تخطى إلى المحتوى

روآآيةة فلتغفـــري ., 2024.

  • بواسطة
روآآيةة فلتغفـــري …,

خليجية

آلسـلآم عليـــــــكم ورحمة الله وبركآتهه ؟
كيفكم ي عضـوآت " سيدتي "
آليــــــــــومم جبت لكم روآآيهه رووعهه … آتمنى تعجبكمم .
طبعـآ كـآتبة آلـروآيهه آلمميــزهه " آثير عبدالله آلنشمي "
فَ لي آلشـرف آن آنقل لكـمم روآيتهـآآ آلرآآئعهه ..

نبـــــــــــــدآء ……..,

تجلسين ساكنة بجواري، تعبثين بخصلاتِ شعرك المجعد، مرتخية فوق مقعد السيارة كطفل منهك، خائر ومريض.
أعرف بماذا تفكرين، تفكرين بي! تفكرين في مدى حقارتي، وتبحثين عن أسباب خذلاني إياكِ.
خذلتكِ، أعرف أنني خذلتكِ، قسوت عليكِ على الرغم من أنكِ أحنّ البشر عليّ، ولا أعرف كيف قدرت على فعل هذا!
تركتِ خصلة شعركِ، وأمسكتِ بالدبلة المتدلية من سلسلة الذهب الأبيض والتي تنام على نحركِ الرقيق كنجمة مضيئة، أخذتِ تعبثين بها بشرود، وكأنكِ في أرض بعيدة، أرضٍ أضعت طريقها وأخاف أن لا أستدلّ دروبها بعد اليوم.
غارقة أنتِ في خيبتكِ، وغارق أنا في معصيتي، لكنني أحبكِ يا جمانة، فاغفري!

****

تثرثر جاكلين كثيراً، جاكلين نادلة المقهى، حيث التقينا للمرّة الأولى.
كنت أقرأ كتاباً عن تاريخ الدولة السعودية، لأكتب إحدى المقالات الوطنية والتي لا تمتعني كتابتها بكل الحالات؛ سألتني جاكلين عمّا أقرأ، فأخبرتها بأنني أحاول قراءة التاريخ السعودي لأكتب مقالة بمناسبة عيدنا الوطني، أعلم بأن جاكلين تراني نموذجاً للفارس الشرقي الذي قرأتْ عنه في حكاياتِ ألف ليلة وليلة، لذا هي تثرثر دوماً عليَّ ومعي.
هكذا هنّ الكنديات، يرين في الشباب العربي أحد نموذجين، فإما أن يكونوا إرهابيين وإما أن يكونوا كفرسان الأساطير، وأدرك جيداً بأن شاباً مثلي لا يمثل إلا النموذج الأخير بالنسبة إليهن.
تنصلت من جاكلين بصعوبة، لم أكن بمزاج يسمح بالمغازلة، يكدرنني اللواتي يأتين في الأوقاتِ غير المناسبة ليفرضن أنفسهن عليّ.
كنت أقرأ الكتاب بملل وأنا أبحث فيه عن طرف خيط أو بداية فكرة، لا أعرف كيف أكتب عن وطن لا أحبه وتاريخ لا يغريني، لكم عكّرت مزاجي المحاولة!
حينئذ دخلتِ أنت، جئتِ فجعلتِ كل الأوقات تناسب استقبالك، دخلتِ كفرس جامحة، بخطواتٍ واثقة، بعنق ماجد، بجبين شامخ، وشعر ثائر.
دلفتِ يوم ذاك كوطن حر لطالما حلمت به، وطن لطالما أغراني بثورته وجموحه وجنونه.
جلستِ بخفة قطة، وضعتِ إحدى رجليكِ فوق الأخرى بدلال عفوي و(شماغ) بنّاتي يحيط رقبتكِ بأناقة.
أغراني اقتحامكِ الناعم ذاك! أغراني حتى ارتعشت أطرافي توتراً.
تحرشت بكِ على طريقتي، تحرشت بكِ بقدر ما استطعت، فأجبتني باقتضاب مغرور أثار قلبي وعقلي وجوارحي.
سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب… كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.
لا أعرف كيف سلبتني بتلك السرعة يا جمان، لا أفهم كيف خلبتِ لبي من أول مرة وقعت فيها عيناي عليكِ.
استفززتكِ كثيراً يومها، كنت ازداد عطشاً لاستفزازكِ بعد كل كلمة وبعد كل جملة، عصبيتكِ كانت لذيذة، احمرار أذنيكِ كان مثيراً، كنتِ (المنشودة) باختصار ولم أكن لأفرط بكِ بعدما وجدتكِ.
حينما غادرتِ المقهى يا جمان، قررت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأن تكوني لغيري أبداً!

