الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء ومبدعه وهو على كل شيء قدير
كل ما في الكون يدلنا على وجود الخالق الديان لا إله إلا هو وحده لا
شريك له خلق الأرض والسموات والإنسان والكون بأكمله وأحسن
خلقه فهو البديع المبدع الحق لا إله إلا هو .
ننظر إلى الكون فنرى جماله وإتقانه فلا يدلنا ذلك إلا على شيء واحد
هو وجود الله لا إله إلا هو نرى خلقه فنتفكر بها وهذه عبادة قد زهد الناس
عنها ولا أعلم لماذا كم هو جميل التفكر بإبداع الله وخلقه ولهذا أحببت أن
أضع بين أيديكم بعض آيات الله في الكون وإبداعه ولكن في البداية ما معنى
بديع وما يعني اسم الله البديع
التوليد في اللغة على قسمين:
القسم الأول: أن تكون الكلمة مستعملة في لسان العرب لكن لغير المعنى الذي اشتهرت به في
القرون التي تلت عصر الفصاحة. كما في مثالنا هذا.
القسم الثاني: أن تشتق كلمة غير مستعملة في لسان العرب من كلامهم ويشتهر إطلاقها على
معنى معروف.
تجدها في لسان العرب على أربعة معان:
المعنى الأول: الإتيان بالشيء على غير مثال سابق، ومنه معنى (بديع السموات والأرض) وأطلق
بعضهم اسم (البديع) من الأسماء الحسنى
وقال أبو السعادات ابن الأثير في النهاية: (في أسماء اللّه تعالى [ البديع ] هو الخالق المختَرع لا
عن مِثال سابق فَعِيل بمعنى مُفْعِل . يقال أبدَع فهو مُبْدِع).
وقال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة : (وبديع من أسماء الله وهو البديع الأوَّل قبل كل شئ.
ويجوز أن يكون من بَدَع الخَلْق أي بدأه. ويجوز أن يكون بمعنى مُبْدع).
المعنى الثاني: الانقطاع، قال أبو السعادات ابن الأثير في النهاية: (يقال أبْدَعت الناقة إذا انْقَطعت
عن السَّير بِكَلاَل أو ظَلْع)
وقال: (ومنه الحديث [ أتاه رجل فقال إنّي أُبْدِعَ بي فاحمِلْني ] أي انْقُطِع بي لكَلال راحلَتي)
المعنى الثالث: الإكثار من الكلام قال ابن منظور: (وأَبدعَ أَكثر في الكلام).
المعنى الرابع: البدء ، وبه فسر (بديع السموات والأرض) أي ابتدأ خلقهما.
وابن المعتز المتوفى سنة(271 هـ) سمى كتابه في البلاغة : البديع
وتسميته جارية على الاستعمال الفصيح، يريد به الثناء على كتابه
فولد من هذه الكلمة معنى علم البديع، وهو تحسين الكلام وتجويده بالمحسنات اللفظية.
( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الأنعام 101
قوله تعالى: بديع السماوات والأرض أي مبدعهما، فكيف يجوز أن يكون له ولد. وبديع خبر ابتداء
مضمر أي هو بديع. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله عز وجل، ونصبه بمعنى بديعاً السموات
والأرض. وذا خطأ عند البصريين لأنه لما مضى. تفسير القرطبي
اسم الله البديع
قال تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) البقرة 117
أي : مبدع السماوات والأرض .
الفرق بين إبتداع الله و إبتداع الإنسان
إن الله خلق كل شيء من لا شيء ، أما الإنسان فإذا عزي إليه مجازاً أنه خلق شيئاً فخلق شيئاً
من كل شيء ، يعني من ابتدع نظام البذور ؟ من ابتدع الكواكب على شكل كرة ، وفيها منبع ضوئي
هو الشمس ، والكوكب يدور ؟ من ابتدع نظام الذكر والأنثى ؟ الأصل نظام الذكر والأنثى ، نظام
التكاثر ، نظام البذور ، نظام الشمس والقمر ، مبدأ الجاذبية ، هذه القوانين والسنن ، وهذه الأفلاك
وهذه المجرات ، وهذه الحيوانات وهذه النباتات من ابتدع فكرتها أولاً ؟ ومن حققها ثانياً ؟ إنه الله .
إن الإنسان لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا وفق نموذج سابق ، فالغواصة تقليد للسمكة ، والطائرة
تقليد للطير ، والعجلة تقليد لشجرة تتدحرج ، وما من شيء يصنعه الإنسان إلا وهو تقليد لمخلوق
خلقه الله عز وجل.
أمثلة على إبداع الله
وتجد في البحر مليون نوع من السمك ، أسماك صغيرة ، وأسماك كبيرة ، وأسماك زينة ، وأسماك
فسفورية ، وأسماك شفافة ، وأسماك سوداء ، وأسماك تمشي على أقدام في قاع المحيطات ،
وأسماك كآنية الزهر ، وأسماك كالأخطبوط ، وأسماك عملاقة كالحيتان ، الحوت وزنه مئة
وخمسون طنًّا ، وأسماك صغيرة جداً كي تمتع نظرك بها ، وأسماك متوحشة كالقرش ، وأسماك
وديعة ، وأسماك طبيبة ، فهي مليون نوع من السمك ، هذا إبداع من ؟ إنه إبداع الله عز وجل .
كم شكلا لورقة النبات ؟ يوجد أوراق عملاقة كأوراق الموز ، يوجد أوراق كالإبر كأوراق الصنوبر
، يوجد أوراق دائرية ، أوراق مسننة ، أوراق ملونة ، الخضار والبياض متداخلان ، لو ذهبت
تحصي أنواع الأوراق لم تنتهي .
الإنسان المصمم يقدم لك نموذجًا ، تقول له : واحد آخر ، يقول : هذا ثان ، وثالث ، ورابع ، بعد هذا
يقول : انتهى ، أما ستة مليارات إنسان فكل إنسان له شكل وجه معين ، ولا وجه يشبه الآخر ،
إبداع من ست مليارات قزحية عين ، وما من قزحية تشبه الأخرى ، الآن أتكلم بهويتك ، لك قزحية
عين لا يشبهك بها أحد ، لذلك الآن بعد مكافحة الإرهاب اعتمدوا أن توضع صورة قزحية العين
على الجوازات ، لا يمكن أن يزور هذا الجواز ، الآن في بعض البلاد في المطار تقف أمام جهاز
فتؤخذ صورة قزحية العينين ، ويكون على الجواز قزحية عينك هوية ، ونبرة صوتك هوية ، وما
مِن إنسان في الأرض يشبه صوته صوتك ، ورائحة جلدك هوية ، الله عز وجل أبدع ستة آلاف
مليون صوت ، وستة آلاف مليون رائحة جلد ، وستة آلاف مليون قزحية ، وستة آلاف مليون زمرة
نسيجية .
أحياناً يضطر الإنسان أن يزرع كلية فيجد كلية زمرة صاحبها النسيجية لا توافق زمرته الموافقة
التامة ، الزراعة مستحيلة ، فلا تقترب منها ، لا تنجح هذه العملية ، وهويتك في بصمتك ، بصمة
الإصبع هوية ، من الذي أبدع هذا كله ؟
الآن لاحظ المركبات يشيع في العالم كله مركبة ذات خطوط منحنية انسيابية ، بعد حين مركبة ذات
خطوط زوايا حادة ، بعد حين العجلات على شكل أسياخ ، بعد ذلك من نوع آخر ، النافذة الخلفية
تكون كبيرة جداً ، ثم تكون صغيرة جداً ، فهناك عدد محدود من التصميمات تعاد ، لأن القدرة في
الإنسان على الإبداع محدودة ، أما الله عز وجل فبديع السماوات والأرض .
قال بعض العارفين بالله : " لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع " .
لا يوجد وجه مثل وجه آخر ، ولا يوجد إنسان مثل إنسان ، كل إنسان له وجه ، وله لكنة صوت ،
وله طريقة في المشي ، وطريقة في الحديث ، فالله بديع السماوات والأرض.
كنت في القاهرة ، ودخلت إلى متحف للفراشات ، الجدران بأكملها عليها نماذج من الفراشات ليس
هناك فراشة تشبه أخرى ، بالمناسبة الآن ثبت أن النطفة هوية للإنسان ، وما مِن نطفة في الأرض
تشبه نطفة إنسان آخر ، لذلك وجدوا أيضاً أن المرأة عندها جهاز يستقبل شفرة هذه النطفة ،
ويخزن فيه ، فما دامت هذه النطفة تأتيها تباعاً فلا شيء عليها ، أما إذا جاءت نطفة أخرى بشفرة
غير الأولى فهناك احتمال أن تصاب المرأة بسرطان الرحم ، متى يمكن للمرأة ، وقد برمجت على ا
ستقبال نطفة بعينها ، متى يمكن للمرأة أن تستقبل نطفة أخرى دون أن تتأثر ؟ بعد ثلاثة أشهر من
انقطاع النطفة الأولى ، هذه العدة ، وإذا رافقَ المرأةَ شدّةٌ نفسية فإنها تحتاج إلى أربعة أشهر
وزيادة ، هذه عند وفاة الزوج .
