د.محمد راتب النابلسي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} ( 96 ) سورة مريم شيء سهل أن يكون لك مودة مع الله {إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} أن يكون لك صلة بإنسان قوي تتيه بهذه الصلة تذكرها لكل الناس تريهم صورتك معها تريهم
رقم هاتفه إنسان قوي أعطاك بطاقة أو تصورت معه تذكرها للناس آلاف المرات فكيف إذا كنت على مودة مع خالق الأرض والسموات {إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} و {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي} ( 55 ) سورة النور إذا حينما يستقيم الإنسان على أمر الله حينما
يؤمن بالله ويعمل صالحاً يستخلفه الله في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ويمكنه في الأرض ويمنحه الطمأنينة هذه ثمار يانعة عن الإيمان
فلذلك هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله, إذا أقاموا أمر الله في حياتهم إذا أمنوا الإيمان الذي يحملهم على طاعته إذا عملوا الأعمال
الصالحة يستحقون هذه الوعود وما أعظمها, أيها الأخوة الكرام {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ
وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ( 277 ) سورة البقرة يعني الماضي مغطى بعدم الحزن والندم والمستقبل مغطى بعدم الخوف والقلق وأنت من
خوف الفقر في فقر وأنت من خوف المرض في مرض وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها فلا تدعو مع الله إله آخر فتكون من المعذبين {قُل لَّن يُصِيبَنَا
إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا} ( 51 ) سورة التوبة هذه الآية دقيقة جداً {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} أيضاً هذا من عطاءات الله للمؤمن الذي أكد إيمانه بالعمل الصالح {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ
وُسْعَهَا} ( 42 ) سورة الأعراف الله عز وجل حينما كلفنا أن نؤمن وحينما كلفنا أن نستقيم وحينما كلفنا بالعمل الصالح هذه الأشياء ضمن وسع الإنسان
لأن الله سبحانه وتعالى هو الخبير هو يعلم ماذا نستطيع أن نفعل, فدائماً وأبداً الشيء الذي تتوهم أنك لا تستطيع أن تفعله هو الشيء الذي لا تريد
أن تفعله, الإنسان عنده طاقات عظيمة جداً عنده طاقات كبيرة جداً حينما أعمل عقله ركب الطائرة وصنع الطائرة ووصل إلى أطراف الدنيا ونقل
الصورة الملونة ونقل الصوت ونقل النص عبر الفاكس حينما استخدم عقله وصدق وحقق إنجازات مذهلة فإذا استخدم عقله لمعرفة الله والتقرب منه
يكون في أعلى علين, أيها الأخوة الكرام الآن {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} ( 9) سورة يونس هناك متابعة من الله هناك
ملائكة تلهمك الخير هناك تسديد لخطاك هناك توفيق أن الله مع المؤمنين, قال العلماء هذه معينة خاصة يعني معينة التوفيق معية النصر معية
النجاح معية التوفق معية التألق إن الله مع المؤمنين معية خاصة ينصرهم ويوفقهم ويحفظهم ويعلي قدرهم أما وهو معكم أينما كنتم فهو معية
عامة أي مع كل إنسان بعلمهم لذلك أيها الأخوة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} يسوقهم إلى طرق سعادتهم شيء آخر
وهذه الآية مهمة جداً {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ( 21 ) سورة الجاثية صدقوا أيها الأخوة من سابع
المستحيلات بل زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعود المؤمنين, المؤمن متميز بمعاملة خاصة, {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن
نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم} في دنيانهم في بيوتهم في زواجهم في صحتهم في تربية أولادهم في نجاحاتهم في أعمالهم
سواء محياهم الدنيا قبل الآخرة, ولم خاف أقام لربه جنتان {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء
مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أيها الأخوة الكرام الإنسان حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على شيء واحد, يندم على ساعة مضت لم يكن فيها
عمل صالح يقبره إلى الله وقد مر النبي عليه الصلاة والسلام بقبر فقال صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفركم خير له من كل دنياكم
