ألقيتُ بالتهمة على ثمرة البصل حين سألتني والدتي عن سبب دموعي ، فقلتُ وبيدي بعض الشرائح :
– إنه البصل يا أمي .
وبالطبع أدركتْ والداتي أن التهمة ملفقة وأن البصل بريئ لتقول باسمة :
– أوه يالهُ من بصل !!
ثم ولتْ خارجة تاركة إيايَ أكمل طهي طعام الإفطار …. ولكن حين وضعتُ الطعام ساخنا بين يديْ والدايْ وشرع أبي بالأكل قالت لي أمي ثانيةً :
– ماسبب بكائكِ يا أمل ?
فجلستُ على المقعد المقابل لها وقد علتني إبتسامة حزينة وقلت :
– تذكرتُ حديث السيدة سناء في الأمس .
فقالت :
– آ ….. تلك السيدة التي تذهبينَ لزيارتها في دار العجزة ?
– نعم يا أمي ….. في الأمس وبعد أن سرحتُ لها شعرها و وضعتُ الطعام بين يديها ، أخذتْ تأكل …. ثم بعدها توقفتْ فجأة ونظرتْ إليّ والدموع قد عبثت بوجهها ثم قالت :
– ليتهُ مثلكِ .
أدركتُ حينها أنها تقصدُ إبنها أو أحد أقربائها لكني لم أتجاوب معها فقد قلتُ خائفة على نفسي من التغيّر :
– أسألُ الله الثباتْ .
أمنّتْ السيدةُ على دعائي ثم قالت :
– عندما كبر سني … ورق عظمي … وخارتْ قوتي وأصبحتُ في أمسّ الحاجةِ له … جاء ليخبرني أنه سيأخذني إلى دار العجزة زاعما أني سأجدُ فيه الرعاية التامة التي أحتاجها ، فقلتُ له وقد ذاب قلبي ألما وحزنا وأسكبتُ عند عتبةِ قراره دموع حبي وضعفي :
– أني لا أريدُ الذهاب لدار العجزة … لأجدَ نفسي في صباحِ اليوم التالي … هنا في قبر ِ العجزة !!!
ثم نظرتْ إليّ وقد ابتل وجهها بوابلٍ صيّبٍ من عينيها ، لتبتسمَ حين تراني قد دفنتُ وجهي في وسادتها وغرقتُ في بكاءٍ مريرْ … فأخذتْ مكملة :
– ثم ماذا بعدْ ?! … نسيَني تماما كأنّ شيئاً لم يكنْ ، ليتهُ فكر يوماً بالاتصالِ بي ، ليتهُ فكر يوما بزيارتي …. أيظنّ أن الجنة بالبعدِ عني ?!! ….. أم يظنّ أنها قابعة ٌ في كنفِ بيتهِ وأسرته !!!
فأجبتها وأنا ألثم دمعي الذي خرج عن السيطرة :
– بلْ هو يجهلُ أنكِ الجنة يا سيدتي .
فتابعتْ :
– إن كان مبتغاه جنّةَ الدنيا فقط …. فوا أسفا على فلذةِ كبدي .
فقلتُ حينها مدركة ً خطورة هذه العبارة :
– لا تغضبي ولا تسخطي عليه … فالجنة أنتِ … فماذا سيحلّ به إن …..
ثم تخشبتْ الكلماتُ في فمي ….. فابتسمتْ حينها ابتسامة ً مزقتْ قلبي ثم قالتْ :
– أنا سامحتهُ على المجيئِ بي إلى هنا … لكني … ( ثم أجهشتْ بالبكاء متابعة بصوت متقطع ) … لن … أسا..محهُ … على حرماني … من رؤيةِ وجه … ههِ ، لن أسامحهُ …. على حرما…ني من … سماع … صوته ورؤيةِ …. ابت….سامتهِ الربيعيه … لنْ أسامحَ …. ه .
أتعرفينَ يا أمي … وقتها رغبتُ بأن أذهب إلى منزل ابنها وأكلم زوجتهُ شخصيّا .
الوالدة : كنتِ ستفعلينَ يا أمل .
– حقا !!
– نعم … لعلّ هدايتهُ تكون بسببك .
فقلتُ حينها :
– حسنا …. سأسألُ أين يقطن ابنها ثم سأذهب لأتحدثَ مع زوجته .
– وفقكِ الإله وسدد خطاكِ .
– آمين لا حرمني الله منكما .
