بسم الله الرحمن الرحيم
اتصل بي احد الاخوة وانا في المنزل يوم الجمعة، وقال لي،يا شيخ ان اخي انتقل الى رحمة الله ،وهو الان موجود في ثلاجة ( مستشفى الجدعاني )، بحي الصفا،ونريد منك ان تغسله ، وتعمل على تجهيزه وتذهب الى المستشفى في التاسعة صباح غدا السبت ، لنقله الى المغسلة المقبرة، فقلت:ان شاء الله ،وبعد صلاة العشاء من نفس اليوم اتصل بي والد الشاب لنفس الموضوع ، فقلت : له ابنك اتصل بي قال:ادري ياشيخ لكن فقط للتاكيد على حضورك ، وفي صباح اليوم التالي توجهت الى المستشفى في الموعد المحدد وقبل وصولي الى بوابة المستشفى رأيت الكثير من الناس تنتظر خارج المستشفى فاعتقدت ان هنال اكثر من ميت في المستشفى استقبلني اخاه ووالده عند الباب ،فقلت لهم: كم ميت ، فقال والده: فقط واحد يا شيخ انه ابني فقط يا شيخ ، فقلت :ولماذا كل هذه الامة ،قال الاب:كلهم حضروا من طريقة موت ابني فتشوقت لمعرفة طريقة موت ابنه، وبينما يتم انهاء اجراءات اخراج تصريح الدفن وتبليغ الوفاة من المستشفى سألت والد الشاب وعلامات الحزن ظاهرة على وجهه ،كيف مات ابنك، فقال: يا شيخ حضرت انا وابنائي لصلاة الجمعة في هذا المسجد ،وبعد انتهاء الامام من خطبةالجمعة واقامة الصلاة وفي السجدة الثانية قبل التسليم ينزل ملك الموت بأذن المولى عزوجل ويأخذ روح ابني وهو ساجد لله في صلاته انظروا يا اخوان كيف كانت ميتة هذا الشاب ينزل ملك الموت الى المسجد ويأخذ روح هذا الشاب وهو ساجد لله وليس ساجد في معصية من معاصي الله ومتى نزل ملك الموت نزل يوم الجمعة وانتم اعلم في هذا اليوم كما يقول عليه الصلاة والسلام : من مات يوم الجمعة او ليلة الجمعة وقاه الله فتنة القبر ، وكيف اخذ ملك الموت روح هذا الشاب ، وهو ساجد في المسجد وليس في مكان معصية الله ،يا اخوان من منا لا يتمنى هذه الميتة؟ من منا لا يتمنى هذه الميتة ،في بيت من بيوت الله ؟وان الله ممن يحسن خاتمته ،ثم حملنا هذا الشاب في سيارة الموتى الى المغسلة وادخلناه الى غرفة الغسل ووضعناه فوق خشبة الغسل لنبدأ نتجهيزه وكلنا سوف نمدد على هذه الخشبة ،لانستطيع الحركه،ثم أتى المغسل وهويقوم بتجريده واذا بامام المسجد يدخل علي ويقول: يا شيخ ان هذا الشاب مات في مسجدي وانا اولى بغسله،فقلت: هذا والده واخاه اتصلوا بي وطلبوا مني ان اغسله،فقال :فضلا يا شيخ انا ارغب بغسله،فقلت:تفضل انا وانت واحد وحتى لا حرج ،الامام اثناء الغسل خرجت وانتظرت في الخارج عند الباب ،قام الامام بوضع السترة على الميت وتجريده من ملابسه وقام بتنجيته وتوضئته وضوء كامل ، ثم قام بغسله بالماء والسدر ثم بالماء والكافور ، ثم حملوه من خشبة الغسل الى خشبة التكفين ليطيب في اماكن السجود التي كان يسجد فيها وهو حي بالمسجد ويفعل ذلك مع سائر الاموات المسلمين ، ثم يكفن ويحمل ويذهب به الى المسجد للصلاة عليه وبينما اوشك الامام على الانتهاء من التكفين وبالاخص عند ربط الاربطة لم يستطيع الامام فنادني وطلب مني اقفال الكفن من جهة الراس ، فقلت في نفسي لماذا لم يستطيع ان يقفل الكفن؟ فلا بد من وجود سر ودخلت الى هذا الشاب مسرعا وان مندهش من مما رأيت ،ماذا رأيت يا اخوان؟ انني عندما نظرت لوجه الشاب الميت رأيت نورا ربانيا يخرج من وجهه ليس كانوار الدنيا وكان مبتسما ومن قوة الابتسامة كانت اسنانه ظاهرة ، هل رايتم ميت يبتسم؟ كأنه يضحك مات وهو يضحك ، فتذكرت الامام وكانه تعمد ان يريني وجه هذا الشاب ويقول لي دعه يا شيخ وجهه مكشوف ندفنه ووجهه مكشوف ،فماذا افعل يا اخوان؟ ماذا فعلت؟ فتحت باب المغسله وكل الاخوان الذين كانوا بالخارج دخلوا عليه وكل واحد منهم ينظر اليه كان يقبله على جبينه ،ودموعه على خده ،ومن ثم غطيت وجهه ثم حملناه وادخلناه المسجد قبل صلاة الظهر بساعة وكان حينها لم نكمل صفا واحدا في المسجد وبعد رفع الاذان واقامة الصلاة وضعنا الجنازة امام الامام وصلينا على هذا الشاب وبع الانتهاء نظرت الى الخلف فاذا بالمسجد يمتلئ بالمصلين ولم يكتفوا بذلك حتى الملحق التابع امتلئ حتى انهم اغلقوا الممرات والطريق المؤدية للمسجد ولو رأيتم جنازة هذا الشاب وهي تخرج من المسجد مسرعة كانها تطير لوحدها، ولو رأيت جنازة هذا الشاب وهي تمشي مسرعة وتسابق الاخوان على قبره وانزلوه ووضعوه على جنبه الايمن باتجاه القبلة ثم حلو الاربطة وقاموا بتغطية هذا القبر ، وحطوا التراب عليه ، يقول احد المقربين له: ان عمر هذا الشاب 28 سنة لم يتزوج ، من ان ياتي من عمله ويتناول طعام الغداء ثم يسمع المؤذن يأذن للصلاة ويذهب الى المسجد وينتظر فيه من بعد صلاة العصر حتى صلاة المغرب ،ماذا يفعل؟ من بعد صلاة العصر حتى صلاة المغرب؟ انه يقوم بتحفيظ الاطفال القرأن الكريم في المسجد، اسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة.