قد يكون الزواج ناجحاً وهادئاً ومليئاً بالأمل والتفاؤل، لكن ما تلبث أن تظهر بعض المنغصات التي يحاول الزوجان التعامل معها وحلها، المشكلة أن هناك أنواعاً من المنغصات، يصعب في كثير من الأحيان حلَّها أو حتى التخفيف من حدتها، ويأتي على رأسها موضوع الأهل، فكيف تتصرف الزوجة إذا اكتشفت أو شعرت بأن أهلها لا يحبون زوجها؟
يقول الباحث الاجتماعي البرازيلي ساليناس ايبيرانغا: رفض الأهل للزوج يمثل الخطوة الأولى لحرب معروفة البداية ومجهولة النهاية، قد تدوم لسنوات كثيرة، وتكون نتائجها وخيمة أحيانا تتمثل في طلاق الزوج والزوجة بسببهم.
المشكلة، أن الأهل، إذا لم يحبوا الصهر، يطلقون الأحكام تلو الأحكام عليه، ويكون معظمها خاطئًا، ربما تكون مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة، فماذا يكون رد فعل الزوجة وإلى أي من الجانبين تميل؟ فإذا مالت إلى جانب زوجها فسيتهمها الأهل بأنها نسيتهم، وإذا مالت لصف أهلها فسينزعج الزوج ويغضب!
إن الرد على أسباب رفض أهل الزوجة للزوج يمثل تعقيدا أصعب مما يمكن تصوره، ويكمن هذا التعقيد في قدرة المرأة على أن تكون منطقية في ردها على رفض أهلها لزوجها، والأعقد من ذلك هو أن الزوجة لا تستطيع أن تكون حيادية مائة بالمائة؛ لأنها طرف رئيس في هذه المعضلة، ويتعلق الأمر كذلك بتاريخ الزوجة مع الأهل قبل الزواج ومدى علاقتها بأهلها، وهناك جملة من الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا المجال، وعلى رأسها، هل الزوجة متعلقة جدا بأمها أو أبيها؟ هل تلقت تربية مدللة؟ هل كانت دائما خاضعة لإرادة الأهل؟ هل هي الابنة الوحيدة لهم؟
برأي باحث الدراسة: إنه بالإمكان الإجابة عن بعض هذه الأسئلة؛ لأن الزوجة لا تعلم أن الكثير من العواطف المرتبطة بالأسئلة المذكورة تكون دفينة في نفوس الأهل، كما أنها لا تعلم تماما إن كانت مدللة كثيرًا عند أهلها، طالما أنهم لم يظهروا ذلك، ولا تعلم إن كان أهلها قد فسروا طاعتها لهم بمثابة الخضوع التام لإرادتهم؟ وربما لا تعلم أن الابنة الوحيدة تتطلب حماية من الأهل تزيد على الحد حتى بعد زواجها.
يبين ساليناس أن سبب رفض أهل الزوجة لزوج ابنتهم ربما يكون تلك الغيرة التقليدية على الأبناء، ثم إن هناك ما يسمى بالخوف الذي يراود الأهل جرّاء فقدان أي منهم، فبالنسبة لبعض الأهالي يعتبر زواج البنت بمثابة فقدان عزيز إلى الأبد بسبب انتقالها إلى بيت زوجها، بعكس الابن الذي يمكن أن يتزوج ويبقى في كنف الأبوين. يعلَق: “إن الخوف من فقدان الأبناء بأي طريقة كانت يولّد الكثير من النتائج والمشاعر السلبية، رغم أن الزواج ليس فقدانا للبنت، بل العكس هو الصحيح، إنه السبيل الذي سيجعلها تنضج أكثر كامرأة متزوجة؛ لكن الأبناء يظلون صغارا في أعين الأهل حتى وإن كبروا وتزوجوا وأنجبوا أولادا”.
بعض الأهالي يعتبرون أن زواج الابنة يعني تدخل طرف ثالث في العلاقة الأسرية؛ أي أن الزوج يعني بالنسبة للأهل الطرف الثالث الدخيل على الأسرة والمدمر لعلاقة الابنة بأهلها، يستدرك باحث الدراسة: “إن الأهل يعتبرون الزوج طرفا ثالثا غير مرغوب فيه دون التفكير في أن من جلب هذا الطرف هي الابنة ذاتها، وهذا يؤدي إلى عدم تفكيرهم بحب ابنتهم للطرف الثالث الجديد الذي دخل الأسرة، ويعتبر هذا، إجحافا بحق الابنة في الحب والزواج”.
أورد باحث الدراسة جملة من النصائح للزوجة تساعدها على مواجهة الموقف، ويأتي على رأسها محاولة لعب دور الوسيط بين أهلها وزوجها، والمثال على ذلك هو إفهام الزوج أن أهلها لا يرفضونه كراهية به، وإنما لشعورهم بأنها قد تركت فراغًا في الأسرة عندما تزوجت منه، وبالنسبة للأهل يمكن للزوجة إفهام أهلها أن زوجها لا يمنعها من مواصلة الاتصال بهم، وهو يمنحها حياة جيدة، وليس هناك داع للقلق عليها.
تابع ساليناس: “من المهم جدا أن تتمتع الزوجة بالصبر؛ لأن الوقت ربما يحل كل هذه المشاكل، وتستطيع كذلك أن تتفادى إظهار حبها للزوج بشكل مفرط بحضور أهلها؛ لكي لا يشعر الأبوان بأن ابنتهما لم تكن سعيدة عندما كانت تعيش معهما، وتستطيع بذلك استدراج أمها لصفها باعتبارها أنثى أيضا لمنع الأب من التسبب بأجواء مشحونة مع صهره”.
وبرأي الباحث: إن الموقف برمته قد يشكل معاناة بالنسبة للزوجة، ولكنها يجب أن تتحلى بقسط من الإرادة القوية لتجنب الانحياز إلى طرف من الأطراف، ويجب أن تعلم بأنها ليست الوحيدة التي تمر بمثل هذه المواقف.