاع بين الزوجين عبادة يؤجران عليها إذا صحت منهما النية قال عليه الصلاة والسلام : ( وفي بضع أحدكم صدقة ) .
سابعاً: ليعرف كل واحد من الزوجين ماله وما عليه حتى تسير الحياة بعيداً عن المنغصات : ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بالمعروف ﴾ وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح في خطبة عرفة : (… فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) الحديث ، ولتعلم المرأة أن من أعظم ما يقصر نظر الزوج إليها عنايتها بجمالها ولباسها وأناقتها لزوجها وكذا يجب على الزوج . مع الحذر مما فيه محذور شرعي أو ضرر صحي .
ثامناً: اعلما أنه لا يخلو بيت من المشاكل والمنغصات وكما قيل هي كالملح في الطعام إن قل فسد وإن زاد فسد ، فإن بيت النبي صلى الله عليه وسلم ماخلا من ذلك فقد ثبت في الصحيح ( عن عَائِشَةَ – رضي الله عنها – أَنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً ، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النبي – صلى الله عليه وسلم – فَلْتَقُلْ إني أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ « لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ » . فَنَزَلَتْ ( يَا أَيُّهَا النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ) إِلَى ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ ) لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ( وَإِذْ أَسَرَّ النبي إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ) لِقَوْلِهِ « بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً ») وليحذر الزوجان من تصدير مشاكل البيت إلى الخارج قدر المستطاع ، فإن كان لابد فإلى من يُرجى منه الإصلاح .
تاسعاً: التعامل الصحيح من الزوجين مع أخطاء الآخر كفيل بإذن الله بتلافيها ، وإليكم هذا المثال ، فقد جاء في الصحيح : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ النبي – صلى الله عليه وسلم – عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتِ التي النبي – صلى الله عليه وسلم – في بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النبي – صلى الله عليه وسلم – فِلَقَ الصَّحْفَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كَانَ في الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ : « غَارَتْ أُمُّكُمْ » ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ التي هُوَ في بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى التي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا ، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ في بَيْتِ التي كَسَرَتْ) .
عاشراً: مما يعين على دوام العشرة هو إصلاح الحال وغض الطرف عن الأخطاء ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : (« لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رضي مِنْهَا آخَرَ ». أَوْ قَالَ « غَيْرَهُ » .
الحادي عشر: الزواج شراكة بين الزوجين فليبذل كل واحد منهما قصارى جهده لاستمرار هذا الشراكة والبحث عن أسباب دوامها ولا تغفلا عن الدعاء .
الثاني عشر: مما يجب العناية به ما جدّ على الزوجين من أمر الطهارة ، فهذه جملة مما يتعلق بها مما في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
*« إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ». وَفِى حَدِيثِ مَطَرٍ « وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ »وعند مسلم « إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ».
* بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ فَقَالَتْ يَا عَجَبًا لاِبْنِ عَمْرٍو هَذَا يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ أَفَلاَ يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ رُءُوسَهُنَّ لَقَدْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَلاَ أَزِيدُ عَلَى أَنْ أُفْرِغَ عَلَى رأسي ثَلاَثَ إِفْرَاغَاتٍ.)
* كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْه ِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنْ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ) .
* أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ : « نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ » .
الثالث عشر: لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر بما شاء حاشا الجماع في زمن الحيض والنفاس والجماع في الدبر ، قال تعالى : ﴿ نِسَآؤُكُمْ حرث لكم فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ وقال تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .
الرابع عشر: من كبائر الذنوب الجماع في نهار رمضان لمن لزمه الصيام وفيه الكفارة المغلظة عتق رقبة فمن لم يجد صام شهرين متتابعين فمن لم يجد أطعم ستين مسكيناً، والزوجة كذلك إذا طاوعت .
الخامس عشر: من الأخلاق الرديئة إفشاء الأسرار الزوجية قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وتفضي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا ) ومن تعاليم الإسلام ومفاخر العرب الغيرة على الأعراض لقد كان أصحاب رسول الله من أشد الناس غيرةً على أعراضهم. فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوماً قال لأصحابه: { إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعاً }، فقام سعد بن معاذ متأثراً فقال: يا رسول الله: أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني أنتظر حتى أشهد أربعاً ؟ لا والذي بعثك بالحق !! إن رأيت ما يريبنمنه،أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء، فقال: { أتعجبون من غيرة سعد ؟ والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن }..الحديث ، وأصله في الصحيحين.