والله هذا شيء لا يكاد يصدق ، كنت في مؤتمر في القاهرة ، وألقي هذا البحث العلمي ، أن عدة
المرأة المطلقة ثلاثة أشهر ، وأن عدة المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام ، هذه
العدة لها أصل علمي ، لذلك أكثر المومسات والزانيات يصبن بسرطان الرحم ، لأن نطفةً دخلت
على نطفة ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ … : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
يَوْمَ حُنَيْنٍ : ( لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ ، يَعْنِي إِتْيَانَ
الْحَبَالَى ) .أبو داود
أما من أجل أن تستقبل المرأة نطفة جديدة دون أن تصاب بأذى فينبغي أن ينقطع ورود النطفة الأولى
مدة ثلاثة أشهر بالتمام والكمال .
هوية الإنسان قزحية عينه ، وبلازما دمه ، ورائحة جلده ، ونبرة صوته ، وزمرته النسيجية ،
وبصمة إصبعه ، ونطفته كم هوية ، لذلك الله عز وجل هو فرد ، ولكرامة الإنسان عند الله جعله
فرداً ، الله عز وجل مبدع ، ولكرامة الإنسان عند الله سمح له أن يبدع طريق الجينات ، الآن هناك
وردة سوداء بهولندا ، الآن هناك بعض الفواكه هجين ، يقال لك : أناناس ، بطيخ على أناناس ،
الآن هناك خضراوات بألوان عجيبة جداً ، لأن الله مبدع ، ولكرامة الإنسان عند الله سمح له أن
يبدع ، الآن هناك نباتات مقزمة ، في بيتك نبات برتقال وتحمل الثمار ، ونبات تفاح يحمل الثمار ،
يوجد نباتات نقزمه عن طريق الهرمونات والجينات ، وهناك هرمونات عملقة ، وهرمون تقزيم
الإنسان الآن مبدع إبداعًا كبيرًا جداً ، لولا أن الله سمح له أن يبدع لما أبدع ، أيها الإخوة الكرام .
البدعة المحرمة و البدعة المطلوبة
لكن موضوع الابتداع قد ينقلنا إلى موضوع البدعة ، كلمة بدعة رائجة جداً في بعض الأوساط ،
والحقيقة أن كل شيء جديد لم يكن من قبل يعد بدعة ، لكن الحديث الذي قاله النبي عليه الصلاة
والسلام 🙁 وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ). النسائي عن جابر
هذا يتعلق بالبدعة في الدين فقط ، أما إذا أحدثنا تدفئة مركزية في المسجد ، أحدثنا تكييفًا ، أحدثنا
تكبيرًا للصوت ، أحدثنا تصويرًا فهذه لا علاقة لها بموضوع البدع حينما ينهى عنها ، هذه بدعة
لغوية ، وهي شيء جديد لم يكن من قبل .
كان مسجد النبي عليه الصلاة والسلام من الرمل ، وكان سقفه من سعف النخيل ، انظروا إلى
المسجد النبوي الآن ، فيه أعظم نظام تكييف في العالم ، مساحة أجهزة التكييف تحتل سبعة
وعشرين دنمًا ، وتبعد عن الحرم تسعة كيلومترات ، والحرارة ست وخمسون درجة خارج الحرم
النبوي ، وداخله ثماني عشرة ، شيء لا يصدق ، الأناقة والجمال والقباب المتحركة شيء لا يصدق
هذا ليس منهيًا عنه ، هذه كلها بدع لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه و سلم، نقصد بها البدع
في الدين ، لأن دين الله توقيفي ، وقد قال الله عز وجل: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) المائدة : 3
فأحكام الدين من حيث التمام تامة ، التمام عددي ، والكمال نوعي ، تامة عدداً ، وكاملة نوعاً ،
وأية إضافة على الدين اتهام له بالنقص ، وأي حذف من الدين اتهام له بالزيادة ، والتجديد في
الدين أن ننزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه ، الدين توقيفي ، لكن البدع في تطوير حياتنا
مطلوبة ، وفي تطوير مساكننا ، وفي تأمين فرص عمل للشباب ، وفي حل مشكلات الشباب ،
وتزويج الشباب ، وفي تطوير الصناعة ، و في استخراج الثروات ، و في إنشاء السدود ، هذا كله
مسموح به ، بل نحن مطالبون به ، لأن الله استعمرنا في الأرض ، وأرادنا أن نعمرها ، لكن الذي
وقع ، والذي يؤسف له أشد الأسف أننا ابتدعنا في ديننا ، وقلدنا في دنيانا ، والأصل أن نبتدع في
دنيانا ، وأن نقلد في ديننا ، قال تعالى : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ) الأنعام : 50
على كل حال بديع السماوات والأرض ، هذا الذي تراه عينك أصل فكرته من أين ؟ أنت تأكل فاكهة
الفاكهة لها بذرة ، هذه إذا وضعتها في الأرض تصبح شجرة ، هذه الفكرة في الأصل من اخترعها ؟
من أبدعها ؟ إنه الله عز وجل .