وبالفعل ذهبتُ لزيارة زوجة ابن السيدة سناء ولكن للأسف لم أجد فيها قلبا ينبضُ إحساساً وحباً ورحمة ، فخرجت أجر أذيال الحزن والأسى .
وعندما أخبرتُ والدتي بما حدثَ معي ومع زوجة ابن السيدة سناء قال لي والدي الذي كان ينصتُ لنا :
– ربما خبرُ وفاتها سيهز كيانهما ويعود بهما إلى رشدهما ..( يقصد ابن السيدة وزوجته )
وفي ذلك المبنى الضخم لإحدى الشركات تقول فتاة ممشوقة القوام :
– سيد أيمن هناك رجلٌ يريدُ مقابلتك .
– حسنا أدخليه .
فيدخل الرجل ذو العينان الجاحظتان والذي هو أبي وعليه مسحة ٌ من الغضب ويرمي بورقةٍ صغيرة أمام أيمن وعلى مكتبه قائلا و هو ينظر إليه :
– إقرأ
فيفتحُ أيمن الورقة متعجباً ثم يقرأ صامتاً :
– أيامٌ قلائل …. وسيغلقُ الباب الذي كنتَ تستطيعُ الدخول منه إلى الجنة …. وفي حينِ ما كان الباب بين يديْكْ وقريباً من عيْنيْكْ في حينِ ما أبعدته عنكَ بملئِ إرادتِكْ و تركتهُ في حقبةٍ منسيةٍ هنا … في قبر العجزة … الذي تسميهِ أنتْ دارُ الرعايةِ التامة !!!
ترى ما الذي تنتظرهُ و تتوقعهُ مني !!؟
أتنْتَظِرُ مني أن أرضى عنكَ بعد هذا !!؟
إعلمْ يا بنيْ إن وصلكَ خبر وفاتي يوما …. أني متّ وأنا عنكَ غير راضية .
فهبّ أيمن من على كرسيهِ والخوف يرعد بداخله قائلا :
– أين والدتي ؟؟!
– في مشفى الجمهورية قد وافتها المنية .
لينهار أيمن صارخا والدموع تحرق وجهه :
– مستحيل … مستحيل … !
فقال الرجل :
– أنت عبرة لكل من يترك جنته في دار العجزة .
فيقول أيمن وهو يصارع دموعه :
– ليتها أرسلت لي الورقة قبل وفاتها … ليتها فعلتْ … ( ثم ضرب وجهه بكفه الأيسر صارخا ) … ليتها !
فنظر إليه والدي مبتسما بصمتٍ ثم خرج .
وفي المساء وبينما كانت الضحكات ترج أرجاء المنزل قال أيمن و هو يقبّلُ جبين والدته :
– حمدا لله …. حمدا لله
( ثم ذرفت عيناه )
فقالت والدته وهي تمسح دموعه :
– لكم اشتقتُ إليكَ ياولدي
فقال أيمن و هو يقبل باطن كف والدته :
– لكمْ تنائيْتُ عنكِ يا جنتي !
فابتسمت الوالدة حامدة الله عزوجل ثم لهج لسانها بالدعاء لي في حين ماكنتُ أنا فرحة بالنتيجة المذهلة لخطة أبي الرائعة .
وسرعان ماهبّتْ رياحٌ مغايرة ، ففي صباح اليوم التالي وبينما كان طائر الحناء ينقر النافذة الزجاجية نقرا طفيفا بينما كان مسمارُ الحزنِ يُوخِزُ القلوبَ وخزا عنيفا إنفجرتْ بسببه مآقي العيون.
فقد فارقتْ السيدة سناء الحياة وسجدَ ابنها عندَ رأسها سجدة لم يرتفع منها إلا و أبي واقف بجانبه يحمل فطائر الجبن المقرمشة بالعسل التي كانت تحبها السيدة والتي أعددتها أنا لها ، وحين رآه انتفض واقفا ثم احتضن والدي هو و دموعه قائلا بتلعثم :
– حمدا لله أنها توفت وأنا أدلكُ لها ساقيها … حمدا لله أنها توفت بعد أن هدْهدَتْ رأسي بكفها ورفعت نظرها إلى السماء قائلة والابتسامة تشرق من بين ثناياها :
– اللهم إني قد أمسيتُ راضية عنه ، اللهم فارضَ عنه .
