إن الصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه،
مما يجعل مسألة الصداقة من المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني في كثير من الحالات،
وهذا ما نقرأه في قوله سبحانه وتعالى الذي يحدثنا عن بعض مشاهد القيامة التي تنطلق من خلال التجارب
التي عاشها الإنسان في الدنيا:
(ويوم يعضّ الظالم على يديه، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً،
يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً،
لقد أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني، وكان الشيطان للإنسان خذولاً)
(الفرقان/ 27).
إننا ندرس من خلال هذا النموذج الذي يقدمه الله سبحانه وتعالى الانسان الذي يعيش الحسرة والندامة في حياته تجاه الخط المنحرف الذي تحرك فيه،
انطلاقاً من تأثره بصداقة بعض الناس الذين حببوا له الضلال،
واستغلوا مشاعره العاطفية فكانت النتيجة إن وصل إلى هذا المصير الذي جعله بعيداً عن رحمة الله سبحانه وتعالى.
– نموذج قرآني:
وإذا أردنا أن نقدم أمثلة في هذا المجال،
فنجد أن هناك عنواناً عاماً يتحدث عنه القرآن الكريم
بالنسبة للتابعين والمتبوعين لأن هذه قد تكون إيحاءاتها في نطاق المستكبرين والمستضعفين،
ولكن يمكن أيضاً أن نستوحي منها معنى أكثر شمولية في نطاق كل مَن يتبع إنساناً،
ولو من الناحية العاطفية كالزوج الذي يتبع زوجته من خلال العاطفة،
أو الزوجة التي تتبع زوجها من خلال العاطفة،
أو الصديق الذي يتبع صديقه من خلال العاطفة:
(إذ تبرّأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب،
وقال الذين اتبعوا لو أنّ لنا كرّةً فنتبرأ منهم كما تبرّ منا،
كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم،
ما هم بخارجين من النار)
(البقرة/ 166)،
فنحن نلاحظ أن القرآن يؤكد على أن التابعين يتحملون المسؤولية حتى لو كان هناك ضغط مادي أو ضغط عاطفي
يفرض عليهم هذا الاتباع المنحرف،
فإن الله ينبّه الناس أن عليهم أن يتفادوا هذه التجربة
وأن يتخلصوا من الجو الذي يفرض عليهم مثل هذه الضغوط،
وهذا ما نستوحيه من آية أخرى وهي قوله تعالى:
(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا: فيم كنتم؟ قالوا:
كنا مستضعفين في الأرض،
قالوا: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها،
أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً)
(النساء/ 97)،
فالله سبحانه وتعالى عندما يحمّل هؤلاء المستضعفين المسؤولية
في انجرافهم مع المستكبرين،
وتنفيذهم خطواتهم المنحرفة،
فإنه تعالى يريد لهم أن يبتعدوا عن الجوف المنحرف حتى لا يعيشوا تحت الضغط،
وفي هذا دلالة إيحائية على أن أي انسان لابد له أن لا يوقع نفسه تحت الضغط العاطفي
والمادي الذي قد يتوجه به في الاتجاه الخطأ،
وانه عندما يعيش ضمن هذا الجو فلابد له أن يهرب منه وأن يتخلص منه.
إن مثل هذه الخطوط التربوية التي انطلق منها القرآن في الجانب العام من تأثر الانسان بالانسان الآخر،
وضرورة أن يبقى الانسان مع فكره بحيث لا يخضع فكره للآخرين،
وأن يتخلص من الأجواء الضاغطة،
وأن يعمل على أساس أن يحمي إيمانه بالشكل الأساسي.
– الأصدقاء في موقف الآخرة:
من خلال ذلك، نستوحي هذه الآية الكريمة:
(الأخلاّء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين)
(الزخرف/ 67)،
باعتبار ان الصداقات التي كانت تتحرك من خلال الأوضاع الطارئة
في الدنيا سوف تنفتح على نتائج المسؤولية في الآخرة،
وسوف يقف الأصدقاء الذين كانوا يجتمعون في الدنيا على مواقع اللهو
والعبث والخيانة والانحراف والكفر وما إلى ذلك،
سيقفون هناك أمام المصير المحتوم ليحمّل كل واحد مسؤولية ضلاله للآخر.
ومن الطبيعي فن الصداقة سوف تنقلب إلى عداوة عندما يكتشف الانسان الذي كان خاضعاً
لتأثيرات الصداقة في خط الانحراف،
إن صديقه كان عدواً في ثوب صديق.
أما المتقون الذين كانوا يتعاونون على البر والتقوى،
وكانوا ينفتحون على الله، وكانوا يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر،
فإن من الطبيعي أن تبقى صداقتهم لأنها كانت إيجابية في الدنيا
وسارت على الخط الذي تلتقي فيه الدنيا بالآخرة.
موضوع رائع
نوف الجهني ..
نورتو صفحتي ..
ووجودكم اسعدني ..
ما راح اقوالك مشكوره لان شهادتي بيك مجروحه بس راح اقوالك"انت تختري في موضيع هادفه تدل علي شخصيه راقيه "نيالي برفقتك"
|
صديقتي .. سيسرين ..
اشكرلك تواصلك الدائم لصفحتي ..
روعه