****

أتدركين ما تفعله رسائلكِ بي؟! ترسلين لي يومياً عشرات الرسائل، تكتبين لي فيها وتخبرينني ماذا شربتِ وماذا أكلتِ، وما قرأتِ وبماذا حلمتِ، تكتبين عن كل ما تقومين به، وتنقلين إليّ كل شيء، تسطرين يومكِ برسالة هاتفية لأعيش حياتكِ وكأنني معكِ طوال الوقت.
تشعرني رسائلكِ غالباً بالضجر، تفرطين بالكتابة، ورجل مثلي لا يحب أن يحاصر بكل تلك التفاصيل والحكايات.
حينما نتشاجر وتقاطعينني، وعندما أعاقبكِ بالغياب، أعود إلى رسائلك القديمة فيمزقني الفقد، عودتني على رسائلكِ، فبتّ كطفل رضيع يعيش بكِ، ويصيبه الجفاف حينما تفطمينه الرسائل.
تركتني أعطش بلا تفاصيل لأكثر من أسبوع، كنا قد تشاجرنا من أجلها، من أجل رسائلكِ الكثيرة وتفاصيلكِ المبالغ فيها، قلت لكِ يومها بأنكِ امرأة ثرثارة، فغضبتِ وقررتِ المكابرة، وحرمتني من رسائلكِ لأيام كثيرة وطويلة.
كنت أنتظر أن تملي فترسلين، لكنكِ عاندتِ كعادتكِ ولم ترسلي لي شيئاً.
هكذا أنتِ، تعودينني على الأشياء لتحرميني منها حينما تغضبين!، تعامليني كطفل صغير، تعاقبينه بالحرمان من الأشياء التي يحبها، ومن الأشياء التي لا يدرك كم تعني له وكم يحبها (أحياناً) لتلقنينه درساً في قيمة الأشياء!
كنت أبتسم في كل مرة يعلو فيها صوت رسالة هاتفية، وفي أعماقي يدوي صوت الانتصار، فتصدمني رسائل غيركِ وتصمت المدافع في داخلي بانتظار استسلامكِ.
كنتِ عنيدة، وامرأة مثلكِ حينما تعاند لا تتنازل إلا باعتذار مذل وتضرع طويل، لذا لم أكن لأعتذر عمّا تفوهت به أبداً.
عدت يومها إلى رسائلكِ القديمة، كتبتِ برسائلكِ الأربع الأخيرة: (حبيبي أنا في المقهى مع هيفاء، لن أتأخر في العودة إلى البيت.. أحبك)، (أنا في طريقي إلى البيت، ليتك كنت معي)، (حبيبي، أنا في البيت، نظفت أسناني، لبست ملابس النوم ودخلت فراشي، أيقظني عندما تصل إلى بيتك، اشتقتك اليوم كثيراً).
كنت أرى بأنك تفصلين يومكِ أكثر مما يجب، واضحة أنتِ إلى أبعد حد، موجودة أنتِ في كل الأوقات، تشعرينني دوماً بأنك حولي ومعي، لم أشعر منذ أن عرفتكِ بأني سيد قراري، تجبرينني على أن أناقش خياراتي معك لنقرر معاً كل ما يخص حياتي وكأنها ملككِ! كنت أدرك أنكِ تقحمينني بتفاصيلكِ رغبة منك باقتحام تفاصيلي، ولم أكن لأقبل بهذا يا جمان.
حينما قرأت رسائلكِ، هزني الشوق، اشتقت عفويتها وعشوائيتها، اشتقت الفواصل الكثيرة التي تفصل بين كلماتك، والنقطتين اللتين تنهين بهما الرسائل، وكأنكِ توقعين بها باسمكِ في نهاية كل رسالة.
اشتقت هذه التفاصيل التافهة والصغيرة، لكنني لا أقدر أن أعتذر كما يعتذر الناس، ولا أعرف كيف أنهم يجرؤون على ذلك.
أرسلت إليكِ رسالة، كتبت (قلت بأنكِ ثرثارة، لكني لم أخبركِ كم تجيدين الثرثرة!).
أجبتني – وهل من المفترض أن أفرح؟
– «لا تطولينها وهي قصيرة»!
– هل أفهم أنك تعتذر بهذا الأسلوب؟
– لا، أردت أن أوضح الأمور لكِ فقط.
– سنتفاهم حينما أعود إلى البيت، أنا مع البنات، سأكون في البيت بعد حوالى الساعة.
أرسلتِ لي بعد عشر دقائق :
– لم يعجبني عصير البرتقال، كان حامضاً للغاية، سيتعب قولوني الليلة!
فعرفت بأنكِ عدت لممارسة عاداتك، ولم يكن هناك داع لأن نتفاهم!

تتبــــــــع .