الإنسان ذكر وأنثى ، يلتقيان ، فيولد ولد ، لو تصورت البشر من دون نظام تزاوج !! ينتهون ، لو
تصورت الله عز وجل خلق الطعام أمامك ، أكلنا وانتهى ، ولم يبق طعام ، ولكن كل شيء تأكله فيه
بذور لإنباته مرة ثانية ، هذا تصميم من ؟ إبداع من ؟ لذلك اسم ( البديع ) اسم يحتاج إلى مجلدات .
الملخص أن الله خلق كل شيء من لا شيء فكرة وتنفيذاً ، وأن الإنسان إذا اخترع شيئاً
يخترع شيئاً من كل شيء .
في صحيح ابن حبان عن عطاء أن عائشة رضي الله عنها قالت " أتاني رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ليلتي وقال ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي عزوجل ) فقام إلى القربة فتوضأ منها ثم قام
يصلي فبكى حتى بل لحيته ثم سجد حتى بل الأرض ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يؤذنه بصلاة
الصبح فقال يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال عليه الصلاة
والسلام ( ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله علي في هذه الليلة [ إن في خلق
السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ] ويل لمن قرأها ولم يتفكر
فيها ) " صحيح ابن حبان 620
يقول الحق عز وجل [ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ] فصلت 53
ورد أن عدد النجوم في السماء بعدد ما في الأرض من مدر و حجر أي بعدد ذرات التراب والحجارة
فعلماء الفلك في الماضي كانوا يعدون النجوم بالألوف وبعد أن ارتقت كفاءة مراصدهم صاروا
يعدونها بالملايين ثم وصلوا إلى المليارات أي ألوف الملايين أما اليوم فإنهم يقدرون عدد النجوم
في مجرتنا درب التبابنة من خلال المراصد العملاقة بثلاثين مليارا علما ان مجرتنا مجرة متوسطة
في حجمها وهي واحدة من مئات ألوف الملايين من المجرات التي لا يعلم عددها إلا الله لقد صدق
الله العظيم إذ يقول [ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ] ق 6 .
مما علم بداهة أن هذا الكون العظيم لا نهاية له وكلما كشف العلم مجرة بعيدة بعيدة تبعد عنا
عشرات بل أضعاف العشرات من آلاف ملايين من السنين الضوئية اكتشف أن هذا الكون
لا نهاية له ومع ذلك يحكمه قانون واحد إنه قانون الجاذبية.
فكل كتلة في هذا الكون تجذب الكتلة الأخرى بقدر كتلتها وبقدر المسافة فيما بينهما فلو
أن هذا القانون وحده كان هو المسيطر فلا بد أن يجتمع الكون كله في كتلة واحدة وما
دامت كل كتلة تجذب أختها فلا بد أن يصبح الكون كله كتلة واحدة فما الذي يحول بين
تكتل الكون وبين تبعثره ؟؟؟؟
الجواب إنها آية في كتاب الله [ والسماء ذات الرجع ] الطارق 11 كل شيء في السماء يدور
ويدور بمسار مغلق يدور ويرجع هذه الحركة الدورانية المستمرة ينشأ عنها قوى نابذة هي
التي تكافئ القوى الجاذبة ومن هذه الحركة المستمرة ينشأ ما يسمى التوازن الحركي وهذا
من آيات الله الدالة على عظمته.
