أكد اختصاصيون أن انطواء الزوج داخل المنزل قد يكون مبررا،
حيث إن الرجل بحاجة إلى الجلوس بمفرده وترتيب حساباته ليعود متجددا،
ولكنهم حذروا من أن تطول هذه العزلة أكثر من اللازم.
وأكدوا على أهمية الحوار بين الزوجين وتجديد إيقاع الحياة الزوجية.
يقول الاختصاصي الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية في مكة المكرمة
حسن مدخلي إن عدم وجود تفاهم فكري بين الزوجين بالإضافة إلى وجود
فتور عاطفي سواء كان ذلك قبل الزواج أو بعد الزواج قد يكون سبب
انطواء الأزواج وصمتهم في المنازل.
وأرجع مدخلي السبب في عدم وجود هذا التفاهم الفكري إلى عدم تكافؤ
المستوى التعليمي والثقافي بين الزوجين، وقلة وعي المجتمع بثقافة
الحوار التي تعتمد على تقبل الرأي الآخر.
وأشار إلى أن شعور الرجل بأنه صاحب القرار الأول والأخير ـ
وذلك من خلال تربية المجتمع الذي يعتمد على قوامة الرجل ـ
يجعله لا يتقبل رأي الزوجة، مضيفا أن الانطواء لا يوجد عند
الرجال فقط. بل أيضا يوجد عند النساء. لكن نسبته عند
الرجال أكثر .
وأضاف مدخلي أن "الرجل يلجأ أحيانا إلى الانطواء خوفا
من أن تستغل المرأة وجوده في التحدث معه بطلب أمور لا
يستطيع القيام بها . سواء لظروف مادية أو صحية.
أو طلبات غير مبررة قد تؤدي إلى مشاكل، مشيرا إلى
أن المرأة تتصف بالاستسلام لعلمها بأن الرجل مسؤول عن كل شيء،
وليس لديها القدرة على معرفة طرق الحوار.
وذكر مدخلي أن من أسباب انطواء المرأة أيضا أنها تشبعت
بالحديث مع زميلاتها عن طريق وسائل الاتصال كالجوال والإنترنت وغيرها،
ودعا إلى تدريب أفراد المجتمع على الحوار بطريقة إسلامية مهذبة
صحيحة تعتمد على الأدب والأسلوب الحسن، وتوعيتهم بعدم تسطيح أي
رأي من أي طرف سواء من الزوج أو الزوجة عن طريق وسائل الإعلام .
ويقول أستاذ علم النفس المشارك بكلية الملك فهد الأمنية الدكتور
تركي بن محمد العطيان إن "هناك أسباباً عديدة لانطواء الأزواج داخل
المنزل، وقد يرجع ذلك إلى أن الزوج وبسبب تكوينه الفسيولوجي
( نفسجسمي) يميل للعزلة، وتعوّد على ذلك"، موضحا أنه قد يكون
موجود بجسمه في المنزل، ولكن نفسيا يعيش في عالمه الخاص.
وأضاف الدكتور العطيان أن "نسبة عزلة الرجل تزيد إذا كان
غير منسجم مع زوجته بسبب عدم توافقه معها نفسيا وفكريا وغيره،
فعدم الانسجام يجعله ينطوي ويعزل نفسه، مفضلا عدم الدخول في نقاش
وخلاف ومشاكل مع زوجته، ويلجأ إلى الانطواء ليحصر نفسه في عالمه
وأحلامه وخيالاته كل حسب حالته النفسية المزاجية.
وأرجع السبب في ذلك إلى أن الزوج يتأثر بالظروف الزمنية
والاجتماعية والاقتصادية والسياسية من حوله، وعادة ما ينقل
مشاكله في العمل إلى منزله، متأثرا بما حدث له. مما يجعله
منعزلا فكريا مع ما حدث له، شارد الذهن، بعيدا عن محيطه
الأسري لا يمارسه أبدا .
وذكر الدكتور العطيان أن الزوج أحيانا يحتاج إلى أن يعود
لعزلته ليعيد حساباته، ويرتب أموره، ويستعرض ماضيه من ذكريات،
ويربطها بحاضره لينشد المستقبل، ونصح الزوجة أن تعطي الزوج
المساحة الكافية ليعيش في بيته منعزلا، ليعود لها أكثر نضوجا وتعقلا .
يقول إن "كل زوج في رأيي الشخصي في حاجة لذلك الانطواء المبرر
في نظري".
ودعا الدكتور العطيان إلى تطبيق القاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار.
بحيث لا يطول الانطواء حتى لا يصبح مرضا نفسيا يحتاج إلى علاج نفسي
أو طبي أو كليهما، ونادى إلى علاج ذلك فسيولوجيا ومعرفيا وسلوكيا
كل حسب حالته ومدى ضعفها وقوتها إن استمر ذلك لفترة طويلة.