لِمَ تصدقين أمكِ دوماً ولا تصدقينني؟!
– دافع أمي الأمومة، ماذا عن دافعك أنت؟!
قلت لكِ بسخرية: الأبوبة!
– الأبوة يا شاعر.
– بل الأبوبة!
أعطيتكِ ظهري وخرجت مسرعاً خوفاً من أن ترينني، وأدرك أنكِ لا تعرفين حتى الآن كيف عرفت أنك كنتِ ترتدين خلخالاً بدوياً لا ترتديه فتاة سواكِ.
لو تدرين لكم أحب مزيجك هذا ياجمان!، لكم أحب مزيج البداوة والحضارة الذي لا تمثله امرأة غيرك.
أنتِ التي تجمع كل المتضادات رغم ثباتها، الثابتة رغم اختلافها، أنتِ الجميلة الثبات والمتناقضة بأناقة، أنتِ المرأة التي تحرقني بأشعتها نهاراً كشمس ماجنة، وتضيء أمسياتي كقمر ناسك زاهد.
أنتِ التي لا تشبهها امرأة، رغم أنها تمثل كل النساء، أنتِ السهلة الصعبة، القريبة البعيدة، ما أخاف منها وما أبتغيها.
أنتِ التي اقتحمت حياتي عنوة، فقلبت حياتي وغيرت أولوياتي وعلقتني في خيط رفيع متأرجح قد يهوي بي في أي وقت وفي أية لحظة.
أنتِ أقوى مما تدعين، أكثر صلابة مما تظهرين، فبرغم نعومتكِ ورقّتكِ وسهولة خدشك إلا أنكِ فتاة شامخة، قوية، ذات جذور عميقة وعتيقة، فتاة أصيلة، تزأر حينما تهان، وتكبر حينما يحاول كائن من كان تحجيمها أو تهميشها.
أنتِ تدركين جيداً مثلما أدرك تماماً بأنني لست برجل مثالي، أنا أبعد الرجال عن المثالية، لكني لست بأسوئهم حتى وإن أصررتِ على أني كذلك.
أدرك بأنكِ ترين بي وحشاً مسعوراً يفترس النساء ليرميهن بعد افتراسهن من دون أي إحساس بالذنب، لكنني لست كذلك يا جمان، لست إلا رجلاً، رجلاً بكل ما في الرجال من مساوئ ومن مزايا، رجلاً تملأه العيوب مثلما يتحلى بالكثير من المحاسن التي لا أعرف لماذا لا تبصرينها، لا ببصركِ ولا حتى ببصيرتك.
ما لا تفهمينه يا جمانة هو أنني رجل غارق في البحث، تظنين أنتِ بأنها ذريعة اللعوب، لكنها الحقيقة التي لم تدركيها يوماً.
لطالما كانت لدي أسئلة، لطالما عشت في تردد وتوجس وحيرة، فلِمَ تلومينني على بحثي!، لِمَ تقحمين نفسكِ في هذه الحالة بلا جدوى ولا فائدة؟!
قلت لكِ ذات مرة بأنكِ الحقيقة الوحيدة التي أدركها وأحبها فلا تشتتي تلك الحقيقة من خلال تشككي بها، لكنكِ أصررتِ على ذلك! أنتِ من أبعدني عن الحقيقة بإصراركِ على أن أتشكّك بما وصلت إليه وما أرغب به.
كنت أحتاج لأن تزيدي إيماني فيها، لأن تجعلي يقيني أكثر ثباتاً، لكنكِ لم تفعلي، فلا تلوميني على بحثي في ماهيتها، وأنتِ من جعلني أتشكّك في تلك الماهية.
لا أفهم كيف أنّ النساء يفعلن هذا! ولماذا يبعدننا عن الحقيقة ويلومننا بعد ذلك على شكنا فيها!
لم يكن من المفروض أن تفعلي هذا، أنتِ بالذات لا يليق بكِ أن تفعلي بي هذا، أنتِ الاستثنائية، المختلفة، النادرة والفريدة، فلِمَ تشكّكين في روعتكِ وتأثيركِ عليّ قبل أن تشكّكي بي؟
حينما عرفتكِ يا جمانة، كنتِ الفتاة الأكثر ثقة، كنتِ امرأة لا تضاهيها بإيمانها بنفسها امرأة، فلِمَ تزعزع إيمانكِ بنفسك؟! لِمَ فقدتِ ذاك اليقين؟!
أرجوكِ، لا تدعي بأني من فعل بكِ كل هذا، أنتِ فتاة لا يقدر عليها رجل، فتاة لا يقدر إنسان على سلبها شيئاً لا تمنحه طواعية، فلا تدعي بأني من سلبكِ الثقة بذاتكِ، أنتِ من فعلت هذا يا جمانة، صدقيني أنتِ من فعلت.