إن المجرات جزر كونية هائلة تشكل وحدات الكون الأساسية فالمجرات غبار كوني وسدم
ونجوم وكواكب ومذنبات ونيازك وشهب ومجالات مغناطيسية كهربية عنيفة كل هذا في
المجرة الواحدة والشيء الغريب أن أكبر مرصد على وجه الأرض رصد ألف مليون
مجرة غير أننا لا نرى بالعين المجردة إلا ثلاث مجرات إذا نظرنا إلى قبة السماء
نرى درب التبابنة ومجرة مجلان الصغرى والكبرى أما المراصد الكبيرة فقد رصدت
ما يزيد على ألف مليون مجرة بل إن تقديرات العلماء أن السماء مليون مليون مجرة
وفي كل مجرة بالرقم الوسطي ما يزيد على ثلاثمائة ألف مليون نجم لذلك قال
الله سبحانه وتعالى [ فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ] الواقعة 75 – 76
ولننظر إلى الشمس هذه آية ساطعة دالة على الله كسطوعها وهي نجم متوسط الحجم
إذا قيست بالنجوم الأخرى ومع أنها تكبر الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة حجما
وتبعد عنها مئة وستة وخمسين مليون كيلو متر وسطياً ويقطع ضوء الشمس
هذه المسافة في ثماني دقائق وهناك نجوم يزيد حجم أحدها على حجم الشمس
والأرض المسافة بينهما وأما حرارتها فهي تصل إلى عشرين مليون درجة
في مركزها فلو ألقيت الأرض في جوف الشمس لتبخرت في وقت قصير
ويزيد طول اللهب المنطلقة من سطحها على نصف مليون كيلو متر وتنتج
الشمس من الطاقة في كل ثانية ما يعادل إحراق ألفي مليار طن من الفحم
الحجري في كل ثانية وتفقد الشمس كل يوم من كتلتها ما يعادل ثلاثمائة
وستين ألف مليون طن ويظن علماء الفلك أنه مضى على اتقادها ما يزيد
على خمسة آلاف مليون عام وهم يطمئنون الناس إلى أن الشمس لن تنطفئ
قبل خمسة آلاف مليون عام أخرى ولو انطفأت الشمس فجأة لغرقت الأرض
في ظلام دامس ولهبطت درجة الحرارة فيها إلى مئتين وسبعين درجة تحت الصفر
ولتحولت الأرض إلى قبر جليدي وإن انعدام الدفء والنور كافيان لقتل كل مظهر من
مظاهر الحياة على سطح الأرض.
[وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ
وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ] فصلت 37 فسبحان الله الخالق الديان
ويقول أيضاً [ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف
نصبت ] الغاشية 17 – 18 – 19 ويقول عز من قائل [ ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال
أوتاداً ] النبأ 6 – 7 .
نحن مدعوون بنص الآيات الكريمات إلى النظر إلى الجبال كيف نصبت فإن هذه الآيات
في القرآن الكريم تتحدث عن الجبال .
الجبل وتد ثلثاه مغروس في الأرض عبر طبقاتها المتعددة وفي أثناء الدوران لا تزاح الطبقات
المتباينة بعضها عن بعض بسبب أن وتداً وهو الجبل يربطها جميعاً.
وأن هذا الجبل الذي تراه عينك إنما ترى منه الثلث الظاهر وله ثلثان تحت الأرض فكل
جبل ثلثه فوق الأرض وثلثاه تحتها فجبال همالايا التي يزيد ارتفاعها على اثني عشر ألف
متر هذا هو الثلث الظاهر بينما ضعف هذا الارتفاع مغروز تحت الأرض كالوتد ومنها
قال سبحانه وتعالى [ والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم ] النازعات 32 – 33
وقال تعالى [ والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا ] النحل 81
فالسلاسل الجبلية التي على السواحل تجعل المنطقة التي خلفها منطقة جافة وليست
رطبة وليست منطقة رياح عاتية فلو ذهبت إلى مدينة حلب مثلا عن طريق حمص
لرأيت أن الأشجار كلها مائلة لوجود فتحة بين سلسلتي الجبال المنصوبة على
السواحل فالجبال في هذه الآية جعلها الله أكناناً ، فتبدل الطقس والمناخ
متعلق بالجبال وبفتحاتها لأنها مصدات للرياح تصدها وتوقفها.