السادس عشر: واعلما أن الغيرة الشرعية لا تحمل أحدا من الزوجين على الشكوك في الآخر . بل الأصل العفة ولهذا لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكك في زوجته ويعرض فيها لم يقره على ذلك ففي الصحيح عن أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امرأتي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ وإني أَنْكَرْتُهُ. فَقَالَ لَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- : « هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ». قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : « مَا أَلْوَانُهَا ». قَالَ : حُمْرٌ. قَالَ : « فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ».قَالَ : نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « فَأَنَّى هُوَ ». قَالَ : لَعَلَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ . فَقَالَ لَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- : « وَهَذَا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ » .
السابع عشر: احذرا منكرات الأفراح ، ومن أخطرها :
1. الإسراف في الحفلات قال تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ وقال البخاري في صحيحه : باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ) . وَقَالَ النبي – صلى الله عليه وسلم – : « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ » . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ ) ا.هـ
2. التشبه بالكفار في طريقة الحفل واللباس وغير ذلك قال تعالى : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ ويقول : ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحي ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أحمد في المسند عن ابن عمر واستشهد به البخاري .
3. احذرا ثم احذرا التصوير بجميع أنواعه فكم من بيت تصدع بنيانه بسبب التصوير ولا غرابة فالتصوير كبيرة من كبائر الذنوب فقد جاء عن الرسول في شأن المصورين أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة, وأن كل مصور في النار, وأنه يجعل له بكل صورة صورها نفسا يعذب بها , وأنه يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ , بل جاء في الحديث القدسيومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) . كل هذه الألفاظ جاءت في الصحيحين , وجاء في صحيح الإمام مسلم أن علياً رضي الله عنه قال : (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله ألا تدع صورة إلا طمستها ) .
الثامن عشر: لا بأس بسفر الزوجين للسياحة والنزهة وأنبه إلى أمور :
* الحذر من السفر إلى بلاد الكفار: والانحلال والتبرج ولو كانت إسلامية أو عربية . قال الشيخ ابن باز رحمه الله : [ وقد كتبنا وحذرنا غير مرة من السفر إلى الخارج وبينا أخطار ذلك ] أهـ . وقال رحمه الله : ( فلا يجوز السفر للخارج إلا بشروط مهمة؛ لأن السفر للخارج يعرضه للكفر بالله ، ويعرضه للمعاصي من شرب الخمر وتعاطي الزنا وغير هذا من الشرور . ولهذا نص العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الكفار عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين )) ، فالإقامة بينهم خطيرة جداً سواء كانت للسياحة أو للدراسة أو للتجارة أو غير ذلك….أهـ . من مجموع الفتاوى…
* احذرا ارتياد أماكن الفساد واللهو قال ابن تيمية رحمه الله : (ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا لموجب شرعي…. فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك فهذا مما يقدح في عدالته ومروأته إذا أصر عليه ) .
* راقبا الله في السفر فكما أنه مطلع عليكما هنا فكذلك هناك : ﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ … ﴾الآية
التاسع عشر: مما يزيد المحبة بين الزوجين احترام كل واحد منهما أهل الآخر .
العشرون: البيت هو محل الأنس والتقارب بين الزوجين فليكن طاهراً من آلات اللهو والصور فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة . وإذا لم تدخل الملائكة صارت مأوى للشياطين .
الحادي والعشرون: مما يشاهد في مجتمعنا مبادرة الزوجين لأداء العمرة في أول أيام الزواج وحول هذا أقول :
1. إذا اعتقدا أن العمرة في أول أيام الزواج من مكملاته فهذا بدعة .