***

كانت ليلة قاسية جداً!
كنت أقضي إحدى سهرات السكر في بيتِ صديقي محمد، وقد كان بمعيتنا زياد الذي لا يشرب الخمر لاعتبارات «فلسفية ودينية»، ليلتها كان كل واحد منا مثخناً بجراح الحياة والغربة، الجراح التي تتشابه وتختلف في حالات كثيرة وصور كثيرة، لم نتحدث تلك الليلة كثيراً، توسط كل منا إحدى الأرائك، وغرق في خيبته الخاصة بصمتٍ لا يليق بسكارى وفيلسوف يصلي الصمت كزياد!
لم يكن هناك سوى صوت طلال مداح، وتنهدات الخيبة التي جمعتنا، كان طلال مداح يبكي غناءً حينئذٍ وكأنه يشاركنا العزاء.
ما أوعدك من يضمن ظروف الزمان
لا تصدقي من قال لك الدنيا أمان
ميعادنا خليه بكف الظروف
لا تحرجيني بالزمان وبالمكان
ما أوعدك!
كثر الليالي أشتاق لك كثر السنين
أنتِ حنان العمر ما غيرك حنان
لم أشعر إلا بكفّي زياد تهزانني بقوة، ومحمد ينظر إليّ بقلق!
كنت أشهق بقوة، لم أكن أبكي، ما جرى في تلك الليلة لم يكن بكاءً، كنت أشهق، كنت أشعر بروحي تتفاقم وكأنها تناضل لتفارق جسدي المتعب.
لا أعرف ما الذي أصابني تلك الليلة، لكنني أعرف بأنني قد أفرغت بعضاً من أكوام الحزن المتراكمة في أعماقي، كنت أشعر بأن طلال مداح يعاتبني! يعاتبني على وعود قد قطعتها ولا أعرف إن كنت سأفي بها يوماً.
لم أتمكن وقتذاك من أن أرد عليكِ، أنتِ التي كدتِ أن تهشمي هاتفي بمكالماتك المتواصلة طوال الليل، لم أكن قادراً على التحدث، فظللت أبكي في بيتِ محمد حتى بزغ الفجر.
أوصلني زياد إلى البيت بعد أن غادرت بيت محمد منهكاً، شبه ميت.
كنت جثة ثقيلة ومتثاقلة، لم أكن قادراً على المشي، كانت هذه آثار الخيبة، صدقيني لم أكن ثملاً إلى ذلك الحد، كنت متعباً يا جمان، لم أكن غارقاً في السكر مثلما ظننتِ!
حينما دخلت البيت، وقعتْ عيناي عليكِ، كنتِ تجلسين مع باتي وروبرت بوجه ممتقع.
أذكر بأن بوب قد قال لي شيئاً، لكنني فعلاً لم أفهم شيئاً مما قاله، مشيت حتى وصلت إليكِ، وسقطت عند قدميكِ، وضعت رأسي على ركبتيكِ وقلت لك بأني أريد أن أنام!
أذكر أنكِ سألتني بصوتِ مخمر بالشك: أين كنت؟!
صحت فيك وأنا أبكي: أحبكِ، أرجوكِ!
أسندتني بجسدك وأخذتني إلى الفراش، بقيتِ بجواري حتى نمت وأنتِ تمسكين بيدي بحنان لا أفهم كيف تغدقين عليّ فيه!
لم يكن ينقصني يا جمانة سوى أن تحشري جسدكِ الصغير بجواري، صدقيني لم أكن لأمسّكِ، أقسم بأني لم أكن لأفعل، كنت أحتاج لأن تضميني فقط، لأن تحميني من حزني، من خوفي ومن نفسي.
لكنكِ لم تفعلي، ولم أجرؤ على أن أطلب شيئاً كهذا، ظللتِ ممسكة بيدي حتى غرقت في النوم، فنمت ليلتها كما لم أنم في أية ليلة!