الكرة الأرضية ومع دورانها السريع لابد أن تضطرب أما إذا وزعت الجبال توزيعاً
دقيقاً محكماً على سطحها فإن هذا التوزع سوف يؤدي إلى استقرارها مع دورانها
فهذا ما تعنيه هذه الآية [ وألقى في الأرض رواسي أنا تميد بكم ] النحل 15 أي
لئلا تضطرب الأرض أثناء الدوران.
ليس منا أحد إلا ورأى الأرض في فصل الربيع وقد ازدانت وارتدت حلة قشيبة حيث
الأشجار مزهرة مثمرة وبعضها قد أورق والأرض بساط أخضر فهل تفكرنا في هذه
الآية [ وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا
نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون
والرمان متشابها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات
لقوم يؤمنون ] الأنعام 99 اكتشف العلماء أن الخلية الخضراء الواحدة تقوم
ببناء عشرين مركبا عضويا في دقيقة واحدة إذا عرضت لأشعة الشمس فالنبات
يتغذى بالماء وبعض المواد المعدنية والعضوية وأكثر ما يأخذ من الهواء غاز
الفحم الذي يسهم في تكوين بنية النبات فإن بنية النبات لا كما يتوهم الإنسان أنها
تتأتى من التراب بل تتأتى من المعمل العظيم الذي أودعه الله سبحانه وتعالى في
الأوراق الخضر .
إن أعظم معمل صنعه الإنسان لا يرقى إلى ما يجري داخل الورقة الخضراء
فماذا في الورقة؟
إن في الورقة مادة اسمها اليخضور إذا تعرضت هذه المادة لأشعة الشمس تحولت
جزئيات اليخضور إلى مفاعل حراري جبار يقوم بشطر جزئيات الماء التي في
الورقة وإذا انشطرت جزئيات الماء التي في الورقة تحللت إلى أوكسجين
وإلى هيدروجين .
وبالمناسبة لو أردنا أن نشطر نحن بالوسائل المادية جزئيا من الماء إلى هيدروجين و
أوكسجين لاحتجنا إلى طاقة تساوي تسخين الماء ألفين وخمسمائة درجة وإن الإنسان
يتنفس الأكسجين باستمرار وكذلك النبات والحيوان فكيف تبقى النسبة ثابتة؟
تقول بعض الإحصائيات العلمية إن المجموع الخضري في الأرض يحول مئة
بليون طن من الفحم مع خمس وعشرين بليون طن من الهدروجين إلى مواد
غذائية وإلى مئة بليون طن من الأكسجين من أجل أن يبقى الهواء ذا
نسب نظامية من حيث الأكسجين والآزوت وغاز الفحم .
ومن الثابت أن الطاقة التي تنتجها عمليات التحليل اليخضوري تساوي أضعاف الطاقة
التي يستهلكها الإنسان في العالم كل عام فأوراق شجرة واحدة متوسطة العمر تصنع
في الساعة الواحدة كيلو غراما من المواد الغذائية ويتحول هذا الناتج الغذائي في
أثناء الليل إلى سكر يتغذى النبات أو يخزن على شكل نشاء احتياطي في النبات
قال الله تعالى [ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ] يس 80
وكلمة الأخضر تفيد اليخضور لأن هذه الورقة في كل شجرة معمل عظيم يؤدي عملاً
جباراً لا يستطيع الإنسان تصوره.
فسبحان الله الخالق الديان القادر الكريم الذي على كل شيء قدير
وإن أردت أن أذكر آيات الله في الكون فلن أنتهي فلم اتتطرق إلا لشيء
يسير منه وهناك المزيد عن الأشجار والحيوان والنبات والسماء
والفلك والنجوم والشمس والقمر والأنهار والبحار والإنسان الذي
هو في نفسه آية ولكن أتوقف هنا .
منقول من موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
للدكتور محمد راتب النابلسي ومن مواقع متعددة وتفسير
اسم الله البديع للدكتور محمد راتب النابلسي
قمت بكتابة المقدمة و إعداد الموضوع وتنسيقه وأضفت عليه بعض من الأمور فإن أحسنت
فهذا توفيق من الله وفضل وإن أخطأت فمن نقسي اشهد أن لا إله إلا الله
أستغفرك وأتوب إليك.
فراشة القمر
جزاك الله الجنة على هذا التذكير
ببديع صنع الله,,
لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير,,
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بارك الله لك وجعلها بميزان حسناتك
ان شــاء الله
كل الود والاحترام
خلق الكون فكان سحرا مبهجا
بارك الله فيك