ثم انفجر باكيا بقوة ولم يتمالك نفسه فاحتضنه والدي وهو يتمتم :
– هنيئا لك يا بنيْ فما بعد رضى الوالدة إلا الجنة إن شاء الله .
تم بحمد الله ُ
عودة مؤقتة لمتابعة اريجك الراقي الهادف
سرني الوقوف هنا اليوم..
او اللحظة…مؤلمة القصة رغم نهايتها الجميلة وهو رضا الام..ولكن اين ضميره ..وهل تلك الطعنة التي وضعها في قلب امه عندما ادخلها هذا المكان بحجج واهية هل سيغفر لنفسه مافعله او هل يمكنه نسيان مافعله اجزم لا ولا ولا..ولكن نعزي انفسنا برضا وسماح الام (القلب الرحيم والعطوف والمسامح)
يؤلمني كثيرا هذا الموضوع وماراه والمحه في عيون الشيوخ والعجائز في تلك الدورررررررررررررررررررر!!
اسمحي لي بهذا السطور وعذرا لعدم ايفاء قصتك التفاعل المطلوب لظروفي الصحية ..
دمت بالخير وللخير ناطقة
تقبلي مروري المتواضع
وامضائي الرقيق
احترامي عبير بابل
سلمت أناملك الذهبية حبيبتي
يعطيك الف عافية
تقـييـــمي
جعلتي من القارئ يندمج في احداث القصة
كما انها ذو رسالة هادفة
سلمت يمناك
تقييمي لك لأنك تستاهلين
مساء العافية اختي اريج
عودة مؤقتة لمتابعة اريجك الراقي الهادف سرني الوقوف هنا اليوم.. او اللحظة…مؤلمة القصة رغم نهايتها الجميلة وهو رضا الام..ولكن اين ضميره ..وهل تلك الطعنة التي وضعها في قلب امه عندما ادخلها هذا المكان بحجج واهية هل سيغفر لنفسه مافعله او هل يمكنه نسيان مافعله اجزم لا ولا ولا..ولكن نعزي انفسنا برضا وسماح الام (القلب الرحيم والعطوف والمسامح) يؤلمني كثيرا هذا الموضوع وماراه والمحه في عيون الشيوخ والعجائز في تلك الدورررررررررررررررررررر!! اسمحي لي بهذا السطور وعذرا لعدم ايفاء قصتك التفاعل المطلوب لظروفي الصحية .. دمت بالخير وللخير ناطقة تقبلي مروري المتواضع وامضائي الرقيق احترامي عبير بابل |
غاليتي ( عبير بابل ) فرحة أنا برؤية كلماتك هنا على صفحتي إذ لم أكن أتوقع ذلك بعد رسالة الرد الأخير التي أخذت آثارها السلبية تسير ببطئ إلى قلبي ، واليوم وبعد أن قرأت الآتي علمت ماسبب تلك الرسالة او بالأصح اختيار ذلك العنوان لذا أرجو من الله أن يمتعك بالصحة والعافية مدى ما حييتِ .
وهو كما قلتِ سيدتي وكما وصفته بالطعنة القاسية في قلب الأم ، ولكن تعمدت كتابة وتأليف مثل هذه القصة ذاك لأن دور العجزة مليئة بتلك الحقائق وغارقة بدموع الجنان حتى تكاد الأرض تعشب من قطرات دمعهن .
ليتني أكون بهذه القصة استطعت الدخول إلى القلوب فلعل بها يطلق سراح بعض الجنان من سجن العجزة .
دمتِ بكل خير غاليتي ودام عبيرك تنتشي له الأرواح
أختك : زهرة الثلج
قصة رائعة ومعبرة ومؤلمة
سلمت أناملك الذهبية حبيبتي |
سلمك الإله من كل شر حبيبتي نور الهدى
يسرني مرورك ورشاقة خطواتك هنا
ورقة كلماتك وجميل تقييمك
دمت بكل خير
أختك : زهرة الثلج = أريج الربيع
اجدتي وابدعتي في سردك للقصة غاليتي
جعلتي من القارئ يندمج في احداث القصة كما انها ذو رسالة هادفة سلمت يمناك تقييمي لك لأنك تستاهلين |
جزاك الله خيرا غاليتي نوال
مرورك له وقع خاص على قلبي
فلا تبخلي علي به
وتقييمك يدب في أعماقي الحماسة
دمتِ بصحة وعافية
أختك : بشرى
حتى انني اثناء قراءتها دمعة عيناي
اللهم اجعلنا ممن يبر والديه يارب