آلبـآآقي لمن تقرون آلجــزء هـذآآ لآن م آقدر آنزل الروآيه كـآمله


قلت لي يوماً بأن الأحلام تبتدئ فجأة! تخلق في لمحة عين، تولد في لحظة لا نتوقع أن يولد فيها شيء.
قلت إنك مليئة بالأحلام وبأني أجمل أحلامكِ، لكنني أبحث عني في أركانك في كل مرة أجلس أمامك فيها، فتبهرني هذه الطاقة النابضة المنبعثة منك والتي تمدين بها الحياة.
أنت التي تجعلين للحياة رونقاً يا جمانة، تتفتح من أجلك الأزهار، وتشرق لأجلك الشمس في مدينة شمسها لا تشرق إلا لأجل امرأة حالمة مثلك.
أندهش كثيراً من أحلامك التي تلامس النجوم يا جمان، أحلامك التي تجعلني أقف أمامها بخوف من أن لا يكون لي مكان بينها.
تظنين أنت بأني أحاول قمع أحلامكِ، ولا تفهمين لما أفعل هذا !
تعتقدين أني أحاول تقنينها لمجرد السيطرة، ولا تفهمين أني أفعل هذا لأكون الحلم الواحد، لأصبح المبتغى الأوحد حتى لا يكون لك مراد غيري ومبتغى سواي.
أخاف عليك يا جمان، أخاف أن أفقد جاذبية الأحلام، أن تنصرفي عني إلى حلم جذاب آخر، وما أكثر الأحلام!
النساء لا يفهمن بأن المرأة الباذخة الأنوثة ليست سوى عبء ثقيل على الرجل.
هذه النوعية من النساء تشعر الرجل بالخطر طوال الوقت، تقلقه دوماً، تبقيه في حالة ترقب دائمة وتجعله في حالة توجس مستمرة.
كم تمنيت لو كانت أنوثتك أخف حدة يا جمان، كم تمنيت لو كنت أقل تأثيراً عليّ وفيّ.
لا تلوميني على مقاومتي إياكِ، لا تعتبي على ثوراتي، صدقيني ما مقاومتي لك إلا محاولة يائسة للنجاة منكِ، كنت أحاول أن أوقف توغلك فيّ، أن أحدّ من سبرك لأغواري.
أثور عليك لأنني أكره إذعاني لهذا الحب، أنتفض على حبك لأني أخشى التورط بك أكثر مما أنا متورط به.
لكن النضال والمقاومة والثورة لم تتمكن جميعها من أن تحدّ من تورطي فيكِ، ولم تمنعني من أن أغرق بك أكثر، أنا الذي ازداد سقوطاً فيك يوماً بعد يوم، لحظة تلو أخرى.
مذ عرفتك وأنا أفكر كثيراً، يعمل عقلي بكدّ منذ أن أحببتك!
تتزاحم الأفكار في رأسي وتتداخل إلى درجة تنهكني، تجعلني ألهث، لتطرحني بعيداً من دون إجابة أو نتيجة.
أذكر بأنك قد قلت لي يوماً بأني رجل تحليلي، أحلل المواقف والمشاعر والرغبات لدرجة تجعل من الصعب عليّ أن أستمتع بشيء.
قلت بأن تحليلي المبالغ فيه يفقد الأشياء قيمتها، ولا أدري لمَ ظننت هذا! أنت التي وقعت في غرامي من أجل كتاب تاريخي كنت أحمله في يدي يوم التقينا مصادفة في مقهى صغير!
أنت التي لولا البحث، والكتابة والتحليل والقراءة لما أغرمت بي يوماً.
قد لا تدركين يا جمانة كم بت أعول على هذه الأمور منذ أن عرفتك، كم أصبحت أكثر تعطشاً لها، كم ازددت نهماً لكل ما قد يثيركِ.
أتعرفين! سألتني مرة: لمَ أكتب؟
أظن بأني كذبت عليك تلك الليلة، قلت لك بأني أكتب لأتوازن، لأفرغ بعضاً مما أشعر به، ولم أخبرك وقتذاك بأني أكتب لأبقى جذاباً ساحراً في نظرك أنتِ، لم أقل لك بأنني أفعل هذا حتى الآن لأبهركِ، أنت الفتاة التي لا يبهرها رجل لا يكتب!
لست أفهم، لمَ أنت متطلبة بهذا الشكل!، لمَ لا تحلمين كما تحلم الفتيات بشاب وسيم، غني، متعلم وينحدر من عائلة عريقة ونسب يعتد به، لمَ تطلبين ما يستصعب على أحد توفيره لك؟!
أنت لا تفهمين، صدقيني لا تفهمين! لا تفهمين كم من الصعب أن يحافظ عليك رجل، لا تفهمين كم من المتعب أن يحاول أحد إبهارك طوال الوقت.
تعبت كثيراً يا جمانة، أنهكتني المحاولات المستمرة لأكثر من أربعة أعوام، لا قدرة لي على أن أبقيك مشدوهة، فأنا في آخر الأمر لست سوى رجل عادي ذي قدراتٍ طبيعية.
رجل يحاول جاهداً لأن يكون أسطورياً من أجل أن يرضيك أنتِ، لكنه لن يقدر على هذا لأنه لم يولد خارقاً بكل أسف.
لو تدرين لكم تحزنني محاولات إثبات تفردي أمامك!، لكم يحزنني خوفي من خسارتك وتعبي من محاولات السعي إليكِ.
الصفحات