فالبطولة لا تعيش الماضي مفتخراً ولا أن تعيش الحاضر منهمكاً بل أن تعيش المستقبل والمستقبل فيه أخطر حدث وهو مغادرة الدنيا, يعني في
بعض البلاد إذا كتب على الجواز مغادرة من دون رجوع لا يستقر قراره فإذا كان الموت مغادرة من دون عودة ما الذي يحصل فالذلك البطون أن
تعيش المستقبل وحينما تعيش المستقبل تستثمر الوقت استثماراً ولا تستهلكه استهلاكاً, استثمار الوقت أن تفعل في الوقت الذي سينقضي عملاً
ينفعك بعد مضي لذلك المؤمن يبحث عن الحقيقة يبحث عن مدارج السالكين عن إيمان المؤمنين, يعمق إيمانه بالله موجوداً وواحداً وكاملاً يعمق
فهمه لأسماء الله الحسنة يعمق فهمه لمنهج الله المؤمن يبحث عن أسباب سعادته فلذلك العمل الصالح حجمه عند الله بحجم عمل الصالح أيها
الأخوة الكرام لكن النبي عليه الصلاة والسلام يطمئننا ويقول أحب الأعمال إلى الله أدومها وأن قل فالبطون الثبات والثبات كما يقولون نبات إذا صليت
قيام الليل فليكن هذا العمل ديماً إذا تصدق من مالك فلتكن هذه الصدقة مستمرة إذا حضرت مجلس علم فاليكن هذا الحضور مستمراً إذا وصلت
أقاربك فالتكن هذه الصلة مستمرة أحب الأعمال إلى الله أدومها وأن قل, لكن الآن هناك حديث إذا مات ابن آدم انقطع عمله, توقف عمله لكن
التعليق المخيف ولي ثم ولي ثم ولي لمن ليس له عمل ينقطع عند الموت غرق في الدنيا غرق وفي شهواتها غرق في مباهجها غرق في الملكيات
غرق في المسلسلات وابتعد عن خالق الأرض والسموات فهذا إذا جاءه ملك الموت فهذا معه عمل ينقطع أن أتصور مؤمن كبير له أعمال كالجبال إذا
مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له, ولم يبقى في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم
وأعظم كسب المؤمنين أولادهم وتربية الأبناء من أعظم الأعمال ويمكن أن نواجه القنبلة الذرية بقبنلة الذرية خير كسب الرجل ولده {وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} ( 21 ) سورة الطور, أيها الأخوة مرة ثانية
حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ولكن هذا العمل الصالح يكون عظيم جداً إذا استمر بعد الموت, لذلك كم من عالم جليل تذاع دروسه بعد موته
لسنوات وسنوات وكأنه لم يمت, وكم من منحرف دخيل تذاع سقطاته بعد وفاته, فلذلك البطولة أن يستمر العمل بعد الموت هذا هو العمل الذي لا
ينقضي, شيء آخر أيها الأخوة الآن كلما اتسعت رقعة العمل فشملت أعداد كبيرة من البشر كان العمل أعظم عند الله النبي عليه الصلاة والسلام
جاء بهذه البعثة فعم الهدى معظم بلاد الأرض, ربع سكان الأرض من المسلمين, كلما اتسعت رقعة العمل كان هذا العمل أعظم عند الله, وكلما
امتدى أمده كان هذا العمل أعظم عند الله يعني من 1400 سنة هذا الإسلام باقي وسيستمر وهو كالطود الشامخ وكلما عمق التأثير كان هذا العمل
أعظم عند الله, فاتساع الرقعة وامتداد الأمد وقوة التأثير هي من مقومات العمل الصالح, ومرة ثانية حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح فمن
كان يرجو لقاء ربه في الدنيا وفي الآخرة فمن كان يرجو لقاء ربه فاليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ولكن لابد من التنويه أن هذا
العمل قيمته بالأخلاص لذلك قال الفضيل ابن عياض من العمل الذي يقبل عند الله ما كان خالصاً وصواباً خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصوباً وافق
السنة وكلماهما شرط لازم غير كاف, فإن لم يكن وفق منهج الله لا يقبل هذا العمل, وأن كان وفق منهج الله ولم يكن خالصاً لا يقبل هذا العمل,
العمل الذي يقبله الله وأن أعمل صالحاً ترضاه العمل الذي يرضا الله عنه ما كان خالصاً وصواباً خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ووافق السنة,
أرجو الله أيها الأخوة الكرام أن تنقلب هذه الحقائق وهذه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية إلى واقع إلى عمل صالح يعمله المسلمون ليرقوا عند
الله وليكون هذا العمل سبب لدخولهم الجنة فحجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح, ولكل درجات مما عملوا والعمل الصالح يرفعه
ربي يجعله في ميزان حسناتك….
تحيتي لك…