2. ليعلم الزوجان أن الإحرام بالعمرة معناه الدخول في محظورات الإحرام ومنها الجماع وجميع مقدماته من مباشرة وتقبيل ونحوه ، ولما اعلم مما يقع من المخالفات في هذا الجانب من حديثي الزواج أقترح على الزوجين تأخير العمرة عن أيام الزواج الأولى ، أو دخول مكة بلا إحرام لأجل الصلاة في المسجد الحرام والطواف ونحو ذلك حتى لا يقعا فيما حرم الله . إلا من علم من نفسه السلامة .
الثاني والعشرون : اعلما أن من أعظم مقاصد الزواج الذرية الصالحة فاستعدا لذلك بقراءة ما كتب في شأن تربية الأبناء . و أذكر بما جاء في الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ : قال – صلى الله عليه وسلم – : « لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يأتي أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذَلِكَ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا » .
الثالث والعشرون: الله حكيم عليم ومن حكمه مشروعية الطلاق ، وهو من أبغض ما أحل الله ، ومع ذلك قال تعالى : ﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ .
وحول هذه القضية مسائل منها :1. ربما أحس الزوجان أو أحدهما بعد الزواج بضيق في الصدر أو نفرة من الآخر .. فأقول : ربما كان الأمر طبيعيا بسبب التغيرات الجديدة .. وهو الغالب وربما كان بسبب آخر ، فعلى المبتلى التضرع إلى الله والحرص على كثرة قراءة القرآن (الرقية) .
2. أن الطلاق ليس هو العلاج لكل المشاكل بل قبله حلول كثيرة لحل النزاعات الأسرية فهو آخر الدواء فالحذر من الاستعجال وقديما قيل : (العجلة أم الندامة)
3. ليعلم أن الطلاق الشرعي هو أن يطلق الزوج طلقة واحدة في طهر لم يقع فيه جماع ومع ذلك تبقى المرأة في بيت زوجها حتى انقضاء العدة بل يحرم إخراجها ﴿ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾ .
4. ليعلم أن الطلاق في الحيض والنفاس محرم وقد اختلف العلماء في وقوعه .
5. ليعلم أن إلقاء الطلاق الثلاث جميعاً من البدع المنكرة ، وتعجيل لما جعل الله للزوج من أناة فاحذر فإن أكثر العلماء يوقعونه ثلاثا .
6. ليعلم أن أمر الطلاق عظيم ولهذا صار هزله جد فلا مزاح في الطلاق وليس سوطاً لتهديد المرأة .
7. احذر أيها الزوج من الحلف بالطلاق فان أكثر العلماء يرونه طلاقا عند الحنث .
8. إذا وقع الطلاق لا قدر الله فليحذر الزوجين من الوقوع في عرض الآخر فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ : « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا ، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ ، حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ »
وأخيرا أيها الزوجان فهذا يوم اجتماعكما على خير في هذه الدنيا فحري أن تذكرا يوم الفراق من الدنيا ..ولدتك أمك يــا ابن آدم باكيا … والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسك أن تكون إذا بكوا … في يـوم موتك ضاحكاً مسرورا
وقال أبو الطيب المتنبي :
أبـنـي أبينـا نحـن آل منازلٍ … أبداً غـرابُ البيـن فينا ينعـقُ
نبكي علـى الدنيا وما من معشرٍ … جمعتهم الدنيـا فلـم يتفرقـوا
أيـن الأكـاسرةُ الجبابـرةُ الألى … كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا
من كلِّ مـن ضاقَ الفضاءُ بجيشه … حتى ثـوى فحـواه لحدٌ ضيق
فالمـوت آتٍ والنفـوسُ نفائس … والمستغر بمـا لديـه الأحمـق
والمـرءُ يأمـل والحيـاة شهيـةٌ … والشيب أوقـر والشبيبة أنزق
ولقد بكيتُ على الشبابِ ولـمَّتي … مسودةٌ ولمـاء وجهي رونـق
حذراً عليـه قـبـل يـوم فراقه … حتى لكدتُ بمـاء جفني أشرق
والله تعالى يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) فأعدا ليوم الفراق أعظم مما أعددتما ليوم اللقاء . واعلما أن فضل الله واسع ورحمته وسعت كل شئ : (…وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا () وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ .. ) الآية .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعكما بهذه الكلمات وأن يجعل زواجكم مباركا وأن يعمر أيامكم بالسعادة وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
تحياااتي
ويجزااااااك خيرررررررررر