***

أتعرفين ما الفرق بين حزني وحزنك يا جمان؟
حزنك مترف ومدلل، تنهارين أمام أول بوادر الرفض، فيثور كبرياؤك على جسدك وتقعين في غيبوبة حزن من الصعب أن ينتشلك أحد منها.
أما أنا فحزني حكاية طويلة، حكاية لا يعرفها غيري ولن يفهمها يوماً أحد، أنا رجل لا ينهار حينما يحزن، رجل يزداد صلابة، يزداد قسوة مع كل وعكة حزن، يزداد خشونة وجفافاً وأنت تعرفين بأن مصير كل عود يابس هو الكسر.
ليتك تعلمينني كيف أحافظ على ليونتي ومرونتي يا جمانة، أحتاج لأن أكون مثلكِ، أنت الشديدة الاخضرار كغصن طريّ نابض وحي.
ليتك تعلمينني كيف أضحك مثلك من الأعماق، كيف أنهار حينما أحزن، كيف أبكي عندما أحتاج، وكيف أعبر حينما أفتقد ولحظة أخاف وأشتاق.
أتدرين يا جمانة، أحتاج كثيراً لأن أبكي، أكبر حاجاتي في الحياة هي حاجتي إلى البكاء الآن.
قد لا تدركين كم من المؤلم أن تستجدي البكاء فلا تقدرين على ذلك، تخيلي بأني بت لا أقدر على البكاء!
أعرف أيضاً بأنك لن تصدقيني إن قلت لك بأني على استعداد لأن أقايض أي شيء في سبيل أن أسترد قدرتي على أن أبكي.
أتعبني الجفاف يا جمانة، أنهكني الجفاف، وامرأة ناضجة مثلك لن تفهم يوماً معنى أن يعيش الرجل طوال حياته في حالة جفاف!
أنا يائس اليوم، يائس جداً!
ترمقني تلك العلبة القابعة بجواري على المنضدة، ألتفت إليها بين الحين والآخر ورغبة عارمة تدعوني لأن أنهي حياتي بشريط من الدواء.
قلت لي يوماً بأنني لن أخسرك إن تمسكت بكِ، لكني أدرك جيداً بأنني لن أكسبك إذا ما تخلى الله عني، صدقيني يا جمان، مهما تمسكت بك لن أقدر يوماً على أن أحصل عليك إن تخلى الله عنا، فلمَ لا تقتنعين بهذا؟!
ألست المؤمنة، الواثقة بالله والقانعة بأقداره؟!
لمَ تصرين إذن على أن تقاومي الأقدار؟! لمَ تصرين على أن تدخلي نفسك في هذه المعمعة الألوهية الجبارة؟!
صدقيني ستطحنك الأقدار، ستعجنك الحياة عجناً، وستدركين يوماً بأنني لطالما كنت على حق.
أعرف بأنني لست في نظرك، «أحياناً» سوى رجل جبار، تظنين بأنني أستمتع بإيذائك ولا تدركين كم أخاف عليك وكم أخشى أن يمسك أي سوء بسببي ومن دوني.
في كل مرة كنت أبتعد فيها عنكِ، شيء ما في أعماقي كان يصلّي لله، كان يدعوه بشدة، يرجوه بقوّة أن يتدخل ويمنعني من الابتعاد عنكِ.
في كل مرة «أسعى فيها» لأن ننفصل، كنت أنشد يد الله لتعترض طريقي، فلا أتمكن ممّا أسعى إليه.
قلت لي مرة وأنت تضحكين: فداك عمري اللي قاعد يضيع وسمعتي اللي تشوهت، ترى رأس مالها عمر وسمعة!
قلتها يومها بسخرية، لكنها أوجعتني كثيراً يا جمانة، لأنني أدركت حينئذ أنّ أشد آلامنـا ألماً هي تلك التي نسخر منها، ولقد كانت سخريتك من نفسك مريرة يوم ذاك حتى شعرت بأنني أكاد أن أتسمم من تلك المرارة المضاعفة!
أتعلمين!
أنا لا أزال غير مدركٍ كيف أحب فتاة تختلف عني في كلّ شيء، فتاة لا يجمعني بها سوى أننا قارئان، وأننا نستمتع بالكتابة!
اليوم أشعر بأن هراقليطس يرقبنا في حياة أخرى شامتاً، ليؤكد لي بأنه لا يمكن تصور شيء من دون تصور نقيضه، أنا الذي لم أكن أؤمن يوماً بهذا، والذي لم يتصور وجود فتاة مثلك في الحياة.
اليوم، أعترف بأنك نقيضي الأبيض، بأنك ناصعة إلى درجة وهاجة، بأنك مضيئة، مشعة، متوهجة، مشتعلة البياض.
اليوم أعترف بأن بياضك حاد، وبأن نقاءك خام، وبأنني حالك جداً، بأن أعماقي مظلمة وأنَّ قلبي أدهم.
على الرغم من أن الليل والنهار يتداخلان ويتعاقبان، إلا أننا لا نعيشهما في الوقت ذاته، ولا أدري كيف أعيشك وتعيشينني رغم بياضك ورغم سوادي، رغم ضوئك ورغم عتمتي.
أنا ممتلئ اليوم بكل شيء، بالخوف، بالغيرة، بالحب، بالشوق، بالضعف الذي يجعلني عنيفاً وقاسياً وجافاً معكِ.
لا أدري لمَ تبسطين كل شيء يا جمانة، لمَ تظنين أن الحب بهذه البساطة، ولمَ ترين أن علاقتنا لن يعكرها شيء!

يُتبــع

..,

أنت لا تعرفين كم حلم بك زياد!، هو أيضاً لا يعرف أنني أعرف!
وجهه الذي امتقع في ثاني لقاءٍ لنا في المقهى حيث التقينا للمرة الأولى، لقد أكد لي أن زميلتنا السعودية في الجامعة التي لطالما حدثني عنها ولأشهر طويلة لم تكن إلا أنتِ!
عندما دلفت إلى المقهى بصحبة هيفاء، عرفت من ردة فعل زياد ومن بعثرته المفاجأة ومغادرته المقهى بعد دقائق وتوقفه عن الحديث عن الفتاة، أن فتاته التي كان يصبو إليها لم تكن إلا أنتِ، أنت التي وقعت بها منذ أن رأتها عيناي أول مرة، لكنني لم أكن لأسمح بأن يأخذك مني زياد، لم أكن لأسمح له حتى لو حلم بك قبلي!
كل شيء كان مربكاً في ذلك اللقاء، مجيء هيفاء برفقتكِ، خيبة زياد، موت أمله في الوصول إليكِ، بداية مشاعركِ، نهاية مشاعر هيفاء نحوي، وتذبذب مشاعري المتضاربة نحوكم، وعدم معرفتي كيف أنّ الأقدار جمعتني معكم!
عندما رأيتك برفقة هيفاء ذلك اليوم، جل ما فكرت به في تلك اللحظة هو «أي قدر هذا الذي جعلك صديقة لهيفاء؟!».
أخذت ألعن حظي في سرّي، لعنته كثيراً!، ذاك الذي جعلك تتركين آلاف الطالبات الخليجيات في كل المدينة لتصادقي هيفاء فقط، بل ولتحضريها «مصادفة» في ثاني لقاء يجمعنا!
هيفاء التي تكاد عيناك أن تخرجا من محجريهما من شدة استنكارك وأنت تصيحين مدافعة عنها دائماً حينما أنتقد أي شيء فيها: «هيفاء!، ياويلك من الله!.. حرام عليك».
أخبرك أنك لا تعرفين شيئاً، فيأتي إصرارك محذرة: «والله ياويلك من الله!».
فأقف أمام تحذيرك الساذج وقسمك البريء مكتوف اليدين، غير قادر على دعم قولي بما أملك من براهين، وغير راغب في استمرار علاقتك بها.
أنا أعرف أن لدى هيفاء ما قد يجتثك مني، هيفاء تملك البراهين ذاتها التي تدعم قولي في أنها ليست كما تدعي، البراهين التي تدينني كما تدينها، والتي ستجعلك تخسرين كلينا مثلما ستجعلنا نخسركِ!، لكنني أعرف أيضاً أن هيفاء لن تجرؤ يوماً على أن تقول الحقيقة، فإن كانت الحقيقة تشوهني، فالحقيقة تعريها، ولا شيء يفزع هيفاء كعري الحقيقة!
سألتك مرة: لماذا تحلفين أنها طيبة؟!
– لأنها طيبة!
– لا أسألك إن كانت طيبة، أسألك لمَ دائماً تحلفين؟
قلت ببساطة: من يحلف بالله لا بد من أنه يقول الحقيقة.
ولم أجادلك في هذا، ابتسمت وأنا أفكر كم أنت بسيطة وصادقة وحقيقية!
نقاؤك هذا هو ما يجلدني في كل مرة تمسكين بها بطرف حقيقة، فأنهرك ناكراً، لتقتلني عيناك الدامعتان وأنت تتمسكين بأمل الصدق راجية إياي البوح به قائلة: أحلف طيب أنك لا تكذب!
لأنجو من عهري حالفاً: والله!
فتستجدينني لأكرر: أحلف حلفاً كاملاً، قلْ والله العظيم إنك لا تكذب.
فأجيب كذباً: والله العظيم!
فتهدأ نفسك، وتجن نفسي، فما أبشع أن تكذب على صادق!

***

لم أكن أعلم أن الثقة هي أجمل ما في الحب.
الثقة التي تجعلنا ننام كل ليلة ونحن ندرك أن الحب سيظل يجمعنـا، أننا سنستيقظ في الغد لنجد الطرف الآخر عاشقاً لنا وغارقاً بنا، مثلما نام وهو عاشق غارق.
أجمل ما في الحب هي تلك الثقة في أننا سنكبر معاً، سنفرح معاً، نبكي معاً، نمرض معاً، ونظل أوفياء لبعضنا بعضاً حتى لو اختطف الموت أحدنا.
قلت لك يوماً: سأوصيك شيئاً.
– أخبرني.
– لو مت قبلك!، فرضاً مت، لا تتزوجي من بعدي.
قلت بسخرية مريرة: يعني لا أتزوجك ولا أتزوج من بعدك، لا ترحم ولا تخلّي رحمة ربنا تنزل؟!
شعرت بالمرارة، فأشحت بوجهي بعيداً ولم أرد، أما أنتِ، فقد بدأ الندم ظاهراً على ملامحك، فأخذت ترسمين بإصبعك على ظهر يدي مداعبة، قلت بعد صمت: حسناً أنا موافقة، ماذا أيضاً؟!
قلت: هناك أمر آخر، لو مت هنا، لا تسمحي بأن أدفن وحيداً، أعيديني إلى الوطن، ادفنيني حيث أكون قريباً من والديّ!
لمع الدمع في عينيك تأثراً: أعدك بذلك، هل لي أن أوصيك أيضاً بأمر تفعله إذا متُّ؟
قلتَ بسخرية: أنت موتي بس وفكيني وأبشري بالخير!
ضربت يدي بيدك: بسم الله عليّ، المهم بوصيك!
أشرت بإصبعي الصغير في وجهك: أشيري بإصبعك فقط.
– لدي طلب واحد، لو مت أنا، أريدك أن تكون سعيداً، لا تحزن أرجوك!
شعرت حينئذ بالغصة تتكور في حلقي، غضبت جداً، غضبت لأن الله جعل في حياتي فتاة تعذبني طيبتها، فتاة مفرطة الرقة لدرجة تصهر المشاعر وتخنقها، فتاة أدرك تماماً أنها تحبني لدرجة لا أستحقها.
شعرت حينئذ بالرغبة في أن أدخلك داخل قميصي، أخبئك تحته، أن أحتضنك حتى تلامسين عظامي، وتمتزجين مع أوردتي، شعرت أنني أريدك كثيراً، لا رغبة بكِ، بل حاجة إليكِ.
شعرت بالحب والخوف والحزن، والعجز أمامكِ، قلت لك بصوت مختنق: لا قدرة لي على أن أعدك بهذا!
ابتسمت بدلال من يعرف الإجابة: لماذا؟
– لأنني لن أسعد بدونك يوماً.
– هل ستتزوج غيري؟
– أظن بأنني سأفعل!
عقدت حاجبيك مستنكرة: أتمزح؟
– لا، ألن تتزوجي غيري لو مت؟
– لا طبعاً لن أتزوج، أرأيت الفرق بيننا؟، أنت من اعترف توّاً بأنه سيتزوج لو فارقت الحياة!
قلت مازحاً: إذا مت إن شاء الله، يحلها الحلال!
ضربت يدي مرة أخرى، وقضينا يومنا بأكمله وأنت تدعين الله بلسان لاهج أن لا تموتي حتى لا أتزوج من أخرى!
كنت أرقب غضبك مبتسماً وأنا أفكر، ألم يخطر ببالك أنني من دونك قد أموت فعلاً!

علاقتي بهيفاء لم تكن علاقة حب ولا حتى تشبه علاقات الحب.
عرفت هيفاء قبل مجيئكِ بسنة، كانت قد جاءت توّاً من الكويت، لكنها لم تكن كأي طالبة خليجية مستجدة، لم تكن خجولة ولا ضعيفة ولا حتى متوجسة من زملائها الذكور من الخليجيين، رغم أن العادة جرت على أن الزميلات يجئن بعقليات متشربة بالحذر من زملائهن الذكور، وبنصائح وتوصيات تلح على ضرورة الابتعاد عنهم قدر الإمكان، وبعد فترة بسيطة، وبعد أن يندمجن بالمجتمع الجديد، نجد أنهن قد أصبحن أقلّ حذراً، فيخرجن من حالة التوجس تلك، لكن هيفاء لم تعش تلك الحالة قطعاً.
عندما دلفت هيفاء إلى مجتمع الطلبة الخليجيين، دلفت بضجيج صاخب وبعنفوان وقوة لا قدرة لأحد على إنكارهما؛ كانت صارمة، تأخذ كل ما تريده من دون مراعاة لأي أحد، لم تكن تخنع لأحد، ولم تكن تضعف أمام شيء، كانت ملحة، عنيفة الأفعال، حادة المزاج وسليطة اللسان.
لذا كان يخشاها الجميع، ويتنازلون عن كل ما ترغب به لها طواعية خوفاً من أن يدخلوا معها في جدال، لكنني لم أكن مثلهم، كنت أعاندها في كل شيء، أجادلها في كل قرار، وأتحداها في كل ما ترغب الحصول عليه، ربما لأن قوتها وعنادها كانا يستفزانني أو ربما لأن سلاطة لسانها كانت تروق لي!
لا أعرف حقيقة بماذا شعرت وقتذاك، وكيف شعرت به، لكنني أعرف أنني أردت أن أخضعها لي وقتذاك، أن أجذب انتباهها إلي، أن أوقعها بي لأن شيئاً ما لم أفهمه كان يشدني إليها.
شيئاً فشيئاً وجدتها تتخذ السياسة ذاتها تجاهي، كانت تفعل معي الأمر عينه، وقد كان من حولنا يسخرون من كراهيتنا العلانية لبعضنا بعضاً.
لم يفهم أحد سواي وإياها أنها كانت طريقتنا الخاصة لتأجيج رغباتِ بعضنا تجاه بعض، كنت أعرف أن هيفاء قد وقعت بي، وكنت أدرك تمام الإدراك أنها باتت تعرف أنني أريدها، ولم يكن يقف بيننا سوى عنادي وكبريائها، وخطوة أولى تنتظر أن يقدم أحدٌ منا عليها.
اتصلت بها في إحدى نهايات الأسبوع لأبلغها بعقد نشاط اجتماعي خليجي في الغد، كان الاجتماع ملحاً ومبكراً للتنسيق لإحدى الفعاليات، فعرضت عليها مجازفاً أن أعرج عليها لأقلّها في الصباح، فوافقت على مضض، وأملتني العنوان متفقين على الساعة التاسعة والنصف، لكنني وقفت أمام عمارتها في التاسعة صباحاً، فأجابتني على الهاتف بأنها انتهت توّاً من الاستحمام، وبحاجتها لبعض الوقت لتنتهي من استعداداتها، قلت لها: لا بأس، خذي وقتك!
طلبت مني أن أصعد لتناول القهوة بينما تنتهي من الاستعداد، عجبت لجرأتها وصعدت بقلب يرتعش وأنا أعرف أن خروجي من هناك لن يكون كخروجي منه لاحقاً.
عندما فتحت لي الباب، باب الشقة عينها التي تسكنينها الآن، كانت ترتدي منامة طويلة، ولم تكن تضع أية زينة، كان شعرها مبللاً فقط، وملامحها في غاية البساطة، كنت أنظر إليها لأول مرة بلا مساحيق تجميل، لكنها رغم ذلك كانت في أجمل حالاتها، ولا أدري حتى الآن إن كانت فعلاً جميلة أم أن الشيطان قد زينها لي وقتذاك!
قلت لها: ليه تحطين مكياج؟! كذا أحلى.
أغلقت الباب خلفي مرتبكة: تدري شكثر أحب «كذا» مالت السعوديين؟ مع أني كلش ما أحب حجيهم.
أجبتها وأنا أجلس: يعني ما يعجبك بالسعوديين إلا «كذا»؟
قالت وهي تضع القهوة أمامي: همّ أحب «مرة» و«كمان».
قلت لها مبتسماً: طيب أنتِ مرة حلوة بدون مكياج.
ابتسمت: مشكور.
– وشكلك مثير كمان!

آخر شــــــــــي بــروآيهه ,, آتمنى نـآلت إعجــآآبكم ..

إحساس طفله ..

إنتظـــــــــــــروني بـروآيـآآت جديده و رآئعهه ..

آسفهه ع آلقصــور ..

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.